يستقبل مطار العريش بشمال سيناء ومدينة رفح المصرية منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، عشرات الجسور الجوية والبحرية والبرية القادمة من مختلف بلدان العالم لمساعدة سكان القطاع في ظل الحصار المطبق الذي فرضته قوات الاحتلال والوضع الإنساني الكارثي الذي باتوا عليه جراء القصف البربري لكل مقومات الحياة هناك.
وهبطت أول طائرة مساعدات في مطار العريش يوم 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قادمة من الأردن، وعلى متنها 12 طنًا من الأدوية والمستلزمات الطبية، ثم توالت تباعًا جسور المساعدات الإقليمية والدولية، في انتظار السماح لها بعبور معبر رفح وإنقاذ أهل غزة الذين يتعرضون لحرب إبادة مكتملة الأركان.
وبلغ عدد الطائرات التي هبطت في مطار العريش منذ 12 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 قرابة 123 طائرة، بجانب عدد من السفن البحرية، المحملة بالمساعدات، قادمة من أكثر من 31 دولة و20 مؤسسة دولية، فيما لم يسمح بدخول القطاع إلا نسبة قليلة جدًا من تلك المساعدات، ليبقى السؤال: أين تخزن تلك الكميات الكبيرة من الأطنان؟ وما مصيرها في ظل تعنت الكيان المحتل في إدخالها؟
الخارجية المصرية تدعو دول العالم والمنظمات الدولية الراغبة في تقديم المساعدات لغزة إلى إيصالها لمطار العريش المصري، وأن معبر رفح الحدودي بين #مصر وقطاع #غزة مفتوح ولم يتم إغلاقه في أي مرحلة من مراحل الأزمة الراهنة رغم تعرض الجانب الفلسطيني منه للتدمير نتيجة القصف الإسرائيلي الذي… pic.twitter.com/3IK8kHh7uI
— وكالة الأنباء العمانية (@OmanNewsAgency) October 12, 2023
ما حجم تلك المساعدات؟
تصدرت الكويت جسور طائرات المساعدات المقدمة لغزة بـ17 طائرة، تليها تركيا بـ10 طائرات، ثم قطر بـ8 طائرات والإمارات 7 طائرات، و6 من روسيا و4 من الجزائر، و3 من الأردن و3 من العراق و3 من إندونيسيا، 3 من فرنسا، وطائرتان من كل من: المغرب والسعودية وباكستان والبحرين وإنجلترا والبرازيل، كما وصلت طائرة واحدة فقط من كل من: تونس، فنزويلا، الهند، كينيا، كولومبيا، ماليزيا، اليونان، ليبيا، تركمنستان.
أما المنظمات الإغاثية الدولية والكيانات الإقليمية فتصدرتها منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسيف بـ8 طائرات لكل جهة، ثم طائرتين مشتركتين بينهما، تليها 4 طائرات من منظمة الصحة العالمية، وطائرتان من الاتحاد الأوروبي، وطائرة واحدة من الصليب الأحمر، وأخرى من منظمة أطباء بلا حدود.
أما فيما يتعلق بحجم المساعدات فجاءت – وفق آخر تحديث لجمعية الهلال الأحمر المصرية حتى 14 من الشهر الحاليّ – كالتالي:
– مصر.. بلغ حجم المساعدات 8991 طنًا.
– ليبيا.. بلغ حجم المساعدات 953.9 طن.
– الكويت.. بلغ حجم المساعدات 498 طنًا.
– قطر.. بلغ حجم المساعدات 348.8 طن.
– تركيا.. بلغ حجم المساعدات 204.6 طن (الأرقام الرسمية التركية تتحدث عن 900 طن وصلوا عبر سفينتين و10 طائرات)
– باكستان.. بلغ حجم المساعدات 156.6 طن.
– السعودية.. بلغ حجم المساعدات 136.6 طن.
– روسيا.. بلغ حجم المساعدات 115 طنًا.
– الجزائر.. بلغ حجم المساعدات 104 طنًا.
– البحرين.. بلغ حجم المساعدات 79 طنًا.
– بريطانيا.. بلغ حجم المساعدات 56.3 طن.
– فرنسا.. بلغ حجم المساعدات 54 طنًا.
– إندونيسا.. بلغ حجم المساعدات 50.7 طن.
– الهند.. بلغ حجم المساعدات 38 طنًا.
– ماليزيا.. بلغ حجم المساعدات 34 طنًا.
– العراق.. بلغ حجم المساعدات 31 طنًا.
– تونس.. بلغ حجم المساعدات 25.5 طنًا.
– المغرب.. بلغ حجم المساعدات 25 طنًا.
– الأردن.. بلغ حجم المساعدات 20.8 طن.
– فنزويلا.. بلغ حجم المساعدات 17.18 طن.
– إيطاليا.. بلغ حجم المساعدات 17 طنًا.
– تركمانستان.. بلغ حجم المساعدات 14.3 طن.
– الإمارات.. بلغ حجم المساعدات 13.5 طن.
– كولومبيا.. بلغ حجم المساعدات 10 أطنان.
– سنغافورة.. بلغ حجم المساعدات 9.4 طن.
– اليابان.. بلغ حجم المساعدات 8.6 طن.
– بولندا.. بلغ حجم المساعدات 5.7 طن.
– اليونان.. بلغ حجم المساعدات 5 أطنان.
– بنجلاديش.. بلغ حجم المساعدات 4.9 طن.
– البرازيل.. بلغ حجم المساعدات 3 أطنان.
– الأرجنتين.. بلغ حجم المساعدات طنًا.
ما طبيعة تلك المساعدات؟
تنوعت المساعدات المقدمة من تلك الدول والمنظمات فيما يتعلق بطبيعتها ومحتواها، وإن كانت في معظمها مواد تتحمل التخزين وتمتلك فترات صلاحية طويلة، ومن أبرزها:
– مساعدات طبية وأدوات نظافة كما أرسلت الإمارات.
– مساعدات إنسانية وغذائية ومستلزمات طبية كما أرسلت قطر.
– معدات طبية ومضادات حيوية وأدوية إنعاش وتخدير ومستلزمات طبية وحليب للأطفال كما أرسلت الكويت وتونس.
– 8 مستشفيات ميدانية متكاملة مجهزة بغرف العمليات ووحدات العناية المركزة، بجانب 20 سيارة إسعاف مجهزة و15 مولد طاقة وكميات من الأدوية والمستلزمات الطبية الخاصة بتشغيل المستشفيات الميدانية، أرستها تركيا في سفينة.
– مستشفى ميداني بالعريش سعة 50 سريرًا، مجهزًا بالأجهزة الحيوية، ومقسمًا لحجرات للرجال وأخرى للنساء وثالثة للأطفال، بجانب خدمات الإعاشة والإفاقة والعلاجات التكميلية، تحت إشراف فريق طبي من الاستشاريين والتمريض، كما فعلت مصر.
أين تخزن تلك المساعدات؟
ما يزيد على 12 ألف طن حجم المساعدات المتكدسة في العريش ورفح وفق إحصاء جمعية الهلال الأحمر المصري، المخولة بإدارة ومتابعة تلك المساعدات وتوصيلها إلى قطاع غزة بالتعاون مع الهلال الأحمر الفلسطيني، حسبما ذكرت على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك.
وتتنوع تلك المساعدات بين مواد خشنة صلبة وأخرى تحتاج إلى ظروف تخزينية ملائمة، وإلا ستفسد وتصبح بلا قيمة، وهي المسألة التي أثيرت قبل أيام حين وجهت انتقادات بشأن المستلزمات التي دخلت لقطاع غزة، وأنها كانت منتهية الصلاحية، وهو ما نفاه الجانب المصري الذي أكد أن كل ما يدخل غزة يخضع للرقابة والمتابعة المشددة، وهنا التساؤل: أين تخزن تلك الكميات من المساعدات لا سيما حليب الأطفال والمستلزمات الغذائية والدوائية التي تحتاج إلى مخازن مؤهلة؟
وفق بيان صادر عن محافظة شمال سيناء التي يوجد بها مطار العريش الذي يستقبل جسور طائرات المساعدات القادمة من مختلف البلدان، فإن هناك 7 مخازن عملاقة تستوعب كل تلك الكميات، منها مخازن مجهزة ومبردة لاستقبال الأدوية والأدوات التي تحتاج درجات حرارة معينة.
وبحسب مصادر داخل الهلال الأحمر المصري فإن كل المساعدات التي وصلت العريش موجودة داخل تلك المخازن، ثم يتم نقلها – حسب الكميات المطلوبة – تباعًا إلى رفح، تمهيدًا لدخولها القطاع، وذلك بعدما ينتهي الجانب المصري من إنهاء إجراءات الدخول والتنسيق مع الأطراف المعنية.
أما فيما يتعلق بالمستشفيات الميدانية، فهناك تنسيق مصري تركي في هذا الشأن، كون تركيا البلد الوحيد الذي أرسل 8 مستشفيات ميدانية، حيث يتلقى العشرات من الجرحى الفلسطينيين ( الأعداد تتراوح بين 65 – 136)، في تلك المستشفيات بالتعاون مع مستشفى العريش العام، ومن يحتاج للانتقال إلى مشافٍ متخصصة يتم نقله لها، كما هو الحال مع بعض الحالات التي تم نقلها إلى مستشفى الرمد ببورسعيد ومعهد ناصر بالقاهرة، حيث تجرى لها العمليات هناك، ثم يعودوا بعد ذلك لإكمال العلاج في مستشفيات العريش الميدانية.
صور حصرية حصلت عليها مؤسسة سيناء للمساعدات الطبية التي أرسلتها المملكة الأردنية لإغاثة المدنيين في قطاع غزة، والتي وصلت ظهر اليوم عبر مطار العريش الجوي.
تظهر الصور تخزين المساعدات الطبية داخل مخازن الهلال الأحمر المصري في مدينة العريش بسبب تعذر ارسالها لقطاع غزة نتيجة إستمرار… pic.twitter.com/KXi1kISRbc
— Sinai for Human Rights (@Sinaifhr) October 12, 2023
في ظل التعنت الإسرائيلي.. ما مصير تلك المساعدات؟
لم تعد الأزمة إذًا في وجود المساعدات أم لا، لكنها في التعنت الإسرائيلي لإدخالها إلى قطاع غزة، وفي ظل العرقلة والتعسف البربري الذي يمارسه الاحتلال للضغط على سكان القطاع وإجبارهم على النزوح، في مقابل عجز الجانب المصري عن استخدام حقه السيادي في إدخال تلك المساعدات من المعبر الخاضع لسيطرته بنسبة 50% على الأقل، بات التساؤل الأهم: ماذا لو ظل الرفض الإسرائيلي لإدخال أي مساعدات قائمًا، سواء انتهت الحرب أم طال أمدها؟ ما مصير تلك الكميات المخزنة لا سيما التي تنتهي مدة صلاحيتها قريبًا؟ هل ستحصل مصر عليها أم تعيدها مرة أخرى إلى بلدانها؟
وفق المؤشرات المتاحة فإن عملية إدخال المساعدات تتم بشكل بطيئ للغاية، وبعد السماح من الكيان المحتل، وبكميات محدودة لا تتناسب مطلقًا مع احتياجات القطاع، فمنذ الحرب وحتى الأمس دخل القطاع 760 شاحنة مساعدات، تحمل 3 آلاف طن من الغذاء و1720 طنًا من المعدات الطبية و600 طن من المعدات للملاجئ المؤقتة وأكثر من مليون لتر من المياه، وفق بيانات جيش الاحتلال.
وبحسبة بسيطة لتلك الكميات التي دخلت قياسًا بعدد سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون إنسان، فإن نصيب الفرد لا يتجاوز 70 غرامًا من الطعام و17 مليلترًا من المياه، يوميًا، علمًا بأن الحد الأدنى المطلوب دخوله للقطاع منذ الحرب قرابة 16 ألف شاحنة، أي أن نسبة الشاحنات التي دخلت لا تلبي إلا 4% فقط من احتياجات سكان القطاع، ما يعني أن أكثر من مليوني شخص باتوا على مشارف مجاعة حقيقية وكارثة إنسانية إن لم يتحرك الجميع قبل فوات الأوان.