قد تتباين اللغات وتختلف العادات والتقاليد وتتمايز الثقافات وتتعدد المستويات بين مختلف شعوب العالم، لكن تظل فرحة قدوم شهر رمضان والاستعداد لاستقباله وتنسم عبيره والتعرض لروحانياته سمة مشتركة تجمع بين الجميع، في بلاد المسلمين وغير المسلمين.
طقوس مختلفة يحييها المسلمون في هذا الشهر المبارك، تختلف من دولة لأخرى، ومن شعب لآخر، إلا أن الرابط بينها إشعاع نور الفرحة والبهجة الذي يتسلل بين خيوطها، حيث ينتظر المسلمون قدوم هذا الضيف على أحر من الجمر، ليس كونه موسمًا دينيًا تعبديًا وفقط، بل أيضًا لما يضفيه على المجتمع من معاني الوحدة والتكاتف والتماسك، وما يبثه في النفس من طمأنينة وسكينة وراحة بال.
السعودية.. “فكوك الريق”
لما من الله به على المملكة العربية السعودية من احتضانها لأطهر بقاع الأرض (المسجد الحرام والمسجد النبوي) فإن لرمضان فيها روحانيات خاصة وطقوس مميزة، خاصة أن المملكة تتحول في هذا الشهر إلى خلية نحل لا سيما في مكة والمدينة المنورة لكثرة عدد المعتمرين وزوار بيت الله.
يستقبل السعوديون شهر رمضان بعبارات التهنئة المعروفة “الشهر عليكم مبارك”، “كل عام وأنتم بخير”، “أسأل الله أن يعيننا وإياك على صيامه وقيامه”، و”رمضان مبارك”، إضافة إلى تبادل الزيارات العائلية مع أول أيام الشهر.
يفطر أهل المملكة في الغالب على التمر والرطب والماء، ويسمّونه “فكوك الريق” ثم يتوجهون لأداء صلاة المغرب وبعدها ينطلقون لتناول الإفطار الذي يتصدره طبق الفول المدعوم بالسمن البلدي، أو زيت الزيتون، حيث لا ينازعه في هذه الصدارة طعام غيره، ولا يقدَّم عليه شيء، إضافة إلى “السمبوسك” وهي عبارة عن عجين محشوّ باللحم المفروم، و”الشوربة” وخبز “التميس”.
وقبيل صلاة العشاء والتراويح يعتاد السعوديون على شرب الشاي الأحمر المميز لديهم، كما يتكفل أحد أفراد الأسرة بالطواف حول الحاضرين حاملاً في يده مبخره كتقليد موروث عندهم، وذلك قبل التوجه إلى المسجد لأداء صلاة التراويح.
وبعد الصلاة يجتمع السعوديون يتسامرون في بيت أحد من أفراد العائلة لبعض الوقت حتى موعد السحور الذي في الغالبة يتميز بوجود الخبز البلدي، السمن العربي، اللبن، الأرز والدجاج وغيرها من الأكلات الشعبية.
كما أن هناك تقليد معروف لدى بعض الأسر والعائلات السعودية وهو أن يخصص إفطار كل يوم من أيام رمضان عند أحد أفراد العائلة بشكل دوري، كأسلوب تراثي متبع للتقارب بين الأهل في هذا الشهر.
يفطر أهل المملكة في الغالب على التمر والرطب والماء، ويسمّونه “فكوك الريق” ثم يتوجهون لأداء صلاة المغرب
التسوق أبرز سمات السعوديين مع قدوم رمضان
مصر.. موائد الرحمن
لرمضان في مصر رونق خاص، فالمصريون يتعاملون مع رمضان ليس كونه شهر صيام وقرآن فحسب، بل بالنسبة لهم عيدًا وفرحًا يمتد 30 يومًا كاملة، منذ استطلاع هلاله وحتى وداعه. عليك فقط أن تسير وسط شوارع القاهرة ليلاً أو قبل أذان المغرب لتتعرف عن قرب على مكانة هذا الشهر في نفوس الشعب المصري، فالشوارع التي حجبت زينة رمضان بينها وبين السماء، والفوانيس المتلألئة من شرفات المنازل وكأنها نجوم هبطت إلى الأرض، والبسمة الحانية المرسومة على وجوه المصريين رغم الوضع المأساوي الذي يعيشونه.
السلام الحار والعناق الدافئ وتبادل التهاني بين المصريين مع قدوم رمضان أبرز سمات هذا الشهر، فضلاً عن العديد من الطقوس الأخرى، كالمسحراتي وانتشار بائعي المشروبات الرمضانية المتوارثة (العرقسوس – تمر هندي – سوبيا)، وتبادل الزيارات العائلية.
أما ما يميز مائدة رمضان عند المصريين فلا يكاد يخلو بيت في أول أيام رمضان من واحدة أو اثنين من هذه الوجبات (المحشي – البط – الدجاج – السمبوسك – اللحم – مكرونة بالباشميل) هذا بالإضافة إلى بعض المشروبات كالتمر باللبن وغيره.
تتميز شوارع مصر في رمضان بانتشار موائد الرحمن والتي تعد أبرز صور التكافل بين المصريين، ونظرًا للأوضاع الاقتصادية المتردية باتت هذه الموائد قبلة الكثيرين من الشعب المصري ممن لا يجد قوت يومه، إضافة إلى كونها المصدر الأساسي لإفطار معظم المغتربين القادمين من محافظات الأقاليم إلى العاصمة وأجوارها.
وبعد الإفطار مباشرة تتحول شوارع العاصمة المصرية إلى كرنفالات من الاحتفالات وموائد الذكر وقراءة القرآن، فضلاً عن صلاة التراويح التي يتميز بها المصريون لما يملكونه من أصوات عذبة وجميلة في قراءة القرآن وإن غابت عن المشهد في السنوات الأخيرة.
عليك فقط أن تسير وسط شوارع القاهرة ليلاً أو قبل أذان المغرب لتتعرف عن قرب عن مكانة هذا الشهر في نفوس الشعب المصري
موائد الرحمن قبلة الكثير من المصريين في رمضان
لبنان.. سيبانة رمضان
على الرغم من تنوع الطوائف الدينية بها ما بين الإسلام والمسيحية، فإن لرمضان في لبنان وضع مميز، حيث يحتفل اللبنانيون جميعهم بمختلف طوائفهم الثماني عشرة جنبًا إلى جنب بقدوم هذا الشهر المبارك، وكما سجلت الوثائق التاريخية كان الوالي في لبنان قديمًا يقيم موائدًا للإفطار في رمضان، داعيًا رجال الدولة المسلمين والمسيحيين، وهو التقليد الذي اتبعه عددًا من رؤساء الجمهورية السابقين مثل بشارة الخوري، الذي كان يحرص سنويًا على الذهاب لجامع العمري الكبير لتهنئة المسلمين.
من أشهر طقوس استقبال رمضان في لبنان ما يعرف بـ”سيبانة رمضان” وهي عادة قديمة لا تزال مستمرة إلى اليوم، تتمثل في القيام بنزهة على شاطئ مدينة بيروت تخصص لتناول المأكولات والمشروبات والحلويات في اليوم الأخير من شهر شعبان المعظم قبل انقطاع الصائمين عن الطعام في شهر رمضان المبارك.
أما سفرة لبنان الرمضانية فتتميز بتقديم الحساء بجميع أنواعه والفتوش والبطاطس المقلية والحمص بالطحينة المشهور لبنانيًا، أما الأكل الرئيسي فالشائع الملوخية الورق مع الدجاج بالإضافة إلى الكبة المقلية، أما بالنسبة للحلويات فالشعيبيات والأرز بالحليب من أهم الأنواع المفضلة.
كما تتميز أيضًا ببعض الموروثات على رأسها المسحراتي الذي يجوب الشوارع في أوقات السحر وهو يقرع على طبلة صغيرة، لإيقاظ الناس وقت السحور، قائلاً: “يا نائم وحّد الدائم”، “يا ناس قوموا على سحوركم.. جاء رمضان ليزوركم”.
المشروبات اللبنانية لها مذاق خاص في رمضان
فلسطين.. احتفالات برغم الاحتلال
لفلسطين خصوصية واضحة في رمضان، فرغم معاناة أهلها من براثن وجرائم الاحتلال الإسرائيلي ليل نهار لا سيما على قطاع غزة، فإن الاحتفال بقدوم هذا الشهر وممارسة طقوسه باتت عقيدة لا يمكن أن تنفك أو تتغير أيًا كانت الظروف ومجريات الأحداث.
أصوات الدعاء والابتهالات التي تصدح بها مآذن المساجد مع إعلان قدوم رمضان أبرز سمات الاحتفال في فلسطين، كذلك خروج الأطفال إلى الشوارع حاملين الفوانيس مرددين بعض الأغاني والأهازيج التراثية، والتزاور بين العائلات والأسر.
كذلك التجمع على موائد الإفطار والسحور والاعتكاف في المساجد وقراءة القرآن الكريم تعد من أبرز طقوس الفلسطينيين في رمضان، كما يقوم “كبير العائلة” أو من ينوب عنه بزيارة أرحامه وتقديم الهدايا بمناسبة حلول الشهر الفضيل، وغالبًا ما يتم هذا الأمر بعد الإفطار.
المائدة الرمضانية الفلسطينية دومًا عامرة بأصناف عدة من الطعام والشراب، وإن كانت تختلف من بلدة لأخرى، فتجد المقلوبة والسماقية والمفتول والقدرة، إضافة للمسخن والمنسف وغيرها، ولا تخلو الموائد من المتبلات والمخللات بأنواعها والسلطات المختلفة لفتح الشهية.
كما تعد التمور عروس مائدة الإفطار الفلسطينية، إضافة إلى بعض أنواع المشروبات في مقدمتها شراب الخروب يليه مشروبات (عرق السوس، قمر الدين، الكركديه، العصائر بأنواعها)، أما الحلوى فيعشق الفلسطينيون القطائف بشتى أنواعها يليها الكلاج والهريسة.
أصوات الدعاء والابتهالات التي تصدح بها مآذن المساجد مع إعلان قدوم رمضان أبرز سمات الاحتفال في فلسطين
رغم الحصار.. طقوس الاحتفال برمضان ما غابت عن أهل غزة
المغرب العربي.. الموسيقى و”عواشر مبروكة”
المغاربة بصفة عامة من الشعوب المولعة بشهر رمضان المبارك، حيث الاستقبال الحافل على أنغام الموسيقى الصوفية التي تعد ملمحًا مهمًا من ملامح الثقافة المغاربية.
ولا تختلف طقوس رمضان في دول المغرب عن بعضها البعض، ففي تونس مثلاً يستقبل التونسيون رمضان بالأهازيج والأفراح وإقامة المهرجانات الموسيقية الروحية حيث تقيم فرق الموسيقى الصوفية سهرات ذكر في مساجد القرى والمدن تقدم فيها أنماط موسيقية مختلفة تساعد في تحريك المشهد الثقافي التونسي.
وفي المغرب الأمر لا يختلف كثيرًا، حيث يهنئ المغاربة بعضهم البعض بقدوم رمضان ببعض العبارات أبرزها “عواشر مبروكة” وتعني أيام مباركة بعواشر رمضان من الرحمة والمغفرة والعتق من النار، كما يستقبلون نبأ حلول الشهر عبر سماع مزمار المفتي في التليفزيون فيبدأون بعدها في قرع الطبول في الشوارع.
في المغرب تشتهر الموائد في رمضان بشربة الحريرة، إذ لا يعتبر كثيرون للإفطار قيمة دونها، كذلك الشباكية، التمر والحليب والشباكية والبغرير والملوي، كما ينتشر الباعة المتجولون على الطرقات والأماكن الآهلة بالسكان ليبيعوا هذه الوجبات دون غيرها.
طقوس رمضان في دول المغرب لا تختلف عن بعضها البعض إلا أن القاسم المشترك بينها فرحة استقبال الشهر
صلاة التراويح وإحياء ليالي رمضان في المغرب
العراق.. سوق الشورجة
رغم الفوضى الأمنية التي يحياها العراق في السنوات الأخيرة، فلم تؤثر على طقوس الاحتفال بشهر رمضان المبارك، حيث يستقبل العراقيون شهرهم بالفرح والترحاب وتبادل التهاني والتبريكات.
هناك العديد من الظواهر المعروفة عن العراقيين مع قدوم رمضان، لعل أبرزها التسوق من سوق “الشورجة” قبل موعد الإفطار، وهي باتت بمثابة فولكلور لدى أهل بغداد.
وعند الإفطار تجتمع الأسر حول مائدة رمضان الغنية بالعديد من الأصناف الشهية التي توارثها العراقيون أبرزها الهريسة العراقية المغطاة بالقرفة والهيل، والحنينية البغدادية المكونة من التمر والسمن أو الزيت، إضافة إلى الدولمة، وهي نوع من أنواع المحاشي والكبة الحلبية والحلويات البغدادية وأشهرها البقلاوة والزلابية.
لرمضان عند العراقيين نكهة خاصة
الكويت.. الولائم والعزائم
تتميز ليالي رمضان عند الكويتيين بالذهاب إلى الأسواق والسهر أمام الفضائيات فضلاً عن قراءة القرآن داخل المساجد والاعتكاف وقيام الليل، كذلك احتفال الأطفال في الشوارع والميادين العامة.
أما أبرز سمات هذا الشهر فإقامة الولائم والعزائم بين الكويتيين طيلة أيام الشهر، حتى إنه من النادر أن تجد أسرة كويتية تفطر بمفردها في رمضان، إضافة إلى تبادل الزيارات العائلية والأسرية.
مائدة الإفطار الرمضانية عند الكويتين تشتهر بطبق الهريس كطبق رئيسي، حيث تصنع من القمح المهروس مع اللحم مضافًا إليها السكر الناعم والسمن البلدي، وهناك أكلة التشريب وهي عبارة عن خبز الخمير أو الرقاق مقطعًا قطعًا صغيرة ويسكب عليه مرق اللحم الذي يحتوي غالبًا على القرع والبطاطس وحبات من الليمون الجاف، حيث يفضل الصائم أكلة التشريب لسهولة صنعها وخفة هضمها على المعدة ولذة طعمها، وهي عبارة عن خبز التنور إلا أنه في الوقت الحاضر يستخدم خبز الرقاق وهو خبز رقيق.
احتفال أطفال الكويت بقدوم رمضان
السودان.. الزفة العسكرية
لرمضان عند السودانيين مذاق خاص، واحتفالات قدومه لها طابع مميز، فتعد السودان الدولة الوحيدة التي تستقبل هذا الشهر بـ”زفة” عسكرية مكونة من فرق موسيقية تابعة للجيش والشرطة ويتقدمهم رجال الطرق الصوفية ثم بقية الشباب والمواطنين، حيث تقوم بالطواف في شوارع المدن الكبرى، معلنة بدء شهر الصيام.
ومن مظاهر الاحتفال أيضًا إقدام النساء السودانيات على تغيير وتجديد كل أواني المطبخ، احتفالًا وابتهاجًا بقدوم الشهر، وبمجرد إعلان بدء شهر الصوم، تبدأ المساجد في إضاءة المصابيح الملونة على المآذن والأسوار، وتظل الأضواء الخاصة طول ليالي رمضان.
المائدة الرمضانية السودانية تتسم بالبساطة والرمزية فهي بداية تكون عبارة عن بسط من سعف النخيل مستطيلة الشكل، يصطف الناس حولها صفين متواجهين، بحيث ينظر الجالسون إلى بعضهم البعض ويتبادلون الحديث في أثناء تناول الإفطار بما يعزز روح المودة والإخاء بينهم.
أما أصناف الطعام التي تشتمل عليها مائدة رمضان فتبدأ بتناول التمر ثم (البليلة) وهي عبارة عن الحمص المخلوط مع أنواع أخرى من البقول المسلوقة، مضافًا إليها التمر، وهو طعام لا غنى عنه عند الفطور، يلي ذلك تناول (عصير الليمون) إذا كان الجو حارًا، أو (الشوربة) إذا كان الجو باردًا، ثم يتناولون الوجبات العادية، وأشهرها الويكة وهي نوع من البامية مع العصيدة، وهناك أيضًا طعام يسمى (ملاح الروب) وهو عبارة عن لبن رائب ممزوج بقليل من الفول السوداني.
تتميز الشوارع السودانية في رمضان بإقامة حفلات الإفطار الجماعي، حيث تُفرش البُسط في الشوارع إذا كانت متسعة أو في الساحات العامة، وتأتي كل عائلة بطعام إفطارها جاهزًا، وتضعه على تلك البسط، ليتناول الجميع الطعام معًا، ثم يقومون لأداء صلاة المغرب جماعة، وبعد تناول شراب القهوة ينصرف الجميع كل إلى حاله.
السودان الدولة الوحيدة التي تستقبل رمضان بـ”زفة” عسكرية مكونة من فرق موسيقية تابعة للجيش والشرطة ويتقدمهم رجال الطرق الصوفية
حلقات القرآن والذكر أبرز سمات السودانيين في رمضان
تركيا.. إحياء التراث العثماني
رمضان في تركيا لا يتوقف عند كونه شهر طاعة وعبادة فحسب، بل يعد موسمًا ثقافيًا ذا رونق مميز وحضور كبير، إذ يستقبل الأتراك هذا الشهر بإقامة بعض المعارض الثقافية التي ترسخ المكانة التاريخية لتركيا في نفوس مواطنيها، على رأسها ما يقام في مدينة إسطنبول عن التراث العثماني والعاصمة القديمة.
ويستقبل الشعب التركي الشهر بالزغاريد ونثر العطور على الأعتاب فور سماع الرؤية، ومن العادات الشعبية أيضًا انتظار رمضان لفتح صندوق الأثر النبوي الشريف في جامع الخرقة الشريفة بإسطنبول وإلقاء نظرة على “بردة” النبي، كما يعطي الأتراك اهتمامًا خاصًا للمساجد في جميع أنحاء البلاد بشكل لافت، والتي تمتد بين مآذنها حبال مكتوب عليها بالقناديل عبارات مثل: “أهلاً وسهلاً بسلطان الشهور” أو “صُم وتعافى في رمضان” أو عبارة التوحيد “لا إله إلا الله محمد رسول الله”، وغيرها من العبارات التي يستطيع القارئ مشاهدتها من الأماكن البعيدة، ومع دخول أول ليلة في شهر رمضان، تضاء جميع منارات المساجد عند صلاة المغرب، وتبقى كذلك حتى صلاة الفجر، بالإضافة إلى تزيينها بأنواع الإضاءة المختلفة.
كما تتميز شوارعها بموائد الرحمن وحفلات الإفطار الجماعي التي تقوم بها البلديات في الولايات التركية المختلفة، بالإضافة إلى المنظمات والجمعيات الإسلامية، حيث توفّر هذه الأماكن في كل عام ملايين الوجبات، ولا تقتصر على الطبقة الفقيرة فقط.
يستقبل الأتراك هذا الشهر بإقامة بعض المعارض الثقافية التي ترسخ المكانة التاريخية لتركيا في نفوس مواطنيها
أما مائدة رمضان في تركيا فعامرة بالعديد من الأصناف وتتباين من مدينة لأخرى إلا أن القاسم المشترك لدى الغالبية هو الحرص على تناول خبز “البيدا” (المصنوع يدويًا بالأفران التي تستخدم الوقود أو الأخشاب) و”البسطرمة” و”الصوجق” (لحوم محفوظة بطريقة خاصة)، وحبات من التمر، إضافة إلى الشوربة التركية”، والتي تعدّ طبقًا رئيسيًا في غالب الوجبات، وعلى مدار العام وليس في رمضان فقط، وتعتبر الفطائر (صفائح من الخبز المستدير بأحجام مختلفة)، من أكثر أنواع الطعام، التي يتم تناولها عند الإفطار، حيث يصطف الأطفال، قبيل أذان المغرب بقليل، للحصول على الفطائر الطازجة من المخابز.
أما السحور فيكون عبارة عن الزيتون والجبن والعسل والخبز، بالإضافة إلى احتساء الشاي، وتزدان شرفات المباني والمنازل بالأهلة المضاءة وحولها نجوم، تضفي عليها جمالًا ورونقًا خاصًا، تنعكس بشكل إيجابي على المارة الذين يرقبونها بإعجاب، ومن أبرز أنواع الحلويات التي يقبل عليها الأتراك في الشهر المبارك، البقلاوة والكنافة وحلوى السوتلاج بالإضافة إلى حلوى العاشوراء.
رمضان عند الأتراك موسم طاعات وترويج ثقافي
إندونيسيا.. القرع على الطبول
تعد إندونيسيا من أكبر الدول عددًا من حيث المسلمين الموجودين بها، ولها في استقبال رمضان طقوس مميزة، فمع إعلان قدوم الشهر، يخرج الأطفال في مختلف المدن الإندونيسية حاملين المشاعل ابتهاجًا بقدومه، ويميز ملابس الفتيات الحجاب الإندونيسي بشكله المعروف.
كذلك القرع على الطبول أحد سمات استقبال رمضان، ويقضي الإندونيسيون معظم أوقاتهم في حلقات واسعة يدرسون القرآن، ومن أشهر عادات الإندونيسيين تسامحًا اجتماعهم قبل الإفطار في المساجد بعد نقل أطعمتهم إليها ليجلسوا متجاورين.
هناك العديد من العادات لدى الشعب الإندونيسي في رمضان منها التجمع في المساجد قبل أذان المغرب، والتجهيز للإفطار بأن تضع كل أسرة الطعام الذي أعدّته على الأرض، ويجاور الصائمون بعضهم البعض في الجلوس، وعقب إتمام الصلاة يتناولون إفطارهم سويًا حتى لو لم تكن بينهم سابق معرفة، ويعتبر مشروب الـ”تيمون” المشروب الرسمي للشهر الكريم في إندونيسيا، وهو عبارة عن عصير إحدى أنواع فاكهة الشمّام.
يعد حلق الرأس من أشهر الطقوس الرمضانية في موريتانيا حيث يقوم أغلب السكان بحلق شعر الرأس أو تخفيفه مع بداية شهر رمضان
إقبال كثيف من الإندونيسيين على صلاة التراويح في رمضان
أوروبا وأمريكا.. إحياء الطقوس رغم برودة الأجواء
على الرغم من برودة الأجواء الإيمانية في أوروبا وأمريكا، فإن هذا لا يحول بين المسلمين المقيمين بها والاحتفال بشهر رمضان المبارك، حيث يسعون إلى التمسك بالعادات والتقاليد الرمضانية قدر الإمكان متخلين قليلاً عن طبيعة الحياة الغربية وسماتها.
يبادر المسلمون المقيمون في هذه الدول إلى تبادل التهاني والتبريكات مع قدوم رمضان، ويجتمعون في المساجد والمراكز الإسلامية للإعداد لبرامج العبادة والصلاة والقيام والتراويح في رمضان، من خلال توزيع كتيبات ومطويات توضح خطة العمل طيلة أيام الشهر.
أما على المستوى الاجتماعي ففي الغالب يجتمع الأقارب والجيران من المسلمين على موائد رمضانية واحدة، بحيث يكون الإفطار كل يوم عند شخص معين ويفطر معه كل المقربين منه، في محاولة لإحياء الطقوس العائلية المفتقدة في هذه البلدان.
برودة الأجواء في الغرب لم تحل بين المسلمين والاحتفال برمضان
عادات غريبة في باكستان وموريتانيا
هناك العديد من العادات والطقوس الغربية لاستقبال شهر رمضان في بعض المجتمعات، بعضها يحمل الصبغة الطريفة والآخر يتسم بالغرابة وغياب التأويل والتفسير.
ففي موريتانيا مثلاً يعد حلق الرأس من أشهر الطقوس الرمضانية، حيث يقوم أغلب السكان بحلق شعر الرأس أو تخفيفه مع بداية شهر رمضان، معززين ذلك بتبركهم بالشعر الذي ينبت برؤوسهم في بداية شهر رمضان ويطلقون عليه “شعر رمضان”.
أما في باكستان فتشتهر مدينة “بيشاور” بأحد أغرب الطقوس الرمضانية، وهى لعبة “حرب البيض المسلوق” حيث يمسك المتسابق ببيضة مسلوقة في يده ويقوم بضرب البيضة التي في يد منافسه فإن كسرها فاز وتأهل للمرحلة التالية وهكذا، ويظل الباكستانيون يلعبون بهذه الطريقة من بعد صلاة التراويح وحتى موعد السحور.
ومن الطقوس الطريفة أيضًا والمعبرة في باكستان إقامة حفل زفاف للطفل الذي صام لأول مرة، حيث يرتدي ملابس تشبه ملابس العريس البالغ مع غطاء ذهبي يزين الرأس، وذلك في محاولة لتشجيعه على الصيام وحثه على المواظبة دون انقطاع.