ترجمة حفصة جودة
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخميس 1 من يونيو انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية قمة المناخ بباريس، الأمر الذي يضعف من الجهود الدولية للحد من انبعاثات الوقود الحفري وتخفيف حدة الاحتباس الحراري.
هذه الاتفاقية التي وقعتها 195 دولة تعتبر مصيرية بالنسبة لإفريقيا، نظرًا لتأثير الغازات الدفيئة الضارة واسعة النطاق، وعلى الرغم من انبعاث كمية ضئيلة من الغازات الدفيئة في القارة فإنها معرضة بشكل خاص للاحتباس الحراري وآثاره، فنسبة إفريقيا من انبعاثات الغازات الدفيئة هي الأصغر 3.8% مقارنة بالصين 23% والولايات المتحدة 19% والاتحاد الأوروبي 13%.
تحتوي إفريقيا على 7 من بين 10 دول هم الأكثر عرضة لخطر التغير المناخي العالمي
يبدو التغير المناخي في إفريقيا جليًا في ارتفاع مستوى سطح البحر وارتفاع درجات الحرارة وتغير طبيعة هطول الأمطار الأمر الذي يؤدي إلى فيضانات أو جفاف شديد، منذ عام 1970 شهدت إفريقيا أكثر من 2000 كارثة طبيعية حدث نصفها فقط في العقد الأخير، تحتوي إفريقيا أيضًا على 7 من بين 10 دول هم الأكثر عرضة لخطر التغير المناخي العالمي وفقًا لمبادرة نمو إفريقيا في مؤسسة “بروكينجز”، كما ظهرت آثار الظواهر الجوية المتطرفة على العديد من المدن الإفريقية وتهديد معيشة ملايين الأشخاص عبر القارة.
أبيدجان – ساحل العاج (كوت ديفوار)
يعتبر الاحتباس الحراري مشكلة خطيرة تواجهها العاصمة التجارية لساحل العاج أبيدجان، فمع موقعها على ساحل المحيط الأطلسي يحذر الخبراء من أن المدينة قد تغمرها الفيضانات لعدة عقود من الآن، وكانت اللجنة الحكومية الدولية لتغير المناخ قد أعلنت ارتفاع معدلات التآكل في مناطق بميناء أبيدجان.
أطلق الباحثون على جدار لاغوس العظيم اسم “جدار الفصل العنصري المناخي”
أدى فقدان غابات المنغروف أيضًا إلى زيادة تعرض المناطق الساحلية للكثير من الأضرار نتيجة الأعاصير والعواصف الساحلية، وباعتبارها صاحبة أكبر مزارع كاكاو على مستوى العالم، تهدد الأمطار الغزيرة موسم تسويق المحاصيل الثانوية، كما حكى المزارعون في مناطق أخرى بالبلاد عن سقوط الأمطار الغزيرة يليها نوبات مشمسة.
كيب تاون ودير بان – جنوب إفريقيا
تعد المدينتان الكبيرتان الساحليتان من أهم المدن السياحية التي تجذب ملايين الناس من جميع أنحاء العالم، لكن ارتفاع مستوى سطح البحر وحركة الرمال على الشاطئ وزيادة التحضر وخسارة وانقراض التنوع البيولوجي المهم يؤكدون جميعًا على تحديات التغير المناخي.
في بداية شهر مارس أعُلنت كيب تاون منطقة كوارث بعد أن صرّح المسؤولون أن المدينة لديها مياه تكفيها بالكاد لـ100 يوم فقط نتيجة الجفاف الشديد، كما ارتفع خطر نشوب حرائق كارثية مع اندلاع المزيد من حرائق الغابات في مقاطعة كيب الغربية، يؤثر التغير المناخي أيضًا على الإنتاج الزراعي ويساهم في انعدام الأمن الغذائي وتدهور البيئة والبطالة.
لاغوس – نيجيريا
نظرًا لموقعها المنخفض على ساحل المحيط الأطلسي، فإن أكثر المدن الإفريقية ازدحامًا بالسكان أصبحت عرضة للآثار السلبية للتغير المناخي، تتكون لاغوس من بر رئيسي وعدة جزر يعيش فيها نحو 21 مليون نسمة، بعض هؤلاء الناس يعيشون في أحياة فقيرة مواجهة للبحر دون وجود شبكات صرف ومياه مناسبة، ومع هطول الأمطار الغزيرة وارتفاع مستوى سطح البحر، فإن سكان الأحياء الفقيرة وبعض الأحياء متوسط الدخل معرضون لخطر الفيضان.
تغير المناخ قد يجعل بعض أجزاء شمال إفريقيا دافئة جدًا بحيث لا تصبح صالحة للحياة في المستقبل
تحاول المدينة الكبيرة تجنب ذلك عن طريق قيام المبدعين ببناء بيوت تعمل بالطاقة الشمسية والتهوية الطبيعية ومثلثة الشكل كنموذج دائم، أما جزيرة إيكو أتلانتيك فيتم بناؤها كمركز مالي جديد من خلال جلب أطنان من الرمال إلى أراضي مستصلحة في المحيط الأطلسي لبناء المدينة، يتم بناء سور لاغوس العظيم أيضا وطوله 8 كيلومترات لحماية شبه الجزيرة وسكانها من البحر، ومع ذلك يرى الباحثون أن الجدار قد يثير المشاكل لسكان المناطق الأخرى المواجهة للبحر وأطلقوا على الجدار المبني حصريًا لبعض النخب اسم “جدار الفصل العنصري المناخي”.
دار السلام – تنزانيا
تعد تنزانيا من أكثر الدول المتأثرة بالفيضانات في شرق إفريقيا وفقًا للبنك الدولي، حيث تنمو أكبر مدن الدولة (دار السلام) بسرعة كبيرة تصل إلى 85% عام 2025، وعدم قدرتها على الحفاظ على البيئة الطبيعية للمدينة في الوقت ذاته، كما أن الطبيعة المسطحة للمدينة الساحلية تجعلها أكثر عرضة للفيضانات المتوقع حدوثها مع زيادة هطول الأمطار وهبوب العواصف، أما الأحياء الفقيرة الواقعة بطول السهول الفيضية لنهر ميسمبازي فهي عرضة أيضًا لخطر الفيضانات مع خسائر سنوية في المباني بقيمة 47.3 مليون دولار.
في الشهر الماضي فقط تعرضت البلاد لأمطار غزيرة تسببت في تدمير البنية التحتية الأساسية ومساحات شاسعة من مزارع الأرز وأدت إلى إغلاق المدارس، وسجلت دار السلام وحدها معدل 54 ملليمترًا من الأمطار في اليوم وهو يعادل ثلث متوسط هطول الأمطار الشهري في مايو بمعدل 188 ملليمترًا.
المدن الساحلية بشمال إفريقيا
وجد الباحثون أن تغير المناخ قد يجعل بعض أجزاء شمال إفريقيا دافئة جدًا بحيث لا تصبح صالحة للحياة في المستقبل، واليوم الكثير من المدن الساحلية الكبرى شمال إفريقيا مثل الإسكندرية والدار البيضاء وطرابلس وتونس أصبحوا أكثر عرضة لآثار التغير المناخي طويلة المدى.
يعتبر السودان من بين دول شمال إفريقيا والتي تواجه آفاقًا مأساوية، حيث متوقع أن يرتفع متوسط درجات الحرارة بحلول عام 2060 ما بين 1.5 إلى 3 درجات سليزية، كما ساهمت الأمطار العشوائية وزيادة التصحر والجفاف الشديد في تدمير المحاصيل والماشية، وأدت عصور من إزالة الغابات إلى زيادة العواصف الترابية التي تمر عبر الصحراء الآن وتبتلع في طريقها قرى وأراضي زراعية بأكملها.
المصدر: كوارتز