ترجمة وتحرير: نون بوست
شهد الأسبوع الماضي، اقتراب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خطوة إلى الأمام نحو شنّ هجوم شامل على الرقة، التي اتخذها تنظيم الدولة عاصمة له. والجدير بالذكر أن ترامب قد وافق على مدّ الميليشيات التي يقودها الأكراد، والمتمركزة شمال سوريا، بالأسلحة الثقيلة.
في الأثناء، لاقت هذه الخطوة معارضة شديدة من قبل أحد حلفاء الناتو، تركيا، التي تدعي أن هذه الميليشيا تنتمي لحزب العمال الكردستاني الانفصالي، الذي يخوض حربا ضروسا ضدها. علاوة على ذلك، تشغل بال المسؤولين في أنقرة مسألة أخرى في غاية الأهمية ألا وهي من سيتولى السيطرة على الرقة في أعقاب طرد تنظيم الدولة منها، التي كان يقطن فيها حوالي 200 ألف نسمة حتى وقت قريب.
في آب/أغسطس الماضي، وفي ظل الدعم الجوي الأمريكي للأكراد الذي مكنهم من إحكام قبضتهم على منبج، سارع حزب العمال الكردستاني إلى تولي زمام الأمور في المدينة. وعلى الرغم من عدم تمكن المراسلين الدوليين من رصد الأحداث هناك، إلا أن الصحفي المواطن، محمد نور، قد تمكن من نقل ما يدور هناك. فقد أرسى حزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره كل من الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا منظمة إرهابية، نظام تمييز عرقي في المدينة. بالإضافة إلى ذلك، فتحت المنظمة الطريق أمام نظام الأسد للعودة إلى المدينة وفرض سيطرته على المؤسسات الرئيسية فيها.
وفيما يلي، نص رسالة تندرج ضمن مشروع يعتمد بالأساس على ما يرصده الصحفيون المواطنون، بغية نقل جوانب الحياة اليومية في صلب المناطق التي تقبع تحت وطأة الحرب. في الواقع، يُمنع الكثير من الصحفيين الدوليين من السفر إلى هذه المناطق بسبب التهديدات التي تشكلها الأطراف المتنازعة. من جهته، استخدم صاحب هذه الرسالة اسما مستعارا بهدف حماية نفسه.
وتجدر الإشارة إلى أن المشروع الآنف ذكره قد تم بعثه من قبل “مركز ماري كولفين للتقارير الدولية”، التابع لجامعة “ستوني بروك”، فيما تتكفل “مؤسسة والتر وكارلا غولدشميت” بتمويله. وقد أشرف المساهم في صحيفة “ديلي بيست”، روي غوتمان، والمقيم بإسطنبول على تحرير نص الرسالة التالي:
“منبج، سوريا – قبل ثلاث سنوات، أحكم متطرفو تنظيم الدولة سيطرتهم على مدينة منبج، في حين أجبروا الرجال على تأدية الصلاة في المسجد، والنسوة على ارتداء “الشادور” كاملا، كما قاموا بضرب أعناق خصومهم علنا. في المقابل، وفي حال قبلت المشاركة في دوارتهم الدينية والخضوع للقوانين التي قاموا بسنّها، سيصبح بإمكانك الحصول على عمل وكسب ما يكفي لسد رمق أفراد عائلتك.
في الوقت الراهن، أصبح هؤلاء الأكراد يهيمنون على التجارة المحلية، علما وأنهم يحظون بمعاملة خاصة من قبل الشرطة. أما بالنسبة لممارسة الشعائر الدينية، فقد أصبحت الأمور على النقيض تماما
في آب/أغسطس الماضي، انقلبت حياة متساكني منبج رأسا على عقب، حيث قامت قوات برية بقيادة الأكراد، مصحوبة بدعم جوي أمريكي، بطرد تنظيم الدولة من المدينة. وعلى الرغم من أن صفوف ما يُسمى “بقوات سوريا الديمقراطية” كانت تضمّ مقاتلين عرب، إلا أن الأكراد القادمين من خارج سوريا أصبحوا فجأة “أسيادنا” الجدد في المدينة. وبالتالي، أصبح الأكراد المحليون، الذين لا تتجاوز نسبتهم 10 بالمائة من مجمل السكان البالغ عددهم 100 ألف نسمة، يتمتعون بالوجاهة وجل الامتيازات.
في الوقت الراهن، أصبح هؤلاء الأكراد يهيمنون على التجارة المحلية، علما وأنهم يحظون بمعاملة خاصة من قبل الشرطة. أما بالنسبة لممارسة الشعائر الدينية، فقد أصبحت الأمور على النقيض تماما. فعلى سبيل المثال، أصبحت بعض الممارسات الدينية من قبيل تغطية النسوة لأنفسهن محظورا، لا بموجب مرسوم بل عن طريق فرض هذا الأمر على أرض الواقع مباشرة. وفي حال خالف أي شخص هذه القوانين الجديدة أو اعترض عليها، فقد يعرض نفسه للإيقاف والتعذيب. أنا أعي جيدا هذه الحقيقة بالاستناد إلى تجربتي الشخصية.
من جهة أخرى، استولى الأكراد من خارج سوريا الذين ينتمون إلى حزب العمال الكردستاني، على جميع المناصب الرئيسية في صلب “قوات سوريا الديمقراطية” وفي مدينة منبج على حد سواء، وذلك منذ آب/أغسطس الماضي. من جانبنا، أطلقنا عليهم اسم “القنديليين”، ذلك أنهم تدربوا في جبل قنديل بالعراق، معقل حزب العمال الكردستاني.
في الواقع، من السهل التعرف على القنديليين من خلال السيارات التي يقودونها، حيث تزدان بملصقات تحمل صور “عبد الله أوجلان”، مؤسس حزب العمال الكردستاني، الذي يقبع حاليا في سجن تركي على مقربة من مدينة إسطنبول. فضلا عن ذلك، عمد هؤلاء الأكراد إلى إخفاء أسمائهم الحقيقية والعمل من وراء الكواليس.
في الحقيقة، لا يمكننا أن ننكر حجم السعادة التي غمرتنا حين طرد تنظيم الدولة من المدينة، بيد أن النظام الجديد الجائر قد دفع بالعرب إلى التحدث علنا عن “الأيام الجيدة في ظل حكم تنظيم الدولة”. في الحقيقة، شهد المواطنون العرب في منبج على تدمير القادة الأكراد الجدد للنسيج الاجتماعي في المدينة، وإفساد قرون من العلاقات الوطيدة بين العرب، والأكراد، والتركمان.
لقد تواصل هذا الكابوس لثمانية أشهر، ولم نتخلص منه بعد بشكل نهائي. ففي شباط/فبراير الماضي، هدّدت تركيا بالاستيلاء على منبج، لكن الولايات المتحدة الأمريكية قطعت الطريق أمامها. وفي الوقت الراهن، تتمركز قوات من الجيش الأمريكي شمال منبج، علما وأن هؤلاء الجنود يترددون على المدينة بانتظام. من جهتهم، اتخذ عناصر من القوات المسلحة الروسية من غرب منبج قاعدة لهم، أي بين القوات الكردية والقوات العراقية، كما لم يترددوا بدورهم عن زيارة المدينة بشكل دوري.
شهدت المدينة حضورا لعناصر النظام منذ الصيف الماضي، حيث استولوا على المدارس، وقاموا بدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية، في أعقاب وصول الأكراد
من ناحية أخرى، أفادت قوات سوريا الديمقراطية أنها قد تنازلت عن السلطة في منبج لصالح النظام السوري، ومن ثم أعلن النظام أنه أحكم قبضته عليها، إلا أن الأمور لم تحدث على ذلك النحو على أرض الواقع. في الحقيقة، تتكون قوات “حرس الحدود” السورية من عرب ينتمون إلى قوات سوريا الديمقراطية التي تتلقى الأوامر من القيادة الكردية في منبج.
خلافا لذلك، شهدت المدينة حضورا لعناصر النظام منذ الصيف الماضي، حيث استولوا على المدارس، وقاموا بدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية، في أعقاب وصول الأكراد. بالإضافة إلى ذلك، لم يتوان النظام عن توظيف جهاز حزب العمال الكردستاني الأمني على نطاق واسع بغية تحقيق مآربه السياسية.
وفي المدينة، تغيب الأعلام السورية باستثناء تلك التي تحمل شارة مجلس منبج العسكري، الذي يُعد بمثابة واجهة لحزب العمال الكردستاني. وفي الأثناء، عاد حزب البعث للظهور من جديد على الساحة، حيث يشترط على كل من يرغب في أن يصبح مسؤولا في إحدى المدارس أن يكون عضوا في الحزب. أما طلاب المدارس، فيحملون بدورهم بطاقات هوية عليها صورة بشار الأسد. علاوة على ذلك، تم إقرار الاحتفال بذكرى يوم “الحركة التصحيحية”، وذلك على خلفية الانقلاب الذي أوصل عائلة الأسد إلى سدّة الحكم سنة 1970.
وتجدر الإشارة إلى أنه قد تم الاحتفال بهذه الذكرى في السادس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، باعتبارها عيدا وطنيا ويوم عطلة للطلاب والعاملين. في الحقيقة، تعد كل هذه المعطيات دليلا جليا وواضحا على سطوة ونفوذ النظام. فعلى الرغم من سيطرة الاستخبارات الكردية ووحدات الشرطة على أمن المدينة، إلا أن العديد من أعمالهم تعود بالنفع على النظام بشكل مباشر، مما يعني أن هذه الأجهزة تتلقى الأوامر من دمشق.
إن كان بإمكاني وصف منبج في عبارة واحدة، فسأطلق عليها اسم “مدينة الأحلام”، حيث يحلم الأكراد بالسيطرة على المدينة وإقامة دولة مستقلة على طول الحدود الشمالية السورية مع تركيا. أما بالنسبة لنظام الأسد فيطمح في إعادة البلاد بأسرها تحت سيطرته. من جانبهم، يحلم الثوار السوريون بتحرير منبج مرة أخرى، مع العلم أنهم قد سيطروا عليها في تموز/يوليو سنة 2012، إلى غاية سقوطها بيد تنظيم الدولة في كانون الثاني/يناير سنة 2014.
في الوقت الذي تصب فيه كافة هذه الأحلام في منحى واحد، ستقرر الولايات المتحدة أيها سيتحقق على أرض الواقع. من جهتهم، يحلم العرب، والأكراد، والتركمان على حد سواء، بمدينة مُحرّرة من تنظيم الدولة، وحزب العمال الكردستاني، وديكتاتورية الأسد. وفي حين مُورست السلطة باسم الدين في ظل حكم تنظيم الدولة، فرض حزب العمال الكردستاني سلطته باسم العرقية. ومن هذا المنطلق، يعتمد مكانك في التسلسل الهرمي للسلطة على مدى قربك من الحكام الأكراد.
في حقيقة الأمر، كانت المباني الحكومية والمرافق العامة والبنى التحتية محمية من قبل تنظيم الدولة نظرا لأنه كان يعتبر نفسه السلطة الشرعية في البلاد. والجدير بالذكر أن منبج تقع في منطقة تعرف بزراعة الحبوب، لذلك سعى التنظيم إلى تشغيل مطاحن الدقيق، فضلا عن أنه قام بتطويرها. في المقابل، بات الوضع مختلف تماما في ظل سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي (الذراع السياسي لحزب العمال الكردستاني).
ضيق الأكراد الخناق علينا بشكل مقيت، ولم يقتصر الأمر على أعمال النهب والسرقة والتجاوزات، ولكن أيضا من خلال إستراتيجية حكمهم. ولذلك، أي عربي يضطلع بدور رئيسي في الحكومة سرعان ما يدرك أن دوره هو إضفاء الشرعية على الأكراد الذين جاءوا من خارج سوريا
إثر معركة منبج، تم نقل 18 صومعة غلال من الطحين من منبج إلى كوباني، التي تقع شمال البلاد على الحدود التركية، والتي تخضع للسيطرة الكردية. كما تم تفكيك مولدات الكهرباء وغيرها من المعدات وإزالتها. علاوة على ذلك، اتهم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي بعض أصحاب المصانع بالانتماء إلى تنظيم الدولة، وبادروا بتفكيك وسرقة مصانعهم فضلا عن تفريغ مستودعاتهم.
في الواقع، ضيق الأكراد الخناق علينا بشكل مقيت، ولم يقتصر الأمر على أعمال النهب والسرقة والتجاوزات، ولكن أيضا من خلال إستراتيجية حكمهم. ولذلك، أي عربي يضطلع بدور رئيسي في الحكومة سرعان ما يدرك أن دوره هو إضفاء الشرعية على الأكراد الذين جاءوا من خارج سوريا. لنأخذ على سبيل المثال الهيئتين الرئاسيتين في منبج؛ مجلس المدينة برئاسة فاروق المعشي، والمجلس العسكري الذي يرأسه شرفان درويش، وهو كردي من منبج، علما وأن كلا المؤسستان لا تحظيان بالنفوذ الكافي لاتخاذ أي قرارات فعلية.
في الحقيقة، فرّ فاروق من منبج رفقة 500 عائلة، مباشرة إثر دخول تنظيم الدولة للمنطقة في سنة 2014. وقد لجأ إلى تركيا، حيث قضى سنتين هناك. أما بقية المتساكنين فقد فروا إما إلى المناطق التي يتمركز فيها المتمردون أو المناطق التي تقبع تحت سيطرة القوات النظامية. ومن المثير للاهتمام أن ما لا يقل عن ثلثي هذه الأسر قد عادوا إلى منبج بعد استعادة الأكراد لها. لكنهم سرعان ما أدركوا أن العرب يشاركون في إدارة دواليب الحكم فقط لإضفاء الشرعية على الأكراد الذين قدموا من الخارج.
في وقت سابق من هذه السنة، أذن المجلس المحلي للمتطوعين العرب بفتح مكتب للهلال الأحمر العربي السوري، وهو منظمة إغاثة شبه حكومية. وفي الأثناء، تدخل قائد من حزب العمال الكردستاني يدعى خليل، وقام باستدعاء المتطوعين، وأعلمهم أنه لن يسمح لهم سوى بفتح مكتب الهلال الأحمر الكردي. وفي حال واصلوا خطتهم، حذر خليل من أنه “على استعداد تام لتجاوز قرار جميع أعضاء المجلس المحلي، وتحدي سلطتهم”. عموما، وفي العديد من المناسبات، حاول نظام الأسد كبح هذه التجاوزات.
قبل بداية العام الدراسي مباشرة، قرر المكتب الفرعي لوزارة التربية والتعليم بالاتفاق مع الأكراد المحليين السماح للمدارس الخاصة بمزاولة عملها. ولكن الممثل الكردي، وبعد استشارته لمرؤوسيه في جبل قنديل، أقر بأن هذا القرار غير قانوني وأرسل شرطة الأسايش إلى المكتب لتنفيذ الأمر. في المقابل، وفي منتصف أيلول / سبتمبر، سمح النظام للمدارس بالعمل، وقضى بضرورة السماح للمدارس الخاصة بفتح أبوابها.
في الحقيقة، يتجسد أحد أبرز أجهزة حزب العمال الكردستاني، التي نضطر يوميا إلى التعاطي معها، في الأسايش، الذين يتكفلون بإدارة نقاط التفتيش وقيادة الوحدات التي تحارب الجريمة والإرهاب. وتضم هذه القوات حوالي 30 بالمائة من العرب، ومعظمهم من الأشخاص الذين فضلوا العمل تحت قيادة الأكراد، على أن يبقوا عاطلين عن العمل.
عموما، يعد نصف شرطة المرور الأسايشية، من الأكراد والنصف الآخر عرب. وتحمل هذه القوات على عاتقها مسؤولية تنظيم حركة المرور، بالإضافة إلى فرض الضرائب على وسائل النقل. فضلا عن ذلك، تتمتع هذه القوات بالسلطة للاستيلاء على أي سيارة يعجز صاحبها عن تقديم إثبات يؤكد قيامه بدفع الضرائب. ولكن يبدو أن هناك معايير مزدوجة فيما يتعلق بهذه المسألة، فقد كنت شاهدا في العديد من المناسبات على قيام رجال الشرطة بالسماح للسائقين الأكراد بالعبور حتى وإن لم يدفعوا ما تخلد بذمتهم من ضرائب.
والجدير بالذكر أن مسألة ازدواجية المعايير تنطبق أيضا على القانون والنظام. في الحقيقة، أنا على دراية تامة بالعديد من جرائم القتل والاغتصاب والسرقة التي جدت في صفوف العرب والتي لم تحل ولم يتم التحقيق فيها حتى. فضلا عن ذلك، كان هناك قمع وحشي للحرية الدينية. من جهة أخرى، تقبع السلطة والنفوذ بشكل فعلي بين يدي المخابرات، التي كانت، إلى حدود مجيء الأمريكان، تحت قيادة سياسي محنك كردي يدعى “الرفيق دليل”، أقوى رجل في منبج، مع العلم أن كبار مساعديه ينحدرون أيضا من قنديل.
في الوقت الذي كان فيه الأكراد في حالة حرب، تكفلت المخابرات بتقديم الدعم لهم خلال عمليات افتكاك الأراضي التي يحتلها تنظيم الدولة أو تلك التي تسيطر عليها المعارضة المناهضة للحكومة، والتي كانت تدعمها وكالة المخابرات المركزية أو تركيا. وفي الاثناء، قام العديد من عناصر المخابرات بتجنيد المقيمين العاطلين عن العمل، وحتى أولئك الذين ارتكبوا أعمالا إجرامية، للعمل في صفوف حزب الاتحاد الديمقراطي، الذراع المدني لحزب العمال الكردستاني.
وفي شأن ذي صلة، ترتكز عملية جمع المعلومات الاستخباراتية بالأساس على استجواب السكان وأصدقائهم أو أقاربهم في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة أو قوات المعارضة السورية. في الحقيقة، للمخابرات، وهي تعرف بهذا الاسم، فرع خاص يسمى “فرقة العمل لمكافحة الإرهاب”، ويتكفل هذا الجهاز بتنفيذ الأوامر ومداهمة أي شخص يرجح انتمائه لتنظيم الدولة.
توسط البنوي، أكثر من مرة، بين الأكراد والعرب، لصد حزب العمال الكردستاني عن مواصلة عمليات القمع التي تطال المدنيين العرب
وفي هذا الصدد، تم الزج بالعديد من الأشخاص في السجن بتهمة الانتماء إلى تنظيم الدولة، على الرغم من أنه لا تربطهم أي صلة بهذا التنظيم الإرهابي. بالإضافة إلى ذلك، يواجه أي شخص تشاع مناهضته للنظام، أو يرفض العمل مع المخابرات خطر التعرض للاعتقال. وفي حال اشتبهت المخابرات في أن أحدا من أفراد الأسرة من مؤيدي تنظيم الدولة، يتم طردهم جميعا من المدينة. علاوة على ذلك، تقوم المخابرات بتجنيد السكان المحليين للعمل في المخابرات التابعة للنظام.
وقد بلغ التعاون ذروته في منتصف ديسمبر / كانون الأول، حيث أطلقت المخابرات حملة تستهدف كل المواطنين الذين ينتمي أحد أقاربهم للمعارضة أو لديهم أي اتصال بهذه القوات. وقد قام عناصر المخابرات بإلقاء القبض على أكثر من 70 شخصا، وكان معظمهم من السوريين الذين يقاتلون مع الجيش السوري الحر شمالي حلب.
عموما، كان لقدوم الجيش الأمريكي تأثير إيجابي على الأوضاع، بيد أنهم لم يكونوا على تواصل مع السكان المحليين ما عدا شخص واحد ألا وهو الشيخ إبراهيم البنوي، وهو قائد الجيش السوري الحر الذي عرف باحترامه للسكان العرب. وقد منحته علاقاته بالمسؤولين الأمريكيين نفوذا سياسيا، فضلا عن أنه يحظى بدعم 700 مقاتل مسلح. وقد توسط البنوي، أكثر من مرة، بين الأكراد والعرب، لصد حزب العمال الكردستاني عن مواصلة عمليات القمع التي تطال المدنيين العرب.
خلافا لذلك، هناك المزيد من الأخبار السارة، فبعد فترة وجيزة من وصول الأمريكيين، تم نقل أسوأ القنديليين، بمن فيهم الرفيق دليل، رئيس المخابرات، إلى معركة الرقة. في الحقيقة، نحن لا نفتقدهم البتة، فقد عانينا من ولايات غضبهم في صمت. ولكن، الجانب المظلم يتمثل في تنامي مخاوفنا بشأن عودتهم من جديد، فإثر انتهاء المعارك التي يخوضها الأمريكيون ضد تنظيم الدولة في الرقة، لا نعرف حقا من سيكون هناك لحمايتنا.
المصدر: ديلي بيست