نادي “أياكس أمستردام” حكاية مجد كروي غابر
تنطلق مساء الأربعاء في 24 من مايو لعام 2017، مباراة نهائي بطولة الدوري الأوروبي لكرة القدم “يوروبا ليغ”، والتي تجمع مانشستر يونايتد الإنجليزي بأياكس أمستردام الهولندي، في لقاءٍ يفوح منه عبق العراقة والماضي الجميل، وخاصةً بالنسبة لنادي أياكس، الذي يحلم لاعبو جيله الحالي بإحياء أمجاد النادي الغابرة، التي سنفرد المقال التالي للحديث عنها، قبل التطرق إلى واقع النادي الهولندي العريق، وإمكانية عودته إلى واجهة الكرة الأوروبية والعالمية.
أبرز أساطير نادي أياكس
يمثل نادي أياكس أمستردام الهولندي قيمةً كبيرةً لدى عشاق الساحرة المستديرة، نظرًا لارتباطه بمفهوم الكرة الشاملة، التي غزت الملاعب الأوروبية منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي، وقدمت للعالم أساطير عظيمةً كيوهان كرويف وماركو فان باستن وفرانك ريكارد وباتريك كلويفرت وغيرهم.
يُعتبر أياكس النادي الهولندي الأكثر نجاحًا على الصعيدين المحلي والأوروبي
ويحمل نادي العاصمة الهولندية في خزائنه 4 ألقابٍ في المسابقة الأوروبية الأرفع دوري أبطال أوروبا، منها 3 على التوالي، كما يحمل لقبًا في كأس الكؤوس الأوروبية، وآخر في كأس الاتحاد الأوروبي، إضافةً إلى لقبين في كأس السوبر الأوروبية، ومثلهما في كأس إنتركونتيننتال الدولية، وبذلك يُعتبر أياكس النادي الهولندي الأكثر نجاحًا في الكرة الأوروبية، كما أنه اختير من قبل الفيفا كخامس أفضل نادٍ عالميٍ في القرن الـ20.
وعلى الصعيد المحلي، يتصدر أياكس ترتيب أكثر الأندية فوزًا ببطولة الدوري الهولندي برصيد 33 لقبًا، كما يتصدر ترتيب أكثر الأندية إحرازًا لكأس هولندا برصيد 18 لقبًا، إضافةً إلى تحقيقه لقب كأس السوبر الهولندية 8 مرات.
شعار نادي أياكس أمستردام
وإذا عُدنا إلى بدايات النادي، نجد أنه تأسس في 18 من مارس عام 1900، في أحد أحياء العاصمة الهولندية أمستردام، على يد مجموعةٍ من رجال الأعمال الهولنديين، يتقدمهم فلوريس ستيمبل الذي أصبح أول رئيسٍ في تاريخ النادي، وقد اختار اسمه تيمنًا بأحد أبطال أسطورة حرب طروادة الإغريقية، وهو المقاتل Ajax، الذي ما زالت صورته التخيلية المحاطة باللونين الأحمر والأبيض تمثل شعار النادي حتى الآن.
تأسس النادي عام 1900 وتوج بأول ألقابه الرسمية عام 1917 بفوزه بكأس هولندا
وقد تأخرت مشاركة أياكس في البطولات الرسمية لهولندا حتى عام 1911 بسبب بعض الإجراءات الروتينية، وأحرز أول ألقابه الرسمية على الإطلاق في كأس هولندا عام 1917، قبل أن يحقق أول ألقابه في الدوري عام 1918، ويتبعه بلقبٍ آخر في العام التالي.
وشهدت فترة الثلاثينيات سيطرةً مطلقةً لأياكس على لقب بطولة الدوري الهولندي، إذ أحرز لقبها 5 مراتٍ، وأضاف إليها لقبًا في الكأس وآخر في الدوري فترة الأربعينيات، قبل أن يتوج بلقب النسخة الأولى من الدوري الهولندي بشكله الحالي عام 1957.
يوهان كرويف أسطورة أياكس الخالدة
وفي مطلع الستينيات، حقق الفريق لقبًا جديدًا في الدوري، وأتبعه بلقبٍ في الكأس، قبل أن يشهد عام 1964 بزوغ نجمٍ قادمٍ من أكاديمية النادي، هو الأسطورة يوهان كرويف، الذي تزامن ظهوره مع تولي المدرب رينوس ميشلز دفة تدريب الفريق، ليفلح الثنائي العبقري في ابتكار وتجسيد أحد أكثر الأساليب نجاعةً في التاريخ الكروي، وهو أسلوب لعب الكرة الشاملة، الذي يعتمد مبدأ اللامركزية بين اللاعبين، حيث بإمكان أي لاعبٍ أن يقوم بمهام بقية زملائه، سواءً في الدفاع أو الوسط أو الهجوم.
ارتبط اسم أياكس بالكرة الشاملة بوجود أسطورة الفريق يوهان كرويف
ذلك الابتكار آتى أكله سريعًا على الصعيد المحلي، حيث أحرز الفريق لقب الدوري 3 مراتٍ متتالية، قبل أن ينتقل النجاح إلى المستوى الأوروبي، إذ نجح أياكس في بلوغ نهائي كأس أبطال أوروبا لعام 1969، حيث خسر أمام ميلان الإيطالي، قبل أن يكتب كرويف ورفاقه بداية قصة الأمجاد الأوروبية عام 1971، حين أحرزوا لقب البطولة الأوروبية الأغلى للمرة الأولى في تاريخهم، بفوزهم على باناثينايكوس في النهائي بهدفين نظيفين.
تشكيلة أياكس الفائزة بكأس أبطال أوروبا لعام 1973
ولم تكن تلك سوى أولى ثمرات عبقرية كرويف، الذي أثبت عمليًا أنه صاحب الفضل الأول في الحقبة الذهبية لأياكس، إذ لم يتأثر الفريق برحيل المدرب ميشلز وتعيين الروماني ستيفان كوفاتش مكانه، واستطاع تكرار الإنجاز الأوروبي الكبير مرتين بإحراز لقب كأس أبطال أوروبا عامي 1972 و1973، فضلًا عن تحقيق كأس السوبر الأوروبي وكأس الإنتركونتيننتال عام 1972، لتنتهي أكثر الفترات إشراقًا في تاريخ النادي، برحيل الأسطورة كرويف نحو برشلونة في أكتوبر من عام 1973.
يعتبر ماركو فان باستن وفرانك ريكارد ورونالد كومان أبرز اكتشافات أكاديمية أياكس في الثمانينيات
وشهدت بداية فترة الثمانينيات عودة كرويف إلى أياكس، حيث خاض معهم موسمين كلاعب، قبل أن يتولى دفة تدريب الفريق عام 1985، مساهمًا في ظهور اكتشافاتٍ جديدةٍ قادمةٍ من أكاديمية النادي، مثل ماركو فان باستن وفرانك ريكارد ورونالد كومان، كان لها الفضل في عودة أياكس لتحقيق الإنجازات الأوروبية، بإحرازه لقب كأس الكؤوس الأوروبية لعام 1987.
تشكيلة أياكس الفائزة بدوري أبطال أوروبا عام 1995
وبرحيل الأسطورة كرويف لتدريب برشلونة صيف عام 1988، اعتقد البعض أن حقبة الكرة الشاملة في أياكس قد انتهت، ولكن المدرب الفذ لويس فان غال أثبت خطأ اعتقادهم، إذ تولى تدريب النادي اعتبارًا من صيف عام 1991، وقاد مجموعةً من أبناء أكاديمية النادي كدينيس بيركامب وكلارنس سيدورف وإدغار دافيدس ومارك أوفر مارس وفرانك دي بور وإدوين فان ديرسار، لإحراز لقب كأس الاتحاد الأوروبي لعام 1992، قبل أن يقودهم لتحقيق لقبٍ رابعٍ في البطولة الأوروبية الأغلى، دوري أبطال أوروبا، بعد فوزهم في نهائي أثينا عام 1995 على فريق ميلان الرهيب، بهدفٍ وحيدٍ أحرزه النجم اليافع باتريك كلويفرت.
أحرز أياكس لقب الشامبيونز ليغ للمرة الرابعة والأخيرة عام 1995 على يد المدرب لويس فان غال
وتابعت كتيبة فان غال الشابة نجاحاتها، فأحرزت لقبي كأس السوبر الأوروبي وكأس الإنتركونتيننتال مطلع موسم 1995-1996، قبل أن تبلغ نهائي دوري أبطال أوروبا لعام 1996، وتخسر من يوفنتوس الإيطالي بفارق ركلات الترجيح، بعد نهاية الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل بهدفٍ لمثله.
المدرب فرانك دي بور قاد أياكس للفوز ببطولة الدوري 4 مرات
ورحل فان غال عن النادي صيف عام 1997، وبرحيله انفرط عقد الجيل الذهبي الثاني لأياكس، فلم ينجح الفريق في محاكاة نجاحاته الأوروبية السابقة، رغم أن صفوفه ضمت العديد من النجوم، كويسلي شنايدر ورافائيل فان ديرفارت وكلاسيان هانتيلار، وهم من المواهب التي خرجتها أكاديمية النادي، والسويدي الفذ زلاتان إبراهموفيتش، والهداف الأورغواني لويس سواريز، والمدافع الروماني كريستيان تشيفو، وصانع الألعاب السويدي كريستيان إريكسون، والمدافعان البلجيكيان توماس فيرمايلين ويان فيرتونخين، وغيرهم من كبار اللاعبين الذين شقوا طريق نجوميتهم من أياكس، قبل أن يحققوا الأمجاد والألقاب في أنديةٍ أخرى.
حقق أياكس لقبه الـ33 والأخير في الدوري الهولندي عام 2014
ليبقى إنجاز عام 1995، هو آخر النجاحات الأوروبية لنادي العاصمة الهولندي، الذي اقتصرت إنجازاته بعدها على تحقيق بعض الألقاب المحلية، تحت قيادة عددٍ من أبناء النادي السابقين، الذين كان آخرهم فرانك دي بور، الذي قادهم لتحقيق 4 ألقابٍ متتاليةٍ في الدوري بين عامي 2010 و2014، قبل أن يترك دفة تدريب الفريق للمدرب الحالي بيتر بوس اعتبارًا من صيف عام 2016.
نجوم أياكس يحتفلون بالفوز في نصف نهائي اليوروبا ليغ
وتحت قيادة المدرب الهولندي المغمور صاحب الـ53 عامًا، قدم الفريق موسمًا معقولًا على المستوى المحلي، حيث أنهى الدوري الهولندي في المركز الثاني خلف فاينورد روتردام البطل بنقطةٍ وحيدة، في الوقت الذي فاجأ فيه الجميع بتألقه على المستوى الأوروبي!
سيخوض أياكس نهائي مسابقة اليوروبا ليغ للموسم الحالي أمام مانشستر يونايتد مساء اليوم الأربعاء 24 من مايو
فبعد خروجه من الأدوار التصفوية لمسابقة دوري أبطال أوروبا، انتقل الفريق إلى المسابقة الأوروبية الأصغر (اليوروبا ليغ)، وفيها تجاوز دور المجموعات متصدرًا، قبل أن يقصي كلًا من ليجيا وارسو البولندي وكوبنهاغن الدانماركي وشالكة الألماني وليون الفرنسي تباعًا، في طريقه نحو نهائي المسابقة، الذي سيجمعه مع العملاق الإنجليزي مانشستر يونايتد في العاصمة السويدية ستوكهولم.
زياش ودولبيرغ أبرز عناصر التشكيلة الحالية لأياكس
ويعتبر عنصر الشباب طاغيًا في تشكيلة أياكس الحالية، إذ يبلغ معدل أعمال الفريق نحو 22 عامًا، مع اعتماد المدرب على نجومٍ واعدةٍ من أمثال صانع الألعاب المغربي حكيم زياش، الهداف الدانماركي كاسبر دولبيرغ، الجناح البوركيني برتران تراوري، لاعب الوسط الألماني ذي الأصول اللبنانية أمين يونس، قائد الفريق الهولندي دافي كلاسن، المدافع الكولومبي ديفرسون سانشيز، إضافةً إلى المهاجم الصاعد جاستن كلويفرت نجل الأسطورة السابق باتريك كلويفرت، فيما تقتصر أسماء عناصر الخبرة في التشكيلة الحالية على لاعب الوسط الدانماركي لاس شون، الحارس الكاميروني أونانا، المدافعين الهولنديين فيلتمان وفيرجيفر.
يبلغ معدل أعمار تشكيلة أياكس الحالية 22 عامًا
وبلغت تشكيلة المدرب بوس الشابة مرحلة النضج خلال الأشهر الأخيرة، وأثبتت نجاعتها سواء على مستوى الدوري المحلي أو على مستوى البطولة الأوروبية، التي ينتظر عشاق النادي العريق نهائيها بفارغ الصبر، وكلهم أمل بتحقيق انتصارٍ يعيد للكرة الهولندية الشاملة مجدها الأوروبي الغابر.