ترجمة حفصة جودة
في 27 أكتوبر/تشرين الأول، قُبض على زوجين من مولدوفيا – يعيشان في فرنسا بشكل غير شرعي – وهما يرسمان نجمة داوود على جدران أحد المساكن في المنطقة العاشرة بباريس، بعد 4 أيام عندما سُئل عن ذلك وزير الداخلية جيرالد دارمانين، الذي كان في مركز المجتمع اليهودي بمنطقة أو دو سين، عن ذلك، تجنب الإجابة بينما أعرب عن أسفه لظهور معاداة السامية في الإسلام المتطرف واليسار المتطرف.
في اليوم التالي، أكد المدعي العام مشاركة الزوجين المولدوفيين في رسوم جرافيتي معادية للسامية، وأعلن أيضًا أن هذا الهجوم وغيره (نحو 250 رسمًا معاديًا للسامية في باريس وضواحيها) وقع بطلب من جهات أجنبية.
وفقًا لوسائل الإعلام الفرنسية فإن المخابرات تحقق في احتمالية وقوع تلك الحوادث بتدبير من روسيا، ورغم هذه الاكتشافات، ما زال المسلمون كبش الفداء، خاصة بالنسبة لليمين المتطرف.
منذ هجوم حماس 7 أكتوبر/تشرين الأول، قالت وزارة الداخلية الفرنسية إنها وثقت 1518 تصريحًا وعملًا معاديًا للسامية، بما يمثل زيادة 3 أضعاف العام الماضي.
دون أي أدلة، أرجع رئيس حزب التجمع الوطني غوردون بارديلا هذا الأمر إلى صعود الإسلام السياسي الذي تجذر في عدد من الأحياء.
ومع تصاعد التوترات في فرنسا بسبب الأحداث في غزة ومقتل 11300 فلسطيني بسبب القصف الإسرائيلي على غزة، فإن هذا الخلط يثير قلق المجتمع المسلم.
ندد عبد الله زكري، عضو المجلس الفرنسي للعبادة الإسلامية ورئيس مرصد مكافحة الإسلاموفوبيا، بما وصفه استخدام العنف في الشرق الأوسط كأداة لإثارة الكراهية ضد المسلمين، وقال: “نريد أن نحصل على أسماء مرتكبي تلك الجرائم المزعومة لنعلم إن كانوا مسلمين حقًا أم عنصريين أم نشطاء من حركات الهوية أم أجانب”.
أعرب الإمام عن قلقه من التصريحات الفاضحة المشينة التي تطلقها بعض الشخصيات السياسية والإعلامية بهدف إلقاء اللوم على المواطنين المسلمين ونبذهم من المجتمع الوطني
في بيان له، رفض المجلس الفرنسي للعبادة الإسلامية “CFCM” المشاركة في مسيرة ضد معاداة السامية، تدعو لإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس، التي نُظمت يوم الأحد 12 نوفمبر/تشرين الثاني بدعوى من رئيسي مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية.
انتقد “CFCM” تلك المبادرة وقال إنها لا تساعد على الوحدة لأنها تتغاضى عن تصاعد الأفعال المعادية للإسلام في فرنسا مرة أخرى.
أضاف زكري أن العديد من المساجد والمسلمين في فرنسا يتعرضون لتهديدات مباشرة، بما في ذلك التهديدات التي تبثها القنوات الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث تتدفق الكراهية ضد المسلمين بشكل يومي وبإفلات تام من العقاب.
زعم المذيع باسكال بيري على قناة “LCI” في أواخر شهر أكتوبر/تشرين الأول أن أكلة “الكسكسي” مرتبطة بالصراع التاريخي بين اليهود والمسلمين، أما القاضي الفرنسي الإسرائيلي أرنو كلارسفيلد الذي يعمل في مجلس الدولة، فقد كرر مزاعم مشابهة على قناة “CNEWS”، وقال إن أحداث معاداة السامية الحاليّة تأتي بشكل أساسي من المواطنين المسلمين.
ذهب كلارسفيلد إلى أبعد من ذلك، حين قال إن العديد من المسلمين الذين يعملون في مواقع البناء يستطيعون الحصول على مواد متفجرة، وفي حال ظهور أي دعوة لقتل اليهود فقد ينفذون الهجوم عليهم يومًا ما.
أصبح تصريحه الآن محل شكوى لدى هيئة تنظيم الاتصالات الرقمية والسمعية والبصرية “Arcom”، يقول المحامي سيفين جويز، أحد المحامين المشاركين في الشكوى “التحريض على الكراهية العنصرية واضح جدًا في تصريحاته”، وأعرب جويز عن دهشته من مجلس الدولة الذي لم يصدر أي رد فعل على ذلك.
من ناحية أخرى، حذر إمام الجامع الكبير في باريس شمس الدين حافظ من الظهور التدريجي لخطابات الكراهية والعنصرية والوصم ضد المسلمين في فرنسا، وفي بيان له يوم 2 نوفمبر/تشرين الثاني، أعرب عن قلقه من التصريحات الفاضحة المشينة التي تطلقها بعض الشخصيات السياسية والإعلامية بهدف إلقاء اللوم على المواطنين المسلمين ونبذهم من المجتمع الوطني.
صمت القادة السياسيين
أصدرت منظمة “التجمع ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا CCIE” – ومقرها بلجيكا – عريضة إلكترونية موجهة إلى هيئة “Arcom” أدانت فيها معاملة وسائل الإعلام للمجتمعات المسلمة.
وبالإضافة إلى خطاب الكراهية، ازدادت أفعال الإسلاموفوبيا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول مثل استهداف مقر الجمعية الثقافية التركية الفرنسية في ضاحية لواريت، حيث كُتب على جدرانها عبارة “الموت للإسلام”.
وفي كانيه بإقليم الألب البحرية، تعرض رجل سبعيني لهجوم عنصري في أثناء توجهه إلى المسجد، ووفقًا للمحامي جويز المسؤول عن القضية، فإن الرجل المسن تعرض للكمات والضرب بمطرقة، بينما هتف المهاجم بعبارات عنصرية وصرخ على المسن قائلًا “عربي قذر، سأقطعك إلى أجزاء وأرسلك إلى القدس”.
بعد عدة أيام قالت صابرينا صبيحي، عضو تحالف البيئة الأوروبي بالبرلمان “NUPES”، إن مسجد نانتير حيث مسقط رأسها، تلقى رسائل تهديد، وكان الخطاب مذيلًا بتوقيع “أصدقاء تشارليز مارتيل” إشارة إلى القائد الفرنسي من القرن الثامن الذي تحتفي به الدوائر اليمينية المتطرفة لنجاحه في وقف تقدم الأمويين في مدينة بواتييه.
حذر الخطاب المسلمين من حرق مدارسهم وأماكن عبادتهم وشركاتهم وأحيائهم إذا استهدفوا رموز الجمهورية الفرنسية والدين المسيحي، تقول صبيحي “إنه أمر حقير، الإسلاموفوبيا انتشرت بشكل أكبر في الأسابيع الأخيرة وسط صمت القادة السياسيين”.
أعلن وزير الداخلية أخيرًا فتح تحقيق في الحادث، وسعى إلى طمأنة المسلمين في فرنسا، موضحًا أن الدولة تحميهم كما تحمي بقية المجتمعات الدينية، ووفقًا لدارمانين “هناك زيادة في الأعمال المعادية للمسلمين، لكنها ليست بنفس حجم الأعمال المعادية للسامية”.
مع ذلك، وفقًا لفينسينت جايسر من معهد دراسات وأبحاث العالم العربي والإسلامي، فإن السلطات تساهم في وصم المسلمين، بربطها بين معاداة السامية والإسلام في الأحياء الفرنسية.
يقول جايسر: “التفسير الديني لالتزام أجيال ما بعد الاستعمار بدعم الفلسطينيين يقدم إطارًا فعالًا ومقنعًا لهذا التفسير الذي يربط بقلق بين متطرفيّن: الإسلاموية ومعاداة الصهيونية، باعتبارهما يتشاركان نفس الكراهية لإسرائيل”.
أشار العالم السياسي أيضًا إلى أن تحول بعض دوائر اليمين المتطرف إلى مناصرة “إسرائيل” بمثابة وسيلة لتصفية الحسابات مع المسلمين وترسيخ أيدولوجية كراهية العرب.
تفاخرت رئيسة حزب التجمع الوطني السابقة مارين لوبان بعد هجوم حماس، بأن حزبها هو الحركة السياسية الوحيدة القادرة على حماية المواطنين اليهود من الخطر المميت الذي يتمثل في تطور الأصولية الإسلامية.
في 12 نوفمبر/تشرين الثاني، شاركت لوبان في مسيرة ضد معاداة السامية، وشارك إيرك زمور رئيس حزب الاسترداد اليميني المتطرف، في المسيرة كذلك، وزعم أن تصاعد معاداة السامية يتناسب بشكل طردي مع تزايد المهاجرين العرب والمسلمين.
المصدر: ميدل إيست آي