كنت في الـ18 من عمري حين شهدت تلك السهرة الكروية الرائعة، الصخب من حولي والأعين نحو شاشة التلفاز شاخصةً في مقهى حينا، حيث تجمهر أكثر من 50 شابًا من عشاق الساحرة المستديرة، لمتابعة مباراة النهائي الحلم، نهائي بطولة دوري أبطال أوروبا “الشامبيونز ليغ”، بين فريقي ريال مدريد الإسباني ويوفنتوس الإيطالي.
هذا يهتف لراؤول ومورينتس وهييرو وسيدورف ومياتوفيتش وروبييرتو كارلوس، وذاك يشجع ديل بييرو وإنزاغي ودافيدس وديشان وكونتي والنجم الصاعد زين الدين زيدان، يا لها من مباراةٍ جمعت كل أولئك النجوم!
من مواجهة الفريقين في نهائي الشامبيونز ليغ عام 1998
19 عامًا مضت على تلك المباراة المشهودة، قوى صعدت وأخرى هبطت، أنديةٌ تُوجت وأخرى فشلت، نجومٌ بزغت وأخرى أفلت، ولا يزال بريق مباراة ريال مدريد ويوفنتوس هو هو!
ربما هي العراقة، عراقة الفريق الملكي والسيدة العجوز، وربما خزان النجوم الذي لا ينضب في صفوف الفريقين، وربما الاسم الكبير والشعبية الهائلة التي يمتلكها الناديان في كل بقاع العالم، وربما أشياء أخرى، كالكبرياء الملكي، والغرينتا الإيطالية، والنكهة اللاتينية المنعشة التي تفوح من إسبانيا وإيطاليا، ربما هي السبب في ذلك البريق الآسر والسحر الخاص الذي يكتنف مواجهات الفريقين، فما بالكم إذا اختلط ذلك السحر بأجواء الشامبيونز ليغ!
مواجهة ريال مدريد ويوفنتوس اليوم هي الثانية في نهائي الشامبيونز ليغ بعد عام 1998
لن نحتاج إلى دعوةٍ لحضور النهائي اليوم، ولا إلى تعريفٍ بنجوم الفريقين، ولا إلى سيناريوهاتٍ وتحليلاتٍ مسبقةٍ تصف جرعات الإثارة والمتعة والروعة، التي ستُنثر على أرض ملعب الألفية بكارديف في ليلة النهائي الحلم، بل يكفي ذكر اسمي الفريقين لنستحضر كل تلك المعلومات.
من آخر مواجهة جمعت الفريقين عام 2015
وللتذكير فقط، فإن مواجهة نهائي عام 1998 التي انتهت بفوز ريال مدريد بهدفٍ وحيد سجله الصربي مياتوفيتش، لم تكن الأولى ولا الأخيرة بين الفريقين في المسابقة الأوروبية الأعرق، فقد جمعتهما 18 مباراةً في مختلف أدوار البطولة، انتهت بفوز كل طرفٍ في 8 مناسبات، مع تعادلهما في مناسبتين، وكانت أولى المواجهات عام 1962 في الدور ربع النهائي، وانتهت حينها بتأهل الريال بعد مباراةٍ فاصلة، أما آخر مواجهات الفريقين فقد جرت في نصف نهائي عام 2015، وانتهت بتأهل يوفنتوس بعد فوزه ذهابًا في تورينو بنتيجة 2-1، وتعادله إيابًا في سانتياغو بيرنابيو بنتيجة 1-1.
تواجه الفريقان 18 مرة في تاريخ الشامبيونز ليغ، ففاز كل فريق 8 مرات وتعادلا مرتين
أما عن تاريخ الفريقين في المسابقة فحدث ولا حرج، فريال مدريد حامل لقب الموسم الماضي، ينفرد بالرقم القياسي في عدد مرات الفوز بالبطولة برصيد 11 لقبًا، حققها أعوام: 1956، 1957، 1958، 1959، 1960، 1966، 1998، 2000، 2002، 2014، و2016 إضافةً إلى خسارته نهائي المسابقة 3 مرات أعوام: 1962، 1964، و1981.
يحمل ريال مدريد الرقم القياسي في الفوز بلقب الشامبيونز ليغ بإحرازها 11 مرة، مقابل مرتين لليوفنتوس
أما يوفنتوس فيمكن اعتباره أسوأ الفرق حظًا في المباريات النهائية، إذ استطاع بلوغ نهائي المسابقة 8 مراتٍ، لم يفلح خلالها سوى في حصد لقبي عامي: 1985 و1996، فيما خسر نهائيات أعوام: 1973، 1983، 1997، 1998، 2003، و2015، علمًا بأن هزيمته الأخيرة في النهائيات جاءت على يد فريق إسبانيٍ آخر هو برشلونة.
ريال مدريد تخطى عقبة أتلتيكو مدريد في نصف النهائي
وفي الطريق نحو نهائي العام الحالي، تجاوز ريال مدريد مجموعته بعد تحقيقه 3 انتصاراتٍ ومثلها من التعادلات، ليحتل المركز الثاني في المجموعة خلف بروشيا دورتموند، وقبل كلٍ من ليجيا وارسو وسبورتينغ لشبونة، ومن ثم يتجاوز عقبة نابولي في دور الـ16 بانتصارين، قبل أن يحتاج إلى وقتٍ إضافيٍ للإطاحة بالعملاق البافاري بايرن ميونيخ في ربع النهائي، ليواجه مواطنه أتلتيكو مدريد في نصف النهائي، في تكرار لنهائي نسخة العام الماضي من المسابقة، ولينجح الميرينغي في الفوز مجددًا بعد تقدمه بنتيجة 4-2 في مجموع المباراتين.
فرحة لاعبي يوفنتوس ببلوغهم المباراة النهائية
أما فريق السيدة العجوز، فقد أبهر النقاد بمسيرته المثالية في البطولة، حيث تجاوز مجموعته متصدرًا على حساب كلٍ من إشبيلية وليون ودينامو زغرب، بعد تحقيقه 4 انتصاراتٍ وتعادلين، وفي دور الـ16 تجاوز بورتو بسهولةٍ بعد تحقيقه انتصارين، قبل أن يقصي العملاق الكتالوني برشلونة في ربع النهائي، بعد فوزه الكبير عليه ذهابًا بـ3 أهدافٍ نظيفة في تورينو وتعادل الفريقين إيابًا، وليواجه مفاجأة البطولة موناكو في نصف النهائي، فيقضي على طموحاته الوثابة بفوزين مقنعين بواقع 4-1 في المجموع، ليبلغ اليوفي نهائي كارديف ورصيده خالٍ من أي هزيمة.
مدربا الفريقين زيدان وأليغري
هكذا إذًا بلغ الفريقان نهائي النسخة الـ62 من مسابقة دوري أبطال أوروبا، فكيف يُتوقع أن يكون شكل الفريقين خلال المباراة؟
ريال مدريد بقيادة مدربه الفرنسي الشهير زين الدين زيدان، يُتوقع أن يدخل بتشكيلته المعتادة مؤخرًا وفق خطة 4-3-1-2، كالتالي:
نافاس، كارباخال، فاران، راموس، مارسيلو، كاسيميرو، كروس، مودريتش، إيسكو، رونالدو، وبنزيمة، مع إمكانية مشاركة النجم الويلزي غاريث بيل بدلًا من إيسكو في أي وقت، لتصبح الخطة أقرب إلى 4-3-3، بوجود أسماءٍ ممتازةٍ على الخط جاهزةٍ للمشاركة في أي لحظة مثل: ناتشو، كوفاسيتش، أسينسيو، خاميس رودريغيز، فاسكيز، وموراتا.
أبرز نجوم الفريقين
أما يوفنتوس بقيادة مدربه الإيطالي المحنك ماسيميليانو أليغري، فيُتوقع أن يعتمد على خطة 3-4-2-1 كالتالي:
بوفون، بارزالي، بونوتشي، كيلليني، داني ألفيش، بيانيتش، خضيرة، ساندرو، ديبالا، مانزوكيتش، هيغواين، مع إمكانية تبديل الخطة إلى 4-2-3-1 عبر الدفع بالجناح كوادرادو بدلًا من أحد لاعبي ثلاثي الدفاع، مع إعادة الظهيرين إلى الخلف، وتغيير مكان ديبالا ليصبح خلف المهاجم.
كما تضم دكة بدلاء البيانكونيري بعض الوجوه القادرة على تعويض الأساسيين دون أي مشاكل مثل: روجاني، بنعطية، ماركيزيو، ستورارو، لامينا، أساموا.
نجم ريال مدريد كريستيانو رونالدو يتصدر ترتيب هدافي البطولة
وكي نضعكم في أجواء المباراة بشكلٍ مثالي، نقدم لكم 9 معلوماتٍ قد لا يعرفها الكثيرون عن النهائي الحلم، الذي سيقام الليلة الساعة 9.45 دقيقة بتوقيت مكة المكرمة (6.45 بتوقيت غرينتش):
– سيكون ريال مدريد أمام فرصةٍ تاريخيةٍ ليصبح أول نادٍ يتمكن من الحفاظ على لقبه في المسابقة بشكلها الحديث، الذي بدأ منذ عام 1993، حيث عجزت جميع الأندية الفائزة باللقب عن الدفاع عنه منذ ذلك التاريخ.
– يتصدر النجم كريستيانو رونالدو ترتيب هدافي النادي الملكي في مسابقة العام الحالي بتسجيله 10 من أهداف فريقه الـ32، متأخرًا بهدفٍ واحدٍ فقط عن المتصدر ليو ميسي، فيما يتربع المهاجم غونزالو هيغواين على رأس قائمة هدافي اليوفي في المسابقة، بتسجيله 5 من أهداف فريقه الـ21.
– أما على صعيد صناعة الأهداف، فيتصدر رونالدو ترتيب الأفضل في النادي الملكي برصيد 5 أهدافٍ، متأخرًا بـ3 أهدافٍ عن أفضل صانع أهدافٍ في المسابقة لاعب برشلونة نيمار، وفي اليوفي يُعتبر الظهير الطائر داني ألفيش الأفضل بصناعته 4 أهداف.
حارس مرمى يوفنتوس الأسطوري جيجي بوفون أكبر لاعبي الفريقين
– حارس يوفنتوس الأسطوري جيجي بوفون صاحب الـ39 عامًا ونيف، ينفرد بـ3 أرقامٍ قياسيةٍ مميزة، فهو اللاعب الوحيد من تشكيلة اليوفي الحالية الذي خاض نهائي البطولة عام 2003، كما أنه أكبر لاعبٍ ينشط في صفوف الفريقين حاليًا، فضلًا عن كونه أمام فرصةٍ تاريخيةٍ ليصبح أكبر لاعبٍ يحمل لقب البطولة في تاريخها، بدلًا من حامل الرقم الحالي أسطورة ميلان السابق باولو مالديني.
– لاعبان من يوفنتوس سبق لهما حمل قميص الميرينغي سابقًا هما سامي خضيرة وغونزالو هيغواين، مقابل لاعبٍ واحدٍ من الملكي سبق له تقمص ألوان البيانكونيري، هو المهاجم البديل ألفارو موراتا، الذي كان وراء فوز فريقه السابق على فريقه الحالي في نصف نهائي عام 2015، بتسجيله هدفين من أصل 3 في مجموع المباراتين.
– سبق لمدرب ريال مدريد الحالي زين الدين زيدان خوض نهائي البطولة بألوان الفريقين، حيث كان لاعبًا في تشكيلة اليوفي التي خسرت نهائي عام 1998 أمام ريال مدريد بالذات، قبل أن ينتقل إلى صفوف الفريق الملكي صيف عام 2001، ويقوده لتحقيق لقب البطولة كلاعبٍ عام 2002.
ملعب الألفية بمدينة كارديف بويلز سيستضيف المباراة النهائية
– ملعب الألفية Millennium في مدينة كارديف بمقاطعة ويلز البريطانية، الذي سيستضيف النهائي الحلم، تبلغ سعته 74.500 متفرج، وهو مُصممٌ للعبة الرجبي في الأساس.
– سيدير المباراة طاقم حكامٍ ألمانيٍ بقيادة فيليكس بريش، البالغ من العمر 42 عامًا، والذي سبق له قيادة نهائي مسابقة اليوروبا ليغ لعام 2014 بين إشبيلية وبنفيكا، وهو يحمل درجة الدكتوراه في القانون.
– وأخيرًا، ستكون المباراة فرصةً أمام لاعب يوفنتوس المغربي مهدي بن عطية، ليكون ثاني لاعبٍ عربيٍ في التاريخ يُتوج بلقب دوري أبطال أوروبا، بعد الجزائري رابح مادجر الذي فعلها مع بورتو عام 1987.