بعد مناورات ومفاوضات طويلة استمر ما يقارب 20 ساعة متواصلة، أدارها القيادي في حركة فتح وقائد إضراب الأسرى الفلسطينيين مروان البرغوثي، أعلن الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي مجتمعين، تعليقهم لإضرابهم عن الطعام، وذلك بالتزامن مع أول يوم من شهر رمضان.
حيث أعلنت هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين تعليق إضراب نحو 1500 أسير عن الطعام المستمر منذ 41 يومًا، بعد مفاوضات طويلة استمرت حتى ساعات الفجر في سجن عسقلان الإسرائيلي، على أن تعلن تفاصيل هذا الاتفاق لاحقًا من قبل هيئة شؤون الأسرى.
لكن يدور الحديث هنا اتفاق يقضي بإعادة السماح بزيارة ثانية للأسرى خلال الشهر الواحد من قبل ذويهم كما كان متبعا قبل نحو عامين، ولكن بتمويل من السلطة الفلسطينية بعد أن كان يموّلها الصليب الأحمر الدولي، كما حصل الأسرى على وعود بدراسة مطالبهم الأخرى بعد تعليق إضرابهم.
قيادات مقربة من مروان البرغوثي أبلغت رئيس هيئة الأسرى صباح اليوم السبت بالتوصل إلى اتفاق يحقق مطالب مهمة في إضراب الأسرى ويشكل انتصارا في معركتهم التي جاوزت الأربعين يوماً
هل يعني التّعليق انتصارًا؟
تعليق الإضراب لا يعني إنهاءه، فمن الممكن أن يعود الأسرى إلى إضرابهم إذا حاولت سلطات الاحتلال التلاعب بهذه المطالب أو تسويفها أو عدم تنفيذها بعد 24 ساعة من وقت إعلان تعليق الإضراب. وهذا أمر لا تريده سلطات الاحتلال التي حاولت بكل جهد وبكل الوسائل وبشتى الأساليب الضغط على الأسرى لإيقاف إضرابهم، لأنه باختصار شديد يضعها في موقف محرج على الصعيد الدولي والعالمي، ولأن وفاة أي أسير داخل سجون الاحتلال جراء هذا الاضراب سيفجّر حالة من الغضب والثورة لدى الفلسطينيين.
تحيتنا عالية .. للأمعاء الخاوية
فرح أمهات الأسرى باستقبال خبر تعليق الإضراب صباح اليوم pic.twitter.com/1qkXxWupdY
— أسرى فلسطين (@PalPrisoners) May 27, 2017
يذكر أن مصادر مقربة من لجنة إسناد إضراب الأسرى ذكرت أن قيادات مقربة من مروان البرغوثي أبلغت رئيس هيئة الأسرى صباح اليوم السبت بالتوصل إلى اتفاق يحقق مطالب مهمة في إضراب الأسرى ويشكل انتصارا في معركتهم التي جاوزت الأربعين يوماً، دون أي تفاصيل أخرى.
إلى ذلك، صرّح رئيس هيئة شؤون الأسرى، عيسى قراقع أن مصلحة السجون الإسرائيلية من المؤكد أنها ستستجيب لمطالب الأسرى، حيث أن قيادة الاحتلال هي التي رضخت وطلبت التفاوض مع الأسرى من أجل تعليق اضرابهم، مؤكدًا أن الأسرى خاضوا هذه المفاوضات وهم أقوياء، ولا بد أن يكونوا قد حققوا مطالب كبيرة خلال هذه المفاوضات الطويلة.
حق لهذه القلوب الغناء، فأرواح أبنائهنّ من نجت.. وآخر الصبر فرج#إضراب_الكرامة pic.twitter.com/sbwDGoprhj
— أسرى فلسطين (@PalPrisoners) May 27, 2017
إلى ذلك، استقبل أهالي الأسرى وأمهاتهم في خيمة الاعتصام برام الله خبر تعليق أبنائهن اضرابهم عن الطعام بفرح واحتفال كبيرين، حيث أشادت عائلات الأسرى ببطولة أبنائها وصمودهم حتى تحقيق مطالبهم، والتي تعتبر أهمها، إعادة الزيارة الثانية لذوي الأسرى كل شهر، برعاية مباشرة من السلطة الفلسطينية.
محاولات الاحتلال بسحق الإضراب فشلت
وكانت سلطات الاحتلال طيلة الأسابيع الماضية ترفض مفاوضة قائد الإضراب مروان البرغوثي، وحاولت الضغط بشكل كبير على الأسرى بالترهيب والترغيب من أجل فك إضرابهم. كما حاولت إضعاف وحدتهم وفسخ قرارهم الموحّد من خلال فتح مسارات للحوار مع قيادات الأسرى في سجون منفصلة وعلى حدا.
حتى أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كلّف قبل نحو أسبوع رئيس جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلي (الشاباك)، نداف أرغمان، بإنهاء ملف الأسرى المضربين عن الطعام منذ 33 يوماً على التوالي، بأسرع وقت ممكن.
فبحسب مصادر إعلامية فلسطينية وإسرائيلية، تواصل “أرغمان” مع رئيس المخابرات الفلسطينية، ماجد فرج، ورئيس الأمن الوقائي، زياد هب الريح، ووزير الشؤون المدنية، حسين الشيخ، وأعلمهم بتكليف نتنياهو هذا له”.
عرضت القيادات الأمنية الفلسطينية على رئيس هيئة شؤون الأسرى عيسى قراقع، اقتراحاً يقضي بـ”أخذ جزء أساسي من المطالب، وطرحها على قيادة الإضراب، مقابل تعليق الإضراب لمدة 48 ساعة لإفساح المجال لحديث بين قيادة الإضراب والشاباك
حيث أخبر مدير الشاباك حينها كل من فرج وهب الريح والشيخ، بأن الشاباك يرى مطالب الأسرى عادية، وأن قسماً كبيراً منها يمكن الموافقة عليه، وبالإمكان أيضاً إعطاء الأسرى مطالب لم ترد في لائحة مطالبهم للإضراب، على أن يتم تعليق الإضراب والتفاهم حول ما سبق”.
وهنا، عرضت القيادات الأمنية الفلسطينية على رئيس هيئة شؤون الأسرى عيسى قراقع، اقتراحاً يقضي بـ”أخذ جزء أساسي من المطالب، وطرحها على قيادة الإضراب، مقابل تعليق الإضراب لمدة 48 ساعة لإفساح المجال لحديث بين قيادة الإضراب والشاباك، وإن صدق الأخير سيتم حل الإضراب، وإن كذبوا أو تملصوا سيعاد الإضراب مرة ثانية لأن فترة الـ48 ساعة لا تعتبر كافية للحل الفعلي، ويكون الأسرى خلالها ما زالوا يعيشون على الحليب والسوائل”.
لكن هذا كلّه قد اصطدم برفض الأسرى تعليق الإضراب للبدء بالمفاوضات، ورفض تحييد القائد مروان البرغوثي كما طلبت الشاباك وكل الجهات الرسمية الإسرائيلية.
"حركة" الأسرى انتصرت على "شَلَل" السلطة وعلى شراسة العدو #إضراب_الكرامة
— مريد البرغوثي (@MouridBarghouti) May 27, 2017
ومن بين أسباب استعجال سلطات الاحتلال بإنهاء هذا الملف، هو الضغط الكبير الذي باتت تتعرض له، مع اتساع رقعة التعاطف الدولي مع إضراب الأسرى، ومطالبة جمعيات حقوق الإنسان الدولية والعالمية بوقف معاناة الأسرى، وتحميل سلطات الاحتلال مسؤولية حياة الأسرى.
وكان آخر هذه التصريحات، ما نشرته الحكومة الفرنسية فجر اليوم، حيث أعربت فرنسا عن قلقها إزاء استمرار إضراب الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية عن الطعام والذي دخل يومه الأربعين. ودعت فرنسا – في بيان صادر عن وزارة الخارجية – إلى الحوار والتوصل إلى حل لمطالب المعتقلين الفلسطينيين.
تحاول وسائل الاعلام الاسرائيلية التقليل من أهمية الانتصار الذي حققه الأسرى، حيث لفتت وسائل إعلامية إسرائيلية مثل صحيفة هآرتس وغيرها إلى أن معظم مطالبهم لم تستجب
وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أكدت الخميس أن مئات من المعتقلين الفلسطينيين المضربين عن الطعام منذ 39 يوما في السجون الإسرائيلية، للمطالبة بتحسين ظروف سجنهم دخلوا مرحلة “حرجة”، وذلك بعدما التقت جميع المعتقلين. ويشار إلى أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، هي المنظمة الدولية الوحيدة التي يسمح لها بمقابلة المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
إلى ذلك، تحاول وسائل الاعلام الاسرائيلية التقليل من أهمية الانتصار الذي حققه الأسرى، حيث لفتت وسائل إعلامية إسرائيلية مثل صحيفة هآرتس وغيرها إلى أن معظم مطالبهم لم تستجب، وأن ما توصلوا إليه بالاتفاق يدور بالأساس حول إعادة الزيارتين للأهل بدلاً من زيارة واحدة خلال شهر، ولكن بتمويل السلطة والصليب الأحمر، وهو الأمر الذي توقف منذ نحو عام فقط.
بين يدي تعليق #إضراب_الكرامة
-هذا الإضراب فارقة في تاريخ الإضرابات المطلبية للأسرى، لن يكون هناك هوامش نجاح أكبر في أية إضرابات مستقبلية.
— Dr. Ramy Abdu| د. رامي عبده (@RamAbdu) May 27, 2017
يذكر أن نحو 1600 أسير فلسطيني أعلنوا إضرابهم عن الطعام منذ 41 يوماً على التوالي للمطالبة ببعض الحقوق الإنسانية التي كفلتها لهم كافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية، إلا أن سلطات الاحتلال لم تستجب لمطالبهم وصعّدت من إجراءات القمعية بحقهم، ولم تكترث بأوضاعهم الصحية التي تدهورت إلى درجة تثير القلق والمخاوف وتشكل خطراً حقيقياً على حياتهم.