مع اقتراب موعد شهر رمضان المعظم، عاد جدل ترويج التمور الآتية من الكيان الإسرائيلي في المملكة المغربية إلى الواجهة، برغم التحذيرات المتكررة وحملات المقاطعة التي ما فتئ ينفذها المجتمع المدني المغربي، فهل تفلح الحكومة هذه المرة في التصدّي لهذا المنتج؟
دعوات لمراقبة دخول هذه التمور
شهد البرلمان المغربي، مؤخرًا، دعوات لمراقبة دخول التمور القادمة من الكيان الإسرائيلي إلى البلاد، حيث قال النائب عن حزب العدالة والتنمية – الذي يقود الائتلاف الحكومي – نوفل الناصري، في جلسة بمجلس النواب أول أمس الثلاثاء إن هذه التمور التي تدخل المغرب تأتي على حساب فلسطين والمواطنين الفلسطينيين.
أكّدت الحكومة المغربية في وقت سابق، رفضها الكلي التطبيع مع الكيان الصهيوني، وعدم وجود أي تعامل تجاري أو تطبيع في أي ميدان من الميادين مع الكيان
ودعا الناصري الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة لحسن الداودي إلى التنسيق مع الجهات المختصة من أجل مراقبة دخول هذه التمور إلى التراب الوطني، وأعادت دعوة النائب الناصري، مراقبة دخول هذه التمور إلى المملكة المغربية، الجدل مجددًا بشأن هذه القضية التي شغلت الرأي العام المغربي في السنوات الأخيرة.
وكانت الحكومة المغربية قد أكّدت في وقت سابق، رفضها الكلي التطبيع مع الكيان الصهيوني، وعدم وجود أي تعامل تجاري أو تطبيع في أي ميدان من الميادين مع الكيان، ونفت أن يكون دخول تمور من الأراضي الفلسطينية المحتلة بترخيص رسمي، حيث لم يسبق لها أن سلمت رخصة استيراد التمور للكيان.
“التفاف” ووسطاء
نفي العلاقات المباشرة بين المملكة المغربية والكيان الإسرائيلي، قابله تأكيد حكومي بوجود ظواهر تتمثل في استعمال وسطاء في دول وسيطة للتمكن من إدخال هذه التمور إلى المملكة، رغم غياب علاقات رسمية مباشرة.
وتقول الحكومة المغربية، إنّ دخول التمور الإسرائيلية إلى الأسواق المغربية، يتم عبر وسطاء من دول أخرى يتعامل معها المغرب اقتصاديًا، حيث يجلب المستوردون التمور من تلك الدول المعبأة بها وعليها علامة تلك الدولة.
تمور “إسرائيلية”
وغالبًا ما تدخل التمور “الإسرائيلية” المغرب، من خلال دول وسيطة، كجنوب إفريقيا، وبالاستعانة بمستوردين محليين، يسهلون عملية دخولها، مما يصعب مهمة الكشف عن مصدرها الأصلي، وأثار وجود التمور القادمة من “إسرائيل” وتحمل نوع “المجدول” في الأسواق المغربية انتقادات حادة من قبل هيئات ومنظمات مغربية تنشط في ميدان مقاومة التطبيع بين المغرب والكيان الإسرائيلي.
ورغم ارتفاع معدل إنتاج التمور بالمغرب، حيث وصل الإنتاج في العام الماضي إلى مستوى قياسي، حسب الأرقام التي أعلنتها وزارة الفلاحة والصيد البحري، ناهز 128 ألف طن، بارتفاع بنسبة 16% مقارنة مع محصول سنة 2015، فإن المملكة المغربية تضطر إلى استيراد كميات كبيرة من التمور لتوفير حاجيات السوق الداخلية خاصة في شهر رمضان.
حملات مقاطعة
خلال شهر رمضان، تشتد حملات المقاطعة من قبل شباب “حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل”، المعروفة اختصارًا بـ BDS، التي تستهدف أساسًا باعة التمور المغاربة في كبريات الأسواق التي يؤم إليها المواطنون للتبضع.
بلغ حجم المبادلات التجارية بين المغرب وإسرائيل خلال سنة 2015 ما يقارب 33 مليون دولار، مقابل 13.2 مليون دولار في سنة 2014
وكانت الاتحادات الزراعية الفلسطينية قد دعت التجار والمواطنين المغاربة وأصحاب الضمائر الحية إلى مقاطعة كل البضائع الإسرائيلية والتمور بشكل خاص، مؤكدة على ثقتها بأن الشعب المغربي من أكثر الشعوب وقوفًا إلى جانب الشعب الفلسطيني، وتتمثل طرق التحايل التي يتم اتباعها من أجل إخفاء هوية هذه التمور ومصدرها، من خلال بيعها دون علب، ويدعي التجار أنها تمور مغربية أو تونسية أو عراقية.
ويؤكّد القائمون على هذه الحملة وجود طريقتين لدخول التمور “الإسرائيلية” إلى الأسواق المغربية، الأولى “رسمية”، رغم نفي السلطات ذلك، من خلال قيام شركة في مدينة طنجة باستيراد هذا النوع من التمور على شكل علب دون ملصقات، فتقوم بإلصاق علامات لتوهم الزبائن بأنها قادمة من جنوب إفريقيا.
نجاح حملات المقاطعة في توعية المواطنين
وتكمن الطريقة الثانية التي كشفت عنها الحملة في وقت سابق، في استيراد تمور “إسرائيلية” من الكيان الصهيوني، من خلال ملصقات واضحة تدل على مصدر الاستيراد، وتتضمن أرقام التسجيل التجاري وغيرها من المعطيات، وذلك عبر سبتة ومليلية، ثم يتم إدخال هذه التمور إلى الأسواق المغربية.
وبلغ حجم المبادلات التجارية بين المغرب وإسرائيل خلال سنة 2015 ما يقارب 33 مليون دولار، مقابل 13.2 مليون دولار في سنة 2014، وفق ما أورده المكتب المركزي الإسرائيلي للإحصاء، وبلغت قيمة الصادرات الإسرائيلية نحو المغرب ما يزيد على 22 مليون دولار، هيمنت عليها بدرجة أولى المنتجات الكيميائية المصنعة والمنسوجات والأجهزة الميكانيكية والحواسيب والآليات الموجهة إلى القطاع الزراعي.