يعد القائد أحمد الغندور أرفع الأسماء التي أعلنت كتائب القسام، الذراع العسكري لحركة “حماس”، اغتيالها من قبل الاحتلال الإسرائيلي خلال العدوان المستمر منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ونعت القسّام الأحد، استشهاد 4 من قادتها خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أبرزهم عضو المجلس العسكري وقائد لواء الشمال أحمد الغندور المعروف بـ”أبو أنس”.
وقالت في بيان: “تزف كتائب القسام ثلة من قادتها الأبطال، وهم القائد أحمد الغندور (أبو أنس)، عضو المجلس العسكري، وقائد لواء الشمال، والشهداء القادة: وائل رجب، ورأفت سلمان، وأيمن صيام”.
وأضافت أن “الشهداء ارتقوا في مواقع البطولة والشرف في معركة طوفان الأقصى”، دون تحديد تاريخ أو تفاصيل استشهادهم. وتابعت: “نعاهد الله أن نواصل طريقهم وأن تكون دمائهم نورًا للمجاهدين ونارًا على المحتلين”.
فقدت الأمة هذا الرجل العظيم..
الشهيد/ أحمد الغندور قائد لواء شمال غزة في كتائب القسام.
لا تتسع الكتب لتدوين تاريخه وحسن جهاده وصنيعه، ولعل أبو أنس أقدم مقاتل ضمن مقاتلي حركة حماس pic.twitter.com/XLbnxsKpiv
— محمد حامد العيلة || Mohammed H. Alaila (@Moh_Aila) November 26, 2023
من هو؟
ولد الغندور (56 عامًا) وعاش في مدينة غزة، وكان ناشطًا في الجناح العسكري لحركة حماس خلال الانتفاضة الأولى عندما أسسه القائد الراحل صلاح شحادة وكان يعرف وقتها باسم “المجاهدون الفلسطينيون”، قبل أن يحمل اسم “كتائب عز الدين القسام” مطلع التسعينيات.
اعتقلته سلطات الاحتلال بين عامي 1988-1994، ثم أكملت السلطة الفلسطينية هذه المهمة ضمن ما يعرف بسياسة الباب الدوار، لتعتقله الأخيرة عام 1995 وتفرج عنه في سنة 2000 مع اندلاع انتفاضة الأقصى.
وفي الانتفاضة الثانية، عمل أبو أنس مساعدًا للقائد عدنان الغول صانع أول قنبلة يدوية فلسطينية وأول مسؤول لدائرة التصنيع العسكري التابعة لـ “كتائب القسام”.
كان الغندور مسؤولًا عن حادث تدمير دبابة ميركافا/3 -رمز القوة العسكرية الإسرائيلية- في المنطقة والاشتباك مع جنود الاحتلال، في 15 فبراير/شباط 2003، في عملية قُتل فيها 4 جنود قرب مستوطنة دوغيت.
وبعد يومين دمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي تساندها جرافات عسكرية خمسة منازل فلسطينية كان بينها منزل الغندور وجرفت أراضي زراعية واسعة بعد توغلها في بلدة بيت لاهيا القريبة من مستوطنة دوغيت شمال قطاع غزة.
قائد الشمال
وبعد استشهاد رفيقه عدنان الغول في أكتوبر/تشرين الأول 2004، وفي إطار التغييرات في قيادة حماس، جرى تعيين الغندور قائدًا للجناح العسكري في شمال قطاع غزة.
ويحظى الغندور – وهو اسم معروف لدى الغزيين – بشعبية واحترام كبيرين لديهم، فقد أشرف على صد اجتياح إسرائيلي لشمال غزة في أكتوبر/تشرين أول 2004، استمر ثلاثة أسابيع، واستشهد خلاله 130 فلسطينيًا.
مع الانتهاء من الانسحاب من المستوطنات الإسرائيلية في قطاع غزة كجزء من خطة فك الارتباط عام 2005، كشفت حماس في وسائل الإعلام عن الشخصيات التي تدير تسلسلها القيادي.
وفي هذا الكشف جرت الإشارة إلى أحمد الغندور على أنه “قائد شمال قطاع غزة”، ومنذ ذلك الوقت، تصاعدت محاولات اغتياله.
في 23 سبتمبر/أيلول 2005، أثناء عرض عسكري لحماس كان الغندور مسؤولًا عنه في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة، ونجا وقتها من انفجار أدى إلى استشهاد 19 فلسطينيًا، وقالت الحركة إنه كان ناتجًا عن محاولة اغتيال إسرائيلية.
المطارد الثالث
كان الغندور من قيادة الصف الأول في الجناح العسكري والمطارد رقم 3 بعد قائد كتائب القسام محمد الضيف ونائبه مروان عيسى.
وتقول وسائل إعلام عبرية إن الغندور كان أحد المبادرين للسيطرة على قطاع غزة عام 2007 إثر رفض السلطة الفلسطينية تمكين حماس من الحكم بعد فوزها بالانتخابات التشريعية بنتيجة ساحقة.
كما ارتبط اسمه بعملية أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط والذي أفرج عنه لاحقا في صفقة وفاء الأحرار مقابل أكثر من ألف أسير فلسطيني.
https://twitter.com/Abbas_7adi/status/1728782796024398114
وفي 12 يوليو/تموز 2006، فشلت قوات الاحتلال في اغتياله عندما استهدفت الطائرات الحربية منزلًا وسط مدينة غزة قالت إنه كان يقيم فيه كبار أعضاء كتائب القسام ومن بينهم الغندور ومروان عيسى، لكنهما أصيبا بجروح طفيفة فقط.
وتقول وسائل إعلام عبرية إن الغندور كان مسؤولًا في 14 أبريل/نيسان 2006، عن إرسال خلية من جباليا في قطاع غزة عبر سيناء إلى “إسرائيل” ومن هناك إلى الضفة الغربية، لإقامة بنية تحتية عسكرية هناك.
كما كان قد نجا من محاولات اغتيال إسرائيلية أخرى في العدوان على منزله ومنازل كان يتحصن بها عامي 2012 و2014.
وفي العام 2014 استشهدت زوجته وابنته في قصف إسرائيلي استهدف منزلًا كانتا تتواجدان به. كما استشهد ابنه مهند، ابن الثانوية العامة، بعدما نجح في العبور مع 1000 من رفاقه في قوات النخبة القسامة في 7 أكتوبر.
وتقول مصادر محلية إن ابنا آخر له استشهد مع مهند في يوم العبور إلى مستوطنات غلاف غزة، دون أن يجري التأكد من هذه المعلومة.
“سلاحنا مقدس”
وصنفت الولايات المتحدة أحمد الغندور “إرهابيًا دوليًا” منذ عام 2017، بسبب ضلوعه في تنفيذ عدة عمليات عسكرية ضد “إسرائيل” منها إشرافه على عملية أسر الجندي جلعاد شاليط في منطقة كرم أبو سالم عام 2006.
وأشارت وزارة الخارجية الأمريكية في حينه إلى أنه كان عضوًا في مجلس شورى الحركة، وفرضت عليه عقوبات حول “ارتكابه أو خطر ارتكابه أعمال إرهاب تهدد أمن الرعايا الأميركيين والأمن القومي والسياسة الخارجية أو اقتصاد الولايات المتحدة”، وفق وصفها.
وكان الغندور نادر الظهور إعلاميًا، لكنه قال في مقابلة سابقة معه عام 2005: “استخدمت كتائب القسام كل ما استطاعت الحصول عليه من سلاح بداية من الحجر والملتوف والبنادق والرصاص والقنابل ثم منّ الله علينا بالمهندسين الذين وفقهم في صناعة المتفجرات”.
وأردف: “هذه المتفجرات وقود لكل المقاومين والمجاهدين وأصبحت سلاح رعب وردع للمحتلين فكانت العبوات بشتى أنواعها، وصواريخ القسام وتلك المضادة للدروع، وهي أسلحة جعلت المحتلين يفكرون ألف مرة في أي اجتياح بل أصبحوا يفكرون بالانسحاب”.
كما قال عقب الانسحاب الإسرائيلي في نفس العام إن “سلاحنا قضية مقدّسة غير قابلة للتفاوض، ومستحيل أن نتخلى عنه حتى لو قتلنا جميعًا”.
وقال عقب العدوان الإسرائيلي على غزة 2008-2009، في 14 فبراير/شباط إن كتائب القسام لم تفاجأ بحجم الحرب وأن “إسرائيل” تكبدت خسائر فادحة، رغم إمكانات حماس المتواضعة مقارنة بها.