يواصل رئيس الحكومة الجزائرية عبد المالك سلال، مشاوراته الحكومية غير الرسمية، التي انطلقت مباشرة بعد إعلان نتائج الانتخابات التشريعية التي شهدتها بلاده في الرابع من مايو الحالي، ويهدف من خلال هذه المشاورات إلى ضمّ أكبر عدد من الأحزاب إلى تركيبة حكومته خاصة أحزاب المعارضة.
تجاوز ضعف البرلمان
رغم رفض حركة مجتمع السلم (أكبر الأحزاب الإسلامية المشاركة في تشكيلة الحكومة القادمة)، يواصل عبد المالك سلال محاولة إقناع باقي أحزاب المعارضة بالانضمام إلى تشكيل حكومته المرتقبة، ويحاول سلال من وراء هذه المشاورات جر جزء من المعارضة إلى المشاركة في الحكومة.
السلطة بحاجة إلى تجميل الواجهة، حتى لو كان إشراك أحزاب المعارضة من أجل الزينة فقط
ويرجع خبراء، مساعي السلطة الجزائرية إلى إشراك أكبر عدد من الأحزاب في الحكومة القادمة، إلى سعيها لتجاوز ضعف التمثيل الشعبي وضعف نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وهو ما نتج عنه ضعف البرلمان الجديد.
كما أن السلطة بحاجة إلى تجميل الواجهة، حتى لو كان إشراك أحزاب المعارضة من أجل الزينة فقط، لأن مستوى مشاركتها لن يكون كبيرًا، بالنظر إلى عدد المقاعد التي حصلت عليها في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ولن تحصل كذلك على وزارات مهمة.
ضعف نسبة التصويت أثر على قوة البرلمان
وقبل يومين، أعلن المجلس الدستوري الجزائري النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية التي جرت في الرابع من أيار/مايو، وذلك بعد الانتهاء من دراسة الطعون التي رفعت إليه، دون أن تسفر هذه النتائج النهائية عن تغيير كبير في توزيع المقاعد الخاصة بالبرلمان بين مختلف التشكيلات الحزبية والقوائم المستقلة، عدا فقدان جبهة التحرير الوطني (حزب السلطة الأول) لثلاثة مقاعد، الأمر الذي يزيد من إضعاف موقف القيادة الحالية للحزب التي خسرت الأغلبية في الانتخابات الماضية.
حكومة أزمة
يدافع كل من عبد المالك سلال وجمال ولد عباس الأمين العام لجبهة التحرير، عن خيار توسيع القاعدة السياسية للحكومة، مما يعطيها مصداقية أكثر ويعزز طابعها التوافقي لضمان تضافر الجهود والمواقف تجاه ما سميّاها بـ”التحديات الاقتصادية والاجتماعية”، ويطلق مراقبون وصف “حكومة الأزمة” على الحكومة الجديدة، بالنظر إلى التحديات الاقتصادية المحدقة بالبلاد، خاصة في ظل المؤشرات الخطيرة التي أفرزتها تداعيات تهاوي أسعار النفط.
يهدف حرص النظام الحاكم في الجزائر على توسيع الحكومة إلى سحب البساط من أي مشروع بديل للأحزاب التقليدية
وفشلت حكومة سلال السابقة في إيجاد حلول اقتصادية للخروج من التبعية للمداخيل النفطية، كما فشلت أيضًا في اكتساب تعاطف الجبهة الاجتماعية مع حزمة الإجراءات التقشفية المطبّقة منذ العام 2015، ويتهم كثيرون حكومة سلال بالفشل الذريع في تحقيق الانتقال الاقتصادي وإقناع الشارع الجزائري بخياراتها التقشفية، وهي الرسالة التي تجلت في مقاطعة 65% من الجزائريين للانتخابات، وتعبير ربع المقترعين باختيارهم للبطاقة البيضاء.
تراجع الاقتصاد الجزائري نتيجة تراجع أسعار النفط
ويهدف حرص النظام الحاكم في الجزائر على توسيع الحكومة إلى سحب البساط من أي مشروع بديل للأحزاب التقليدية وتحميل الجميع مسؤولية تسيير مرحلة صعبة التي يتوقع امتدادها لسنوات، وأبرز ما يميزها تفاقم المتاعب الاقتصادية والاجتماعية، وسعيًا من بوتفليقة لإكمال ما تبقى من ولايته الرئاسية بأمان.
ورغم رغبتها في توسيع المشاركة في الحكومة الجديدة، يواجه النظام الجزائري عديد من الصعوبات خاصة رفض أكبر أحزاب المعارضة المشاركة في هذه الانتخابات، وتراجع حضوره وتأثيره في الشارع الجزائري.