أيام قليلة ويدخل البريطانيون استحقاقًا ديمقراطيًا جديدًا حين يتوجهون صوب صناديق الاقتراع لاختيار نواب مجلس العموم في الانتخابات التي ستجرى في الثامن من يونيو/حزيران المقبل، بعد موافقة البرلمان بأغلبية 522 في مقابل 13، على إجراء الانتخابات في هذا التوقيت.
الانتخابات العامة المبكرة التي كان مقررًا لها 2020 تأتي وسط ظروف استثنائية وتحديات حساسة، حيث إنها جاءت بالتزامن مع بدء اتخاذ الحكومة البريطانية إجراءاتها الميدانية للخروج من الاتحاد الأوربي، بعد الاستفتاء الأخير، فضلاً عن الهجمات الإرهابية المتعددة التي شهدتها البلاد في الفترة الأخيرة وأبرزها ما شهدته مدينة مانشستر الذي أودى بحياة 19 مواطنًا.
ردود فعل متباينة حيال تقديم موعد الانتخابات ما بين مؤيد ومعارض، وتساؤلات عن الدوافع السياسية وراء إجرائها في هذا التوقيت، وقدرة حزب العمال في ظل ما يعانيه من أزمات داخلية على مواجهة المحافظين مستغلاً أوجه القصور التي تعاني منها حكومة تيريزا ماي والتي ألقت بظلالها على البريطانيين حسبما كشفت استطلاعات الرأي الأخيرة.
الدعوة لانتخابات مبكرة.. لماذا؟
قبل ثلاث سنوات من الموعد المحدد لإجراء الانتخابات القادمة دعت رئيسة حكومة المحافظين البريطانية تيريزا ماي إلى تصويت مجلس العموم على إجراء انتخابات عامة مبكرة خلال الشهر القادم.
دوافع ماي وراء هذه الدعوة بحسب ما صرحت به هو إرادتها الحصول على تخويل لإتمام عملية خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي، مضيفة أن الانتخابات ستعزز موقفها ضد معارضيها الداخليين الذين يسعون لتقويض عملية الخروج.
ووسط أنصارها في تجمع بلندن أكدت زعيمة المحافظين على الالتزام بالجدول الزمني المحدد لبدء إجراءات خروج بلادها من عباءة الاتحاد والمقرر التاسع عشر من يونيو/حزيران القادم، حيث قالت: “تلك المفاوضات ستبدأ بعد 11 يومًا بالضبط من يوم الانتخابات ولن يكون هناك أي تأجيل لها، التأجيل لن يكون ممكنًا، الأوروبيون مستعدون، هذا هو الجدول الزمني الذي تم تحديده”.
ماي استنكرت الاتهامات التي تشير إلى استهدافها مصالح حزبها على حساب مصلحة بلادها، مشيرة أنها لا تسعى للفوز “بشيك انتخابي على بياض” من خلال دعوتها لانتخابات عامة مبكرة، مضيفة أن برنامجها الانتخابي سيكون برنامجًا يهدف إلى دفع البلاد للأمام.
تيريزا ماي تبرر دعوتها لإجراء انتخابات مبكرة بسعيها للحصول على “تخويل لإتمام عملية خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي”
مجلس العموم البريطاني يوافق على إجراء انتخابات مبكرة بالأغلبية
ما بين الترحيب والترقب
تباينت ردود فعل الأحزاب والقوى السياسية داخل بريطانيا حيال دعوة تريزا ماي وتقديم الانتخابات العامة، فمن جانبه رحب زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربين، بالانتخابات معلنًا مشاركة حزبه فيها، وإن شكك في دوافع ماي وراء تقديم موعد الانتخابات متسائلاً: كيف يمكن لأي أحد أن يثق برئيسة الحكومة التي كانت تصر على أنها لا تنوي إجراء أي انتخابات قبل حلول عام 2020؟ وتابع مخاطبًا رئيسة الحكومة: “السبب وراء هذه الانتخابات المبكرة هو سبب فشل حكومتك في إعادة بناء الاقتصاد ورفع مستوى المعيشة لغالبية الشعب”.
I welcome this #GeneralElection as an opportunity to form a Labour government that can transform Britain. pic.twitter.com/5PyPEX6CnM
— Jeremy Corbyn (@jeremycorbyn) April 18, 2017
كما رحب زعيم حزب شين فين الإيرلندي بتقديم موعد الانتخابات، معلنًا مشاركة حزبه فيها، حيث غرد قائلاً: “ماي تطلب انتخابات عامة مبكرة؟ حزب شين فين مستعد! ستكون فرصة للتصويت مع التقدم وضد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي”.
So Ms May has called a British General Election. Sinn Féin is up 4 that! Another chance 2 vote against Brexit & 4 progress.
— Gerry Adams (@GerryAdamsSF) April 18, 2017
كذلك أعلنت رئيسة حزب الخضر كارولين لوكاس، مشاركة حزبها في الانتخابات، قائلة: “هذه لحظة زلزالية في مستقبل بلدنا، حزب الخضر هو الحزب الوحيد الذي يوفر نظرة جريئة وإيجابية لمستقبلنا، هيا بنا”.
This is a seismic moment for the future of our country. Only @TheGreenParty offers a bold, positive vision for our future. Let's do this.
— Caroline Lucas (@CarolineLucas) April 18, 2017
أما زعيمة الحزب الإسكتلندي المعارض نيكولا سيترجن، فقد حذرت من محاولة المحافظين نقل بريطانيا “إلى اليمين”، قائلة في تغريدة لها على حسابها الشخصي على موقع “تويتر”: المحافظون يرون فرصة لنقل بريطانيا إلى اليمين السياسي، وخروجها من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، وفرض إجراءات تقشفية على خدماتنا، هيا بنا نقف وراء إسكتلندا”.
The Tories see a chance to move the UK to the right, force through a hard Brexit and impose deeper cuts. Let's stand up for Scotland. #GE17
— Nicola Sturgeon (@NicolaSturgeon) April 18, 2017
توازن الرؤية
يعد حزب العمال المنافس الأقوى أمام تيريزا ماي في جولتها الانتخابية القادمة، خاصة لما يشهده الحزب من تقدم في الفترة الأخيرة في ظل رئاسة جيريمي كوبين له، وتتوقف قدرته في التصدي للمحافظين على برنامجه الانتخابي وما يمكن أن يقدمه للشعب البريطاني.
على الرغم من تسريبه قبل الإفصاح عنه بأيام، فإن البرنامج الانتخابي الذي أعلنه حزب العمال نجح في معالجة العديد من أوجه القصور التي وقعت فيها حكومة تريزا ماي خلال الفترة الماضية، حيث تعهد زعيم الحزب، حال فوزه في الانتخابات القادمة بتأميم العديد من الصناعات، بما في ذلك السكك الحديدية والبريد الملكي وشركات المياه وشبكات إمدادات الطاقة.
كذلك شدد على مراعاة تشكيل حكومته حال فوزه لأغلبية المواطنين وليس لطبقة بعينها وأن تكون لسان حال الشعب بصورة كبيرة، موضحًا أن حزبه سيعمل على إعادة تنظيم قوانين الهجرة عندما تغادر المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي، وينشئ نظامًا جديدًا يتضمن تصاريح عمل أو لوائح جديدة للتأشيرة.
كوربين تحفظ على فكرة خروج بريطانيا من عباءة الاتحاد الأوروبي دون التوصل إلى اتفاق للحد من الأضرار التي لحقت بهذا الخروج لا سيما في مجالي الاقتصاد والتجارة، ولعل من أبرز البنود التي سربت للبرنامج الانتخابي للعمال التعهد بعدم التراجع عن قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي، مع ضمان حقوق مواطني الاتحاد في الإقامة والعمل في بريطانيا في الوقت ذاته.
أما عن ملامح السياسة الخارجية الجديدة لبريطانيا، فكان لكوربين رأي متوازن نسبيًا، ملفتًا أن نهج “القنبلة أولاً والحوار لاحقًا” في السياسة الخارجية قد فشل، وأن حزب العمال، في حال فوزه بالانتخابات المقبلة، سينهج سياسة دفاع مستقلة عن الولايات المتحدة ورئيسها.
وعن مشاركة قوات بريطانية خارج حدودها أعلن عدم معارضته ذلك بموجب القانون الدولي ولكن في حالات الضرورة القصوى وحين تستدعي الظروف، موضحًا أن الحزب سيضع “السلام والحقوق العالمية والقانون الدولي” في قلب السياسة الخارجية، مع الالتزام بواجبات بريطانيا في ميزانية حلف شمال الأطلسي “ناتو”، والتي تعادل 2% من إجمالي الناتج المحلي.
رئيس حزب العمال تحفظ على فكرة خروج بريطانيا من عباءة الاتحاد الأوروبي دون التوصل إلى اتفاق للحد من الأضرار التي لحقت بهذا الخروج
الفقراء.. سلاح العمال القوي
تعد مسألة اتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء في بريطانيا من الأوراق المهمة التي يلعب عليها الناخبون للحصول على نسبة تصويت أعلى، إذ إنها كانت أحد أبرز الأسلحة التي قادت إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء الأخير.
مكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني يفيد في إحصاء له بأن 6.5%من البريطانيين أو 3.9 مليون شخص تم تصنيفهم كفقراء عام 2014، وهي آخر سنة تتوافر فيها معلومات بهذا الشأن، فيما تشير إحصائيات أخرى إلى أن معدل البطالة في بريطانيا بلغ أدنى مستوى له خلال 42 عامًا حيث وصل إلى 4.6%، إلا أن العديد من العاملين يحصلون على أجور منخفضة وعقود قصيرة الأمد، حيث بلغ متوسط دخل الأسرة 26300 جنيه إسترليني (33700 دولار) للعام حتى مارس 2016، وهو أعلى بـ4% فقط من القيمة التي بلغها منذ عشرة أعوام قبل الأزمة المالية العالمية.
هذه الأرقام المعلنة قد تخفي وراءها بعض الحقائق الأخرى التي تزيد من قتامة المشهد، وهو ما كشف عنها معهد أبحاث “ريزوليوشن فاونديشن” الذي حذر من أن عدم المساواة في مستويات المعيشة قد يصل إلى نسب غير مسبوقة منذ 30 عامًا، بينما أشارت منظمة “إيكوالتي تراست” المدافعة عن المساواة، أنه في عام 2017، سيمتلك 1000 شخص في المملكة المتحدة ثروة تزيد على تلك التي تملكها 40%من الأسر الأفقر بالمجمل.
رئيسة الوزراء تيريزا ماي تعهدت قبل الانتخابات الماضية التي فازت بها، بتحسين حقوق العمال وتقليل الضرائب ورفع الحد الأدني للأجور إلى غير ذلك من الإجراءات التي تهدف إلى تقليل الهوة بين فقراء بريطانيا وأغنيائها، إلا أن الظروف الاقتصادية الأخيرة وعدم القدرة على توفير الكلفة اللازمة لذلك حالت بينها وبين تنفيذ ما تعهدت به وهو ما أدى إلى سخط بعض الفئات المجتمعية ضدها.
وفي المقابل يعزف حزب العمال على هذا الوتر، يقينًا منه بتأثيره في المشهد الانتخابي، حيث تعهد برفع الضرائب على الأغنياء وزيادة الحد الأدني للأجور وإعادة تأميم الصناعات الأساسية مثل سكك الحديد، إضافة إلى إلغاء أقساط الجامعات وضخ الأموال في خدمة الصحة الوطنية التابعة للحكومة.
كما تضمن البرنامج الانتخابي تعهدًا بشطب الرسوم الدراسية الجامعية، وبناء مليون منزل جديد، ودعم خدمات الرعاية الصحية الوطنية بمبلغ إضافي قدره 6 مليارات جنيه إسترليني سنويًا.
مكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني يفيد في إحصاء له بأن 6.5% من البريطانيين أو 3.9 مليون شخص تم تصنيفهم كفقراء عام 2014
3.9 مليون مواطن في بريطانيا تم تصنيفهم كفقراء
كوربين وقضايا الشرق الأوسط
يتبنى زعيم حزب العمال البريطاني كوربين، بعض المواقف السياسية التي ربما تتعارض نسبيًا مع السياسات الحالية، أبرزها تعهده بالاعتراف بالدولة الفلسطينية حال فوزه، مؤكدًا في بيان حزبه “أن الحكومة البريطانية القادمة في حال ترأسها حزب العمال فسوف تعترف فورًا بالدولة الفلسطينية”، معربًا عن إيمانه بفكرة “حل الدولتين”، كما أنه دعا إلى إنهاء الاحتلال والحصار “الإسرائيلي” ووقف بناء المستوطنات، وأوضح البيان أنه حان وقت تحقيق اتفاق سلام دائم لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، مؤكدًا أن أول ما سيقوم به الحزب لدى وصوله السلطة هو الاعتراف بالدولة الفلسطينية بفلسطين كخطوة من أجل تحقيق السلام في الشرق الأوسط”.
وفي سياق متصل أعلن حزب العمال على لسان رئيسه دفاعه عن الاتفاق النووي الإيراني الموقع في 2015، وذلك خلال مناظرة تليفزيونية له، حيث قال “نحن نريد العيش في عالم آمن من الكارثة النووية، استخدام أي نوع من السلاح النووي في أي نقطة من العالم يشكل كارثة لنا جميعًا”.
موقف كوربين وحزبه من القضية الفلسطينية وضرورة إنهاء الحصار “الإسرائيلي”، وسعيه لإحلال السلام ونبذ العنف ورفضه للحروب والأسلحة النووية، يدعو إلى التساؤل عن مدى تأثير هذه المواقف على أصوات البريطانيين من أصول عربية وإسلامية، وهل من الممكن أن تدفعهم إلى التصويت له في الانتخابات القادمة؟
كوربين يتعهد بأن الحكومة البريطانية القادمة في حال ترؤسها حزب العمال فسوف تعترف فورًا بالدولة الفلسطينية
أصوات العرب والمسلمين.. لمن؟
تشير التقديرات غير الرسمية ابتداءً إلى أن أعداد المسلمين في بريطانيا يقارب 3 مليون مسلم، إضافة إلى نحو مليون عربي، نسبة كبيرة منهم تحمل الجنسية البريطانية ولها حق التصويت، وإن لم يكن هناك إحصاء رسمي لها.
من أبرز الانتقادات التي توجه للجالية العربية والإسلامية في بريطانيا عدم الانخراط في العمل السياسي وتراجع الانضمام إلى الأحزاب والحركات السياسية العاملة هناك، فضلاً عن عدم اهتمام الكثير منهم بالسياسة من الأساس، وهو ما كان مثار استنكار لدى العديد من الناشطين السياسيين من أصول عربية.
ومع ذلك فإن البريطانيين من أصول عربية أو إسلامية مواطنون في الدرجة الأولى ومن ثم يتأثرون بسياسات الأحزاب وتوجهاتها وإن لم يبدوا أي مواقف حيالها، وكما قال مراقبون فإن المواطنين العرب والمسلمين في بريطانيا قد عانوا كثيرًا بسبب سياسات حكومة المحافظين الحالية بسبب فرض المزيد من الضرائب وزيادة الرسوم الدراسية وتراجع مستوى الخدمات الصحية.
مما سبق فمن المتوقع أن تتوجه أصوات العرب والمسلمين في بريطانيا صوب حزب العمال الذي يعالج وفق برنامجه المعلن أوجه القصور التي عانت منها حكومة المحافظين، فضلاً عن التوجهات الإيجابية للحزب حيال قضايا العرب وعلى رأسها القضية الفلسطينية، لكن يبقى السؤال: أصوات العرب والمسلمين وحدها لا تكفي لإنجاح العمال، فما الفرص المتاحة إذًا؟
في أحدث استطلاع للرأي حصل حزب المحافظين على 44% (-5 نقاط) من نوايا التصويت أمام حزب العمال الذي حصل على 35% (+4 نقاط)
العمال يقلص الفارق
تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى قدرة حزب العمال على التقدم بخطوات ملموسة قبيل موعد إجراء الانتخابات ونجاحه في تقليص الفارق الذي بلغ الأسبوعين الماضيين إلى 20 نقطة بينما وصل اليوم إلى 9 -12 نقطة.
أربعة استطلاعات للرأي أجرتها شركات ومراكز متخصصة، كشفت تراجع المحافظين لحساب العمال، وقد أظهر آخر استطلاع أجرته شركة “يوغوف” شمل 1925 بريطانيًا أن التقدم الذي أحرزه حزب المحافظين على حزب العمال تراجع بمعدّل النصف في أسبوع واحد وبات يبلغ تسع نقاط.
وبالتالي حصل حزب المحافظين على 44% (-5 نقاط) من نوايا التصويت أمام حزب العمال الذي حصل على 35% (+4 نقاط)، فيما حصل حزب الليبراليين الديموقراطيين على 9% وحزب استقلال بريطانيا (يوكيب) على 3% والأحزاب الأخرى على 8%.
وكان استطلاعًا آخر لـ”يوغوف” شمل 1630 بريطانيًا بين 11 و12 من مايو الحالي أظهر تقدمًا للمحافظين بفارق 18 نقطة مع 49% من نوايا التصويت مقابل 31% لحزب العمال.
“ماي” تغيب عن المناظرة
تأزم جديد لموقف حزب المحافظين قد يساهم في تقليص فرصه في الانتخابات القادمة وذلك حين غابت زعيمة الحزب تيريزا ماي عن المناظرة التي أقيمت أمس الأربعاء بمشاركة الأحزاب الرئيسية السبعة المشاركة في الانتخابات المبكرة.
فسرت ماي غيابها عن المناظرة بدعوى أنها “تؤمن بالحديث المباشر مع الجمهور في الشارع”، وهي التي قالت في وقت سابق “أعتقد أن المناظرات التي يشتبك فيها السياسيون ويتجادلون فيما بينهم لا تفعل شيئًا في عملية مساندة المرشحين”.
وفي المقابل استغلت أحزاب المعارضة هذا الغياب لشن حملة ضد المحافظين، حيث اعتبر كوربن غيابها “إشارة ضعف”، بينما اعتبرته زعيمة الخضر كارولاين لوكاس “جبنًا كبيرًا”.
أما زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي تيم فارو فتساءل ساخرًا: “أين تيريزا ماي في اعتقادكم هذه الليلة؟”، وأجاب قائلاً “ألق نظرة من نافذتك، قد تكون في الخارج تقيّم منزلك لدفع ثمن الرعاية الاجتماعية الخاصة بك”، مشيرًا إلى إعلان ماي السماح للمسنين بدفع ثمن الرعاية الصحية الخاصة بهم بعد وفاتهم من عائدات ممتلكاتهم، وأضاف “لقد دعت إلى انتخابات مبكرة لمصلحتها الخاصة ومصلحة الحزب المحافظ، وهي تخشى خوض نقاش معنا إلى حد كبير”، ثم خاطب ماي متسائلاً “كيف تجرؤين على الدعوة للانتخابات ثم تهربين من المناظرة”؟
اعتبر كوربن غياب ماي عن مناظرة الأمس “إشارة ضعف”، بينما اعتبرته زعيمة الخضر كارولاين لوكاس “جبنًا كبيرًا”
غياب تيريزا ماي عن مناظرة الأمس وضعها في موقف صعب
فهل يفعلها حزب العمال؟
على الرغم من التقدم الملحوظ لحزب العمال في الفترة الأخيرة، فهناك بعض الأزمات الداخلية التي تهدد فرص نجاحه في الانتخابات المقبلة، بعضها يتعلق بعمليات إدارية وهيكلية والآخر بمواقف الحزب حيال بعض القضايا والتي ربما تؤثر على شعبيته أبرزها موقفه من الأزمة السورية ودعمه لعدم تدخل بلاده لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على الرغم من تبني التنظيم لبعض العمليات داخل بريطانيا.
كما أن تمسك الحزب ببعض السياسات القديمة وعدم التجديد في أطروحاته المقدمة ربما يحول بينه وبين الفوز في الانتخابات، وهو ما أشار إليه الزعيم السابق للحزب نيل كينوك، والذي قال في مقابلة صحفية له: “أعتقد أنه من غير المرجح أن نحقق (حزب العمال) تقدمًا حقيقيًا في هذه الانتخابات لأنه كما قلت في السابق ما لم يجر الحزب تغييرات جوهرية، لا أتوقع أن أرى حكومة عمالية في حياتي”.
وتابع: “لم يجر الحزب التغييرات الجوهرية التي كنت دعوت لها، ولذا فأنا متشائم من إمكانية أن أحيا لأرى حكومة عمالية جديدة”، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى أن الزعيم الجديد للحزب، جيريمي كوبين، سيكافح أعضاء الحزب ونوابه ومرشحوه وناشطوه بشراسة من أجل إعلاء أهداف الحزب.