بدأ سريان الهدنة الإنسانية المؤقتة في قطاع غزة الساعة السابعة صباحًا بالتوقيت المحلي (الخامسة بتوقيت غرينيتش)، بين حركة المقاومة الإسلامية “حماس” والكيان الإسرائيلي، وبدأ معها دخول شاحنات محمّلة بوقود وغاز للطهي ومساعدات غذائية وطبية إلى القطاع عبر معبر رفح البري، فيما بدأت سيارات إسعاف المغادرة عبر المعبر ذاته لنقل الجرحى لتلقي العلاج خارج القطاع.
وجاءت هذه الهدنة المحدَّدة لمدة 4 أيام، بعد أكثر من شهر ونصف على بدء العدوان الصهيوني ضد قطاع غزة، وضمن هذا التقرير لـ”نون بوست” نستعرض حصيلة هذا العدوان الهمجي على غزة، ومسار الوصول إلى هذه الهدنة المؤقتة.
مشاهد مؤلمة
مع بدء سريان الهدنة المؤقتة، وثّقت عديد الكاميرات مشاهد مؤلمة لتكدُّس جثث الشهداء في شوارع وساحات قطاع غزة، نتيجة القصف الإسرائيلي البربري على القطاع لمدة 48 يومًا، كما تم توثيق حجم الدمار الكبير الذي لحق بالبنى التحتية للقطاع.
قرابة 15 ألف شهيد
بلغ عدد الشهداء أكثر من 14 ألفًا و854 شهيدًا، بينهم أكثر من 6 آلاف و150 طفلًا، وأكثر من 4 آلاف امرأة، وهو ما يشكّل نحو 70% من الشهداء، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بينما لا يزال نحو 7 آلاف شخص في عداد المفقودين، إما تحت الأنقاض وإما جثامين ملقاة في الشوارع والطرقات وإما ما زال مصيرهم مجهولًا، كما تجاوز عدد المصابين 36 ألفًا.
تدمير ممنهَج
بلغ عدد مقار الحكومة المدمرة في قطاع غزة 102، في حين تم تدمير 266 مدرسة، منها 67 مدرسة خرجت عن الخدمة بشكل كامل، كما بلغ عدد المساجد المدمرة تدميرًا كليًّا 85 مسجدًا، بينما تم تدمير 174 مسجدًا بشكل جزئي، إضافة إلى استهداف 3 كنائس، وفق رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة.
أحياء سكنية كاملة سُويت بالأرض وتحولت إلى حجارة ورمال.. إحصائيات حكومية تلخص حجم الدمـ.ـار في غـ.ـزة#فلسطين_الان #فلسطين #غزة_انتصرت pic.twitter.com/PckGsTg0kg
— نون بوست (@NoonPost) November 24, 2023
كما تعرضت 45 ألف وحدة سكنية للهدم الكلي، إضافة إلى 233 ألف وحدة سكنية تعرضت للهدم الجزئي، وخرج عن الخدمة 26 مستشفى و55 مركزًا صحيًّا، كما استهدف الاحتلال الصهيوني 56 سيارة إسعاف، في حين خرجت عشرات سيارات الإسعاف عن الخدمة بسبب نفاد الوقود.
نتيجة هذا القصف الإسرائيلي العشوائي الذي يكاد لا يتوقف، اضطرّ أكثر من مليون و650 ألف شخص داخل قطاع غزة، من أصل مليونين و400 ألف هو عدد السكان الإجمالي، إلى النزوح نحو المستشفيات والمدارس والمخيمات.
أكثر من مليوني شخص بحاجة إلى مساعدات غذائية عاجلة
قال برنامج الغذاء العالمي أمس الخميس، إن 2.2 مليون شخص -أي عدد سكان قطاع غزة- يحتاجون إلى مساعدات غذائية عاجلة، وأضاف البرنامج الأممي في بيان أن مئات الآلاف من النازحين في غزة يتكدّسون في ملاجئ ومستشفيات مكتظة مع نفاد الغذاء والماء.
الأجنة ليست آمنة في أرحام الأمهات في غزة.. كفن الشهيدة: رنا كامل مصطفى العويطي، حامل في نهاية الشهر التاسع وما زال الجنين في احشائها.#غزة_تُباد pic.twitter.com/nuld01s1Oe
— نون بوست (@NoonPost) November 23, 2023
وأشار البيان إلى أن التصعيد الحاد للنزاع في غزة وضع جميع السكان في ظروف يائسة وكارثية، وتابع: “نحتاج إلى وقف الأعمال العدائية والوصول الآمن للإمدادات الغذائية والوقود، حتى نتمكن من القيام بعملياتنا داخل غزة بأسرع ما يمكن”.
عجز عربي وإسلامي
أثبتت أيام العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عجز القادة العرب والمسلمين على نصرة فلسطين، إذ لم يستطيعوا وقف الحرب ولا إدخال المساعدات لسكان قطاع غزة، ولا حتى الضغط على حكومات الدول الغربية لتغيير موقفها من العدوان وإدانة الكيان الصهيوني.
فشل إسرائيلي
طيلة الأسابيع الماضية، لم يتوقف كيان الاحتلال على قصف غزة ومحاولة التوغل برًّا، لكنه فشل في تحقيق الأهداف التي شنَّ من أجلها هذا العدوان، إذ لم يتمكن من استرجاع أسراه، ولا من اغتيال قادة المقاومة الفلسطينية، ولا من السيطرة على قطاع غزة ولو جزئيًّا، ولا من تهجير سكان القطاع.
مقاومة فعّالة
في الأثناء، أكدت الصواريخ الفلسطينية أن المقاومة لا تزال فاعلة، وأن قذائف الهاون لا تزال تعمل، وأن المعارك الصفرية متواصلة، وأن التعامل متواصل مع أهداف متنوعة متحركة وثابتة وبطرق مختلفة.
لم يفصح الكيان الإسرائيلي عن خسائره الحقيقية بعد، ومن المستبعد أن يقوم بذلك، لكن ما هو مؤكد أن الخسائر الإسرائيلية هذه المرة أكثر من أي وقت مضى، إذ ناهزت 1500 قتيل وآلاف المصابين بينهم إصابة أكثر من 1600 جندي بإعاقات متفاوتة.
أبو عبيدة الحُب
جرعة من السَّعادة والشجاعة والقوة والثقة pic.twitter.com/uOOywtLzHm— أدهم شرقاوي (@adhamsharkawi) November 23, 2023
في السياق نفسه، أعلن الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة، تدمير 335 آلية إسرائيلية من دبابات ومدرعات وجرافات منذ بدء الحرب، بينها 33 آلية خلال الساعات الـ 72 الأخيرة، بمضادات الدروع والقذائف وقنابل العمل الفدائي.
وأضاف أبو عبيدة أن المقاومة قامت بعشرات من عمليات استهداف الجنود في عدة مناطق، ومواصلة في توجيه الرشقات الصاروخية نحو أهداف متعددة وبمديات مختلفة، وقال إن مقاتلي المقاومة نفّذوا عمليات نوعية ضد القوات الإسرائيلية في عدد من المناطق.
المستوطنون يستبعدون العودة
أفادت عديد التقارير أن الغالبية العظمى من مستوطني غلاف غزة الإسرائيليين، لا يرغبون بالعودة إلى العيش في المستوطنات حتى بعدما ينتهي العدوان على غزة، نتيجة تحول تلك المناطق إلى نقطة ضعف أمام هجمات المقاومة الفلسطينية.
ومع بداية العدوان، فرّ غالبية المستوطنين إلى مدينتَي تل أبيب أو إيلات على البحر الأحمر، وتتكون تلك التجمعات من حوالي 50 مستوطنة معروفة منذ ذلك الحين بـ”غلاف غزة”، ويبلغ عدد مستوطنين المنطقة أكثر من 40 ألفًا، ويرتفع إلى أكثر من 200 ألف مع احتساب بعض البلدات والأحياء القريبة التي طالتها صواريخ المقاومة الفلسطينية.
ضغط داخلي
إلى جانب عدم رغبتهم في العودة إلى المستوطنات، شكّل المستوطنون ضغطًا داخليًّا كبيرًا على حكومة نتنياهو، خاصة مطالبتهم بتحرير الأسرى لدى المقاومة، وقيامهم بعديد المسيرات لهذا الغرض، من ذلك توجُّههم في مسيرة كبرى من تل أبيب إلى القدس.
خسائر اقتصادية كبرى للإسرائيليين
حصيلة الحرب الاقتصادية كانت ثقيلة على الإسرائيليين أيضًا، إذ توقعت شركة استشارات مالية في كيان الاحتلال، أن العدوان على قطاع غزة قد يكلف الاقتصاد الإسرائيلي 48 مليار دولار خلال العامَين الحالي والمقبل.
فيما أصدر كبير الاقتصاديين بوزارة المالية الإسرائيلية، شموئيل أبرامسون، تقريرًا أفاد فيه أن تقديرات نمو الناتج المحلي الإجمالي قد تتراجع بمقدار 1.4% لتستقرَّ عند 2% في عام 2023، وذلك نتيجة العدوان الذي تشنّه “إسرائيل” على قطاع غزة منذ 49 يومًا.
اقتصاد اسرائيل ينهار والخسائر بالمليارات ارقام رسمية من الداخل الاسرائيلي pic.twitter.com/JonneRzK2m
— أنيس منصور (@anesmansory) November 16, 2023
وقبل ذلك، أعلن المجلس الاقتصادي الإسرائيلي (حكومي)، في تقرير، أن كلفة الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي ربما تبلغ 200 مليار شيكل (54 مليار دولار)، فيما قدرت وزارة المالية الإسرائيلية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أن الحرب تكلف الاقتصاد 270 مليون دولار يوميًّا، مشيرة إلى أن انتهاء الحرب لا يعني توقف الخسائر.
بدورها، خفضت وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني توقعاتها لنمو الاقتصاد الإسرائيلي خلال العام الحالي، مع ترجيح انكماشه بنسبة 1.5% العام القادم، مع غياب 18% من القوى العاملة في “إسرائيل” خلال الحرب.