نتيجة للقصف العشوائي الذي يطال المدن والأحياء السكنية والذي لم يفرق بين طفل و امرأه أو بين رجل مسن، وآخر مسلح، ترك الكثير من العوائل في مدينتي الرمادي والفلوجة بيوتهم فارغة ورائهم مستغنين عن ممتلكاتهم الضرورية خلفهم، لينجوا بأنفسهم مما هم فيه من محنة، وليلجؤوا لمناطق العراق المختلفة شمالا وجنوبا ناهيك عن اللجوء لمناطق محافظة الأنبار الأكثر أمناً وإستقراراً .
مدينة عنه والتي تقع غرب محافظة الأنبار تعد أكثر المناطق هدوءً في هذه الفترة إذ نزح إليها من مدينتي الرمادي والفلوجة ما يقارب 650-750 عائلة حسب احصائيات الجمعيات الخيرية والشباب القائمين على حملات الإغاثة، ويعتبر توفير السكن و تحصيل الطعام والملابس التي تقي العوائل من برد الشتاء القارص هي أبرز متطلبات النازحين، إذ خرجت العوائل النازحة من بيوتها إلى مناطق اكثر أمنا للحفاظ على أرواحهم بقصص مبكية ومؤلمة، قصصٌ تحكي فصول الرعب التي خلفتها المعارك والقصف العشوائي الذي استهدفهم وبيوتهم .
هذه العوائل التي استقبلها شباب المدينة الآمنة وأهلها ليوفروا لهم ما استطاعوا من سكن وتوفير كل المستلزمات الضرورية لهم، وعلى لسان أحد الشبان الذين يقومون على خدمة العوائل النازحة إلى مدينة عنه وتلبية احتياجاتهم يقول؛ وفرنا لجميع العوائل كل ما تحتاجه من مواد غذائية ومستلزمات منزلية أهمها الفراش والغطاء، إضافة إلى تزويدهم بالنفط والغاز، ويتابع الشاب حديثه واصفا عملهم بالجاد والذي تضمن العديد من الفرق التطوعية التي تعمل على تلبية حوائج النازحين، مؤكدا على أن هذه الفرق تضم في طبقاتها المختلفة خليطا متنوعاً من الشباب الذين يمثلون كل الاتجاهات وغير محسوبين على أي جهة رسمية أو مجتمعية بعينها .
يواصل الشاب حديثه ويقول؛ من قصص النزوح لمدينة عنه الكثيرة قصة لعائلة وصلت لمدينتنا بعد تمام الساعة 12 بعد منتصف الليل! فقمت بكفالة هذه العائلة دون معرفتي الشخصية بهم، علما أنني قمت بمتابعة أخبارهم وهم في منتصف الطريق إذ أوقفتهم السيطرات العسكرية في عدة مناطق وساهمت بتخفيف مصابهم وعن طريق الاتصالات المكثفة دخلوا المدينة بعد ذلك، لنقوم بتوفير السكن لهم وتزويدهم بكل ما يحتاجونه من أغراض ضرورية لأمور المعيشة والحياة!
ولما يفرغ الشاب من الحديث، ليجيء رجلٌ آخر حاملا شكوى، وقصة شاهدها بنفسه يريد ان يروي فصولها لشباب الحملات والإغاثةّ!، في قصة الرجل حكاية حدثت في بداية الأزمة التي عصفت بحافظة الأنبار تقول فصولها!؛ عائلة من العوائل النازحة والتي أتت في اول أيام الحرب حدث أن أجبرت هذه العائلة على دفع مبلغ كبير من المال لإيجار منزل يلجؤون إليه خلال هذه الفترة، معبرا عن استياءه مما لاقته هذه العائلة من معاملة وصفها بالغير إنسانية. بعد أن أكمل حديثه وعده الشاب بأن يحمل قصته وفصولها لشباب الحملات الإنسانية في المدينة بأقرب لقاء يجمعه بهم، بعد أن انصرف الرجل صاحب القصة أو الشكوى إن صح التعبير كان تعليق الشاب على قصة الرجل؛ بانهم مجموعة من الشباب والجمعيات الخيرية استطعنا أن نساعد بفضل من الله وتسهيل منه وساهمنا ولو بجزء بسيط في تخفيف بعض جراح العوائل النازحة وتلبية احتياجاتهم ورفعنا من معنوياتهم قدر المستطاع، غير أننا لم نستطع على احتواء كل العوائل تحت مساعداتنا وامكانياتنا في الإغاثة منذ اول يوم ولكن الغالبية الكبيرة من العوائل تغطيها حملاتنا الإنسانية في الكثير من المناطق!
فأخذ الشاب يحدثني ويذكر لي بأنهم يواصلون عملهم ليل نهار وبعزيمة قوية لمساعدة العوائل الوافدة لمدينة عنه لحين استطاعتهم الرجوع لمناطقهم السكنية وقد عم فيها الأمن والأمان . واصفا التبرعات التي يقومون بجمعها من المتبرعين تكون بمختلف الاشكال، فهناك من يفرغ بيته ليسكن فيه عائلة لا مأوى لها، ومنهم من يتبرع بمبلغ نقدي، وهناك حملات أخرى تقام في الجوامع لجمع المواد العينية والنقدية من قبل الكثير من شباب المدينة الذين يساعدون ويساهمون في دعم هذه العوائل، وتضميد جراحهم الكثيرة.
بعيدا عن موضوع النازحين في مدينة وعنه وقريبا لأزمة النزوح من مدينتي الفلوجة والرمادي هناك الآلف من العوائل النازحة، يعيشون في ظروف صعبة وهم في حاجة ماسة إلى كل شيء، فالسكن غير متوفر في مناطق كثيرة من محطات اللجوء والنزوح والأعداد كبيرة في الكثير من المناطق العراقية، والجمعيات الخيرية والشبابية في مدن العراق المختلفة بدأت بحملات التبرعات والدعم الشعبي لهذه العوائل غير أن كل هذه الحملات ماهي إلا جزء بسيط يساهم في تمشية الأمور ولا يساهم في إيجاد حل لها !