ترجمة حفصة جودة
“لو أنه يتوقف فقط عن التغريد” هذا ما قاله صديقي جاك أحد المعجبين بترامب، يعتبر جاك – وكيل خدمة سرية سابق – الشكل النموذجي لمؤيدي ترامب، صديقي جاك رجل أبيض مسيحي متزوج ولديه طفلان، أمين ويعمل بجد ووطني أزرق صادق، شجاع ومخلص حتى النخاع، لكننا نختلف سياسيًا هذه الأيام ونتجادل كثيرًا بشأن ترامب.
“نعم، ولكن” هذا هو كل ما أحصل عليه من دفاعات جاك عن ترامب والذي يجده لا يمكن الاعتراض عليه إطلاقًا إلا بشأن “تغريداته السيئة”، فحتى جاك كان مندهشًا من تغريدات ترامب عن عمدة لندن صادق خان بعد هجوم لندن الإرهابي، فسماع تلك التغريدات دفع جاك لتقريع ترامب لمدة 40 دقيقة.
ربما ما زال هناك بعض الأمل، يعتقد جاك أن ترامب سيكون بخير إذا توقف فقط عن نشر أفكاره غير المنقحة على وسائل التواصل الاجتماعي، ربما نختلف في تعرفينا لكلمة بخير.
ما زال ترامب مستمرًا في طريقته الطفولية في التعامل مع الأحداث
أول تغريدة نشرها ترامب في الصباح بعد هجوم لندن ذكر فيها أعداد الضحايا ثم قال: “عمدة لندن يقول إنه لا يوجد ما يدعو للقلق”، هذا الاقتباس كاذب تمامًا وزائف، ما قاله عمدة لندن هو ألا ينزعج السكان من الوجود المكثف للشرطة، هناك فرق كبير بين التصريحين، وهكذا نستنتج الآتي إما أن ترامب اختار أن يكون معاديًا أو أنه حصل على معلومات خاطئة، ربما نغفر له الحصول على معلومات خاطئة إذا اعترف بذلك، لكنه بدلًا من ذلك ما زال مستمرًا في طريقته الطفولية.
في تغريدة لاحقة قال ترامب: “إنه عذر مثير للشفقة من عمدة لندن، كان من المفترض أن يفكر في جملته “لا داعي للقلق” والتي تعمل عليها وسائل الإعلام بجد لتحظى بالقبول”، لا أدرى هل ينبغي علينا أن نصرخ أو أن نصرخ بصوت أعلى.
بالتأكيد لا يصدق ترامب أن الناس ساذجون حتى يقبلوا بأن وسائل الإعلام بنشرها الاقتباس الكامل لتصريح خان بدلًا من النسخة الرئاسية المختصرة تحاول أن تقنعهم بالأمر، لكن ترامب ليس مضطرًا لتصديق ذلك، فهو يعلم أن جميع ما يكتبه سيحظى بقبول معجبيه لأنهم انتخبوه، أليس كذلك؟
لا يمكن لترامب أن يتظاهر أكثر من ذلك بأنه مجرد دونالد الرجل العجوز
هذا الملياردير يخدع الأمة، وأشخاص مثل جاك لا يشعرون بالانزعاج، يقول جاك: “الحقيقة أنني لم أعتد الاهتمام بأي شخص – مشيرًا إلى الاستياء بشأن سياسات ترامب المثيرة للقلق بداية من حظر السفر وحتى موضوع الجدار – أنا أهتم ببلدنا فقط”.
لا شك لدي أبدًا في هذا الأمر، يقول أحد المحاربين القدامى في العراق والذي يستطيع التعامل مع سلاح المدفعية، إن ترامب بحاجة لأشخاص مثل جاك، فبخلاف معظم سكان واشنطن، هذا الرجل صادق غير مخادع أو ماكر، وعندما يتحدث عن حبه للبلاد أعلم أنه لا يتحدث عن رفع العلم في الرابع من يوليو، لكنه يتحدث عن التضحية بحياته لأجلها.
هكذا سمعت تعليقات جاك بجدية واحترام، حاولت أن أفهم من أين جاء الأمر كلما نظرت إلى هذا الاختلاف بين وجهة نظري في هذا الرئيس الكارثي ووجهة نظر أكثر من ثلث الشعب الأمريكي، كيف يمكننا أن نرى الأمور مختلفة بهذه الطريقة؟ أجابني جاك في كلمة واحدة: “أوباما”.
لقد حاون الوقت لكي يعترف الجمهوريون في الكونجرس بأن الرجل غير كفء ويدرسوا الأمر وفقًا لذلك
وبغض النظر عن ترامب، فجاك وغيره ينظرون إلى أوباما على أنه أسوأ بكثير لدرجة أن ما يفعله ترامب ليس مهمًا بقدر ما فعله أوباما بشكل جوهري، تتماشي جملة “الأفعال أعلى صوتًا من الكلمات” مع توبيخ مستشار ترامب كليان كونواي للبرنامج التليفزيوني “عرض اليوم”، فهي ترى أن وسائل الإعلام تركز كثيرًا على تغريدات ترامب بدلًا من التركيز على ما يفعله.
لكن الكلمات مهمة وكونواي تعرف هذا جيدًا، عندما تكون رئيسًا فالكلمات مهمة بشكل عميق، لا يمكن لترامب أن يتظاهر أكثر من ذلك بأنه مجرد دونالد الرجل العجوز، يجب أن يعي ترامب هذا الأمر جيدًا، الأكثر إلحاحًا من هوس ترامب بتويتر: إذا كان ترامب متسرعًا بما فيه الكفاية لإهانة رئيس بلدية يتصارع مع كارثة دون سبب، فما الذي يمكن أن يقوله أكثر من ذلك ولمن؟
لذا فمن جهة يجب أن يتوقف ترامب عن التغريد فورًا، ومن جهة أخرى كيف يمكننا أن نعرف إلى أي مدى أصبح هذا الرجل مخبولًا؟ لحسن الحظ لم يفت الأوان لإنقاذ البلاد وإذا كان جاك قلقًا حقًا بشأن تغريدات الرئيس، فربما حان الوقت لكي يعترف الجمهوريون في الكونجرس بما كان واضحًا لفترة طويلة ويعلنوا أن الرجل غير كفء ويدرسوا الأمر وفقَا لذلك.
المصدر: واشنطون بوست