يبدو أن الجانبين الفلسطيني و”الإسرائيلي” حصلا رسميًا على الضوء الأخضر العربي والأمريكي لإحياء مشروع “التسوية” من جديد بعد موته لعدة سنوات، وبدآ يستعدان جيدًا لإطلاق جولة جديدة من المفاوضات المباشرة للتباحث في القضايا السياسية الشائكة، وسط تخوفات فلسطينية من تنازلات جديدة يقدمها الرئيس محمود عباس لصالح “إسرائيل”.
“نون بوست” كشف نقلًا عن مسؤول بارز في السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة، أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، حصل فعليًا على الضوء الأخضر من الدول العربية والإدارة الأمريكية، لإعلان انطلاق جولات تفاوضية جديدة مع الجانب “الإسرائيلي” تكون ضمن شروط وسقف زمني محدد.
وأوضح المسؤول الفلسطيني أن العاصمتين العربيتين “القاهرة وعمان”، ستشهدان خلال شهر يونيو/ حزيران المقبل تحركات ولقاءات بين وفود فلسطينية و”إسرائيلية” رفيعة المستوى لتحريك ملف المفاوضات المجمد منذ نهاية شهر مارس من العام 2014.
تنازلات خطيرة لإحياء التسوية
وكشفت المصادر أن العاصمة المصرية ستستضيف اللقاء الأول بين الوفد الفلسطيني برئاسة الدكتور صائب عريقات، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، ووفد رفيع المستوى من الجانب “الإسرائيلي” لم يشكل حتى هذه اللحظة، وسيتم تشكيله خلال الأيام القليلة المقبلة وسيكون من مقربين من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
وذكر المسؤول الفلسطيني لـ”نون بوست” أن اللقاء الأول للمفاوضات سيبحث بشكل أساسي الخطوط العريضة والثابتة المتفق عليها لإطلاق أي جولة مفاوضات رسمية بين الجانبين، والتي في النهاية قد تصل للقاء رسمي يجمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الحكومة “الإسرائيلية” بينيامين نتنياهو.
عباس تنازل عن الشروط التي كان يضعها مقابل إحياء مشروع “التسوية” مجددًا ومفاوضة “إسرائيل”، بتجاهل شرطي الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين القدامى، الذي رفض الاحتلال الإفراج عنهم قبل سنوات، والتنازل كذلك عن شرط الإيقاف الكامل للبناء الاستيطاني على الأراضي المحتلة
وأضاف: “اللقاءات التفاوضية جميعها ستتم بإشراف عربي (مصري – أردني)، ورعاية أمريكية خالصة، وتم الاتفاق خلال زيارة عباس والسيسي وملك الأردن إلى واشنطن ولقائهم بالرئيس الأمريكي، على تحديد سقف زمني للمفاوضات لا يتجاوز الـ6 أشهر فقط، على أن يتم تقييم الوضع بعد تلك المدة.
كشف كذلك أن عباس تنازل عن الشروط التي كان يضعها مقابل إحياء مشروع “التسوية” مجددًا ومفاوضة “إسرائيل”، بتجاهل شرطي الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين القدامى، الذي رفض الاحتلال الإفراج عنهم قبل سنوات، والتنازل كذلك عن شرط الإيقاف الكامل للبناء الاستيطاني على الأراضي المحتلة.
حسن النية على حساب الحقوق الفلسطينية
وأوضح المسؤول الفلسطيني، أن نجاح اللقاء الأول بين الجانبين سيكون إشارة إيجابية ومهمة لإطلاق جولة مفاوضات جديدة برعاية ترامب تحت سقف زمني محدد، تشرف عليه دول عربية منها مصر والأردن.
عباس حاول إظهار حسن النية تجاه جهود الرئيس الأمريكي الجديدة في المنقطة، مؤكدًا أن المفاوضات بالنسبة لرئيس السلطة هي الحل الوحيد الذي يملكه في الفترة الراهنة في ظل الضغوط العربية والدولية عليه، ووضع سلطته المتردي ماليًا منذ سنوات
وذكر أن الرئيس عباس حاول إظهار حسن النية تجاه جهود الرئيس الأمريكي الجديدة في المنقطة، مؤكدًا أن المفاوضات بالنسبة لرئيس السلطة هي الحل الوحيد الذي يملكه في الفترة الراهنة في ظل الضغوط العربية والدولية عليه، ووضع سلطته المتردي ماليًا منذ سنوات.
وفي ذات السياق، قال موقع “واللا” العبري” إن تحضيرات بدأت لاجتماع ثلاثي بين رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو، والرئيس عباس والرئيس الأمريكي ترامب خلال زيارته إلى المنطقة في وقت لاحق من هذا الشهر.
وأشار الموقع إلى أن الرئيس عباس بحث ورقة رابحة في لقائه الأخير مع دونالد ترامب في العاصمة الأمريكية واشنطن، متوقعًا أن يعلن ترامب استئناف المفاوضات بين الطرفين، وتحديد الوقت لها ما بين ستة أشهر إلى سنة، وأن تجري الاتصالات برعاية ترامب.
السيسي وعباس
غضب فلسطيني
حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، اعتبرت أن مشروع التسوية السياسية مع الاحتلال “الإسرائيلي” قد وصل إلى طريق مسدود، وإحياءه يأتي على حساب عذابات الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته.
وحذر النائب في المجلس التشريعي والقيادي في حركة حماس، محمد فرج الغول، من خطورة نتائج الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للمنطقة خلال الأيام المقبلة، ولقائه مع عباس ونتنياهو.
وأكد الغول، أن زيارة ترامب للمنطقة لا جدوى أو فائدة منها، بل تصب في مصلحة الاحتلال “الإسرائيلي” وتعطيه الضوء الأخضر للاستمرار في عدوانه وتصعيده بحق أبناء الشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية.
الغول: لهث عباس وراء وهم المفاوضات من جديدة مع الجانب “الإسرائيلي”، مؤشر خطير على تمسكه بهذا النهج الفاشل، في ظل استعداده لتقديم أي تنازل للحفاظ على سلطته التي ينتفع بها هو وأولاده“
وأضاف الغول: “زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة سيترتب عليها المزيد من التنازلات من طرف السلطة الفلسطينية والرئيس عباس، لضمان نجاح التحرك الجديد المتوقع لمشروع التسوية والمفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي، وهذه الزيارة غير مرحب بها“.
وذكر النائب الغول أن لهث عباس وراء وهم المفاوضات من جديدة مع الجانب “الإسرائيلي”، مؤشر خطير على تمسكه بهذا النهج الفاشل، في ظل استعداده لتقديم أي تنازل للحفاظ على سلطته التي ينتفع بها هو وأولاده“.
وشدد النائب الغول، على أن لغة الخطاب مع الاحتلال يجب أن تكون بالمقاومة أولًا ومن ثم فضح ممارسات الاحتلال عبر المحاكم الدولية وتقديم قادته للمحاكم على الجرائم التي ارتكبت بحق شعبنا ومقدساته وحقوقه.
جمال الطيراوي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، حذر كذلك الرئيس عباس من الوقوع بفخ “السلام الاقتصادي” الذي تسعى وراءه الحكومة “الإسرائيلية”، مؤكدًا أن ما نشره الإعلام العبري عن “تسهيلات اقتصادية” جديدة ستمنح للفلسطينيين عشية زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمنطقة، ما هو إلا فخ للانجرار وراء سلام مزيف.
وطالب الطيراوي بعدم التعويل و”التطبيل” كثيرًا على النتائج المتوقعة من زيارة ترامب للمنطقة، مؤكدًا أنه في النهاية المصلحة ستعود لـ”إسرائيل” ولن يكسب الفلسطينيون إلا الراهن الفاشل.
يشار إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيزور الأراضي الفلسطينية نهاية هذا الشهر وعلى رأس جدول أعماله استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين و”الإسرائيليين“.
وتوقّفت المفاوضات الفلسطينية “الإسرائيلية”، نهاية أبريل/ نيسان 2014، دون تحقيق أي نتائج تذكر، بعد 9 شهور من المباحثات برعاية أمريكية وأوروبية، بسبب رفض “إسرائيل” وقف الاستيطان، وقبول حدود 1967 كأساس للمفاوضات، ورفض الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى في سجونها.