ترجمة وتحرير: نون بوست
تطرق علي جينار، رئيس مجمع التراث التركي في الولايات المتحدة، في حوار مع صحيفة صباح إلى القضايا المتداولة في المنابر الإعلامية في الفترة الأخيرة. وفي هذا الإطار، قال جينار إن “تركيا تقف بثبات في وجهه جميع حملات الاستفزاز والفتنة التي تقودها المنظمات الإرهابية بمساعدة دول خارجية منذ ” أحداث جيزي“ وحتى هذه اللحظة”.
وتطرق جينار في حديثه إلى اللقاء الأخير الذي جمع الرئيس الأمريكي بنظيره التركي والمواقف التي عبر عنها الجانبان خلال هذه المناسبة. كما أكد جينار أن مسألة الوحدات الكردية وتنظيم غولن تعتبر من الأسباب الرئيسية التي تقف عائقا أمام التقارب الأمريكي التركي.
ما هو الانطباع الذي تركته زيارة الرئيس أردوغان إلى الولايات المتحدة ؟
كما نعلم، اتخذت العلاقات التركية الأمريكية منعرجا خطيرا للغاية في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما. وبعد انتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة، ذهب الرئيس أردوغان إلى الولايات المتحدة وكله أمل في فتح صفحة جديدة في العلاقات بين الجانبين، علما وأن لقاء الوفدين التركي والأمريكي كان له أثر إيجابي في تخفيف التوتر بين المتراكم بينهما. بكل تأكيد كانت مسألة الوحدات الكردية في سوريا، وإشكال إعادة فتح الله غولن إلى تركيا، مدار اهتمام القائدين. لذلك، أنا على قناعة تامة بأن الرئيس أردوغان عبر بشكل واضح وصريح عن موقف تركيا من المسألتين الشائكتين، وهو ما يعد في حد ذاته طرحا غاية في الأهمية في هذه المرحلة.
رغم وجود العديد من المتشائمين من هذا الموضوع، كيف ترون مستقبل العلاقات التركية الأمريكية؟
أنا شخصيا من بين الشق المتفائل حيال هذا الموضوع، فتركيا دولة قوية وبالتالي، لا يوجد خيار أمام واشنطن سوى الحفاظ على حليفتها أنقرة خصوصاً في هذه المرحلة الحرجة. وأريد لفت الإنتباه لهذه النقطة؛ ففي حين تحتفي وسائل الإعلام بمواقف تركيا الصريحة، يتم الحديث أيضا عن احتمالية إقالة ترامب من منصبه في الولايات المتحدة. ومع ذلك، مازال ترامب يستمر في كفاحه السياسي داخل الولايات المتحدة، وهو ما يعرقل سير السياسة الخارجية.
ويعزى سبب الاضطراب في الإدارة الأمريكية إلى أن هناك العديد من المسؤولين الذين عملوا مع أوباما، مازالوا على رأس إدارة ترامب. وهذا يوضح سبب عدم تمكن ترامب من إضفاء نظرته الخاصة على سياسته الحالية لعدم وجود المسؤولين الموالين له أو الذين يتشاطرون معه نفس الرؤية. وفي ظل الخلاف القائم في صلب الإدارة الأمريكية، سيكون مصير العلاقات الأمريكية التركية غير واضح. وطيلة سنوات التوتر، أصبحت الولايات المتحدة على دراية كافية بالموقف التركي إزاء جميع القضايا، وأصبحت تدرك أن أنقرة لن تظل مكتوفة الأيدي أمام السياسة المنتهجة من قبل واشنطن في الشرق الأوسط.
هل يمكن تجاوز التوتر التركي الأمريكي الحاصل بسبب السياسة التي تنتهجها الولايات المتحدة فيما يتعلق بمسألة الوحدات الكردية في سوريا؟
عبرت تركيا عن موقفها بشكل صريح في اللقاء الذي جمع بين أردوغان وترامب، واتضح أن المشكلة الرئيسية تكمن في البنتاغون. فالسياسة الأمريكية في عهد الرئيس السابق أوباما والسياسة الحالية المُتّبَعة من قبل ترامب ليست صادرة من البيت الأبيض، فالجيش الأمريكي يستخدم الوحدات الكردية في سوريا كأداة للوصول إلى الهدف الذي يُريد.
علاوة على ذلك، دعونا لا ننسى أن هناك مسؤولين أمريكيين عملوا مع أوباما وما زالوا على رأس عملهم مع ترامب، يُكنّون المودة للوحدات الكردية ومواقفها، وهذا يُعد بدوره أحد أهم الأسباب التي تحول دون تطوير العلاقات الأمريكية التركية. لذلك، يجب علينا فهم كنه هذه الإشكالات في صلب الإدارة الأمريكية بشكل جيد لأن حلها سيتيح لتركيا العمل المشترك مع البنتاغون الأمريكي.
في المقابل، ستسعى تركيا خلف مصداقية الوعود السياسية التي قدمها ترامب لها، خصوصا فيما يخص مسألة ضمان عدم انتقال الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة للوحدات الكردية إلى أيدي حزب العمال الكردستاني، فضلا عن تسليم الرقة إلى القوات العربية بعد تطهيرها من تنظيم الدولة. وفي حال وفت واشنطن بوعودها، أظن أن المياه ستعود إلى مجاريها وستشهد العلاقات بين البلدين تحسنا.
ولكن، تجدر الإشارة إلى أن هناك العديد من الأسئلة التي لا نجد لها إجابة حيال قضية إنهاء تنظيم الدولة. ومن بين هذه الرهانات؛ لماذا لم تهزم قوات تحالف الناتو تنظيم الدولة إلى حد اليوم؟ لماذا يتم استخدام تنظيم إرهابي لهزيمة تنظيم إرهابي آخر؟ إذن، هذه هي السياسة الغامضة التي يجب علينا معرفة تفاصيلها.
كيف كانت أصداء زيارة الرئيس أردوغان للولايات المتحدة داخل تنظيم غولن؟
قبل قيام الرئيس أردوغان بزيارة الولايات المتحدة، اجتمع عدد من أعضاء الكونغرس الأمريكي المقربون من تنظيم غولن وبدأوا بشن حملة تشويه تستهدف كلا من الرئيس أردوغان وتركيا.وقد وصل بهم الأمر إلى إرسال رسائل سياسية لوزير الخارجية الأمريكي والرئيس ترامب. بجانب ذلك، قام عناصر تنظيم غولن بتنظيم حملة إعلامية مستأجرة من خلال العديد من الصحف ووسائل الإعلام الأمريكية. وقد نشروا في بعضها تقارير تفنّد علاقة تنظيم غولن بمحاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا خلال شهر تموز/ يوليو الماضي.
ما هو التغيير الذي سيُحدثه ترامب في الولايات المتحدة فيما يتعلق بمسألة تنظيم غولن؟
عمل تنظيم غولن على مدى العشرين عاما الماضية على اختراق العديد من المؤسسات الأمريكية والاقتراب منها من خلال توظيف عناصره فيها. وكل هذه السياسات تهدف إلى تشويه صورة أردوغان والنظام التركي أمام الرأي العام الأمريكي. ومن هذا المنطلق، فإن التغييرات التي سيقوم بها ترامب فيما يتعلق بهذه القضية لا تزال مجهولة بسبب انشغاله في حل الوضع الداخلي. وبالتالي، سيثير هذا الغموض مخاوف كثيرة لدى تنظيم غولن، ما دفعهم إلى تصعيد أعمالهم الانتقامية تجاه تركيا والنظام التركي. ولم تشمل عملياتهم الانتقامية تركيا فقط، وإنما طالت المؤسسات الدولية التي تقف بجانب تركيا فيما يتعلق بهذه القضية.
ما هو تأثير زيارة الرئيس أردوغان على قضية تنظيم غولن؟
حسب اتفاقية إعادة المذنبين الموقعة بين الولايات المتحدة وتركيا سنة 1979، يجب على الولايات المتحدة على الأقل، بموجب هذا القانون، اعتقال زعيم وعناصر تنظيم غولن المقيمين في الولايات المتحدة. وهذا ما أفاد به الوفد التركي في لقاءه الأخير مع المسؤولين الأمريكيين. من جانب آخر، عبر المسؤولون الأمريكيون عن ضرورة تحلي الإدارة التركية بالصبر لحين انتهاء الإجراءات القانونية المتعلقة بذلك.
وفي هذا الصدد، أفاد لنا الوفد التركي المشارك في المحادثات بأن هناك نظرة أمريكية مختلفة عبّر عنها المسؤولون الأمريكان فيما يتعلق بتلك القضية والتي تتسم أساسا بإعطاء الحق لتركيا بملاحقة عناصر تنظيم غولن، وهو ما يختلف أيضا عن الرؤية المتبناة في السابق من قبل فريق أوباما. كما أضافوا أن المسؤولين الأمريكيين يجرون تحقيقات مكثفة فيما يتعلق بتفاصيل هذه القضية والملفات المقدمة من الجانب التركي.
هل سنشهد نفي زعيم تنظيم غولن خارج الحدود الأمريكية أو تسليمه لتركيا في المستقبل القريب؟
من الصعب توقع سرعة استجابة الولايات المتحدة للمطالب المقدمة من قبل الحكومة التركية خلال هذه المرحلة. ولكن حسب إفادات الوفد التركي المشارك في اللقاء الأخير مع المسؤولين الأمريكيين فإن السلطات التركية ستقوم بجميع الضغوط اللازمة من أجل إعادة غولن إلى تركيا. وهذا يعني أننا قد نشهد تسليم غولن إلى تركيا خلال العام الجاري.
ماذا يتوجب على الإدارة التركية فعله من أجل مكافحة وجود تنظيم غولن في الدول التي يملك فيها علاقات جيدة كالولايات المتحدة؟
يجب على الإدارة التركية تقوية علاقاتها مع مختلفة المؤسسات الأمريكية، ويجب عليها أيضا العمل مع مؤسسات اللوبي الأمريكي في كل مكان أيضا. كما يجب عليها اختيار الأشخاص المناسبين لهذا العمل إن كانت الإدارة التركية تريد مجابهة تنظيم غولن في الخارج، وبذل جهد عظيم وتخصيص ميزانية لذلك. وتجدر الإشارة إلى أن التوتر والمخاوف الحاصلة داخل منظمة غولن هي مؤشر على أن الإدارة التركية تقوم بخطوات جدية وحقيقية فيما يتعلق بذلك.
المصدر: الصباح التركية