عزّزت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من موقفها في الانتخابات العامة المرتقبة هذا العام بعد أن تمكن حزبها المسيحي الديمقراطي من الفوز في الانتخابات الإقليمية في مقاطعة شمال الراين فيستفاليا التي تشكل معقل حزب الاشتراكيين الديموقراطيين الذي يطمح زعيمهم مارتن شولتز إلى التفوق على ميركل في انتخابات الخريف وحرمانها من ولاية رابعة.
ميركل تؤكّد تفوقها في معقل المنافس
بعد فوزه في ولاية شليسفيغ هولشتاين شمال ألمانيا، وتمكّنه من استعادة واحدة من المقاطعات العديدة التي كان قد خسرها، فاز، أمس الأحد، التيار المحافظ بزعامة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على منافسيه في الحزب الديمقراطي الاشتراكي، بالانتخابات الإقليمية في ولاية شمال الراين فيستفاليا غرب البلاد.
تعد ولاية شمال الراين فيستفاليا معقلاً انتخابيًا رئيسيًا للحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي كان قد حصل على 39.1% في الانتخابات الماضية لبرلمان الولاية
استطلاعات الرأي أظهرت تقدّم الحزب المسيحي الديمقراطي بأربع نقاط على الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وتعد هذه المقاطعة تاريخيًا من أهم معاقله، وأظهرت توقعات بثتها قناتا “إيه آر دي” و”زد دي إف” العامتان قرابة الساعة 17:30 ت غ أن الاتحاد المسيحي الديمقراطي بزعامة ميركل فاز بنحو 34.55% من الأصوات، متقدمًا بأربع نقاط على الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي حقق أسوأ نتيجة في تاريخه في هذه المقاطعة.
وتعد ولاية شمال الراين فيستفاليا معقلاً انتخابيًا رئيسيًا للحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي كان قد حصل على 39.1% في الانتخابات الماضية لبرلمان الولاية، فيما حصل حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي في ذات الانتخابات على 26.3% فقط من أصوات المقترعين في الولاية، التي يبلغ عدد سكانها نحو 18 مليون نسمة.
تعتبر هذه النتيجة فوزًا كبيرًا لميركل التي تعرضت لضغوط كبيرة حتى من معسكرها اليميني بسبب سياسة الانفتاح التي اتبعتها في مسألة الهجرة
وتعتبر هذه الخسارة التي تكبّدها حزب الاشتراكيين الديمقراطيين بزعامة الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي مارتن شولز، الثالثة خلال هذه السنة بعد خسارتين في مقاطعتي زارلاند وشليسفيغ هولشتاين، في شهر مارس الماضي وبداية مايو الحالي، وأول نتائج هذه الخسارة الفادحة على الحزب الاشتراكي، كان إعلان رئيسة الحزب والحكومة في الولاية هانيلوره كرافت، تحملها للخسارة الكبيرة في الانتخابات والاستقالة من مناصبها الحزبية كافة، وقالت إنها تفعل ذلك لتعطي الحزب “الفرصة لبداية جديدة”.
“ضربة موجعة” للاشتراكيين الديمقراطيين
فوز الاتحاد الديموقراطي المسيحي بزعامة ميركل في انتخابات هذه الولاية سيشكّل، حسب خبراء، ضربة للاشتراكيين الديموقراطيين وزعيمهم مارتن شولتز الذي يطمح للتفوق على ميركل في انتخابات الخريف المقبل.
وعقب هذه الهزيمة، أكّد مارتن شولتز بأن معسكره “تلقى لكمة موجعة” لكنه لم يستسلم بعد، وقال: “نحن حزب تقويه المعركة، الطريق لا يزال طويلاً وصولاً إلى الانتخابات التشريعية”، مذكرًا “قبل خمسة أشهر كان صديقي إيمانويل ماكرون الأكثر تراجعًا، لكنه الرئيس (الفرنسي) حاليًا”.
تعد هذه الانتخابات آخر اختبار سياسي للحالة المزاجية بين الناخبين قبل الانتخابات العامة الاتحادية في سبتمبر المقبل
ووصف شولتز، انتخابات ولاية شمال الراين فيستفاليا، بأنها “هزيمة ساحقة بحق”، وأضاف “هذا يوم صعب بالنسبة للحزب الاشتراكي، كما أنه يوم صعب بالنسبة لي شخصيًا”، وقال الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي، الذي ينحدر من ولاية شمال الراين فيستفاليا: “لقد خسرنا انتخابات إقليمية مهمة،” من جهته علق رالف ستيغنر، وهو حليف شولز ونائب رئيس حزب الاشتراكيين الديمقراطيين، حسب وسائل إعلام بقوله “إنه يوم أسود (…) تلقى الحزب الاشتراكي الديمقراطي لكمة موجعة لكنه لا يزال واقفًا”، في إشارة إلى المعركة التشريعية المرتقبة والتي تبدو صعبة.
زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي مارتن شولتز
وتعد هزيمة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ولاية رينانيا ذات دلالة خاصة، لأن الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي مارتن شولتز، منافس ميركل على منصب المستشارية، ينحدر من هذه المنطقة، وتعد هذه الانتخابات آخر اختبار سياسي للحالة المزاجية بين الناخبين قبل الانتخابات العامة الاتحادية في سبتمبر المقبل، وانتخب مارتن شولتز (61 سنة) في الـ19 من شهر مارس من هذه السنة زعيمًا لحزب الاشتراكيين الديمقراطيين في ألمانيا ليخلف بذلك وزير الخارجية سيغمار غابريل على رأس الحزب ويصبح منافسًا لأنجيلا ميركل على منصب المستشار في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
“مؤشّر هام”، قبيل الموعد الأهم
تعدّ نتائج انتخابات ولاية شمال الراين ويستفاليا، مؤشرًا مهمًا لما سيكون عليه الوضع في برلين وما يمكن أن تسفر عنه الانتخابات التشريعية الاتحادية المقبلة، حيث تضم الولاية 13 مليون ناخب بما يساوي نحو 20% من مجموع الناخبين في ألمانيا.
يعتقد خبراء، أن خسارة حزب الاشتراكيين الديمقراطيين في هذه المقاطعة، من شأنها أن تبدّد آماله بإمكانية وصوله في الخريف إلى السلطة في برلين
وتعتبر هذه النتيجة فوزًا كبيرًا للمستشارة ميركل التي تعرضت لضغوط كبيرة حتى من معسكرها اليميني بسبب سياسة الانفتاح التي اتبعتها في مسألة الهجرة، وما يزيد من أهمية هذا الفوز أن استطلاعات الرأي كانت تشير إلى زيادة في شعبية الحزب الاشتراكي الديمقراطي بعيد تسلم مارتن شولتز رئاسته، وهزيمة الحزب في انتخابات البرلمانات المحلية، التي كان آخرها انتخابات البرلمان المحلي لبرلين في سبتمبر الماضي، حيث سجل الحزب أسوأ نتائج في تاريخه.
استطلاعات الرأي تشير إلى تقدم ميركل على حساب باقي منافسيها
وأوردت وسائل إعلام ألمانية تصريح ميكايل غروس برومر أحد قيادي الاتحاد المسيحي الديمقراطي، قال فيه: “نخوض حملة الانتخابات التشريعية بثقة، لهذا السبب فإن الانتخابات في رينانيا شمال فستفاليا نجاح هائل،” وأضاف أنها انتخابات ستؤثر في الأجواء (تمهيدًا للانتخابات التشريعية)، لا شك في ذلك.
ويعتقد خبراء، أن خسارة حزب “الاشتراكيون الديمقراطيون” في هذه المقاطعة التي يحكمها بلا انقطاع منذ الحرب العالمية الثانية، من شأنها أن تبدّد آماله بإمكانية وصوله في الخريف إلى السلطة في برلين، ولم يتول سياسي منحدر من “الاشتراكيين الديمقراطيين” منصب المستشار الألماني منذ خروج غيرهارد شرودر من السلطة في 2005.