ما فتئ الاعلام الرسمي الإماراتي وما لفّ لفّه يروج لما يصفه بالدور “الهام” للإمارات في اليمن، وعملها في سبيل حل أزمته التي يعيش على وقعها منذ سنوات، إلا أن الواقع والتقارير الدولية تقول عكس ذلك، وتكشف من حين لأخر حجم الانتهاكات الإنسانية التي تقوم بها الإمارات في هذا البلد العربي الممزق، وأخر هذه الانتهاكات ما كشفت عنه منظمة سام للحقوق والحريات التي تحدثت عن سجون سرية في مدن يمنية عدة تشرف عليها قوات إماراتية.
إشراف إماراتي مباشر
معاناة اليمنيين لم تنتهي مع السجون السرية لجماعة الحوثي وصالح التي أصبحت تشكل ظاهرة خطيرة في البلد، خاصة في العاصمة صنعاء، و في باقي المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة الشرعية، حتى بدأت معاناتهم مع سجون سرية أخرى تديرها تشكيلات عسكرية، منها قوات الحزام الأمني في عدن وقوات النخبة الحضرمية في المكلا الخاضعتان بصورة مباشرة لإشراف دولة الإمارات العربية المتحدة العضوة في التحالف العربي.
المعتقلين في هذه السجون السرية يتعرضون لصنوف شتى من التعذيب الجسدي والنفسي
وكشفت منظمة سام للحقوق والحريات ( حقوقية مستقلة مقرها جنيف أسسها شباب يمنيون لرصد الانتهاكات في اليمن خاصة والشرق الأوسط عامة)، في تقرير لها، عن سجون سرية في مدن عدن والمكلا وسقطرى وحضرموت البعيدة عن رقابة وإشراف السلطة القضائية، جنوب اليمن تحت اشراف قوات إماراتية، وأكدت المنظمة أن المعتقلين في هذه السجون السرية يتعرضون لصنوف شتى من التعذيب الجسدي والنفسي، ويحرمون من أبسط الحقوق المكفولة بموجب الدستور اليمني والقوانين الدولية.
أهم المعتقلات
في هذا التقرير وثقت المنظمة وجود ثمانية معتقلات، منها معتقل خور مكسر، ومعتقل معسكر العشرين في منطقة كريتر بالقرب من المقر الرئيسي المؤقت للحكومة الشرعية، ومعتقل معسكر الحزام الأمني في منطقة البريقة والذي كان يقوده قائد عوضته القوات الإماراتية بآخر، ومعتقل بير أحمد وهو مزرعة استؤجرت لإقامة سجن فيها، ومعتقل معسكر الإنشاءات وتعرض فيه ضحايا للتعذيب من قبل قوات تتبع الحزام الأمني، ومعتقل معسكر الإنشاءات (معسكر الإسناد والدعم) التابع لأبو اليمامة، ومعتقل في منطقة البريقة، ومعتقل في قرية الظلمات وهي منطقة خلف البريقة.
تهجير سكان الشمال
كما رصدت المنظمة معتقلات أخرى في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت شرق اليمن والتي يشرف عليها عسكريون إماراتيون وتمارس فيها أنواع مروعة من الانتهاكات التي وثقتها المنظمة. وأهم هذه المعتقلات معتقل الريان، ويقع داخل مطار الريان ويعد من أشهر المعتقلات غير القانونية، ومعتقل ميناء الضبة، ومعتقل ربوة في مديرية المكلا، ومعتقل القصر الجمهوري، ومعتقل غيل بن يمين، ومعتقل جزيرة سقطرى، وهو سجن أنشئ حديثا من قبل قوات الإمارات في جزيرة سقطرى.
انتهاكات لحقوق الانسان والقانون اليمني والدولي
المنظمة الحقوقية أكّدت في تقريرها أن المعتقلين في هذه السجون السرية الخاضعة لإشراف الإمارات يتعرضون لشتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، كما انهم يحرمون من أبسط الحقوق المكفولة بموجب الدستور اليمني والقوانين الدولية، فيما تمت تصفية العشرات.
تنضاف هذه الانتهاكات، إلى الانتهاكات السابقة التي أقدمت عليها دولة الإمارات
ويتم القبض على المتهمين، حسب المنظمة التي تتخذ “جنيف” مقرا لها، دون أوامر قضائية وبأمر مباشر ممن يشرف على قوات النخبة الحضرمية التي تعمل خارج سيطرة السلطة المحلية وقراراتها مستقلة، في إشارة لتلقيها أوامر مباشرة من دولة الإمارات. وتنضاف هذه الانتهاكات التي تمارسها قوات إماراتية وأخرى حليفة لها في هذه السجون السرية التي لا تخضع لسلطة القانون، إلى الانتهاكات السابقة التي أقدمت عليها دولة الإمارات في والتي بدأت بطرد وترحيل أبناء الشمال من عدن إلى مناطقهم على اعتبار أنهم (من تنظيم القاعدة أو أدوات لها) كما أطلق عملائها في عدن على ذلك.
دور إماراتي “مشبوه” في اليمن
رغم أنّ الإمارات العربية المتحدة تعتبر الدولة رقم 2 في التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية في حربها في اليمن من أجل “إعادة الشرعية”، إلا أن الدور الذي تقوم به هناك، خاصة في الجنوب الشرقي لليمن (حضرموت) وفي أقصى الجنوب (عدن)، كان محل ريبة واستنكار، وصل حد وصف الرئيسي اليمني عبد ربه منصور هادي دور الإمارات بـ “الاستعمار الغبي“.
تسعى الإمارات إلى إبقاء الصراع اليمني لمدى طويل بما يحقق أهدافها وأطماعها الاقتصادية والسياسية في اليمن
وتسعى الإمارات من خلال القوات التي تشرف على تدريبها، على احكام السيطرة على مدن الجنوب اليمني التي تحتوي على الثروات الطبيعية مثل النفط والغاز والمعادن والثروة السمكية، بالإضافة إلى أن عدن تعد إحدى أهم المدن اليمنية الساحلية التي تحوي موانئ مهمة بالنسبة للإمارات، التي تسعى أيضا إلى بسط نفوذ على مضيق باب المندب الاستراتيجي.
تعتبر الإمارات العربية المتحدة أن باب المندب هو امتداد طبيعي لأمنها القومي (موانئ دبي العالمية) التي طورتها على حساب إضعاف هذا الممر وممرات أخرى في الإقليم، وبذلك حاولت أكثر من مرة أن تحصل على إدارة الموانئ في عدن لكنها لم تفلح في جولات عدة عدى في شهر نوفمبر 2008 عندما وافق الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح بإبرام اتفاقية لما أسموه وقتها بـ”تطوير الميناء”.
جنود إماراتيين في اليمن
وتسعى الإمارات إلى إبقاء الصراع اليمني لمدى طويل بما يحقق أهدافها وأطماعها الاقتصادية والسياسية في اليمن لا سيما بعد خلافها مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الذي أقال عديد المسؤولين البارزين الذين أوكلت لهم الإمارات مهمات خاصة، فمنهم من أوكلت إليه طرد أبناء الشمال من المحافظات الجنوبية، والبعض لمحاربة حزب الإصلاح (الإخوان المسلمين) وشيطنتهم، وآخرين لتنفيذ أجندة فصل اليمن إلى شمال وجنوب بما يحقق أهدافها.