تويتر يخبركم.. هل تنجح الشعوب الخليجية في كسر الحصار عن قطر؟

130203041

“ها قد عادت النكسة من جديد، ولكن هذه المرة أكثر قُبحًا وبثوب عربي” كان هذا من أشهر التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي والتي اشتعلت منذ ساعات صباح أمس الأول بمختلف منصاتها، بتغريدات ومنشورات اختلفت في حدتها وموقفها ما بين تأييد ومعارضة قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، إلا أن الأمر كان مختلفًا بعض الشيء بالنسبة للمُغردين والمدونين الخليجين، إذا تصدّروا العالم والخليج على موقع تويتر بهاشتاج #الشعب_الخليجي_يرفض_مقاطعة_قطر.

بداية من التغريدات التي لم يخل محتواها من هاشتاج #قطر_ليست_وحدها و#تصريحات_تميم، منذ بداية الأزمة القطرية الخليجية، حينما تعرضت قطر لحملة تشويه إعلامي من قِبل كل من قناتي “سكاي نيوز” صاحبة الدعم الإماراتي وقناة “العربية” المدعومة من السعودية ونشرهما أخبارًا مُلفقة عن وكالة الأخبار القطرية “قنا”، بخصوص تصريحات أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني التي تضمنت أخبارًا مُفبركة تتهم أمير قطر بتوطيد علاقته بـ”إسرائيل” وإيران ومهاجمته لدول الجوار في الخليج.

البداية

استخدمت القناتان تويتر كسلاح لنشر تلك الأخبار المزعومة التي لم تنشرها أي منصة إعلامية قبلهما بما فيها وكالة الأخبار القطرية نفسها، إلا أن المُغردين والمدونين استغلوا منصة تويتر أيضًا في حملة دعم شعبية إلكترونية لقطر وأميرها لدرء خطر تلك الحملة الإعلامية الشعواء، فانهال على الموقع كل من هاشتاج #تصريحات_تميم و #قطر_ليست_وحدها.

لم يتوان الجانب القطري في الرد على هذه الاختلاقات السابقة، فخرج بعدها بدقائق مدير مكتب الاتصال الحكومي الشيخ سيف بن أحمد آل ثاني ليؤكد أن ما تم نشره ليس له أي أساس من الصحة، قائلاً: “الموقع تم اختراقه من قبل جهة غير معروفة إلى الآن وتم نسب تصريح مفبركة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى”.

كما غرّد أيضًا المدير التنفيذي للمؤسسة القطرية للإعلام مشيرًا إلى كذب التصريحات المنشورة على سكاي نيوز والعربية وأكد أن الموقع قد تم اختراقه لتشويه قطر إعلاميًا بنشر تصريحات مُفبركة عن دور إيران بالنسبة لدول الخليج وعن توطيد العلاقات مع “إسرائيل” على لسان أمير قطر.

على الرغم من نفي الإعلام القطري الرسمي للتصريحات المُفبركة، استمرت وكالات إعلامية تابعة لكل من الإمارات والسعودية في نشر “تصريحات تميم” المزعومة اعتمادًا على مصادر سكاي نيوز والعربية التي لا أساس لها من الصحة، والتي عكست المهنية المتدنية لكل من القناتين بعد نشرهما تصريحات قبل التأكد من صحتها.

تسريبات السفير الإماراتي

لم تمر بضعة أيام حتى اشتعلت منصات التواصل الاجتماعي من جديد بشأن “تسريبات السفير”، حيث تم إرسال عينة من تلك الرسائل إلى منصات إعلامية مثل موقع “هافينغتون بوست” الأمريكي وموقع “ذا إنترسبت” و”ديلي بيست”، والتي نشرتها بعد اختراق البريد الإلكتروني الخاص بالسفير الإماراتي “يوسف العتيبة” في الولايات المتحدة الأمريكية.

كانت ردة الفعل قوية على مواقع التواصل الاجتماعي بمجرد كشف تلك التسريبات علنًا، بعد تسليط الضوء على مخططات الإمارات في منطقة الشرق الأوسط فيما يتعلق بمحاولة انقلاب تركيا الفاشل، وتدخلها في الشؤون الداخلية المصرية، واستيائها من السياسات القطرية نحو كل من حماس وجماعة الإخوان المسلمين بالإضافة إلى كشفها عن توطيد العلاقات الإماراتية “الإسرائيلية”.

في خضم كل هذا الشد والجذب، خرج إلى النور فيلم وثائقي بعنوان الأيادي السوداء، وهو فيلم مدته لا تتجاوز 82 دقيقة كشف بالوثائق والأدلة الدور الذي وصفه التقرير المصور بـ”المشبوه” لدولة الإمارات العربية المتحدة في دول الجوار الخليجي، ومساعيها لإجهاض ثورات الربيع العربي، وتجنيد عملاء وجواسيس محليين ودوليين، فضلاً عن علاقتها التي وصفت بـ”المتينة” مع الكيان الصهيوني ومخططاتها لشل أيادي المقاومة الإسلامية، وفي النهاية فضح سجلات انتهاكات حقوق الإنسان لديها في الداخل والخارج.

لم يمض كثيرًا من الوقت، حتى تم إعلان قطع العلاقات الدبلوماسية بين كل من السعودية والإمارات ومصر والبحرين مع قطر، مُعلنة بذلك حصارًا بحريًا وجويًا وبريًا على الحدود، وإغلاق جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية كافة منها وإليها، ومنع دخول أو عبور القطريين إلى بلادهم “لأسباب أمنية”.

لم يمض قليل من ساعات صباح أمس المبكرة إلا واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي في منطقة الخليج العربي للرد على اتحاد بعض من الدول الخليجية والتي تبعتها دول وحكومات أخرى على قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، فوقعت المنصة بين مؤيد ومعارض للموقف السعودي الإماراتي.

لم تكن ردة فعل الشعب الخليجي مواكبة لموقف حكوماتهم، بل كانت في أغلب الأحيان معاكسة لتيار قطع العلاقات مع قطر، فمنهم من كانت مواقفه حادة متأثرًا بـ”الوحدة الخليجية” ومنهم من عارض موقف حكومته واتخذ مواقف حاسمة سواء في علاقاته الشخصية أو في أعماله التجارية.

“نسبة المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي في منطقة الخليج العربي”

في أول تعقيب إسرائيلي غير رسمي على قطع علاقات بعض الدول العربية بقيادة السعودية لعلاقاتها مع دولة قطر، اعتبر وزير الجيش الأسبق موشي يعلون أن ما يجري ليس أقل من “انقلاب عربي جديد”، مُشيرًا إلى ذكرى النكسة قائلًا بأنه وجد العرب الذين شكلوا تحالفًا ضدنا في حرب الأيام الست لمحاولة تدميرنا وجدوا أنفسهم معنا بنفس القارب.

“ميخائيل أورين” السفير الإسرائيلي الأسبق في الولايات المتحدة، غرد: “لم يعد الأمر كما كان في الشرق الأوسط، فلم يعد الأمر يُختصر في “إسرائيل ضد العرب”، بل “العرب وإسرائيل” في محاربة تمويل قطر للإرهاب”.

 #الشعب_الخليجي_يرفض_قطع_العلاقات_مع_قطر

رفض مغردون خليجيون قرار المقاطعة، وقرروا كذلك مقاطعة القرار وإبداء غضبهم بسببه، حيث كان هاشتاج “قطع العلاقات مع قطر” و”الشعب الخليجي يرفض قطع العلاقات” من أوائل التغريدات المتصدرة على الخليج العربي وعالميًا أيضًا، حيث كان الجميع يدعون لرفض هذا العمل الذي لا ينم عن معاني “الإخوة” بين دول مجلس التعاون الخليجي.

على الرغم من الانقسام الحادث بين الشعب الخليجي بين مؤيد قلبًا وقالبًا لقرارت حكوماته بقطع العلاقات، ومعارض للقرار، معولًا على دعم الأخوة و”الوحدة الخليجية”، بدلًا من الانضمام للعدو وهو الكيان الصهيوني على حساب دول عربية شقيقة.

أثارت تلك الأزمة القطرية نوعًا آخر من الوعي بين صفوف الشعب الخليجي، فمعارضة الشعب لحكوماته ليس بالأمر الشائع في منطقة الخليج، كما شكلت كتلة واعية بسياسات الحكومات المسكوت عنها في المنطقة، والتي وقعت ضحيتها هذه المرة دولة خليجية شقيقة.

صورة تستحق ألف كلمة

لم يكن الرد خليجيًا فحسب، بل كان دوليًا، إذ رفض الشعب التركي قرار المقاطعة، مشيرًا إلى علاقته الطيبة المستمرة بين حكومة بلاده والحكومة القطرية، فعلى الرغم من عدم وجود ردة فعل تركية رسمية حتى الآن، فإن المغردين الأتراك أطلقوا هاشتاجًا #TürkOrdusuKatara ويعني “تركيا مع قطر”، مغردين آلاف التغريدات عن احترامهم لسيادة قطر بين دول الخليج العربي.

“قوة المسلمين في وحدتهم في مواجهة التهديدات”

ما بين استهجان شعبي خليجي على منصات التواصل الاجتماعي وإصرار البعض الآخر على الخضوع لقرارات حكوماتهم حتى لو كلفهم الأمر الاستقالة من عملهم أو ترك عوائلهم خلفهم، يستيقظ الشرق الأوسط كل يوم على حالة مترقبة مما سيحدث غدًا، ما بين ترقب التسوية من الأشقاء في الكويت وسلطة عُمان، واستمرار قطر في مسيرتها متحملة العواقب التي جنتها جراء وقوفها مع كل من فقد الأمل جراء الظلم والقهر في دول الجوار.