ما إن تم الإعلان عن اتفاق الهدنة الإنسانية الذي فرضت فيه حركة المقاومة الإسلامية “حماس” كامل شروطها على حكومة الاحتلال، حتى تعرضت الحركة والاتفاق معًا إلى حملة ممنهجة على منصات التواصل الاجتماعي، وفي بعض وسائل الإعلام العربية تقلل من شأن تلك الخطوة وتشكك في جدواها.
وفي الوقت الذي اعترف فيه الداخل الإسرائيلي، بنخبته السياسية والفكرية والإعلامية، بل والعسكرية، بأن ما حدث هو انتصار كامل لحماس في مقابل هزيمة نكراء لجيش الاحتلال، إذ بهؤلاء يرون عكس ذلك، حيث يبدو أنه قد ألمهم ما حققته المقاومة بينما كانوا يجلسون في مقاعد المتفرجين ينتظرون سقوطها وإعلان رايتها البيضاء.
أجواء من الانكسار والهزيمة تهيمن على أبواق الأنظمة التي رهنت مستقبلها بدولة الاحتلال، متوهمة أنها السبيل الوحيد نحو النهوض والتنمية وتسول مكانة إقليمية وثقل ما كان لهم أن يحصلوا عليه دون مساعدات خارجية ومؤامرات تستهدف إرادة الشعوب الحرة، فهم أشد حسرة مما عليه عائلات الأسرى في تل أبيب وأعضاء اليمين المتطرف في حكومة بنيامين نتنياهو.
هزيمة مذلة للاحتلال.. هكذا يقول المحتل ذاته
يقولون في الحكم التراثية “الحق ما شهد به الأعداء”، لذا فإن الداخل الإسرائيلي بكل فئاته ودون استثناء يرى في رضوخ حكومة الحرب لاتفاق الهدنة انكسار لدولة الاحتلال وانتصار لحماس، وهو ما تترجمه مقالاتهم وتصريحاتهم وتعليقاتهم في كل المنصات الإعلامية والإلكترونية.
وفي تقرير نشره “نون بوست” بالأمس استشهد ببعض العبارات التي قالها عدد من المحللين في الصحف العبرية تعكس حجم الألم ومرارة الهزيمة التي تجرعها الشارع الإسرائيلي منذ الإعلان عن قبول اتفاق الهدنة.
ومن أبرز ما قيل في هذا الشأن التصريحات الصادرة عن الكاتب الإسرائيلي ياساكا بينا في مقال له على صحيفة “إسرائيل اليوم” حين وصف الصفقة بأنها “استسلام”، وتابع “هنا مرة أخرى تعتزم دولة إسرائيل أن تمنح قتلتها وقاتليها جائزة النصر بينما تُذلّ على الأرض”، وهو ما أكده الكاتب ناحوم برنياع في صحيفة “يديعوت أحرونوت” حين أشار إلى أن اتفاق الهدنة بصيغته المعلنة “يخلق إحباطًا في أوساط القوات بسبب المراوحة في المكان، ويخلق ضغطًا في الميدان وفي الجبهة الداخلية لتسريح قوات الاحتياط. هذه ليست صفقة، فالصفقة هي كلمة نكراء حين يدور الحديث عن منظمة إرهاب، هذا ابتزاز، هذا اضطرار”.
أما صحيفة “يسرائيل هيوم” فصرحت بشكل لا لبس فيه أن الصفقة تعني بمنتهى الوضوح أن “ما خططت له حماس، يسير كما أرادت الحركة، وأن إسرائيل سارت في المسار الذي حدده يحيى السنوار ومحمد الضيف، بصفقة الهدنة”، فيما وصف الوزير المتطرف في حكومة الاحتلال، وزير الأمن القومي، بن غفير، ما حدث بأنه “كارثة” ستهدد أمن ومستقبل دولة الاحتلال.
حتى "فوكس نيوز" تشعر بخيبة من صفقة التبادل والهدنة!
المحطة لسان حال اليمين "الجمهوري" العنصري في الولايات المتحّدة، وهو الأكثر تأييدا للكيان على صعيد الجمهور، وإن تساوت قيادته في الموقف مع الحزب الديمقراطي بقيادة العجوز المتصهين.
خبير المحطة وصف الصفقة بأنها انتصار لحماس. pic.twitter.com/LyMx134XvK
— ياسر الزعاترة (@YZaatreh) November 22, 2023
الاعتراف بالهزيمة لا يتوقف عند المهزوم بشكل مباشر وفقط، بل تجاوز ذلك إلى فريق الداعمين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، ففي تحليل مطول لمجلة “The Nation” الأمريكية، تحت عنوان “الهدنة تعكس فشل حرب إسرائيل على غزة” استعرضت من خلاله العديد من المؤشرات التي تبرهن على فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه من الحرب، وأن المقاومة نجحت رغم محدودية قدراتها في الانتصار وإخضاع جيش الاحتلال لشروطها كاملة.
المجلة نقلت عن المحلل السياسي معين رباني قوله إن انحدار طموحات وأهداف دولة الاحتلال من القضاء على حماس بداية الحرب إلى التفاوض معها والرضوخ لإملاءاتها في اتفاق لتبادل الأسرى يعكس طبيعة المعركة وهوية المنتصر بشكل لا لبس فيه.
وأضاف رباني للمجلة الأمريكية “إذا حكمنا من خلال الوضع على الأرض، فإن حماس كقوة عسكرية لم تتدهور بشكل كبير، القيادة والسيطرة سليمة؛ الخسائر الإسرائيلية تتزايد؛ ويستمر إطلاق الصواريخ والكمائن وما شابه ذلك بشكل يومي؛ وباستثناء رئيس البرلمان أحمد بحر، الذي لا يشارك في المعارك العسكرية داخل قطاع غزة، لم يتم اغتيال أي من كبار القادة”.
وهزيمة الأمريكان كذلك
بل وصلت حدود الانتصار الحمساوي في تلك المواجهة إلى تحقيق ما فشلت فيه الولايات المتحدة على مدار شهر كامل من الحرب، بحسب رباني، إذ إن “حماس حققت في ضربة واحدة على الجبهة الإنسانية قدرًا أكبر كثيرًا من “المفاوضات” الأمريكية بشأن الإغاثة الإنسانية خلال الشهر الماضي”.
بل إن حماس لا تزال تمتلك أوراق ضغط كبيرة تتمثل في الأسرى الإسرائيليين من كبار الضباط والجنود، فما تضمنته الهدنة في مرحلتها الأولى إطلاق سراح النساء والأطفال وفقط، وهو ما يعطي حماس نفوذًا أكبر خلال المرحلة المقبلة.
مجرم الحرب بن غفير "هذه صفقة ستجلب لنا الكارثة ".. pic.twitter.com/9kRcLMcNlD
— أدهم أبو سلمية 🇵🇸 Adham Abu Selmiya (@adham922) November 21, 2023
ومن نافلة القول إن عدوى الهزيمة انتقلت من الداخل الإسرائيلي إلى سمعة الولايات المتحدة التي باتت بفضل ازدواجيتها في التعامل مع القضايا في مهب الريح، حيث أسقطت الحرب في غزة القيم الليبرالية التي كانت تتشدق بها واشنطن وعواصم أوروبا في تعاطيها مع الأزمة الأوكرانية.
وهو ما عبر عنه أحد دبلوماسي مجموعة السبع لصحيفة “فايننشال تايمز” في الأيام الأولى من هذه الحرب، حين قال: “لقد ضاع كل العمل الذي قمنا به مع الجنوب العالمي (بشأن أوكرانيا)…. انسَ القواعد، وانسَ النظام العالمي، لن يستمعوا إلينا مرة أخرى”.
للصهاينة العرب رأي آخر
رغم كؤوس الألم التي يتجرعها الاحتلال وداعموه بسبب الانكسار أمام المقاومة، فإن بعض المنتسبين للعرب، أو كما يطلق عليهم إعلاميًا “صهاينة العرب” كان لهم رأي آخر، مشككين في انتصار المقاومة، وعازفين على وتر أن حماس ضحت بشعب غزة لتحقيق انتصار زائف لها ولقادتها الممولين من إيران، على حد قولهم.
حالة السعار التي بدا عليها أبناء هذا التيار ربما تفوق “ولولة” الحريم داخل ملاجئ الإسرائيليين، ورضوخهم الفاضح قد يتجاوز حجم ومساحة الانبطاح التي يكون عليها جنود الاحتلال مع سماع دوي صافرات الإنذار عقب كل رشقة تطلقها المقاومة فوق عسقلان وسديروت وتل أبيب.
الإعلامي السعودي الذي شن قبل أيام قليلة حملة على تغطية قناة العربية للحرب في غزة، ها هو اليوم يمارس هوايته المفضلة في التغوط الانهزامي بالهجوم على حماس والتقليل من انتصارها بزعم أن الأسرى الفلسطينيين المزمع تحريرهم من سجون الاحتلال والبالغ عددهم 150 أسيرًا لا يمكن مقارنتهم بقرابة 15 ألف جثمان من الأطفال والنساء ممن استشهدوا خلال الحرب الحالية، مذيلًا حديثه ساخرًا “يا له من نجاح مروع”.
في الماضي كانت #حماس تحرر عشرات #الاسرى_الفلسطنيين بجثمان جندي اسرائيلي ، اليوم نجحت في إطلاق سراح 150 اسيرًا فلسطينيا بقرابة 15 الف جثمان من الأطفال والنساء والرجال الفلسطنيين الأبرياء الذين قتلوا في الحرب على #غزة . ياله من نجاح مروع !
(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ…
— داود الشريان (@alshiriandawood) November 22, 2023
السعار ذاته مُني به الناشط المصري وائل غنيم، العائد للقاهرة بعد سنوات من الهروب، حيث سخر حسابه الشخصي على “إكس” للهجوم على حماس وسب الناطق باسمها “أبو عبيدة”، والتقليل من حجم الانتصار الذي قرأه بلغة الحسابات التي يبدو أنها اللغة الرسمية للجيوش الإلكترونية.
https://twitter.com/Ghonim/status/1727319723296059879
أما الناشطة المصرية داليا زيادة (تقيم حاليًا في الإمارات)، ربيبة مركز ابن خلدون المعروف بأجندته الأمريكية، والابنة الفكرية غير الشرعية للباحث سعد الدين إبراهيم، الذي تربطه علاقات قوية مع صقور الولايات المتحدة و”إسرائيل”، فشنت هي الأخرى هجومها المعتاد، بل وأعلنت دعمها للحرب على حماس، ومما زاد الطين بلة خروجها على قناة إسرائيلية للهجوم على المقاومة والمطالبة بسحقها.
🚨 "الباحثة المصرية" داليا زيادة:
لولا مساعدة إسرائيل لمصر لانتشر الارهاب في سيناء وأتمنى أن تقضي إسرائيل على حماس تماما… pic.twitter.com/LXvm1z71Gi
— رؤى لدراسات الحرب (@Roaastudies) November 22, 2023
وفي ذات السياق ارتأى مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق، محمد البرادعي، ومعه ثلة من المحسوبين على زمرة المحللين والخبراء على رأسهم الكاتب الجزائري أنور مالك والمصري إبراهيم عيسى، الدخول إلى حظيرة الهجوم على حماس والمقاومة، عبر التشكيك في الانتصار على أوتار أرقام الضحايا في صفوف الفلسطينيين، التزامًا وتنفيذًا لأجندات متباينة، تتأرجح بين تل أبيب وواشنطن.
وبلغ السعار حده حين نظم الكاتب السعودي جاسر الماضي، قصيدة ساخرة، استهزأ فيها من المقاومة وانتصارها الذي شهد به الأعداء قبل الحلفاء، وهو الموقف ذاته الذي تبناه مواطنه سلمان بن حثلين، الذي غرد بعيدًا نسبيًا حين نسب فضل نجاحات المقاومة في فرض اتفاق هدنة إنسانية إلى القمة العربية الإسلامية التي عقدت في الرياض في 11 من الشهر الحاليّ.
🩸ختام الحرب 🩸
هل (رأت الهزيمة) سكارى مثلنا⁰⁰كم بنينا من خيال حولنا
⁰ومشينا في طريق مقمر⁰⁰تثب (الوهم) فيه قبلنا
⁰وضحكنا ضحك (ساذجين) معا
⁰وعدونا فسبقنا ظلنا⁰⁰يا حبيبي كل شيء بقضاء⁰⁰ما بأيدينا خلقنا تعساء
⁰ربما تجمعنا (نكسة)⁰ذات يوم بعدما عز (الانتصار)⁰⁰فإذا أنكر…— جاسر الماضي (@jassser15) November 22, 2023
فشل إدراك الواقع والجهل بالتاريخ
شريحة كبيرة من المتصهينين في تعاطيهم مع المقاومة خاصة حركة حماس ينطلقون من بعد أيديولوجي بحت، هذا البعد الذي يعزف على وتر دعم إيران لما يسمى “محور المقاومة” الذي يضم حماس والجهاد وحزب الله والحوثيين والفصائل المسلحة في العراق.
وعليه فإن أنصار هذا الموقف الذي في الغالب يسيرون في ركاب قطيع الجيوش الإلكترونية المنظمة يرون أن الموقف السياسي من طهران – رغم تقارب أنظمتهم الحاكمة معها – كفيل بأن ينسف أي مقاربة أخرى مع فكرة مقاومة المحتل الإسرائيلي، بل وصل الأمر إلى عدم الممانعة في التطبيع مع دولة الاحتلال في مواجهة إيران.
وتحول هؤلاء من رافضين لأي امتداد إيراني في المنطقة (الشعار المعلن ظاهريًا) إلى صوت الصهيونية الإسرائيلية داخل البلدان العربية (الواقع الممارس ميدانيًا)، يتحدثون باسمها، ويتكلمون بلسانها، وينتهجون سياساتها، وينفذون أجندتها بحذافيرها، دون إضافة أو نقصان.
فصيل آخر ممن يطلق عليهم “الصهاينة العرب” ينطلقون في هجومهم على حماس من منصة انهزامية في المقام الأول، ترتكز على الجهل بالتاريخ وعدم قراءة تجارب الشعوب في التحرر بشكل دقيق، فيتكلمون بلسان واحد: كم عدد الأسرى المحررين مقابل عدد ضحايا غزة؟ كم سقط من جنود الاحتلال مقابل من سقط في غزة؟ ماذا حررت المقاومة من أراض محتلة مقارنة بما توسعت به دولة الاحتلال في الداخل الفلسطيني؟ لماذا دخلت المقاومة في حرب مع خصم أقوى منها؟ لماذا ورطت غزة بسبب طوفان الأقصى؟ لماذا يظهر أبو عبيدة متخفيًا؟ لماذا يختبئون في الملاجئ؟ لماذا أعدوا لأنفسهم ملاجئ وتركوا المدنيين يواجهون مصير القتل والتنكيل والهدم؟ وغير ذلك من التساؤلات المكررة التي تسير بخوارزمية ممنهجة لهذا القطيع.
ويمكن الرد على هذا الفصيل من خلال واقع و3 تجارب رئيسية:
أولًا: الواقع
تعد غزة أكبر سجن في العالم، بل في التاريخ، أكثر من مليوني مواطن يعيشون في مساحة 360 كيلومترًا مربعًا، محاصرون من كل الاتجاهات منذ 17 عامًا، آلاف الشهداء وغيرهم من الأسرى في سجون المحتل، يتحكم الكيان المغتصب في طعامهم وشرابهم وملابسهم وتحركاتهم، بل حتى يتحكم في عدد السعرات الحرارية (الكاليوري) التي تدخل أجسادهم، يعانون ليل نهار من انتهاكات المستوطنين، والتوسع الاستيطاني، يطردون من بيوتهم، ويفصلون من أعمالهم، وينكل بهم بين الحين والآخر.
وفوق كل ذلك كان يخطط الاحتلال لمزيد من التغلغل داخل القطاع لضم أجزاء منه.. ألم تكن تلك الأجواء كافية للرد والانتقام بصرف النظر عن فوارق القوة وتباين العتاد؟ بمنطق العقل فإن المقاومة إذ كانت تُلام، فهي تُلام على تأخرها في الرد بهذا الحجم كل هذا الوقت، وتعاتب على عدم القيام بمثل تلك العلميات الموجعة قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ثانيًا: التجارب التاريخية الثلاثة، تجربتان عربيتان وواحدة غير عربية
- التجربة الفيتنامية.. خلال الاحتلال الأمريكي لفيتنام، خاض الفيتناميون حربًا شرسةً للتحرر من المستعمر الأجنبي طيلة أكثر من عقدين، سقط منهم خلال تلك الحرب قرابة 882 ألف قتيل، بينهم 655.000 ألف رجل بالغ، و143.000 ألف امرأة بالغة، و84.000 ألف طفل، مقابل الإجهاز على 47 ألف جندي أمريكي.. وبعد كل تلك التضحيات أجبر الأمريكان على الخروج بعد مرارة الهزيمة، وأعلن في 2 يوليو/ تموز 1976 قيام جمهورية فيتنام الاشتراكية الموحدة.
- التجربة الليبية.. خاضت المقاومة الليبية مقاومة ضد المحتل الإيطالي استمرت عشرات السنين، منها 20 سنة كاملة قاد المقاومة فيها البطل عمر المختار (1911 – 1931) وخلال تلك الفترة قتل ربع سكان مدينة برقة (60 ألف مواطن)، فيما حرقت ديارهم ودمرت محاصيلهم وتعرضوا لشتى أنواع التنكيل والقتل والتهجير.
- التجربة الجزائرية.. ضحى الجزائريون خلال ثورة التحرير التي قادوها ضد للاستعمار الفرنسي إبان الفترة من 1954- 1962 بأكثر من ربع سكان البلاد، أي قرابة 1.5 مليون جزائري، مقابل قتل 23 ألف فقط من الجنود الفرنسيين، لكنهم في النهاية وبفضل المقاومة دحروا المحتل وأجبروه على جرجرة ذيول الخيبة والانكسار.
حزمة عوامل مشتركة بين تلك التجارب الثلاثة:
- الفارق الشاسع بين قدرات المستعمر وقدرات المقاومة.
- شيطنة الأنظمة والحكومات الموالية للاستعمار لحركات المقاومة في تلك البلدان.
- حجم التضحية الكبير الذي بُذل لتحقيق الاستقلال والتحرر من ربقة عبودية المستعمر.
ورغم ذلك لم يتعرضوا لهذا النهش التاريخي، ولم يُواجهوا لا حينها ولا اليوم، بهذا السيل الجارف من الأسئلة الجدلية الانهزامية التي تتعرض لها المقاومة الفلسطينية حاليًا، بل ظلوا مصدر فخر وعزة تتغنى بها الأجيال.
وهكذا انتقلت الصهيونية العربية في الآونة الأخيرة من خانة الحالات الفردية التي تُعد على أصابع اليد الواحدة إلى تيار سياسي وفكري له حضوره وشعبيته، تعزز بفعل قطار التطبيع السريع ورضوخ بعض الأنظمة على أعتاب تل أبيب.
ورغم ذلك لا يزال المزاج الشعبي العربي هو المهيمن على المشهد، حيث حالة الزهو والفخر بما حققته المقاومة من انتصارات عسكرية وسياسية، أفراح تدق طبولها في معظم الشوارع العربية مقارنة بسرادقات العزاء التي تُدشن في غيرها، هتافات النصر والعزة والإباء في مقابل سُعار الهزيمة والانبطاح وولولة النساء.