ترجمة حفصة جودة
ألقت دراسة نُشرت في مجلة “تنمية الطفل” نظرة على تأثير استخدام الوالدين للتكنولوجيا على سلوكيات الأطفال، وخلصت نتائج الدراسة إلى أن التفاعل بين الوالدين والطفل الذي تتخلله التكنولوجيا في ظاهرة تُعرف باسم “technoference” (تكنوفيرنس)، له تأثير كبير ويتسبب في سوء سلوك الأطفال.
في الدراسة اعترف نحو نصف الآباء (48%) بتعرضهم لثلاث حوادث يومية من التكنوفيرنس في تفاعلهم مع أطفالهم، قال الباحثون إن هذه الظاهرة ترتبط لدى الأطفال الصغار بظاهرة النحيب المتكرر والاستياء والأرق والإحباط ونوبات تقلب المزاج (من قبيل الصدفة، هذه السلوكيات تظهر على البالغين عندما يواجهون مشكلة مع الإنترنت).
إنها تسبب العديد من الأشياء التي تجعل الآباء يعترفون بالذنب، فهناك طفلة تبلغ من العمر 6 سنوات تسير فوق الأطفال الأصغر سنًا في إحدى الألعاب بينما يشاهد والدها المناقصات على موقع “eBay”، أما والدتها فمنخرطة في محادثة نصية وتقول لها انتظري، في تلك الأثناء يحاول طفلهم الآخر الحديث عن أحداث وقعت في المدرسة، سوف يدرك الكثير منا ما يعنيه مصطلح “الحضور الغائب” عند استخدام التكنولوجيا حول الأطفال، وسوف يتفقون ويتعاطفون مع موضوعات الدراسة والتي جعلتهم يعترفون بشعورهم بأنهم أقل فعالية في القيام بدورهم.
يتساءل الآباء عن المدة الزمنية المسموح بها للأطفال لمشاهدة التلفاز
أما الأشخاص الأكبر سنًا فيشعرون بالقلق عندما يشاهدون الآباء وهم منشغلون بالنظر في الشاشات بينما يجلس أطفالهم بجوارهم في الحافلة وهم يحدقون في الفضاء، لكن هذا الصراع بين ما هو جيد للأطفال وما هو جيد للآباء وما هو جيد للعائلة كلها يسبق عصر اليوتيوب، فمعاصرو الجيل العاشر (جيل ما بعد الثورة العالمية الثانية) يتذكرون الصعوبات التي واجهها آباؤنا لتحقيق التوازن بشأن مشاهدة التلفاز، ما المدة الزمنية المسموح بها للأطفال لمشاهدة التلفاز؟ هل مشاهدة الأطفال لمسلسل “Grange Hill” يجعلهم بذيئين وغير قادرين على العمل أو كليهما؟ ما البرامج التليفزيونية المناسبة لتناول العشاء في أثناء مشاهدتها؟ هل من المناسب أن نحكي قصة ما قبل النوم سريعًا لأن مسلسل “Hill Street Blues” على وشك أن يبدأ؟
غيرت التكنولوجيا المحمولة من قواعد اللعبة بسبب إمكانية تنقلها وسهولة إدمانها في وقت قصير، ويصبح الترفية القليل بشكل طائش أمرًا دائمًا، ربما نشعر بالقلق تحديدًا بخصوص تأثير التكنولوجيا الحديثة لأننا مسحورون بالحداثة، كانت فترة تربيتي لأطفالي تدور حول تحيّن الفرص للجلوس والقراءة لنصف ساعة لكن لم يخبرني أحدهم أنه من المفترض أن أقضي وقتًا أقل في القراءة.
أصبح الانشغال في الحياة الحديثة كثيرًا جدًا، والوقت الذي نقضيه لتوفير العام والملابس والسكن لأسرتنا هو وقت لا يمكن قضاؤه في أي محادثة مفيدة وجهًا لوجه مع الأبناء، فمثلاً أنا أعمل من المنزل ويعود أطفالي إلى المنزل قبل انتهاء عملي، أشعر بالسوء لأنني لا أستطيع أن أمنحهم سوى بعض الاهتمام السريع عند عودتهم إلى المنزل، قليل من الآباء ينكرون أهمية الاستماع إلى محادثات الأطفال أو الإجابة عن أسئلتهم الكثيرة المجردة عن الظواهر الطبيعية والتي تجعلنا نشك بأن الأطفال يحاولون إزعاجنا عمدًا، لكن الآباء بحاجة إلى بعض الوقت للراحة أيضًا وإلا سيبدأون في الصراخ بشكل هيستيري.
لا بد من الاتفاق على طرق أكثر وعيًا لتقوم الأسرة بأنشطة أخرى بشكل منتظم
مشكلة هذه الدراسات أنها تخبرنا بأن سلوكياتنا تؤثر سلبًا على حياة الطفل، لذا فاستجابتنا الطبيعية تجعلنا نوضح آلاف الأسباب التي تقول بأن هذه السلوكيات لا تنطبق علينا، لكن للإنصاف فقد أكد مؤلفو الدراسة أنهم بحاجة لإجراء المزيد من الدراسات والتي تشمل التلفاز أيضًا، وهناك الكثير من الآباء بحاجة لإرشادات قائمة على أدلة منطقية عن التكنولوجيا والشاشات حتى يتوقفوا عن الشعور بالسوء ويبدأو في القيام بأشياء بناءة بدلاً من ذلك، فمن الشائع أن يقوم الآباء بتحديد وقت استخدام الأطفل للشاشات، لكننا نفشل في النظر بجدية إلى ما يمكننا الاستفادة منه بعد وضع هذه القيود.
لذا بدلاً من الشعور بالذنب كلما جلست إلى الكمبيوتر، من الممكن أن تقوم الأسرة بتقييم صادق عن تأثير الوقت الذي يقضيه الجميع أمام الشاشات، والاتفاق على طرق أكثر وعيًا للقيام بأنشطة أخرى بشكل منتظم، وفي النهاية، فإلقاء بعض الأشياء من النافذة من إحدى الأنشطة التي يستمتع بها الناس من كل الأعمار.
المصدر: الغارديان