تحل علينا الذكرى الـ69 لنكبة شعب فلسطين، وما زال الاحتلال الصهيوني جاسمًا على أرضنا، والفلسطيني مشتت بين العواصم، وما زالت إسرائيل تنتظر أن تتحقق رؤيتها بأن الصغار ينسون والكبار يموتون.
قبل عدة سنوات وصلت دعوة رسمية من رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو للسلك الدبلوماسي ولأعضاء الكنيست والوزراء ورجال الأعمال والإعلام للاحتفال بعيد ميلاد والده المئة، لم يتأخر أحد من قادة دولة الاحتلال والسفراء الأجانب عن تلبية الدعوة، وبينما القاعة تضج بالحضور، ألقى والد نتنياهو كلمة أبرز ما جاء بها قوله: طالما أن الشعب الفلسطيني لم ينس نكبته وما زال يحتفل بها، فلا مستقبل لدولة إسرائيل.
من هنا تكمن أهمية إحياء ذكرى النكبة، ومن هنا تأتي حالة الإحباط لدى المجتمع الصهيوني من أن الفلسطينيين لم ولن يتخلوا عن أراضيهم، فأنا من بيت دجن قضاء يافا وأولادي ينتظرون لحظة العودة لتلك القرية الجميلة.
إن أدوات إحياء الذكرى ينبغي أن تتطور بعد 69 عامًا، فعلى الرغم من أهمية المسيرات الحاشدة والورش والمؤتمرات والأفلام واللقاءات التي توثق النكبة، فإن الفكر السياسي الفلسطيني ينبغي أن يتطور مع تطور العصر
أدوات إحياء الذكرى ينبغي أن تتطور بعد 69 عامًا، فعلى الرغم من أهمية المسيرات الحاشدة والورش والمؤتمرات والأفلام واللقاءات التي توثق النكبة، فإن الفكر السياسي الفلسطيني ينبغي أن يتطور مع تطور العصر، فلا بد أن يفكر الفلسطينيون بوسائل ضغط جديدة سياسية وقانونية وأمنية داخليًا وخارجيًا، وأن تستعيد منظمة التحرير دورها ومكانتها، وأن تعمل النخب السياسية على رفع السقف السياسي الذي هبط كثيرًا مؤخرًا، فالقبول بدولة على حدود الرابع من حزيران 1967م، ينبغي أن يرتبط بشكل واضح بعودة اللاجئين لبيوتهم ومدنهم التي هجروا منها، وهذا ينسجم مع القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وينسجم مع وثيقة حماس السياسية.
لكن الجديد المطلوب من القوى الوطنية والإسلامية التفكير به ودراسته من اليوم لتنفيذه في الذكرى الـ70 للنكبة يتمثل في التخطيط والعمل على حشد الجماهير الفلسطينية للخروج بمسيرات شعبية سلمية (مسيرات العودة)، وذلك لكشف الصورة الحقيقية المتوحشة للاحتلال ودفعه للقبول بالحد الأدنى المطلوب فلسطينيًا، فدون إرباك حسابات الاحتلال والذي يخشى من هذا السيناريو بشكل كبير لا يمكن أن نحقق شيئًا وستبقى تلك الأنشطة التقليدية تراوح مكانها.
العودة حق كالشمس، لن يستطيع أي كان أن يتنازل عنها، فهي حق فردي لكل اللاجئين الفلسطينيين، كفلته القوانين والمواثيق الدولية والأعراف الإنسانية
العودة حق كالشمس، لن يستطيع أي كان أن يتنازل عنها، فهي حق فردي لكل اللاجئين الفلسطينيين، كفلته القوانين والمواثيق الدولية والأعراف الإنسانية، ولذلك حتمًا سنعود، وسنبقى نطالب بحقوقنا بكل السبل المشروعة والمكفولة بالقانون، فإنهاء الاحتلال ضرورة وطنية، ويجب أن تكون المصالحة الوطنية أحد أهم دعائم تحقيق الهدف الاستراتيجي وهو إنهاء الاحتلال، فلا يعقل أن ينعم هذا الاحتلال بخيرات بلداننا ومياهه، بينما يتكدس اللاجئون بمخيمات لا تصلح للعيش الآدمي، سواء في فلسطين أو خارجها، حياة دون مياه ولا كهرباء ولا عمل.
جيلنا ولد بغزة، ولم يبق من جيل النكبة على قيد الحياة سوى القليل، ورغم ذلك ما زال شغف العودة لدى الأجيال يسري بالدماء، ومفاتيح العودة يتوارثها الأبناء من الأجداد
جيلنا ولد بغزة، ولم يبق من جيل النكبة على قيد الحياة سوى القليل، ورغم ذلك ما زال شغف العودة لدى الأجيال يسري بالدماء، ومفاتيح العودة يتوارثها الأبناء من الأجداد، وسيبقى الشعب الفلسطيني يحيي ذكرى نكبته حتى يتحقق حلمه بالعودة إلى دياره والتعويض عن كل ما حصل له.