تتمركز منتجات شركة آبل على تحسين تجربة المستخدم وقابلية الاستخدام في منتجاتها وكذلك في أنظمتها المبرمجة، الأمر الذي تفخر به الشركة وتخصص له ميزانيات بحث وتطوير من تصميم، تقييم وبرمجة.
تحت عنوان “switch” أي “انتقل” أصدرت شركة آبل ثلاثة إعلانات جديدة توجهها لمستخدمي الأندرويد، وتشجعهم على الانتقال لاستخدام أجهزة الأيفون. حملة إعلانات سلسة، بسيطة وبرسالة واضحة: الأيفون عملي أكثر، آمن أكثر، ويمكن من التواصل بشكل أفضل.
قسمت آبل حملتها الإعلانية الأخيرة باحثة عن قوتها في كل من النقاط الآتية: الأمن والخصوصية، سلاسة الاستخدام، سهولة التنقل من شركة لأخرى، الصور، تجربة الموسيقى، والسرعة. في هذه الإعلانات تقدم آبل استراتيجية إعلانية تعتمد على المقارنة بينها وبين خصمها في مجال محدد ألا وهو أنظمة جهاز الهواتف، معتمدة بذلك على نقاط قوتها الأساسية: تجربة المستخدم السهلة والممتعة، الأمن المعلوماتي وحماية المستخدمين، وثالثا الاستخدام السلس والسهل المتناسب مع متطلبات العصر من تواصل.
استراتيجية المقارنات هذه هي استراتيجية متبعة لدى شركة آبل منذ أعوام. في عام ٢٠٠٦ ولمدة ثلاث سنوات قامت الشركة بحملة تشدد فيها على الفروقات ما بين نظام الماك ونظام المايكروسوفت ويوندوز المستخدم في أجهزة الحواسيب البيتية. سخرت آبل من مايكروسوفت من خلال اظهار منتجات آبل كمنتجات عصرية ومبتكرة عبر شخصية شابة وبلباس يومي عملي، مقارنة باظهارها لمنتجات شركة مايكروسوفت كمنتجات مملة ومعقدة الاستخدام وذلك من خلال تقديم شخصية بلباس رسمي مع نظارات ولباس رسمي تقليدي. بثت هذه السلسلة من الفيديوهات في الولايات المتحدة، بريطانيا، اليابان، كندا واستراليا.
استراتيجيات تسويق غير عبثية
أسلوب المقارنات هذا هو استراتيجية تسويق مدروسة من قبل شركة آبل وشركات أخرى. يتم اعتماد أسلوب المقارنات هذا بناء على نظريات من علم التصرف والتي تتعلق بتوجه المستهلكين.
المقارنة تمهد للمتلقي امكانية التفاعل مع المحتوى ذهنيا عبر خلق روابط ما بين المنتجات التي يتم المقارنة بينها، والبحث عن علاقة ما بين المقارنة، المحتوى المعروض والمنتج. بهذه الطريقة ينظر المستهلك للإعلان، يقف ليتمعنه وليحلل المعلومات التي يتم تزويده بها.
هذه المقارنات عامة تتم على النحو الآتي: أولا مقارنة معلومات باستخدام نفس أدوات القياس. أي إذا أردنا أن نقارن ظاهرة محددة علينا اختيار نفس العامل للمقارنة. ثانيا، المقارنة عليها أن تكون في نفس السياق المحدد للظاهرة المطروحة، فلا يجوز أن تقارن شركة آبل في اعلانها حول الأيفون بين جهاز الأيفون والتابلت، لأنها أجهزة مختلفة تماما. ثالثا، من المهم عرض معلومات لها أساس من الصحة ومبنية على معطيات غير مضللة، هذا الأمر يمكن المستهلك من الربط السليم ما بين الإعلان والواقع، واقناعه بشكل أفضل. مثلا، نجد في الإعلانات التي قدمتها آبل طرحا لثلاث نقاط تتغلب هي فعليا فيها على منافسيها، هذا لا يعني بالضرورة أن آبل فعلا الأفضل بجميع النقاط، إلا أنها اختارت نقاطها الأقوى لتدعم استراتيجية التسويق هذه.
بالإضافة لاستراتيجية المقارنات التي اتبعتها شركة آبل في اعلاناتها، تظهر جليا استراتيجيات تسويق بصري لتسهل على المتلقي عملية المقارنة ولتدعم الفكرة المركزية للإعلانات.
التباين، التناظر والاختلاف
تحمل إعلانات آبل في طياتها مبادئ أساسية من عالم التصميم، فتعرض نموذجا فيه تناسق ألوان، تباين وتناظر للشخصيات، واتزان في عرض محتوى الفروقات بين جهاز الأيفون، والأجهزة الأخرى. إن مبادئ التصميم هذه ليس فقط مبادئ تعتمد على الجماليات إنما أيضا تولد لدى المتلقي الشعور بالانسجام مع محتوى الإعلان، وبالتالي تسهيل عملية التفاعل معه لسهولة عرضه بصريا، مما يجعل رسالة الإعلان تترسخ لدى المتلقي بشكل ناجع أكثر.
اختيار قيم ومعايير متشابهة لمقارنتها، يسهل على المستهلكين استيعاب رسالة الإعلان بشكل أفضل، وبالتالي فإن عملية ترسيخ الفروقات تترتب لدى المتلقي ويسهل عليه إدراكها. تخيل مثلا، لو عرضت أمامك هذه المربعات والدوائر، فكر أي منها من الأسهل لك ترتيبها أو تذكرها؟ بشكل عام سيكون جوابك، من الأسهل تذكر تلك الأشكال أو المجموعات المصنفة سويا، إما بحسب مجموعات مبينة على نفس الشكل، أو اللون، أو الحجم، أو حتى مقسمة بحسب نفس الخانة.
تبقى رسالة شركة آبل الدائمة والبارزة خلال إعلاناتها وحملاتها واضحة، فهي تقدم نموذجًا عمليًا لمقولة: “البساطة أم الجمال”.