حذر نشطاء مصريون من تغييرات جذرية تحدث في الواقع السياسي المصري ستؤدي للعودة لما قبل الثورة المصرية في ٢٥ يناير، وإعادة نظام مبارك. فقد قال أنس حسن، الناشط السياسي أحد مؤسسي شبكة رصد الإخبارية: “تحدث الان عمليات تغيير كبرى اقتصادية وسياسية وافراج عن سجناء الحزب الوطني الكبار وتمهيد لاطلاق سراح مبارك و تعيين لواءات عسكرية في كافة المحافظات وتعيين حسام بدراوي القيادي في الوطني المنحل محافظا للقاهرة ، وزيادة حجم الاقتراض الداخلي بشكل كبير و تصعيد للسياسة الامنية بالجامعات”
وتابع حسن أنه وفقا “لمبدأ عقيدة الصدمة” فإن تلك القرارات لابد لها من غطاء لتمريرها، ولذلك فإن العسكر يحاول لفت أنظار الناس في اتجاه رابعة العدوية والنهضة، وبدلا من الحديث “عن التعذيب المتزايد في أقسام الشرطة” سيتحدثون عن “تعذيب المعتصمين لمعارضيهم” في ميدان النهضة ورابعة. وأنهى قائلا وموجها حديثه للجيش: “خوفهم من الوهم ثم اسرق الوطن مطمئنا لغفلتهم”.
ما قاله أنس حسن يعبر بشكل دقيق عن الواقع في مصر، ففي الأيام القليلة الماضية قامت حكومة الانقلاب العسكري في مصر بالاعلان عن العديد من القرارات التي من شأنها القضاء تماما على مكتسبات ثورة يناير.
فقد أعلن وزير الخارجية المصري عن عودة جهاز أمن الدولة سيء السمعة وإدارات متابعة النشاط السياسي والديني بجهاز الأمن الوطني.
في الوقت نفسه تقريبا تجهز وزارة التعليم العالي في حكومة الانقلاب خطة “لتطهير الجامعات من الإخوان المسلمين”، في إطار قرار وزير التعليم العالي حسام عيسى بمنع العمل السياسي داخل الجامعات المصرية.
وقال حسام عيسى في تصريح سابق: “سأقطع ذراع الإخوان المسلمين من الجامعة”
كما قرر العسكر وفي خطوة استفزازية أخرى تعيين حسام بدراوي الرئيس الأخير للحزب الوطني المنحل محافظا للقاهرة. ورغم أن حسام بدراوي لم يُعرف عنه الفساد، إلا أنه يعبر بشكل واضح عن نظام مبارك وسياساته وقد كان أحد المقربين من الرئاسة أثناء الأعوام الأخيرة من حكم مبارك
يأتي ذلك في الوقت الذي قدرت فيه منظمات حقوقية مصرية أعداد المعتقلين السياسيين منذ الانقلاب العسكري يوم الثالث من يوليو تموز الماضي ب١٨٠٠ معتقل سياسي في القاهرة وحدها، ومئات آخرين في محافظات مصر المختلفة. وهو ما يؤشر بوضوح إلى عودة الدولة البوليسية في مصر.
وقد أعلنت محكمة مصرية براءة أمين الحزب الوطني أحمد عز في قضية احتكار الحديد الذي كان متهما فيها.
في الوقت نفسه تستمر السلطات في اعتقال عشرات من قيادات الإخوان المسلمين، والعديد منهم بتهم سياسية فقط مثل الدكتور حلمي الجزار عضو مجلس الشورى والقيادي بالجماعة، بالإضافة لمحمد مهدي عاكف (٨٨ سنة) المرشد العام السابق للجماعة.
التضييق الأمني لم يستهدف المصريين فقط، فقد منعت السلطات المصرية الناشطة اليمنية توكل كرمان من دخول البلاد ورحلتها السلطات إلى دبي عقب ساعات قليلة من وصولها إلى مطار القاهرة.
احتجاز توكل كرمان الحائزة على جائزة نوبل للسلام في مطار القاهرة ومنعها من التوجه إلى ميدان رابعة العدوية
— Tawakkol Karman (@TawakkolKarman) August 4, 2013
الصحافة المصرية لم تسلم كذلك من مقص الرقيب العسكري، فقد منعت صحيفة الشروق نشر مقالات لكتاب عديدين بينهم وائل قنديل مدير تحريرها، وقد قال النائب السابق في مجلس الشعب والناشط مصطفى النجار أن الشروق تواجه “ضغوطات وتهديدات مستمرة”
كل هذه المواقف تفتح بابا كبيرا للتساؤل عن طبيعة الحراك الشعبي الذي أيده الانقلاب العسكري وأطاح بالرئيس مرسي، وعن طبيعة الفاعلين فيه ودوافعهم الحقيقية، وتجيب عن تساؤل شغل الكثيرين عما إذا كان ما حدث يوم ٣ يوليو ثورة أم انقلاب عسكري.