في خطوة تلت سلسلة الإيقافات التي شنتها فرق خاصة من الأمن التونسي بموجب قانون الطوارئ، استهدفت عدد من رجال الأعمال وبارونات التهريب والديوانة (الجمارك) بتهم تتعلق بالتورط في ملفات فساد والمس بأمن الدولة، أعلنت تونس مصادرة جميع أملاك هؤلاء الموقوفين والموضوعين تحت الإقامة الجبرية في أماكن غير معلومة.
8 رجال أعمال معنيين في الوقت الحالي
أعلنت لجنة المصادرة الرّاجعة بالنظر إلى وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية، مصادرة جميع الأموال المنقولة والعقارية لرجال الأعمال الموقوفين إلى حدّ الآن والذين ستشملهم حملة الإيقافات في إطار مكافحة الفساد.
بدأت السلطات التونسية، الأبحاث للوقوف على كامل أملاك رجال الأعمال الموقوفين المعنيين بقرار المصادرة، حتى يتم نقلها إلى ملك الدولة
وأكّد منير الفرشيشي رئيس لجنة المصادرة في ندوة صحفية، عقدت اليوم بتونس، أنه قد تمت مصادرة أملاك 8 من رجال الأعمال التونسيين الذين ثبت تحقيقهم لأرباح بشكل غير مشروع جراء علاقاتهم وارتباطاتهم بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي وعائلته، بمقتضى الفصل عدد 2 من قانون المصادرة.
وقال الفرشيشي إن “اللجنة قامت أمس الخميس، بإصدار قرار يقضي بمصادرة أملاك أموال بعض رجال الأعمال الذين ثبت تحقيقهم لأرباح غير شرعية نتيجة علاقاتهم بعائلة بن علي ممن تمت مصادرة أملاكهم“، وأضاف أن “رجال الأعمال الثمانية هم كل من منجي بن رباح، وكمال بن غلام فرج، وشفيق جراية، وياسين الشنوفي، ونجيب بن اسماعيل ، وعلي القريوي ، وهلال بن مسعود بشر ، ومنذر جنيح“
يشمل قرار المصادرة جميع الموقوفين إلى الأن
وبدأت السلطات التونسية، حسب رئيس لجنة المصادرة، الأبحاث للوقوف على كامل أملاك رجال الأعمال الموقوفين المعنيين بقرار المصادرة، حتى يتم نقلها إلى ملك الدولة، وقال “الأبحاث جارية منذ صباح اليوم للوقوف على قيمة هذه الأملاك المصادرة“.
للمرة الثانية بعد الثورة
يعتبر هذا القرار الثاني من نوعه بعد ثورة 14 يناير 2011، حيث صدر في سنة 2011 المرسوم عدد 13 لسنة 2011 (قانون) والمؤرخ في 14 مارس 2011 يتعلق بمصادرة كل الأموال والممتلكات المنقولة والعقارية التي كانت على ذمة الرئيس السابق وزوجته وأفراد عائلته.
تأتي هذه الإيقافات التي تمت بموجب قانون الطوارئ، في وقت يشهد فيه الجنوب التونسي موجة من الاحتجاجات
وجاء هذا القرار بعد حملة الإيقافات التي شملت رجال أعمال، أحدهم مرشح سابق لرئاسة الجمهورية، وضابطا في الجمارك بتهمة التورط في قضايا فساد وتهريب، والمس بالأمن القومي عبر التحريض وتمويل احتجاجات ومظاهرات مناهضة للحكومة.
وتأتي هذه الإيقافات التي تمت بموجب قانون الطوارئ، في وقت يشهد فيه الجنوب التونسي موجة من الاحتجاجات للمطالبة بفرص عمل وتنمية شابتها لاحقا أعمال حرق وتخريب لمقرات أمنية ومستودعات تابعة للبلدية والجمارك، وقال متحدث باسم الحرس الوطني “إن التهريب والإرهاب هما أول المستفيدين من هذه الفوضى“.
حملة الايقافات تتم وفق قانون الطوارئ
ويذكر أنّ قانون الطوارئ مفروض في البلاد منذ التفجير الإرهابي الذي استهدف حافلة للأمن الرئاسي في نوفمبر/تشرين الثاني 2015. ويجيز للسلطة التنفيذية ممثّلة في وزيري الداخلية والعدل ورئيس الحكومة وضع أي شخص يُعدّ نشاطه خطرا على الأمن والنظام العامين تحت الإقامة الجبرية في منطقة ترابية أو ببلدة معينة دون وجوب الحصول على إذن مسبق من القضاء.
300 “رجل ظل” يتحكمون في أجهزة الدولة
تأتي حملة الإيقافات التي طالت شخصيات كبيرة ونافذة في عالم المال والأعمال بعد تحذيرات محلية ودولية من ارتفاع غير مسبوق لمنسوب الفساد في البلاد، حيث حذّرت مجموعة الأزمات الدولية مؤخرًا من استشراء ظاهرة الفساد والرشوة وتفاقم الاقتصاد الموازي، منبهة إلى اتساع الفوارق الاجتماعية واستفحال التهميش الجهوي (بين المحافظات).
تصدرت تونس المرتبة السابعة عربيًا والـ 75 عالميًا بـ 71 نقطة في مؤشر الفساد للعام 2016
وذكرت منظمة “مجموعة الأزمات الدولية”، في أحدث تقرير لها حول تونس، أن حوالي 300 “رجل ظل” يتحكمون في أجهزة الدولة بتونس ويعرقلون الإصلاحات، وأن بعضهم يعطل تنفيذ مشاريع تنموية بالمناطق الداخلية ويحرك الاحتجاجات الاجتماعية فيها. وحذرت المنظمة في تقريرها الذي حمل عنوان “الانتقال المعطَّل: فساد وجهوية في تونس” من أن مظاهر “الإثراء من المناصب السياسية والإدارية والمحسوبية والسمسرة” أصبحت “تنخر” الإدارة والطبقة السياسية “العليا” في تونس (الأحزاب، البرلمان..)، وأن عموم المواطنين أصبحوا يعتبرون أجهزة الدولة أجهزة “مافيوزية“.
مطالبة بمكافحة الفساد في تونس
وشددت “مجموعة الأزمات الدولية”، على ضرورة أن يشمل “التصريح بالمكاسب” أعضاء البرلمان و”ديوان رئاسة الجمهورية”، وعلى أن تودع الأحزاب السياسية تقاريرها المالية لدى دائرة المحاسبات حتى يتمّ “إضعاف شبكات الإثراء من المناصب“. وحسب التقريرفإن “الفاعلين الاقتصاديين الذين مولوا الحملة الانتخابية لبعض الأحزاب السياسية” التي وصلت إلى الحكم بعد انتخابات 2014، أصبحوا “يؤثّرون مباشرة في تعيين الوزراء وكتاب الدولة وكوادر الإدارة المركزية والجهوية والمحلية بما في ذلك الديوانة وقوات الأمن الداخلي“.
وحسب “مؤشر مدركات الفساد” للعام 2016، الصادر عن “منظمة الشفافية الدولية” في يناير الماضي، فقد تصدرت تونس المرتبة السابعة عربيًا والـ 75 عالميًا بـ 71 نقطة في مؤشر الفساد للعام 2016، مقارنة بحصولها على المرتبة الـ 76 بمجموع 38 نقطة في العام 2015.