ترجمة وتحرير: نون بوست
في الوقت الذي كانت فيه القوات المسلحة العراقية تعمل جاهدة على القضاء على تنظيم الدولة بشكل تدريجي من داخل التضاريس الحضرية المعقدة في الموصل، كانت القوات العراقية شبه العسكرية المدعومة من قبل إيران تشق طريقها نحو مناطق أخرى. فقد توجهت هذه القوات نحو الصحاري الشاسعة التي توجد غرب وجنوب المدينة والتي تمتد عبر الحدود العراقية السورية.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المنطقة التي تنتشر فيها قرى صغيرة وطرق متربة تعدّ مركزا لخطوط الإمدادات الرئيسية التي تتجه نحو سوريا فضلا عن أنها تربط الشمال العراقي بالعاصمة العراقية بغداد. ومن هذا المنطلق، تعد السيطرة على الحدود العراقية السورية هدفا إستراتيجيا للقوات شبه العسكرية الشيعية المدعومة من إيران، الذين يدعمون أيضا نظام بشار الأسد.
يوم الاثنين، وصلت إحدى المجموعات شبه العسكرية التابعة للحكومة العراقية والمعروفة باسم قوات الحشد الشعبي إلى الحدود العراقية السورية بعد تأمين سلسلة من القرى الصغيرة غرب الموصل وجنوب سنجار، وذلك وفقا لما ذكره المتحدث الرسمي باسم هيئة الحشد الشعبي، أحمد جاسم الأسدي. وفي هذا السياق، أفاد أحمد جاسم أن “هذه العملية تعتبر الخطوة الأولى نحو تحرير كامل الحدود”.
شرعت قوات الحشد الشعبي في تنفيذ سلسلة من العمليات العسكرية، حيث عمدت إلى دفع مقاتلي تنظيم الدولة للانسحاب من وسط مدينة البعاج، التي تقع على بعد 40 كيلومترا من الحدود السورية
وفي الأثناء، شرعت قوات الحشد الشعبي في تنفيذ سلسلة من العمليات العسكرية، حيث عمدت إلى دفع مقاتلي تنظيم الدولة للانسحاب من وسط مدينة البعاج، التي تقع على بعد 40 كيلومترا من الحدود السورية. وفور استعادة السيطرة على هذه المدينة، سيتم إرسال وحدة لتأمين قرية أم جريس الحدودية.
وفي هذا الصدد، أفاد الأسدي، أن “هذا الانتصار سيكون حافزا مهما للجيش العربي السوري حتى يعمل على تأمين كامل الحدود من الجانب السوري”، وذلك في إشارة إلى قوات نظام الأسد. من جهة أخرى، صرح الشيخ سامي المسعودي، وهو زعيم مجموعة شبه عسكرية، أنه “في حين تحاول قوات الحرس الحدودية تأمين المزيد من المناطق على الحدود، تخطط هذه القوات أيضا “لإقامة حاجز ترابي وحفر خندق” في المنطقة”. والجدير بالذكر أن الحدود العراقية السورية لطالما مثلت، ملاذا للمهربين وأرضا خصبة لنشاط المعارضين.
من جهتها، قالت الباحثة ماريا فانتابيه، التي تعمل ضمن مجموعة الأزمات الدولية إن “إنشاء موطئ قدم في نينوى من شأنه أن يمنح القوات شبه العسكرية نفوذا سياسيا وعسكريا كبيرا في العراق، خاصة في أعقاب انتهاء الحرب ضد تنظيم الدولة”. وأضافت فانتابيه أن “الإيرانيين أعطوا أولوية لمسألة غفلت عنها الولايات المتحدة، ألا وهي السيطرة على الطرق والمنافذ الإستراتيجية، بدلا من السيطرة على المجتمعات السنية”.
على بعد أكثر من 150 كيلومترا من موقع قوات الحشد الشعبي، تسعى القوات المسلحة وقوات الشرطة العراقية إلى إغلاق كل المنافذ أمام تنظيم الدولة في مدينة الموصل القديمة. وفي هذا الصدد، أكد بعض القادة العراقيين أن المعركة المحتدمة التي تشهدها العراق، حاليا، والتي بلغت شهرها الثامن، قد وصلت إلى مراحلها النهائية
في الإطار ذاته، أوضحت فانتابيه أن قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة قد ركزت خلال معاركها ضد تنظيم الدولة بشكل كبير على استعادة المدن، في الوقت الذي سعت فيه قوات الحشد الشعبي للسيطرة على خطوط العبور والإمدادات الحدودية. وأردفت فانتابيه أن “السيطرة على طرق الإمدادات والحدود من شأنها أن تؤمن للقوات شبه العسكرية القوة اللازمة لتشتيت الجالية السنية العراقية جغرافيا وسياسيا” كما أكدت فانتابيه أن “هذه القوات تحاول تقسيم العراق ومنع ظهور كتلة سنية موحدة”.
على بعد أكثر من 150 كيلومترا من موقع قوات الحشد الشعبي، تسعى القوات المسلحة وقوات الشرطة العراقية إلى إغلاق كل المنافذ أمام تنظيم الدولة في مدينة الموصل القديمة. وفي هذا الصدد، أكد بعض القادة العراقيين أن المعركة المحتدمة التي تشهدها العراق، حاليا، والتي بلغت شهرها الثامن، قد وصلت إلى مراحلها النهائية. وفي الأثناء، حذّرت الأمم المتحدة من تبعات هذه العملية العسكرية. فمن المرجح أن تضع هذه العملية حياة أكثر من 100 ألف مدني، لا يزالون محاصرين من قبل تنظيم الدولة داخل الموصل، على المحك.
في سوريا، كانت قوات الأسد وحلفاؤه تتجهز للقيام بسلسلة من الضربات ضد المعارضة. وفي الوقت ذاته، أخذت هذه القوات تتحرك باتجاه الحدود العراقية الأردنية، علما وأنها لا تزال بعيدة عن الوصول إلى هدفها. من جانب آخر، شهدت ساحة القتال في سوريا التي تعيش حالة من الفوضى غير المسبوقة، قتالا محتدما بين قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من قبل الولايات المتحدة ومقاتلي تنظيم الدولة والمعارضة السورية وذلك بهدف الظفر ببعض الأراضي والسيطرة على المزيد من المدن.
في 18 من أيار/ مايو، شنت القوات الأمريكية غارة جوية استهدفت القوات الموالية للأسد. وفي هذا السياق، أوردت قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أن “هذه العناصر تشكّل تهديدا واضحا للقوات الأمريكية والمعارضين المتحالفين معها”، الذين يتمركزون بالأساس بالقرب من الحدود الأردنية. وقد مثّل ذلك الهجوم أول مواجهة مباشرة بين القوات الأمريكية والمقاتلين الذين يدعمون الأسد.
قال هاشم الموسوي، المتحدث باسم حركة النجباء، التي تعمل تحت مظلة قوات الحشد الشعبي، إن “قوات الحشد الشعبي تستعد للتوجه نحو الأراضي السورية لمساعدة الأسد، بعد تأمين الجانب العراقي من الحدود مع سوريا”
وتجدر الإشارة إلى أن تنظيم قد تمكن من بسط نفوذه في العراق، بعد التمرد الذي اجتاح العراق بعد الإطاحة بصدام حسين في سنة 2003. وفي أعقاب انتفاضة سنة 2011، انتقلت هذه الجماعة للعمل تحت قيادة أبو بكر البغدادي في سوريا وذلك لمواجهة الأسد. وفي مطلع سنة 2014، شرع تنظيم الدولة في دفع القوات الحكومية العراقية خارج محافظة الأنبار الغربية. وفي صائفة السنة ذاتها، استطاع التنظيم اجتياح الموصل ومناطق واسعة من شمال العراق.
وفي ذروة قوته، تمكن تنظيم الدولة من بسط نفوذه على حوالى ثلث العراق. ولكن وبمساعدة القوات المسلحة الايرانية وقوات التحالف الدولي التي تقودها الولايات المتحدة، استعاد الجيش العراقي أكثر من نصف الأراضي التي كان المتطرفون يسيطرون عليها. وفي هذا الصدد، قال هاشم الموسوي، المتحدث باسم حركة النجباء، التي تعمل تحت مظلة قوات الحشد الشعبي، إن “قوات الحشد الشعبي تستعد للتوجه نحو الأراضي السورية لمساعدة الأسد، بعد تأمين الجانب العراقي من الحدود مع سوريا”.
وتجدر الإشارة إلى أنه وقبل أن تقوم الحكومة العراقية بحضر ومعاقبة قوات الحشد الشعبي، كان مقاتلو حركة النجباء يناضلون داخل سوريا. وقد دعمت الحركة نظام الأسد خلال الأيام الأولى من الانتفاضة الشعبية ضد حكومته. في المقابل، أشار الموسوي إلى أنه “وفي الوقت الراهن، يتطلب العبور إلى سوريا للقتال جنبا إلى جنب مع الأسد موافقة الحكومة العراقية في بغداد”.
كتب هذا الموضوع: سوزانا جورج، وقاسم عبد الزهراء، صحفيان في وكالة أسوشيتد برس
المصدر: واشنطن بوست