ترجمة وتحرير نون بوست
أكدت وسائل إعلام بريطانية محلية أن وزارة الداخلية التابعة للمملكة المتحدة، قد صرحت أنه “من المرجح أن تظل نتائج التحقيقات، حول مصادر تمويل الجماعات المسلحة المتمركزة في المملكة المتحدة، سرية إلى الأبد”. وتبقى طبيعة النتائج التي تم التوصل إليها، هي السبب الذي يقف وراء هذا التحفظ.
على العموم، تم مباشرة هذه التحقيقات على إثر طلب من رئيس الوزراء السابق، ديفيد كاميرون، خلال فترة إدارته للحكومة البريطانية. وكان الهدف من هذه الخطة، هو إقناع المعارضة الليبرالية الديمقراطية بالموافقة على شنّ ضربات جوية بريطانية ضد معاقل تنظيم الدولة في سوريا، في كانون الأول/ ديسمبر سنة 2015.
في الأثناء، تمكّن ديفيد في وقت لاحق من إقناع الديمقراطيين الليبراليين بمقترحه. ووفقا لتقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية يوم الأربعاء الماضي، تبين أن “المخابرات البريطانية بدأت البحث، بعد شهر تقريبا، في كيفية قيام بعض الكيانات الأجنبية بتمويل الجماعات الإرهابية، وذلك بهدف تعزيز الإيديولوجية المتطرفة في المملكة المتحدة“.
في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن القرار الصادر عن وزارة الداخلية البريطانية، يقضي “بعدم الكشف عن أية معلومات حول النتائج التي توصلت إليها أجهزة المخابرات، نظرا لطبيعتها التي يمكن وصفها بالحساسة للغاية”. وعلى وجه الخصوص، صدر هذا القرار، بعد العثور على مؤشرات في التقرير الذي استند على التحقيقات، تبرهن عن “تورط الرياض، الحليف الوثيق للندن والراعي الأول للأيديولوجية السنية الوهابية المتطرفة في جميع أنحاء العالم“.
في هذا الصدد، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية، الذي أعلن عن هذا القرار، إنه “من المرجح أن يتم اتخاذ قرار بشأن هذا التحقيق، بعد انتخاب الحكومة الجديدة للبلاد، نظرا لأن النتائج الحالية لم تقدّم الكثير من التفاصيل”. فضلا عن ذلك، كتب توم بريك، المتحدث باسم الشؤون الخارجية الليبرالية الديمقراطية، رسالة إلى رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، التي كانت تشغل منصب وزيرة الداخلية عند انطلاق التحقيقات في سنة 2016. وفي هذه الرسالة، طالب بريك، رئيسة الوزراء “بتقديم إجابات واستفسارات حول طبيعة نتائج التحقيقات“.
من جانب آخر، وجّه بريك في هذه الرسالة، انتقادات لتيريزا ماي بسبب عدم رد الفعل واتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت الذي سجلت فيه هجمات خطيرة، ارتكبها مواطنون من المملكة المتحدة. ومن بين هذه الأسماء، نذكر خالد مسعود الذي شنّ هجوما في آذار/ مارس الماضي، وسلمان العبيدي المسؤول عن هجوم مانشستر، الذي خلف 28 ضحية والعشرات من الجرحى. وأكّد بريك في هذه الرسالة أن “أفكار وطريقة الهجمات مستوحاة من أيديولوجية التطرف التي ينشرها تنظيم الدولة؛ والتي كٌلفت وزارة الداخلية بالتحقيق فيها“.
كرّم ملك المملكة العربية السعودية سلمان بن عبد العزيز آل سعود، رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، في الرياض يوم 5 نيسان/ أبريل 2017. ومن جهتها، قالت وزارة الداخلية البريطانية إنها “لن تنشر أبدا نتائج التحقيق، الذي تمت مباشرته خلال فترة تولي ماي منصب وزير الداخلية. وقد كُلّفت ماي في ذلك الوقت، بالقيام بتحقيق حول مصادر التمويل الأجنبي لأيديولوجية التطرف في المملكة المتحدة، والذي من المحتمل أن يوجه أصابع الاتهام للمملكة العربية السعودية”.
وفقا لما جاء في تقرير صحيفة الغارديان، قال بريك في رسالته: “لقد كنتِ وزيرة سابقة للداخلية، عملت في هذا المنصب خلال فترة التحقيقات. وبعد ثمانية عشر شهراً، لا يزال تقرير التحقيقات غير كامل وغير منشور؛ على الرغم من ارتكاب هجومين إرهابيين مروعين، استهدفا المواطنين البريطانيين”. علاوة على ذلك، أشار بريك في رسالته إلى السعودية بوضوح، وأورد “على وجه الخصوص، ليس من السريّ أن توفر المملكة العربية السعودية التمويل لمئات المساجد في المملكة المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، تتبنى هذه الأماكن فكرا وهّابيا متشددا، كما أنها غالبا ما تكون أرضية خصبة لتجذّر التطرف البريطاني”، على حد تعبيره.
من جهة أخرى، تزامنت هذه الانتقادات مع هجوم شديد اللهجة شنّه زعيم حزب العمال البريطاني المعارض، جيريمي كوربين، ضد حكومة ماي. وتمثل سبب هذه الانتقادات الأخيرة في “مواصلة ماي في نفس منهج سياساتها الخارجية، التي تعزز انتشار التطرف في المملكة المتحدة”. وفي حال انتخابه، تعهّد كوربين بأنه “سيلغي عمليات بيع الأسلحة البريطانية إلى المملكة العربية السعودية، ويضع نهاية لها؛ نظرا لتوجيه الأمم المتحدة وعدد من المنظمات الدولية الأخرى اتهامات لهذا القطر الخليجي بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق ضد حقوق الإنسان، خلال الحرب التي يقودها ضد حركة أنصار الله، الشيعية والتي تعرف في اليمن باسم الحوثيين“.
في هذا الإطار، لا يخفى عن أنظار العالم أن الحوثيون تلقوا دعما سياسيا وعسكريا من إيران، المنافس الإقليمي للمملكة العربية السعودية. ودفع هذا العامل الرياض إلى حشد دعم أجنبي. وتبعا لذلك، ظفرت المملكة السعودية بدعم بعض القوى الغربية مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية.
علاوة على ذلك، بدى صعود الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، في البداية مدمرا للمصالح السعودية، حيث أن ترامب اتّهم المملكة بنشر الأيديولوجية المتطرفة في جميع أنحاء المنطقة وخارجها. بالإضافة إلى ذلك، لم يتردد ترامب، الذي وقّع صفقة أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار مع المملكة العربية السعودية، خلال رحلة أداها إلى هذه البلاد في الأسبوع الماضي، عن الإشارة إلى العلاقة السعودية بهجوم 11 أيلول / سبتمبر. وقال في هذا الصدد، إن “15 من بين 19 متورط في هذه الأحداث، قدموا بالفعل إلى واشنطن من المملكة العربية السعودية” .
في الحقيقة، في أعقاب هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، قامت الولايات المتحدة بتحقيق خاصا بها، بشأن تورط المملكة العربية السعودية في هذا الهجوم، والذي لم تعلن السلطات الأمريكية عن نتائجه إلا في السنة الماضية. ونظرا للتقارب بين ترامب والمملكة العربية السعودية، طلب مسؤولون سعوديون من الجمهوريين إلغاء قانون سنة 2016، المعروف باسم قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب (جاستا).
عموما، علما وأن هذا القانون يسمح لأسر ضحايا 11 أيلول/ سبتمبر بمقاضاة البلاد التي لعب كان لرعاياها دورا في أكثر الهجمات الإرهابية وحشية في تاريخ البشرية. علاوة على ذلك، كشفت بعض التقارير، صدرت في وقت سابق من هذا الشهر، أن المملكة السعودية دفعت لقدامى المحاربين العسكريين الأمريكيين تكاليف السفر والفنادق حتى تغريهم بالضغط على الحكومة الأمريكية لإلغاء قانون جاستا.
المصدر: نيوزويك