بعدما كانت الشوارع والميادين العامة أبرز ساحات الحملات الانتخابية، فيها يحاول السياسيون إقناع الناخبين ببرامجهم الانتخابية ويحثونهم على المشاركة في الانتخابات والتصويت لهم أو حتى مقاطعتها، تغيّر الواقع وتغيّر معه مكان هذه الحملات، فأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك وتوتير) أبرز أماكنها.
“أوباما” أول المستفيدين
منذ سنة 2008، بدأ الإعلام الجديد في السيطرة على الحملات الانتخابية بعد أن كان حضوره ضعيفًا بين سنوات 1992 و2006، وبرز هذا التوجه مع حملة باراك أوباما وكان أحد أسباب وصوله إلى البيت الأبيض، حيث وصل عدد متابعيه لأكثر من 78 مليون على تويتر ونحو 20 مليونًا على موقع فيسبوك، ومنذ ذلك التاريخ تدعم حضوره مواقع التواصل الاجتماعي في الحملات الانتخابية، حتى بات النجاح في الانتخابات حليف المتحكم فيها.
وفقًا للموقع الإلكتروني لصحيفة “ديلى ميل” البريطانية يمتلك موقع فيس بوك ما يقرب من مليارى مستخدم في جميع أنحاء العالم
وعلى الرغم من أهمية وسائل الإعلام المرئية والمسموعة في تغطية العملية الانتخابية وتحليل مخرجاتها، فإن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي أضحت الأكثر والأبرز في تشكيل الرأي العام، حيث أصبح معظم المرشحين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك وتويتر بكثافة كي يتابع مؤيدوهم أو متابعوهم، كل الأنشطة والحملات الانتخابية التي يقومون بها إضافة إلى البيانات التي يصدرونها عما يستجد بالساحة وكذا اللقاءات التي يجرونها.
ووفقًا للموقع الإلكتروني لصحيفة “ديلى ميل” البريطانية يمتلك موقع فيس بوك ما يقرب من مليارى مستخدم فى جميع أنحاء العالم، وكثير منهم يشارك ليبقى فقط على اتصال مع أصدقائه، ومع ذلك فإن فيس بوك يجمع البيانات عنهم على أساس كل محادثة وكل منشور وكل صورة، ثم يستخدم هذه المعلومات لضمان حصول المعلنين والأحزاب السياسية على وجه التحديد على رسائل الأشخاص الذين يريدون.
سبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وفوز ترامب
مثّل موقع فيس بوك أحد العوامل الحاسمة في التصويت بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وفوز دونالد ترامب ووصوله إلى البيت الأبيض، حسب عديد من الخبراء، حيث قال جارى كوبي، مدير الإعلان عن الحزب الجمهوري للرئيس ترامب: “نحن نأخذ الاسم والعنوان ورقم الهاتف والبريد الإلكتروني ويمكننا أن نأخذ تلك البيانات وإرسالها إلى فيس بوك، ثم يقوم الموقع بمطابقة هذه المعلومات مع الملف الشخصي للمستخدم، فإذا وجد امتلاكه لحساب على الموقع، يضع اسمه في قائمة المستخدمين المستهدفين”.
الصفحة الرسمية للرئيس الأمريكي ترامب
وأظهرت عديد من التقارير أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تشكّل المصدر الثاني للأخبار الأمريكيين على مستوى البلاد، حيث نجد أن 9 أشخاص من كل 10 تابعوا الحملات الانتخابية لكلا المرشحين الديمقراطية، هيلاري كلينتون، والجمهوري ترامب، عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
بدوره سلّط فيلم بانوراما BBC1 الوثائقي، الضوء على كيف أن الحملات السياسية تستخدم فيس بوك لتحديد الناخبين، مشيرًا إلى إنفاق قادة حملات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وانتخاب ترامب عشرات الملايين من الجنيهات لصالح فيس بوك.
الانتخابات البريطانية على الأبواب
ومع اقتراب موعد توجه الناخبين البريطانيين لصناديق الاقتراع لاختيار أعضاء البرلمان والحكومة المقبلة، كثّفت مختلف الأحزاب المشتركة في وسائل التواصل الاجتماعي للدعاية الانتخابية في محاولة للوصول لأكبر عدد من الناخبين، نظرًا لكون نصف السكان يستخدمون هذا الموقع.
واشتد النقاش، في الفترة الأخيرة، على مواقع التواصل الاجتماعي عن أهم الموضوعات والملفات التي تهم الناخبين البريطانيين، فضلاً عن حديث الناخبين عن توقعاتهم من الحكومة المقبلة، بعد البريكست.
آلاف الحسابات المضللة في فرنسا
خشية من تكرار السيناريو البريطاني والأمر-يكي، لجأت إدارة موقع “فيس بوك” إلى حجب قرابة 33 ألف حساب لفرنسيين عبر مواقع التواصل يعتقد أنها مزورة قبيل الانتخابات الرئاسية التي أفرزت فوز المرشح المستقل إيمانويل ماكرون برئاسة فرنسا.
عمل ماكرون وحملته على حسن استغلال هذه المواقع
وأظهرت وسائل التواصل الاجتماعي في هذه الانتخابات قدرة كبيرة في تشكيل الرأي العام، وتغيير موازين العملية السياسية في البلاد، فقد برز ماكرون في هذه المواقع وعرف كيفية إدارة حملته من خلالها، حتّى إنها كانت ركنًا أساسيًا في حملته الانتخابية يلجأ إليها من أجل مخاطبة الناخبين ونقل فعاليات حملته الانتخابية مباشرة عبرها والرد على استفساراتهم.
المحافظون في إيران يدخلون على الخط رغم الحظر الرسمي
رغم أن مواقع تويتر وفيس بوك ويوتيوب محظورة رسميًا في إيران، فدورها يبدو أساسيًا في حملة الانتخابات الرئاسية التي ستجرى، الجمعة، حيث اكتشف المحافظون في الآونة الأخيرة مدى قوتها، بعد أن كانت شبكات التواصل الاجتماعي تستخدم بشكل أساسي من قبل الإصلاحيين.
تتجه الحملات الانتخابية إلى تخصيص جزء أكبر من ميزانيتها للإعلانات الرقمية، لأن ذلك يدعم جهود التواصل مع الناخبين
وغيرت هزيمة المحافظين في طهران ومدن أخرى في الانتخابات التشريعية سنة 2016 المعطيات، فبعد أن كان المحافظون يلتزمون بالحظر المفروض على استخدام تويتر وفيس بوك باعتبارهما أداة دعائية ضد النظام، لم تعد وسائل إعلام المحافظين تتردد في نشر أشرطة فيديو لإحراج المعسكر المنافس.
وتتجه الحملات الانتخابية إلى تخصيص جزء أكبر من ميزانيتها للإعلانات الرقمية، لأن ذلك يدعم جهود التواصل مع الناخبين ويربحها الكثير من الوقت الذي يمكن أن تستثمره في أعمال أخرى أو يمكّنها من الوصول إلى أعداد أكبر من الناخبين.