في تغيير لسياسته المتبعة، أعلن تنظيم ما يسمى بـ “الدولة الاسلامية”، عن أول اعتداء انتحاري ينفذه في الصومال، أمس الاربعاء، أوقع خمسة قتلى في مدينة بوساسو في شمال شرق البلاد، في مسعى منه لعودة نشاطه هناك بعد أفول نجم التنظيم في عديد المناطق
5قتلى في هجوم بحزام ناسف
هذا الاعتداء الذي استخدم فيه سترة ناسفة وقع في منطقة بونتلاند التي تتمتع بحكم شبه ذاتي شمال البلاد، حيث تنتشر مجموعة من قدامى حركة الشباب المجاهدين المنتمين إلى تنظيم القاعدة، وانشقت لمصلحة تنظيم “داعش”. وغالبا ما كانت بونتلاند مسرحا لهجمات يشنها عناصر حركة الشباب المتحالفة مع تنظيم القاعدة، وفي هذه المنطقة ايضا، تتمركز مجموعة من المقاتلين الذين انشقوا عن حركة الشباب لمصلحة تنظيم داعش.
وقد فجر منفذ الاعتداء سترته مساء الثلاثاء لدى وجوده على حاجز في مدينة بوساسو الشهيرة بمرفئها على خليح عدن وأكبر مدينة في بونتلاند، وقال مسؤول الشرطة محمد ضاهر ادان ان “القوات الامنية اوقفت المشتبه به حين اقترب، لكنه فجر نفسه فقتل خمسة اشخاص، وقتل عنصر من رجال الامن واربعة مدنيين في الانفجار”.
“داعش” في الصومال
منذ بداية ظهوره في الصومال، يسعى “تنظيم داعش” إلى تشكيل قوة له في هذا البلد الإفريقي الفقير الذي أتعبته النزاعات المسلحة على مدى عشرات السنين، وفي أكتوبر عام 2015، أعلنت مجموعة منشقة عن حركة “الشباب المجاهدين” الصومالية تضم قرابة 30 مسلحا، ويقودها عبد القادر مؤمن، مبايعتها لتنظيم “داعش”، واتخذت من جبال “غالغالا”، في إقليم “بري” معقلا لها، في خطوة حملت نواة تشكُّل فرع لتنظيم “داعش” في الصومال.
كان مؤمن صاحب اللحية البرتقالية واعظا معروفا يلقي في بعض مساجد لندن محاضرات دينية
ومازال فرع تنظيم “داعش” هناك في طور التشكل؛ إذ لا يتعدى أفراده 150 إلى 200 مقاتلًا عسكريًّا، إلا أن بعض المعلومات الأمنية أفاد بأن التنظيم بدأ يتمدد في شمال شرقي الصومال، ويُخرِّج أفواجًا جديدة من المقاتلين الذين تجاوز عددهم 300 مسلح أنهوا تدريباتهم العسكرية قبل أشهر قليلة. ويُعد عبد القادر مؤمن الذي يحمل الجنسية البريطانية، القيادي الرُّوحي لتنظيم الدولة في الصومال، ولا تتوافر معلومات دقيقة حول القدرة العسكرية للتنظيم، وأدرجت وزارة الخارجية الأميركية عبد القادر مؤمن في أغسطس 2016على لائحة الإرهابيين الدوليين. ووصفته بانه زعيم تنظيم داعش في شرق افريقيا، وبانه “إرهابي عالمي”.
عبد القادر مؤمن زعيم التنظيم في الصومال
وينتمي مؤمن إلى عشيرة علي سليمان من قبيلة مجيرتين التي تقطن في المناطق الشرقية الساحلية من ولاية بونت لاند، وكان مؤمن عضوا سابقا بحركة الاتحاد الإسلامي (1983-1996)، وهاجر في التسعينيات إلى بريطانيا، ومنذ عام 2007 كان مؤمن صاحب اللحية البرتقالية واعظا معروفا يلقي في بعض مساجد لندن محاضرات دينية، فلاحقته المخابرات البريطانية، وعاد إلى الصومال في 2010م لينضم إلى حركة الشباب.
يسعى التنظيم إلى بسط سيطرته مستقبلًا على الصومال
وبدأ التنظيم، حسب خبراء، في تركيز اهتماماته في الاستيلاء على مناطق مهمة واستراتيجية وخاصة تلك المناطق المطلة على ساحل المحيط الهندي، بغية تهريب العتاد العسكري إلى أتباعه في المنطقة، إلى جانب تدفق المسلحين الأجانب، لتعزيز قدرات أنصاره الجدد وتدريبهم عسكريًّا وتأهيلهم بشكل فعلي وتلقينهم أيديولوجية التنظيم وأفكاره وذلك من أجل بسط سيطرته مستقبلًا على الصومال.
ضعف “داعش”
يبدو فوز “داعش” بأرض هذه المنطقة لن يكون سهلاً، حسب عديد التقارير الأمنية والاعلامية، لعدة أسباب إذ إن حركة “الشباب المجاهدين”، وهي جماعة صومالية تابعة إلى تنظيم «القاعدة»، تتوفر على عدد مهم من المقاتلين يتراوح بين 7 آلاف و13 ألف، لها وجود طويل الأمد في البلاد الواقعة في شرق أفريقيا، إضافة إلى أن أتباع الحركة هددوا الأشخاص الذين ينضمون إلى “داعش” بالموت.
قوة “الشباب المجاهدين” تمثل مأزقا لـ “داعش” في الصومال
وكانت حركة “الشباب المجاهدين” حذرت في وقت سابق، من أنها “ستذبح” أي عنصر يغير ولاءه من تنظيم “القاعدة” إلى تنظيم “الدولة الإسلامية”، وقال المسؤول في الحركة أبو عبد الله في بيان بث إذاعياً: “إذا قال أحد ما إنه ينتمي إلى حركة أخرى، فاقتلوه مباشرة” مضيفاً: “سنذبح أي شخص إذا قوض الوحدة”. وتعد الصومال منطقة مهمة جداً لـ “داعش”، إذ إنه يمتلك أطول خط ساحلي في القارة الأفريقية، ويحده إثيوبيا وجيبوتي وكينيا.
وانعكست الهزائم المتلاحقة التي تضرب تنظيم “داعش” في العراق وسوريا وليبيا، على فرع التنظيم في الصومال الذي أضبح يواجه تحديات كبيرة في التمويل وشح الموارد المالية، مما ساهم في إضعافه، وشكَّلت المنتديات الإسلامية ومواقع التواصل الاجتماعي منصات يستخدمها تنظيم الدولة الإسلامية لبث أفكاره لاستقطاب مقاتلين جددًا لتدعيم نفوذه.