للعام السابع على التوالي، يتزامن رمضان في ليبيا مع أحداث عنف شملت مختلف مناطق البلاد ونقص في السيولة وارتفاع أسعار المواد الغذائية، إلا أن ذلك لم يثني الليبيين عن الاحتفال بطريقتهم الخاصة بهذا الشهر الفضيل على أمل أن يتجاوزوا محنتهم التي طال أمدها وأن يجلب شهر رمضان المبارك معه السلام والأمن والطمأنينة إلى البلاد.
الحياة مستمرة
استقبل الليبيون رمضان، السبت الماضي، مثلهم مثل باقي الدول الإسلامية بفرح كبير رغم ما تشهده بلادهم من مصاعب، حيث حضرت نفحات الشهر الكريم في معظم أنحاء البلاد بعد أن استعدت العائلات منذ بداية شهر رجب الماضي، بشراء اللوازم الضرورية للمطبخ من الأسواق التي تفوح بمزيج مدهش من روائح التوابل والحبوب والقهوة، وشراء الأواني وتجديد الأثاث.
تفاؤل كبير في صفوف الليبيين
ورغم أن رمضان هذه السنة جاء هو الأخر في ظروف قاسية على الليبيين، إذ تطورت الأحداث العسكرية والأمنية في عديد المناطق من البلاد، إلا أن صبر الليبيين حال دون تأثرهم بذلك حسب، أستاذة التعليم الابتدائي ياسمينة في تصريح مقتضب لها لنون بوست. وتقول ياسمينة التي تقطن في حي قصر بن غشير قرب المطار الدولي بالعاصمة طرابلس، “الحياة مستمر رغم الحرب، فالشعب الليبي صبور ويتحمل جميع الصعاب والأزمات.” وتضيف، “الانسان هنا اعتاد على كل شيء، لذلك فلن تأثر فيها مظاهر العنف.” وأكدت ياسمينة في حديثها لنون استبشارها خيرا بشهر رمضان الكريم، مؤكدة أن الله لن يتخلى عن هذه البلاد ولا عن شعبها الصبور.
ارتفاع الأسعار
خلال هذه الأيام، يشاهد ازدحام كبير في أسواق بيع الخضر والغلال بطرابلس، رغم ارتفاع الأسعار، وتضاعفت الاسعار أربع او خمس مرات هذا العام في ليبيا، بالتزامن مع نقص في السيولة في البلاد، ما استوجب اعتماد سياسة التقشف عند بعض العائلات متوسطة الدخل وتغيير عاداتها في الانفاق والتأقلم مع الظروف الجديدة هذه الأيام، من أجل الابقاء على السيولة حتى آخر الشهر.
توفر المواد الأساسية
ارتفاع الأسعار جاء رغم تخصيص المصرف المركزي قرابة 300 مليون دينار (214 مليون دولار)، لصالح صندوق موازنة الأسعار التابع لوزارة الاقتصاد والصناعة، يستغلها في توفير السلع الأساسية بأسعار التكلفة، وصندوق موازنة الأسعار هو صندوق حكومي تأسس من أجل تحقيق استقرار في أسعار السلع والخدمات، وتوفيرها بتكلفة مناسبة لجميع المواطنين. وتحدد السلع والخدمات التي يوفرها الصندوق أو يلتزم بموازنة أسعارها بقرار من الوزارات المختصة.
مائدة رمضان
تبدأ الوجبة الرمضانية في ليبيا بالتمر واللبن أو الحليب الذي يخلطه البعض بعصير اللوز، والعصائر الطبيعية، بعد ذلك يأتي دور “الشوربة” الليبية التقليدية التي يدخل في مكوناتها لسان العصفور، أو أنواع أخرى من الشوربات مثل “الحساء” و”الدشيشة”. بعد التمر واللبن والشوربة تأتي الوجبة الرئيسية، وهي في العادة عبارة عن أرز أو شعيرية بالخلطة بقطع صغيرة من لحم الخروف مع اللوز والزبيب، وطواجين بأنواع مختلفة، ترافقها أنواع عديدة من المحاشي والبطاطا مع الكفتة والبريك بحشوات مختلفة، وورق السلق المحشي ويطلق عليه “براك”، و”الكيما” وغيرها من الأكلات الليبية المميزة، كالمصران الذي يعلن حضوره بقوة في الأعراس والمناسبات السعيدة ولا تخلو منه مائدة رمضانية ليبية وخاصة ليلة القدر، وهو عبارة عن مصران الخروف محشواً.
حلويات سهرة رمضان
ويفضل الليبيون أنواعاً من المشروبات خلال رمضان مثل “السحلب” و”الروزاتا”، وهي خليط من الحليب وعصير اللوز، و”قمر الدين” و”الخشاف”، وتعد الزلابية والقطايف من أهم الأصناف التي يقبل عليها الصائمون في ليبيا خلال السهرة برفقة فنجان القهوة أو كأس الشاي ، بالإضافة لحلوى أخرى تسمى بـ”الدبلة”، وهي تصنع من خيوط عجين رقيق وتجمع على شكل وردة ثم تقلى في زيت ساخن ثم تسقى بالعسل وترش بالسمسم “الجلجلان”.