ترجمة وتحرير نون بوست
لقي مقطع فيديو لرئيس الوزراء الكندي “جاستن ترودو” وهو يظهر قدراته العلمية في فيزياء الكم انتشارا واسعا على شبكة الإنترنت. فضلا عن ذلك، يعتبر رئيس الوزراء الكندي من عشاق الظهور المفاجئ في الصور عند التقاطها فضلا عن الظهور عاري الصدر في الصور الملتقطة ذاتيا عند المشي لمسافات طويلة، مع الأسرة، في الغابة. ومؤخرا، ظهر في أحد الصور وهو يركض مع مجموعة من الطلاب الكنديين.
وفي كل مرة، كانت تجذب أعمال جاستن ترودو اهتمام وسائل الإعلام في كندا وحول العالم. لكن بعد أن شارك رئيس الوزراء الكندي، بعض طلاب المدرسة الثانوية فى مدينة فانكوفر، ضمن مارثون لسباق السرعة، والتقط صورا تذكارية معهم، تساءل بعض الكنديين حول أسباب استمرار وسائل الإعلام في الترويج للحيل الدعائية التي يعتمدها رئيس الوزراء الكندي بهدف تلميع صورته وزيادة شعبيته بين الشعب الكندي.
وفي هذا السياق، قالت كاتبة العمود في هيئة الإذاعة الكندية، روبين أورباك: “في عالم السياسة، حتى أكثر اللقطات عفوية يتم التحضير لها بدقة وعناية”. وأضافت أورباك أن “الصور التي تظهر فيها بعض الوجوه السياسية، يوم الأحد، عادة ما تكون يتم التنسيق لها مسبقا”.
في الإطار ذاته، كتب المراسل ماكليان آرون هذا الأسبوع، “من أجل التقاط الصورة المناسبة لترودو وهو يجري مع طلاب الثانوية كان يجب على طاقم المصورين أن يسبق ترودو لإعداد معداته وضبطها بعناية لالتقاط الصور المطلوبة، عند وصول ترودو إلى تلك النقطة. وأضاف آرون أن “تلك الصدفة التي تزامنت مع قدوم ترودو وظهور بعض الأشخاص الذين يريدون التقاط صور معه بدت وكأنها خطة محكمة التنظيم”. ومع ذلك، لاقت الصور التي تم التقاطها لترودو مع طلاب الثانوية رواجا كبيرا على كل من مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، حيث تصدّر اسم ترودو عناوين العديد من الصحف في جميع أنحاء العالم.
في الحقيقة، ساهمت وسائل الإعلام المحلية والعالمية في تعزيز ما وصفته أورباك “بمشروع الغرور” الذي يتم إنشاؤه من قبل ترودو وفريقه. وفي هذا الصدد، قالت أورباك: “لو كانت هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها وسائل الإعلام بتحويل صورة ترودو إلى قصة، فسيكون من الممكن حينها التغاضي عن ذلك”. في المقابل، يبدو أن جميع الصحف في العالم، بما في ذلك صحيفة الغارديان، تعير اهتماما منقطع النظير بالصور التي لها علاقة بترودو، سواء أثناء ممارسته لرياضة اليوغا، أو قيامه بالركض مرتديا السراويل القصيرة جنبا إلى جنب مع الرئيس المكسيكي إنريكه بينيا نييتو.
خلال السنة الماضية، أذهل رئيس وزراء كندا الحضور ضمن محاضرة تتعلق بفيزياء الكم خاصة بعد انتشار الفيديو الذي نشرته وسائل الإعلام، والذي لاقى انتشارا كبيرا على شبكات الإنترنت. وبعد أيام، اقترح أحد المدونين في فانكوفر أن يكون ترودو قد خطّط لتلك اللحظة للقيام بهذه المحاضرة، حيث أن ترودو تحدى الصحفيين لسؤاله حول طريقة عمل حواسيب الكم، في فقرة خاصة بالأسئلة، في لقاء جمعه بطلاب المعهد.
في الواقع، استجاب الصحفي للتحدي إذ بدا مرحا ساخرا، حين قال له: كنت أنوي أن أطلب منك تفسيرا يتعلّق بكيفية عمل حواسيب الكم، قبل أطرح عليك سؤالا يتعلق بالسياسة. لذلك، استغل ترودو تلك الفرصة لعرض قدراته المعرفية.
من جهته، كتب الكاتب جيسي براون في مقال نشره في صحيفة الغارديان خلال السنة الماضية، “يعدّ جاستن ترودو ظليعا في مجال وسائل الإعلام وقد جعل من وسيلة يرفّه بها عن الناس في ظلّ الأخبار المضطربة التي تنتشر في أجزاء أخرى من العالم”. وأضاف براون قائلا: “كل أسبوع، يغذي ترودو الأخبار العالمية بمواقف جديدة قابلة للمشاركة، كما أنه يعمل على “تأجيج” صفحات الفيسبوك بصوره التي يظهر فيها وهو يعانق إما باندا أو اللاجئين أو يرتدي فيها قميصا مفتوح الأزرار وهو يتجول في الغابة”.
في الحقيقة، طغت هذه الصور في بعض الأحيان على المواضيع الحاسمة التي تتساءل عن أداء حكومته، مثل تلك التي تتعلق بادعاء الحكومة مكافحة ظاهرة تغير المناخ، وتوقيعها على صفقة بقيمة 15 مليار دولار أمريكي لبيع المركبات العسكرية المسلحة إلى المملكة العربية السعودية، على الرغم من أن الكثير من النقاد يشعرون بالقلق إزاء استخدام المركبات من قبل آل سعود بهدف قمع مواطنيها.
في المقابل، يتساءل آخرون عما إذا كانت النسوية التي تحدث عنه ترودو سوف تؤدي في نهاية المطاف إلى حدوث تغيير ملموس في أسر الآلاف من نساء الشعوب الأصلية الذين فقدوا عائلاتهم، أو أولئك الذين غادروا بلدا تكون فيها تكلفة رعاية الأطفال عالية والفجوة في الأجور بين الجنسين، من أعلى المعدلات التي رصدتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
في الإطار ذاته، كتبت أورباك خلال هذا الأسبوع “أنه ليس من المستغرب أن يبذل فريق ترودو قصارى جهده لتعزيز صورته والانطباعات التي تدور حوله. وأضافت أورباك “أنه أمر لا يبشر بالخير ويتعلق مباشرة بثقة الجمهور في وسائل الإعلام، التي تساهم في خداعه بسهولة عبر محاولات التلاعب التي تفرضها الحكومة”.
وتابعت أورباك حديثها قائلة: “لذلك، فإنه من مسؤوليتنا أن نحلل الفرق بين الصور المتعلقة بالحيل الدعائية والأخبار، فضلا عن الصور التي يلتقطها المصور الشخصي لرئيس الوزراء باعتبار أنه يتم التنسيق لها مسبقا. وبالتالي، لا بدّ من أن نتمكن من التفريق بينها”.
المصدر: الغارديان