تأخر سوريا في نقل الأسلحة الكيميائية عن الموعد المتفق، والذي جاء نتيحة اتفاق أمريكي روسي لا يبخر بخير في مستقبل العلاقات المشتركة بين واشنطن وموسكو في ما يخص ملفات دولية مشابهة مثل برنامج إيران النووي ومحادثات السلام السورية في جنيف التي تستأنف اليوم الاثنين.
وفي الوقت الذي تحاول الدولتين التزام أكبر قد من المسؤولية تجاه علاقتاهما المتوترة، تأتي مكالمة هاتفية مسربة بين مسؤولين امريكيين بخصوص أوكرانيا لتزيد الوضع سوءاً.
وبرنامج تدمير السلاح الكيميائي السوري الذي ينتهي في الثلاثين من يوينو في موعده النهائي والأخير، سيكون عرضة للتجاوز كذلك بعد تجاوز الموعد الأول في 31 ديسمبر بتسليم 4 % فقط من الكمية المطلوبة، الأمر الذي كشف عن خلاف عميق بين الراعيتين للاتفاق -الولايات المتحدة و روسيا- في طريقة الرد على هذا التأخير، والذي كان في الاجتماع الأخير للمنظفة في لاهاي في 30 يناير الماضي.
وقام متحدث باسم الولايات المتحدة بتوبيخ دمشق لعدم الالتزام بالموعد المحدد، ليأتي دور روسيا أكثر لينا بكثير، ليبدو الخلاف الدولي حول سوريا واضحا كل الوضوح، حيث دافعت روسيا عن الرئيس بشار الأسد وقالت إن حكومته بحاجة إلى مزيد من الوقت لنقل المواد الكيماوية بأمان خلال مناطق القتال بين قواتها وجماعات المعارضة المسلحة.
الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قال إنه ما زال من الممكن الانتهاء من تنفيذ البرنامج في موعده برغم الانتكاسة الاخيرة، الأمر الذي أكده دبلوماسيون بقولهم أن الأمور لم تصل بعد إلى مرحلة اعتبار سوريا مخلة بالتزاماتها بموجب اتفاق تدمير أسلحتها الكيماوية.
ويقول دبلوماسيون أن روسيا تعارض أي آلية تتيح لمجلس الأمن التدخل تلقائيا ضد سوريا إذا اعتبرت مخالفة لالتزاماتها، ومن ثم تجد واشنطن نفسها في وضع مماثل لما كان عليه الحال في سبتمبر عندما هددت بالعمل العسكري في أعقاب هجوم الغاز في اغسطس.
وعن هذه النقطة، قال الإعلامي فيصل القاسم في حسابه على فيسبوك : التقيت اليوم بمسؤول روسي كبير، وكان الحدث السوري في صلب الحديث: سألته ماذا تريدون من سوريا، فقال: أنا سأجيبك من الآخر: نحن لسنا مستعدين أن نخسر جندياً روسياً واحداً من أجل الحفاظ على الرئيس السوري. لا أبداً. نحن نصارع أمريكا دبلوماسياً في سوريا فقط. نريد أن نرسخ مبدأً دولياً وهو أنه لايحق لأي دولة مهما كانت قوية أن تنزع الشرعية من أي رئيس في العالم. ويجب على امريكا ان تتوقف عن الطلب من هذا الرئيس أو ذاك بأن يتنحى. في يوم من الايام ربما تطلب من الرئيس الروسي أن يتنحى، وتدعي أنه فقد شرعيته. هذا يجب أن يتوقف. أما فيما يخص بشار الأسد: دعني أقول لك: إننا لا نستطيع أن نمنع أمريكا من إزاحته لو أرادت. وأرجو أن تضع خطاً تحت “لو أرادت”، فلو أرادت خلعه لما بقي حتى الآن”.
في الوقت ذاته تخشى قوى غربية احتمال أن يكون تعطيل البرنامج من خلال المماطلة يتم عمداً لإتاحة الوقت لموسكو لتزويد دمشق بمعدات عسكرية وتمكين سوريا من الاحتفاظ بأسلحة الدمار الشامل كأداة تفاوضية في محادثات جنيف، لذا تحث هذه القوى موسكو ممارسة ضغوط على نظام الأسد كي يفي بالتزاماته، ومع ذلك يشكو الدبلوماسيون الغربيون من أن الروس لا يبذلون جهداً كافيا لتشجيع الأسد على تنفيذ الاتفاق بينما لا تجد القوى الأخرى رغبة في التهديد بالعمل العسكري خشية إفساد محادثات جنيف.
كذلك من مصلحة موسكو أن تضمن عدم انهيار اتفاق الأسلحة الكيماوية. فلا تريد روسيا أن تتعرض سمعتها كقوة دبلوماسية للتشويه ولا أن تتعرض حكومة الأسد للتهديد بالضربات الجوية الأمريكية من جديد في وقت يبدو فيه أن الجيش السوري يتقدم عسكريا على المعارضة المسلحة، عن ذلك يقول جورجي ميرسكي خبير شؤون الشرق الأوسط في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية في موسكو :”من مصلحة روسيا بالطبع أن ينفذ الاتفاق. لقد ألقى الرئيس بوتين حبل انقاذ للرئيس اوباما في لحظة بالغة الصعوبة”.
ويأتي الموعد التالي في 31 مارس اذار وينبغي بحلوله الانتهاء من تدمير أشد المواد سمية خارج سوريا على متن سفينة الشحن الأمريكية “كيب راي” المجهزة خصيصاً لهذا الغرض وهي في طريقها الان الى موقع التدمير قادمة من فرجينيا الأمريكية.