بعد فوزه بمنصب رئيس فرنسا، يستعد الشاب إيمانويل ماكرون وحزبه الحديث في العمل السياسي “الجمهورية إلى الأمام”، خوض غمار الانتخابات التشريعية المقبلة لتأكيد فوزهم الأخير وتدعيمه حتى يتمكنوا من حكم فرنسا وتنفيذ برامجهم الانتخابية دون تعطيلات.
الأغلبية المريحة ليتمكن من الحكم
تعتبر الانتخابات البرلمانية القادمة في فرنسا، المزمع إجراؤها على جولتين في الـ11 و18 من يونيو، والتي انطلقت حملتها الانتخابية أول أمس الإثنين، التحدّي الثاني للرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون، ويتطلع ماكرون للحصول على أغلبية برلمانية تمكنه من الحكم بلا تعقيدات وتحقيق وعوده التي قطعها على نفسه إبان حملته الانتخابية الرئاسية.
وكان مانويل قد قال في خطاب النصر، بعد دقائق من إعلان فوزه بالرئاسة: “علينا إنجاز مهمة كبيرة بدءًا من الغد وهي تكوين وخلق أغلبية برلمانية حقيقية وقوية، أغلبية تنتظرها بل وتستحقها فرنسا، أغلبية من أجل التغيير“.
دون هذه الأغلبية لن يتمكن ماكرون، حسب عديد من الخبراء، من عمل شيء فهو يدرك بذلك أن معركته ستكون خاسرة قبل بدايتها
ويحتاج ماكرون البالغ من العمر 39 سنة إلى الحصول على 289 مقعدًا من أصل 577 لتكوين الأغلبية الكافية ليتمكن من الحكم وتمرير تشريعاته وإدخال الإصلاحات التي وعد بها في بلد منقسم يحتاج فيه لتأييد شخصيات منبثقة من اليمين واليسار المعتدل.
ودون هذه الأغلبية لن يتمكن ماكرون، حسب عديد من الخبراء، من عمل شيء فهو يدرك بذلك أن معركته ستكون خاسرة قبل بدايتها، ففرنسا لها نظام مكون من جولتين في كل الانتخابات الوطنية وهو نظام يسمح للناخبين باختيار “أهون الضررين” في فرصة ثانية، وهو ما يعني أن شرعية الرئيس المنتخب ستتعزز إذا صعد مرشحه للجولة الثانية لأن فرص فوزه فيها ستكون كبيرة.
نصف مرشحي ماكرون للانتخابات التشريعية من المجتمع المدني
لخوض غمار هذه التجربة الجديدة، قدمت حركة الرئيس الفرنسي المنتخب إيمانويل ماكرون “الجمهورية إلى الأمام” قائمة أولية لمرشحيها، في 511 دائرة من الدوائر الانتخابية التي يبلغ عددها 577، بعد أن استكمل الحزب فرز نحو 19 ألف طلب للترشح، وتم الاختيار من بينهم وفقًا لخمسة معايير هي التجديد ونظافة اليد والمناصفة بين الرجال والنساء وتعدد المشارب السياسية، بالإضافة إلى مدى الالتزام بالبرنامج السياسي للرئيس ماكرون.
ماكرون إلى جانب أنصاره
وأعلن الأمين العام للحركة ريشار فيرون أن 95% من مرشحي الحركة ليسوا نوابًا برلمانيين سابقين، بينما قالت وكالة الصحافة الفرنسية إن أكثر من نصف المرشحين المقترحين ينشطون في المجتمع المدني الفرنسي، وأدى تدفق الترشيحات بعد فوز ماكرون إلى تعقيد اختيار المرشحين الذين يجب أن يطبقوا الوعد المزدوج بالتجديد والتعددية السياسية، وجدير بالذكر أن بعض ممن أبدوا رغبتهم في الترشح هم ممن شاركوا في حكومات سابقة، كما هو الحال مع مانويل فالس، رئيس الحكومة الفرنسية السابق.
استطلاعات الرأي تظهر تفوق “الجمهورية إلى الأمام”
أظهر استطلاع للرأي، نشر الجمعة الماضية، من أجل معرفة توجّهات الناخب الفرنسي، في الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية المقرّرة في 11 من يونيو المقبل، أنّ 27% من الذين شملهم الاستطلاع، يمنحون الثقة لحركة “الجمهورية إلى الأمام”، التي لا يزيد عمرها السياسي على العام الواحد، فيما حصل حزبا “الجمهوريون” و”الجبهة الوطنية”، على 20% لكل منهما، بحسب الاستطلاع الذي أشار إلى حصول حركة اليساري جان لوك ميلانشون على 14%، والحزب الاشتراكي على 11%.
يتطلع الحزب إلى تحقيق ما حققه حزب فرانسوا هولاند في انتخابات 2012
ووفق الاستطلاع، فإنّ حركة “الجمهورية إلى الأمام”، يمكن لها أن تفوز في الانتخابات بما بين 280 و300 مقعد، من أصل 577 مقعدًا (عدد أعضاء البرلمان)، مقابل 150 نائبًا عن تحالف “الجمهوريون” و”الحزب الديمقراطي المستقل”، أما الحزب الاشتراكي وحلفاؤه، فسيكون لهم ما بين 40 و50 نائبًا، في حين أنّ حركة “فرنسا غير الخاضعة” والحزب الشيوعي، معًا، لهم ما بين 20 و25 نائبًا، بينما يمكن لحزب “الجبهة الوطنية” اليميني المتطرّف، مضاعفة عدد نوابه، فيدخل ما بين 10 و15 نائبًا منه إلى البرلمان الجديد.
أنصار ماكرون يتطلعون لفوز ثانٍ
ولا شك أن حركة “الجمهورية إلى الأمام” ستستفيد من حقيقة سياسية مهمة في فرنسا ألا وهي أن الانتخابات التشريعية، وخاصة إذا أعقبت الانتخابات الرئاسية مباشرة، تشهد في العادة تراجعًا كبيرًا في نسبة التصويت فيما بين الناخبين الذين خابت آمالهم وزيادة في الإقبال على التصويت بين الناخبين الذين فاز من منحوه أصواتهم بالرئاسة، على غرار ما حصل في انتخابات 2012 مع الرئيس الاشتراكي المنتهية ولايته فرانسوا هولاند.