أصبحت منطقة الخليج العربي على قدم وساق بعد تطورات الأحداث الأخيرة عقب قطع السعودية والإمارات والبحرين وما تبعها من دول للعلاقات الدبلوماسية بينها وبين قطر، مما أدى إلى تصعيد الأمر حتى وصل إلى فرض عقوبات من قِبل تلك الدول على كل متضامن مع قطر.
اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي عقب الأزمة، وانقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض، نشروا تغريداتهم المُحملة بالغضب من قرار حكوماتهم، مُدرجين تلك التغريدات تحت هاشتاج كان الأكثر استخدامًا على تويتر على المستوى العالمي وهو #الشعب_الخليجي_يرفض_قطع_العلاقات_مع_قطر.
اعتبر الشعب الخليجي الأزمة القطرية الخليجية نكسة جديدة على الشرق الأوسط، ذلك لأنها وقعت في الذكرى الخمسين لنكسة 1967، فاستخدم الخليجيون تويتر كمنصة لهم للتعبير عن غضبهم مما حدث، وقاطعوا قرار القطع، معتبرين إياه قرار يمس “الوحدة الخليجية” بضرر جسيم، وما هو إلا فرصة عظيمة لمخططات الكيان الصهيوني لكي تتحقق.
على الرغم من أن الأزمة القطرية الخليجية بانت ظاهريًا بأن وقعها من الممكن أن يكون جسيمًا على قطر في البداية، فإنه ومع عدم خضوع الأخيرة للوصاية، وخصوصًا بعد تسريبات السفير الإماراتي في الولايات المتحدة التي تُشير بأن الحملة الإعلامية لتشويه قطر حملة مدبرة ومقصودة بدعم إماراتي كامل، يبدو أن السحر من الممكن أن ينقلب على الساحر، وتأتي المعارضة من شعوب تلك الدول نفسها.
الانقلاب على الحاكم ليس من الأمور الشائعة في منطقة الخليج العربي، فالبعض يسير على منهاج “المبايعة” والتبعية للحاكم في كل ما يقول ويرى، كما هو الحال في المملكة العربية السعودية، والبعض يؤيد حكامه قلبًا وقالبًا ويتمنى لهم الاستمرارية في الحكم ما دامت هناك نجاحات واقعية وملموسة على الأرض لهم.
ناهيك عن أن تعامل كل من الإمارات والسعودية مع معارضيها لا يُحسَدا عليه، إذ منذ تولّى الملك سلمان الحكم في المملكة، صار وضع حقوق الإنسان مأساوي، بحسب شكاوى منظمات العفو الدولية العام الماضي، التي أصدرت تقريرًا وصفته بالحصيلة المُفزعة، مشيرة إلى ازدياد أعداد أحكام الإعدام في المملكة تجاه معارضين، كان أشهرهم المدوّن السعودي “رائف بدوي” المعتقل بتهمة إهانة الإسلام.
الصورة من بيان النشطاء السعوديون المنشور بتاريخ أمس 7 من يونيو/حزيران
في سابقة من نوعها، خرج مجموعة من النشطاء السعوديين، وهم مجموعة من الكُتاب والمثقفين ونشطاء وكتاب رأي ورجال أعمال وقيادات عسكرية سابقة، ببيان عن قطع العلاقات مع قطر، بدأ بالحديث عن الخطر الذي يهدد أمن واستقرار منطقة الخليج العربي عقب الأزمة القطرية الخليجية الأخيرة، مركزين على أنهم بذلك يجددون العهد بقيادتهم في المملكة، إلا أنهم يخرجون بهذا البيان حفاظًا على “الوحدة الخليجية”.
كان أهم ما ورد في البيان، تسليط الضوء على انعكاسات الأزمة القطرية الخليجية على واقع الشعب الخليجي نفسه، حيث قال بيان النشطاء إن الأزمة انتقلت من أروقة السياسة إلى المواطنين أنفسهم
أوضح النشطاء السعوديون في بيانهم أنهم يريدون من قيادتهم التي وصفوها في البيان بالرشيدة عدم الانسياق نحو تمزيق وحدة الخليج، والسير باتجاه أوهام وأكاذيب خلقها عدو مشترك للخليج بحسب ما ورد في البيان.
كان أهم ما ورد في البيان، تسليط الضوء على انعكاسات الأزمة القطرية الخليجية على واقع الشعب الخليجي نفسه، حيث قال بيان النشطاء إن الأزمة انتقلت من أروقة السياسة إلى المواطنين أنفسهم، بعد أن تم إقحامهم في خلافات سياسية هم في غنى عنها بحسب ما ورد في البيان.
طلب النشطاء السعوديون من قياداتهم ومن السياسيين والإعلاميين، التصرف بمزيد من الوعي، مُشيرين إلى تربص وترقب كل من “إسرائيل” وإيران بانفراط مجلس التعاون الخليجي
ركز البيان على أن المواطن السعودي تم إجباره والدفع به في خلافات سياسية عليه فيها أن يهاجم المواطن القطري، على الرغم من الروابط التي تربط بين الشعبين، والتي تمتد من مجرد علاقات دبلوماسية إلى روابط أخوة وقرابة ومصاهرة، بالإضافة إلى الروابط التاريخية والجغرافية.
طلب النشطاء السعوديون من قياداتهم ومن السياسيين والإعلاميين التصرف بمزيد من الوعي، مُشيرين إلى تربص وترقب كل من “إسرائيل” وإيران بانفراط مجلس التعاون الخليجي، حيث طالب النشطاء أن تتخلى دول الخليج عن التفكير بمصالحها، أشاروا إلى أن هناك دول بعينها في مجلس التعاون لا تفكر إلا في مصلحتها دون أشقائها.
عقوبات التضامن مع قطر
عقوبة التضامن مع #قطر في #الامارات pic.twitter.com/PRWfNsFMTC
— مروان الضنحاني (@MarwanAldanhani) June 7, 2017
يأتي البيان في خضم التصريحات الرسمية التي تشير بمعاقبة كل من يتضامن مع قطر، حيث لم تتوقف الإمارات والسعودية عن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر وما تبع ذلك من منع دخول المواطنين القطريين إلى تلك الدول ومنع رعاياهم من السفر إلى قطر ومنعها لوسائل النقل القطرية من التحرك عبر منافذ قطر البرية والبحرية والجوية الحدودية مع تلك الدول فحسب، بل زاد الأمر إلى فرض عقوبات على كل من يخالف ما سبق.
فرضت كل من السعودية والإمارات عقوبات على كل من يتخذ موقفًا تعاطفيًا أو اعتراضيًا ضد قرار المملكة العربية السعودية والدول الخليجية التي تبعتها، باعتبار ذلك جريمة إلكترونية ومعلوماتية ينص عليها القانون المعمول به في السعودية بخصوص الجرائم الإلكترونية.
تنص المادة رقم 6 من نظام الجرائم المعلوماتية على معاقبة أي شخص يقوم بجريمة إلكترونية والتي تتضمن المساس إلكترونيًا بالنظام العام، أو القيم الدينية أو الآداب العامة
تنص المادة رقم 6 من نظام الجرائم المعلوماتية على معاقبة أي شخص يقوم بجريمة إلكترونية والتي تتضمن المساس إلكترونيًا بالنظام العام أو القيم الدينية أو الآداب العامة أو حُرمة الحياة الخاصة عن طريق الإنترنت، فهذا سيُعرضه لعقوبة السجن لمدة خمس سنوات قد تمتد إلى العشرة، بالإضافة إلى غرامة مالية تزيد على 3 مليون ريال.
الناس مستغربة من تجريم نظام بن سعود التعاطف مع قطر .
٨٠٪ من سجناء المباحث في المهلكة تهمتهم نية جهاد .#قطع_العلاقات_مع_قطر— كشكول (@coluche_ar) June 8, 2017
اعتبرت المملكة كل متضامن مع قطر، شخصًا متضامنًا مع الإرهاب، وهو ما يتفق مع رواية كل من السعودية والإمارات عن دعم قطر المالي للإرهاب، وبالتالي وقع كل مغرد ومدوّن ذي موقف تعاطفي مع قطر في حكم المروّج للفكر الإرهابي والتنظيمات الإرهابية، وعليه سيُعاقبه القانون السعودي بحكم ارتكابه جريمة إلكترونية.
وقع كل مغرد ومدوّن ذي موقف تعاطفي مع قطر في حكم المروّج للفكر الإرهابي والتنظيمات الإرهابية
أقرت الحكومة السعودية مقاطعة دولة قطر لدعمها للجماعات الإرهابية والمتطرفة، ولهذا ترى أنه يحق لها أن تعاقب كل من يتعاطف مع أي كيان يُموّل تلك الجماعات، وذلك لأن الجانب السعودي يرى هذا التعاطف يمسّ بالأمن العام للدولة.
الحكومة القطرية لم تصدر قانونا يعاقب المتعاطفين مع الطرف الثاني لأنها تدرك أن نبض شعبها معها.#صباح_الخير_يا_قطر#قطع_العلاقات_مع_قطر
— محمد الجوري (@moghared_Bahat) June 8, 2017
حذّرت دولة الإمارات مواطنيها من التعاطف مع قطر أو الاعتراض على قرار أبو ظبي بقطع العلاقات مع الدوحة
كما حذّرت دولة الإمارات، يوم الأربعاء الماضي، مواطنيها من التعاطف مع قطر أو الاعتراض على قرار أبو ظبي بقطع العلاقات مع الدوحة، معتبرةً ذلك جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة قد تصل إلى 15عامًا وغرامة لا تقل عن 136 ألف دولار، حيث نقلت جريدة البيان الإماراتية عن حمد سيف الشامسي، النائب العام للدولة، قوله إن الإمارات اتخذت قرارًا حاسمًا ضد حكومة قطر نتيجة لسياستها العدائية واللامسؤولة ضد الدولة وعدد من الدول الشقيقة الخليجية والعربية.
مطالب النشطاء السعوديين
إرجاع العلاقات القطرية السعودية على الفور وإنهاء المشاكل المتعلقة بمواطني كل من السعودية و قطر
حدد النشطاء السعوديون مطالب أساسية من الحكومة السعودية، كان من بينها إرجاع العلاقات القطرية السعودية على الفور وإنهاء المشاكل المتعلقة بمواطني كل من السعودية وقطر وتحكيم لغة العقل والحوار لتوضيح جميع الإشكاليات بين الطرفين.
كان أهم ما ركزت عليه تلك المطالب، الالتفات لوضع الشعب الخليجي الذي يجمعه إرثه التاريخي وعلاقات المصاهرة
كان أهم ما ركزت عليه تلك المطالب، الالتفات لوضع الشعب الخليجي، والالتفات إلى رأيه أيضًا، والذي أوضح حنقه وغضبه من خلال منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، بسبب إرثه التاريخي وعلاقة المصاهرة التي تجمعه مع الشعب القطري.
نشطاء سعوديون يحذرون حكام المملكة من أي تحرك عسكري ضد #قطر
في حالة الحجب: https://t.co/DZ8oB6kPGH https://t.co/v8taf5tmmp
— دعم بيان النشطاء (@sBayan2030) June 8, 2017
طالب النشطاء السعوديون بسرعة وقف تلك المهاترات الإعلامية بعد فقدانها أدنى درجات المهنية والدبلوماسية، بحد تعبيرهم
استغل الإعلام السعودي والشخصيات السعودية المشهورة الأزمة القطرية الخليجية، وقاموا بمزيد من التشويه الإعلامي والشعبي لدولة قطر واتهامها برعاية وتمويل الجماعات “الإرهابية”، لذلك طالب النشطاء السعوديون بسرعة وقف تلك المهاترات الإعلامية بعد فقدانها أدنى درجات المهنية والدبلوماسية بحد تعبيرهم.
لنا احباب واصدقاء واهل في قطر
قرار مؤلم كان لابد منه
أهل قطر أهلنا وأبناء عمومتنا أما سياسة قطر فما شفنا منها الا الغثا
اليد تُبتر لو فسدت— ناصر القصبي (@algassabinasser) June 5, 2017
كما اعتبر البيان أن عدو الخليج الأساسي يتمثل في إيران و”إسرائيل”، ودعا إلى توحيد وتكثيف الجهود ضد مجهودهم التي يدعم انفراط مجلس التعاون الخليجي، كما حذر البيان من أي تدخل عسكري ضد قطر، وطالبوا القيادات بتغليب الحكمة والعقل.
يُعد هذا البيان حركة معارضة سعودية حقيقية ضد فرض الحصار على قطر، على الرغم من أن جهة إصداره غير معلومة إلى الآن، فخرج البيان متجاهلًا العقوبات التي أقرتها كل من السعودية والإمارات بشأن معاقبة كل من يتعاطف مع قطر على الفضاء الإلكتروني، فهو الحركة الشعبية الأولى التي خرجت من منصات التواصل الاجتماعي لتُعبر عن رأي كثير من شرائح الشعب الخليجي.