أخبر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وزراء في الاتحاد الأوروبي أنه يخوض معركة “وجودية” مع جماعة رجل الدين التركي المقيم في ولاية بنسلفانيا الأمريكية فتح الله كولن، وذلك في إطار حملة إصلاح جهازي الأمن والقضاء التي أطلقها على خلفية ما بات يعرف ب”عملية 17 ديسمبر” والتي تم خلالها توجيه تهم فساد لعدد من الشخصيات المقربة من أردوغان.
وبينما يختلف المتابعون للشأن التركي حول حجم تغلغل الجماعة داخل أجهزة الدولة وخاصة جهاز الأمن، فإن العاملين داخله يكادون يجمعون على أن وجودها داخل الجهاز قوي جدا حجما وتنظيما، ويقول الشرطي توركر يلماز: “الوظيفة الجيدة والراتب الكبير والترفيعات تعتمد كلها على الالتزام مع جماعة الظل التي تتخذ من بنسلفانيا مقرا لها”.
وحسب يلماز فإن عمل الجماعة يبدأ داخل مدارس الشرطة، التي يعمل بدوره مدربا فيها، ويقول: “في يوم يدعوك أحدهم لتناول الإفطار في بيت صديق معين وقراءة كتاب محدد، أو تدعى لتناول العشاء، وتصبح هذه المواعيد منتظمة، وعندما تكون في المدرسة، يكون لديك القليل من المال، فيقومون بتنظيم بعض الأشياء بسهولة، مثل وجبات مجانية مثلا، أو سكن مجاني، وفي اللحظة التي تنضم فيها إليهم يقومون بتنظيم كل شيء، ويتم استيعابك في نظامهم، وعندما تنهي تدريبك تختار أي وحدة من وحدات الشرطة تريد العمل فيها”.
وأما أغوز غان، الذي عمل في شرطة إسطنبول لمدة سبعة أعوام، فيرى أن الجماعة “غامضة وخطيرة وتقوم بالتمييز ضد من لا يشاركونها الرأي وطريقة الحياة”، ويقول أغوز أنه حاول دون جدوى الانتقال إلى وحدات أمنية أخرى مثل مكافحة الإرهاب أو الجريمة المنظمة أو الاستخبارات ولكن عدم انتمائه للجماعة منعه من ذلك وطلب منه مرارا أن يحصل على توصية من أحد رجال الجماعة.
وفي هذا السياق يقول يلماز: “إذا سألت أحدهم كيف وصل للاستخبارات السرية، تكون الإجابة بدأت الصلاة ودخلت، بينما لنا أصدقاء يتحدثون 6 لغات وكانوا الأوائل في صفوفهم، لكنهم كانوا يقفون حراسا أمام مراكز الشرطة، فيما حصل البقية ممن هم أقل كفاءة وإنجازا على المراكز العليا.. فقط لأنهم مرتبطون بالجماعة”.
ورغم ترحيبه بالإصلاحات التي أطلقها أردوغان مؤخرا والتي طالت أكثر من 1500 رجل أمن منتمي لجماعة كولن تمت إقالتهم من مناصبهم، فإنه يتوجه بالنقد للحكومة ويقول بأنها تأخرت كثيرا في التصدي للجماعة، كما يتهم الحكومة باستخدام الجماعة طيلة السنوات الماضية وهو ما مكنها من التغلغل بهذا الشكل داخل الجهاز.
وأما أغوز غان فقد عبر عن حس من الارتياح بين زملائه في الشرطة على إثر حملة الإصلاح التي أطلقها أردوغان للحد من نفوذ جماعة كولن، مشيرا إلى أن جو العمل كان مشحونا وكان الخوف يسيطر على غير المنتمين للجماعة: “حتى لو لم يكن من الممكن التنصت على كل هاتف من هواتف الضباط، إلا أننا كنا خائفين من التنصت علينا في كل الوقت”.
ويجمع أغوز ويلماز وآخرون على أن الصراع بين حكومة أردوغان وجماعة كولن لن ينتهي قريبا، ورغم اعترافهم بأن إصلاحات أردوغان الأخيرة غيرت الكثير في موازين القوى إلا أنهم يصرون على أن المواجهة الأخيرة لم تحدث بعد.
المصدر: الغارديان