عاد إسماعيل ولد الشيخ لتحركاته الدولية من أجل ما يقول إنها محاولة لإقناع الأطراف السياسية اليمنية للعودة إلى طاولة الحوار، وإنه يعمل على إيقاف القتال وبدء هدنة قبل شهر رمضان المبارك.
وفي يوم 14 من مايو 2017 قال المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إن الأمم المتحدة تبحث مقترحًا لإبرام هدنة قبل شهر رمضان تكون ممهدة لاستئناف محادثات السلام بين الأطراف اليمنية.
وأوضح في كلمة له خلال جلسة: “الأزمات السياسية وانعكاساتها على استقرار الشرق الأوسط” التي عقدت على هامش منتدى الدوحة الـ17 في قطر: “نعمل حاليًا للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في اليمن قبل حلول شهر رمضان تمهيدًا للدخول في جولة جديدة من المحادثات بين الأطراف، ووقف العمليات العسكرية باتجاه ميناء الحديدة على الساحل الغربي لليمن”.
وصل ولد الشيخ إلى صنعاء في إطار مساعيه لإبرام هدنة إنسانية بين الحوثيين وقوات صالح من جهة وحكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من جهة أخرى واستئناف مشاورات السلام
ودعا مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، إلى تقديم تنازلات لتجاوز هذه المرحلة، محذرًا من أن استمرار الصراع سيؤدي لمزيد من التدهور وتفاقم الأزمة الإنسانية فضلاً عن مخاطرة على الاستقرار الإقليمي، مشيرًا إلى أن انقسام المجتمع الدولي إزاء اليمن سيفاقم المعاناة وسيحول دون توصل الأطراف إلى حل”.
ويوم الإثنين 22 من مايو وصل ولد الشيخ إلى صنعاء في إطار مساعيه لإبرام هدنة إنسانية بين الحوثيين وقوات صالح من جهة وحكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من جهة أخرى واستئناف مشاورات السلام.
ما جديد ولد الشيخ؟
يستغل المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ المناسبات الدينية لإطلاق دعوات هدنة إنسانية إعلامية لا علاقة لها بالأرض، ولا يشعر بها اليمنيون الذين يعانون من ويلات الحروب مرضًا وكمدًا وجوعًا.
وفي جعبة ولد الشيخ هذه المرة هدنة وميناء الحديدة ورواتب الموظفين الذين أصبحوا ضحية بين حكومتي صنعاء وعدن، ومحرومين من الراتب منذ 8 أشهر، دون أن تفي الأمم المتحدة أو الحكومة اليمنية أو حكومة الحوثيين وصالح بحقهم.
الهدنة لم تعد في بال اليمنيين ولا يبنون أمالاً على ما تُعلنه الأمم المتحدة أو مبعوثها أو من قبل التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية التي تتغنى دائمًا بأنها تخدم اليمنيين!
الحديث عن الهدنة، أمرٌ بات مألوف لدى اليمنيين، وتجارب ست هدن قبلها تجعل الكثير لا يتفاءل بأي حديث عن أي هدنة والتي يتوقع أن تبدأ في 24 من مايو أو أول أيام شهر رمضان المبارك، لكن ذلك بات عند غالبية اليمنيين أنها “أي الهدنة” “كذبة تتكرر من أجل الاستخفاف بمشاعر الناس وأوجاعهم.
والهدنة لم تعد في بال اليمنيين ولا يبنون أمالاً على ما تُعلنه الأمم المتحدة أو مبعوثها أو من قبل التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية التي تتغنى دائمًا بأنها تخدم اليمنيين!
والحقيقة أن اليمن لا يحتاج إلى هدنة مؤقتة يتم خرقها بعد ساعات وتسجل فيها عشرات الخروقات وتشتد خلالها المعارك، ثم في نهايتها يخرج المبعوث الأممي معلنًا أن الهدنة نجحت وأن السلام وشيك والنهاية قريبة، فنراها بعيدة.
اليمن يحتاج إلى أكثر من الوعود والمقترحات، يحتاج إلى إنقاذ للناس والاقتصاد والجغرافيا، وعاجلاً إلى رواتب لموظفيه ومساعدات غذائية غير فاسدة، وإلى دعم دولي لمواجهة وباء الكوليرا الذي ينتشر بشكل مخيف ويهدد آلاف السكان.
أما ميناء الحديدة، تتحدث مصادر حوثية لـ”نون بوست” أن ولد الشيخ تحدث مع الحوثيين قبل وصوله صنعاء، عن أن هناك مقترح فيما يخص الميناء، وهو جزء من صيغة سياسية تنهي الحرب في اليمن، تتضمن تسليم مدينة الحديدة لإدارة محايدة وإعادة فتح مطار صنعاء قبل شهر رمضان.
لكن مصادر أخرى تحدث عن أن المملكة العربية السعودية، أصبحت في موقف حرج أمام المجتمع الدولي نتيجة للإعلانات المتتالية والتمهيدية من قبل محافظات حضرموت ومأرب وعدن في طريق تأسيس دويلات مستقلة عن اليمن، وهي من عرضت خطة جديدة للتسوية في اليمن، وأجلت من الهجوم العسكري على ميناء الحديدة، على أن يكون ذلك ضمن مقترح يقدمه المبعوث الأممي إلى الحوثيين.
وتقول تلك الخطة إن على الحوثيين الانسحاب من الحديدة مقابل تجنيبها عمل عسكري، يقابل ذلك نشر قوات محايدة على أن تشرف الأمم المتحدة على إدارة الميناء.
إضافة إلى السماح بدخول الإغاثة والمساعدات إلى المناطق كافة دون عائق ومنها تعز، وعودة اللجنة العسكرية للتهدئة والاجتماع والإشراف على وقف إطلاق النار.
وأهم نقطة في تلك المبادرة هي حيادية البنك المركزي والاتفاق على إدارة محايدة وبإشراف دولي وصرف الرواتب لكل الموظفين ودون أي عوائق.
حقيقة أن السعودية أرادت أن تطمئن الحوثيين، وتبدي لهم حسن النية المؤقتة وهو رفع الحظر عن مطار صنعاء أمام الرحلات التجارية مع ضمان عدم استخدام الرحلات لتهريب الأسلحة وبدء صرف الرواتب، ويبدأ عقبها استئناف محادثات السلام وتحديدًا مع بداية شهر يوليو 2017، وهي بادرة جيدة إن التزمت بها.
موقف الحوثيين
تزامن وصول ولد الشيخ إلى صنعاء مع هجوم إعلامي شنته جماعة الحوثي عليه تتهمه بالانحياز لدول التحالف، وهو ما نفاه المبعوث الأممي في حديث للصحفيين بمطار صنعاء، قائلاً: “رسالتنا للشعب اليمني أننا سنبقى حياديين ونسعى وراء السلام، موقف الأمم المتحدة محايد ولسنا مع أي طرف مهما قيل وما سيقال”.
تبدو بعض بنود الخطة الجديدة مقبولة نوعًا ما لدى الحوثيين عدا النقطة التي تطالبهم بتسليم ميناء ومدينة الحديدة لقوات محايدة، والتي قد تكون من قوات التحالف العربي
وقال الناطق باسم الحوثيين ورئيس وفدهم التفاوضي، محمد عبد السلام، إن استمرار اللقاء مع الأمم المتحدة بات جزءًا من العبث، واتهم عبد السلام، في بيان على صفحته الرسمية بموقع “فيسبوك”، الأمم المتحدة بالعجز عن فعل أي شي حتى تفي بتعهداتها الإنسانية والأخلاقية، أو تعلن موقفًا صريحًا تحمّل فيه المعتدي المسؤولية الكاملة تجاه ما فعله وما زال بحق أبناء الشعب اليمني.
قد تبدو بعض بنود الخطة الجديدة مقبولة نوعًا ما لدى الحوثيين عدا النقطة التي تطالبهم بتسليم ميناء ومدينة الحديدة لقوات محايدة، والتي قد تكون من قوات التحالف العربي أو السعودية ذاتها التي تعتبر نفسها دولة محايدة في اليمن، وهذه النقطة قد تكون سببًا في إطالة التفاوض أو تأجيل الهدنة الإنسانية المزمع إعلانها في 24 من مايو أو 27 من الشهر ذاته، وربما لا يتم إعلانها بتاتًا نتيجة هذه النقطة.
موقف الحكومة
ليس للحكومة اليمنية أو الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أي رأي أو موقف من المحادثات أو الحرب، لأن كل الأمور متعلقة بالسعودية التي تقود تحالفًا ضد الحوثيين منذ 26 من مارس 2015 لإجبارهم على الاستسلام.
وبإيعاز منها ترفض الحكومة والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أي خطة للسلام يتقدم بها ولد الشيخ أحمد، لا تتناسب مع بنود وأهداف عاصفة الحزم، وبحجة أنها تتجاوز المرجعيات الثلاثة التي تعتبرها الحكومة اليمنية أساسًا لأي تفاوض مع الحوثيين، وهي القرار الدولي رقم 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني اليمني.
لكن هذه المبادرة ربما تواجه في بدايتها سلاسة لأنها مبادرة سعودية، وتعتبر خديعة للحوثيين، تنتهي حالما يتم الانتهاء من الاستحواذ على ميناء الحديدة.
موقف المؤتمر
اعترف هشام شرف وزير خارجية حكومة صنعاء التي لا تحظى بأي اعتراف دولي، أن هناك مفاوضات فعلية قادمة باتّجاه حل الأزمة اليمنية وإنهاء الحرب، ستشمل ترتيبات أمنية واقتصادية وسياسية ومنها انسحاب كل المليشيات المسلحة التي تعمل خارج إطار الدولة وفي مقدمتها المليشيات المتطرّفة التابعة للجماعات الإرهابية.
الرئيس اليمني السابق وضع شروطًا مسبقة لأي محادثة قادمة
وتحدثت مصادر من مكتب صالح لنون بوست، غير مخولة بالحديث لوسائل الإعلام، أن الرئيس السابق وضع شروطًا مسبقة لأي محادثة قادمة، وهي وقف إطلاق النار من جميع الأطراف بما فيها الطيران الحربي، ورفع الحصار البرّي والبحري والجوي وفي المقدمة عن مطار صنعاء الدولي، وأن تكون السعودية طرفًا رئيسيًا في المفاوضات بصفتها المعتدي والممول للعدوان والحرب، وألا مستقبل سياسي لأي شخصية تلطّخت يده بدماء اليمنيين، في إشارة إلى وزراء حكومة الرئيس.
دور الإمارات
ظهرت الإمارات العربية المتحدة في الفترة الأخيرة بموقف مشبوه تجاه اليمن ووحدة أراضيه، وبدأت تمول جماعات جهادية وأخرى متطرفة تبحث عن تمزيق اليمن إلى دويلات، وبسببها دخلت في صراع سياسي خفي مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والمملكة العربية السعودية.
في ظل هذه التحركات الدولية الجديدة لإنهاء معاناة اليمنيين، فإن الإمارات وحدها تغرد خارج السرب من خلال دعم جماعات سلفية جهادية وأخرى انفصالية في تعز وعدن ومأرب وحضرموت
إضافة إلى ذلك تعمل الإمارات العربية المتحدة على إفشال أي خطة سلام أو مفاوضات جديدة ذات المرجعيات الثلاثة التي يطالب بها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والمملكة العربية السعودية، وتدعم الخطة الأممية السابقة أو ما باتت تعرف إعلاميًا بمبادرة “جون كيري” التي تدعو إلى تفويض صلاحية الرئيس إلى نائب توافقي، كمقدمة لانتخابات رئاسية.
وفي ظل هذه التحركات الدولية الجديدة لإنهاء معاناة اليمنيين، فإن الإمارات وحدها تغرد خارج السرب من خلال دعم جماعات سلفية جهادية وأخرى انفصالية في تعز وعدن ومأرب وحضرموت، بهدف إطالة أمد الصراع في البلد المنكوب.
الخلاصة
لا يمكن أن تفضي أي محادثات قادمة إلى نتيجة مأمولة طالما أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي متمسك بالمرجعيات الثلاثة ورافض لأي تنازل ومتمسك بكرسي الرئاسة رغم انتهاء فترته وفقًا للمبادرة الخليجية، مرورًا بمواقف الإمارات العربية المتحدة المشبوهة في اليمن، وصولاً إلى جماعة الحوثي وصالح الرافضين لأي حوار مع هادي والمطالبين بحوار مباشر مع المملكة العربية السعودية باعتبارها “الممول والمعتدي عليهم”.
الحل الأمثل أن اليمن يحتاج إلى قيادة جديدة بعد أن يتم ترحيل أطراف الحرب، ليتسنى لليمنيين بناء دولة حقيقية بغض النظر عن شكلها السياسي
ولا يمكن أن ينتهي الصراع في اليمن عسكريًا نتيجة للطبيعة الجبلية والتضاريسية الصعبة، إضافة إلى موقف القبائل، وأخطاء التحالف الدائمة التي يتصيدها صالح لتظهر أمام الشعب أن حديث الأخير صائب، وأن أهداف العاصفة ما هو إلا لتفتيت اليمن وتمزيقها إلى دويلات كما يتحدث في كل خطاب.
والحل الأمثل أن اليمن يحتاج إلى قيادة جديدة بعد أن يتم ترحيل أطراف الحرب، ليتسنى لليمنيين بناء دولة حقيقية بغض النظر عن شكلها السياسي، ويحتاج اليمن إلى الأمل وأن يعرف الاستقرار والتنمية ويصبح بلدًا حرًا وفاعلاً في محيطه الإقليمي لا ساحة لصراع الآخرين.