بعد أيام من ورود أنباء عن موافقة آلاف الجنود الذين تمردوا هذا العام في ساحل العاج، على التخلي عن مطالبهم بالحصول على مزيد من الامتيازات المالية، بدأ آلاف الجنود، ومعظمهم مقاتلين سابقين حاربوا في سبيل وصول الرئيس الحسن واتارا إلى السلطة، حركة تمرد في كبرى المدن الإيفوارية.
العلاوات المالية هي السبب
تعبيرًا منهم عن استيائهم من التأخر في دفع علاوات لهم، بدأ أكثر من 8 آلاف جندي إيفواري بإطلاق النار في الهواء بأكبر الثكنات العسكرية في البلاد، في مشهد مشابه لما حدث من عصيان في يناير الماضي أصاب أجزاءً من البلاد بالشلل، وأجبروا الحكومة حينها أن تدفع لكل واحد منهم 8000 دولار كعلاوة قالوا إنهم يستحقونها.
يأتي هذا التصعيد بعدما اجتمع الرئيس واتارا يوم الخميس الماضي مع فريق من الجنود الذين شاركوا في” عصيان يناير“، والذين أعلنوا، بعد اللقاء، تخليهم عن مطالبهم المالية
ويحتج أكثر من 8 آلاف جندي على عدم دفع المكافآت التي يقولون إنهم يستحقونها بعد وعد الرئيس الحالي الحسن واتارا، لهم بذلك، عندما ساعدوه في الوصول إلى منصبه، وكان المتمردون الذين ساعدوا الرئيس في تولي منصبه عام 2011، بعد رفض سلفه لوران غباغبو تقبل هزيمته في الانتخابات، قد اختلفوا مع الحكومة على بعض المكافآت المالية.
ويأتي هذا التصعيد بعدما اجتمع الرئيس واتارا يوم الخميس الماضي مع فريق من الجنود الذين شاركوا في” عصيان يناير“، وأعلنوا بعد اللقاء، تخليهم عن مطالبهم المالية، وأراد واتارا إعطاء الانطباع بأنه تم تجاوز الأزمة، والإيحاء بنهاية حركة الاحتجاج في الجيش.
وقال متحدث باسم 8400 جندي شاركوا في “عصيان يناير” إنهم سيتنازلون عن مطالبات بمزيد من النقود بعد اللقاء مع واتارا في أبيدجان، لكن هذه الخطوة قوبلت برفض من قبل فريق آخر من الجنود الذين ساهموا في “عصيان يناير”، فقرروا تجديد التحركات الغاضبة اعتبارًا من ليل الخميس.
المتمردون يخرجون إلى الشوارع
وسيطر الجنود المتمردون على مقر الجيش الوطني ووزارة الدفاع في وسط العاصمة التجارية أبيدجان الجمعة، والسبت صعدوا الضغط بإغلاق مخارج بواكي الشمالية التي كانت معقلهم قبل الانضمام للجيش، والاحتجاج في عدة مواقع بما فيها مدينة كورهوجو الشمالية ومدينة أوديانيه، حيث أغلقوا الطرقات وأطلقوا النار في الهواء من العديد من الثكنات.
بالتزامن مع ذلك منع الجنود المتمردون السكان من التوجه إلى وسط المدينة وطلبت شركات عدة من موظفيها البقاء في بيوتهم، وطلب البنك الإفريقي للتنمية من موظفيه البقاء في بيوتهم وعدم التحرك لأن الوضع الأمني ليس واضحًا حاليًا في أبيدجان.
ليس انقلابًا
رغم طابعه المسلّح، نفى الجنود المتمردون أن يكون تمرّدهم انقلابًا على الرئيس حسن واتارا، حيث أكد متحدث باسم كتيبة المشاة الثالثة في بواكي، مركز حركة العصيان، حسب ما نقلته وسائل إعلامية محلية وعالمية، أن ما يحدث ليس انقلابًا.
يقول المتمردون إن الرئيس واتارا أخلّ بالاتفاق المبرم معهم، كونه لم يسدد لهم كامل المستحقات المالية التي تعهد بدفعها آنذاك، مقابل وقفهم للعصيان
وأضاف المتحدث “الرئيس الحسن وتارا وقّع على ورقة يقول فيها إنه موافق على صرف علاواتنا، عندما يدفع، نعود إلى بيوتنا”، وتابع “سنمضي حتى النهاية، لن نلقي السلاح، نحن 8500 عسكري أوصلوا وتارا إلى الحكم، لا نريده أن يرحل ولكن عليه الوفاء بوعده، الأمر بسيط”، وتضم هذه الكتيبة المتمردين السابقين الذين دعموا وتارا خلال الأزمة الانتخابية في 2010-2011 قبل أن يدمجوا في الجيش بعد تسلم واتارا السلطة كمكافأة على ما قدموه من خدمات.
قوات الجيش الموالية للرئيس تتعقّب المتمردين
يقول المتمردون إن الرئيس واتارا أخلّ بالاتفاق المبرم معهم في يناير الماضي، كونه لم يسدد لهم كامل المستحقات المالية التي تعهد بدفعها آنذاك، مقابل وقفهم للعصيان وعودة الهدوء إلى البلاد، وتبرّر الحكومة ذلك بانهيار أسعار الكاكاو وهو المنتج الرئيسي الذي تصدره ساحل العاج مما تسبب بانخفاض كبير في إيرادات البلاد.
وبموجب الاتفاق المبرم حينها بينهم وبين الحكومة، دفعت الأخيرة في يناير الماضي، القسط الأول من العلاوات بقيمة 5 ملايين فرنك إفريقي، فيما وعدت بدفع البقية على أقساط انطلاقًا من مايو الحالي، وهو ما لم يحدث حتى الآن، مما أثار – إلى جانب ما تقدم – استياء الجنود.
الحكومة تتوعد المتمردين
قابلت الحكومة الإيفوارية هذا التمرّد، بتهديد القائمين عليه بردٍ قاسٍ، حيث توعّد قائد أركان الجيش الإيفواري توري سيكو، في بيان تُلي عبر التليفزيون الرسمي في البلاد، أول أمس الأحد، المتمردين باتخاذ إجراءات تأديبية شديدة على النحو المنصوص عليه قانونيًا بحق جميع الجنود الذين يواصلون تحدّي السلطات وإعاقة الأنشطة والسير العادي للدولة، حسب قوله.
وأعلن سيكو في هذا البيان، أن عملية عسكرية جارية لـ”استعادة الأمن” في المدن الخاضعة لسيطرة الجنود المتمردين، فيما صرّح وزير الدفاع ألان ريتشارد دونواهي: “نحن لا نتفاوض، وعلى من لا يقبلون هذا القرار أن يتركوا الجيش”، في دعوة واضحة إلى الجنود بأن يغادروا صفوف الجيش في حال كانوا غير مستعدين للتخلي عن العلاوات.
إصرار على التمرّد لحين وفاء الحكومة بتعهداتها
تعليقًا على ما صرّح به وزير الدفاع، قال أحد قادة الجنود المتمردين يدعى السارجنت سيدو كوني: “لا نريد التفاوض مع أحد، نحن مستعدون أيضًا للقتال إذا تعرضنا لهجوم، ليس لدينا ما نخسره”، وفق تعبيره، وأضاف كوني “لا نعرف ما الذي سيحدث لنا ونحن نريد مالنا فقط حتى نتمكن من بدء حياة جديدة، لكن لا يمكننا التخلي عما حققناه بعد أن وصلنا إلى هذه النقطة”، وأكد زملاء كوني تصميمهم على مواصلة تحركهم على الرغم من التهديدات “بعقوبات قاسية” من قبل رئاسة الأركان.