على اثر اشتعال الأزمة القطرية الخليجية، وتوسع حدّتها ورقعتها بشكل متسارع يومًا بعد يوم، أشارت الصحافة الإسرائيلية إلى أن مراقبون إسرائيليون باتوا يتوقعون نشوب حرب جديدة بقطاع غزة هذا الصيف.
فرغم محاولات إظهار أن الأزمة هو سببها إيران وسياسات قطر غير المرضية لحلف الرياض – أبو ظبي، إلا أن أحد أهم أسباب هذه الأزمة وأكثر المتأثرين بها، هو القضية الفلسطينية، حيث صرح عادل الجبير وزير الخارجية السعودية من باريس أول أمس أن على قطر التخلي وبشكل مباشر وفوري عن دعم حركة المقاومة الفلسطينية حماس.
وضغط هذا الحلف على الدوحة للتخلي عن حماس وإخراجها من الدوحة، هو يهدف بالأساس لتمزيق الحركة وتشتيتها وإضعافها، حيث لا تجد لها بعد اليوم نصيرًا. وتشير التحليلات الإسرائيلية الصادرة في صحيفة هآرتس اليوم إلى أن هناك تخوفات كبيرة من أن الضغط الزائد على حركة حماس قد يشعل حربًا قريبة في القطاع المحاصر.
ففي ظل أزمة المياه والكهرباء المستمرة والصعبة التي تجتاح القطاع، وقطع رواتب الموظفين الحكوميين والأسرى المحررين من قبل سلطة رام الله، وقطع الكهرباء والخدمات والسلع وتقليص الدعم القطري لحركة حماس الآن بعد هذه الأزمة، كل هذا بالطبع سيؤثر بتداعياته حتماً على القطاع، الذي سينفجر ربّما بأي لحظة، وربما تنتهز “إسرائيل” هذا الضعف والحصار المطبق بالتعاون مع شركائها المصريين لتوجيه ضربة قوية لحماس تقسم ظهرها ولا تعيد لها أي قوة كانت.
بحسب الصحافة الإسرائيلية، ففي مطلع هذا الأسبوع، وتحت الضغط السعودي والأمريكي، طلبت قطر من العاروري وقادة أخرى في حماس مغادرة البلاد. لكن هذا يبدو غير كافٍ للسعودية التي تجرّ دولاً بأكملها لافتعال أزمات مع قطر، ففرضت القطيعة وتبعتها بذلك مصر وعدد من دول الخليج
قطر وعلى الدوام، لم تتوانى خصيصًا في السنوات الأخيرة بتقديم دعم قوي لحركة حماس، بعد خروج حماس من سوريا إبان الثورة لاختلافها مع نظام الأسد تحولت إلى الدوحة والقاهرة، إلا أن انقلاب الجنرال السيسي على الرئيس المنتخب محمد مرسي في 2013، أدى لضرب هذه العلاقة بين القاهرة وحماس، وعلى إثر ذلك نقلت الحركة جميع كوادرها لتركيا والدوحة وغيرها من الدول الداعمة لحماس.
وبعد ذلك، تقلّص الدعم المادّي لحماس نتيجة من قبل بسبب الأزمة في سوريا واختلاف الأيديولوجيات. كما تقلّص الدعم التركي بسبب الأزمات السياسية الداخلية والخارجية التي أحاطت بأردوغان.
إلا أن قطر وممثلها الدبلوماسي عند السلطة الفلسطينية لم تتوانى في تقديم الدعم وتوفير موارد القطاع ومشاريع إعادة الإعمار وغيرها. ومن جهة أخرى فقد استضافت قطر قيادات سياسية وعسكرية من حماس مثل خالد مشعل، والعاروري، الذي تتهمه “إسرائيل” بالتخطيط وتمويل عمليات عسكرية ضدّ الاحتلال في الضفّة الغربية من منفاه في قطر.
وبحسب الصحافة الإسرائيلية، ففي مطلع هذا الأسبوع، وتحت الضغط السعودي والأمريكي، طلبت قطر من العاروري وقادة أخرى في حماس مغادرة البلاد. لكن هذا يبدو غير كافٍ للسعودية التي تجرّ دولاً بأكملها لافتعال أزمات مع قطر، ففرضت القطيعة وتبعتها بذلك مصر وعدد من دول الخليج.
يقول محللون إسرائيليون إن ما يزعج السعودية والإمارات والسلطة الفلسطينية ومصر أن قطر تتعامل مع حماس كأنها الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين، لكن أيضًا محمد دحلان -عرّاب سياسات أبو ظبي – ما زال له ثأر مع حماس التي أجبرته على الفرار من قطاع غزة بعد حسمها العسكري عام 2006، ومن ذلك الحين كان يسعى الرجل باستمرار للعودة إلى غزة بقوة كقائد سياسي بدعم عسكري إسرائيلي أو مصري، ولكن كل محاولاته كانت تبوء بالفشل.
“إسرائيل” اليوم بدأت بتحضير سيناريوهات حول حرب جديدة محتملة في الصيف، بعد أن مضى على الحرب الأخيرة ثلاث سنوات، وهي التي نشبت في ظروف مشابهة لهذه الظروف أيضًا
غزة الآن في أصعب ظروفها منذ فرض الحصار عليها قبل نحو 11 عامًا، ففي شهر رمضان وفي أحسن الأحوال لا تحظى غزة إلا بأربع ساعات من الكهرباء يومياً، وباتت البيوت والمستشفيات والمؤسسات العامّة تعتمد بشكل أساسي على مولدات الكهرباء، حيث باتت أزمة الكهرباء تتصاعد بشكل كبير وتؤثر كذلك على عمل شبكة المياه، وشبكة الصرف الصحّيّ التي تقلّل من تلوّث الشواطئ ومياه البحر التي من المرجح أن يصل تلوثها إلى شواطئ “إسرائيل” المحاذية للقطاع، بحسب الإعلام العبري.
تقول هآرتس في عددها الصادر أمس “إن تفاقم هذه الأزمة، على ما يبدو، سوف يجرّ حماس لحرب متهورة ضد “إسرائيل”. وهنا يطرح السؤال، هل يفكر السنوار ورفيقه محمد ضيف، وهما من الجناح العسكري، بخوض حرب كهذه؟ فمنظور السنوار للأمور هو منظور ناضج وقد تبلوّر داخل المعتقلات الإسرائيلية. فمعرفته بالمجتمع الإسرائيلي كافية وعميقة، ولديه إلمام في التوراة، ولكنه لا يؤمن إلّا بالحلّ العسكري.
ورغم هذه التحليلات الإسرائيلية، وكل هذا الضغط الممنهج من “إسرائيل” وحلفاؤها العرب على حماس والقطاع، إلا إن الأزمة الحالية ترعب دولة الاحتلال التي تخشى اندلاع حرب كبيرة لا تبقي ولا تذر، فـ”إسرائيل” تعلم علم اليقين أن قدرات حماس اليوم ليست كالأمس، وهناك مفاجآت تخرجها المقاومة الفلسطينية في كل حرب تختلف عن كل ما سبق.
قرار السعودية بالضغط على قطر لدعمها حركة حماس بعد زيارة ترامب مباشرة لا يبدو وكأنه مصادفة. حماس لديها عدو حقيقي واحد، وهو “إسرائيل”. لذا فإن الجهود السعودية لوقف تمويل “الإرهاب القطري” الدعم لحركة حماس، لن يكون مستفيدًا منها بشكل حقيقي إلا جهة واحدة وهي “إسرائيل”.
“إسرائيل” اليوم بدأت بتحضير سيناريوهات حول حرب جديدة محتملة في الصيف، بعد أن مضى على الحرب الأخيرة ثلاث سنوات، وهي التي نشبت في ظروف مشابهة لهذه الظروف أيضًا. والقطاع اليوم على وشك الانفجار، فيوميًا يخرج الفلسطينيون بمظاهرات حاشدة على نقاط التماس مع الكيان الإسرائيلي على طول حدود قطاع غزة، وذلك بدعم حمساوي بشكل أو بآخر، لأن الوضع أصبح لا يطاق، وكلما زاد الاطباق والحصار، اقتربت لحظة الانفجار التي لن تحمد عقباها.
السعودية في حلف “إسرائيل” لمحاربة حماس
سبب الخلاف الكبير بين المملكة العربية السعودية والإمارات من جهة، وقطر من جهة أخرى هو في ظاهره العلاقات مع إيران، حيث أصبح السعوديون مهووسين بوقف االنفوذ الإيراني المتنامي في الشرق الأوسط. لكن لو دققت النظر لأمعنت أن الأمر يبدو أعمق قليلا مما يبدو، إنها “إسرائيل”.
كثير من التقارير نشرت مؤخرًا عن حجم العلاقة والتعاون السعودي الإسرائيلي بشأن كثير من القضايا الأمنية. ويرجع ذلك في معظمه إلى الاتفاق النووي الإيراني الذي دفعته إدارة أوباما. ولأن هذا الاتفاق النووي حدث فيما يبدو بشكل بطيء، فقد كان لدى “إسرائيل” والسعودية الوقت الكافي لتخطيط ردهما وتنظيم عدة سيناريوهات أفضل لمواجهته.
حيث ذكرت صحيفة “تايمز أوف لندن” في عام 2013 معلومات تفيد عن التعاون الجاد الإسرائيلي – السعودي الذي يتضمن حتى اتفاقَا يسمح للإسرائيليين باستخدام المجال الجوي السعودي لشن هجوم على مواقع نووية إيرانية.
https://www.facebook.com/ShehabAgency.MainPage/videos/1945670642142013/
إعلامي سعودي يثير الجدل في مقابلة على قناة اسرائيلية
فكيف ترى “إسرائيل” قرار السعودية بقطع العلاقات مع قطر؟ هذا هو الاستنتاج المنطقي بعد أن قال السعوديون في شرح للتحرك لعزل قطر أنهم يشعرون أن الأخيرة “تدعم القضايا الإرهابية وتصبح علاقتها مرنة أكثر من اللازم مع إيران”.
في الأيام التي سبقت الإعلان عن تجميد دبلوماسي سعودي قطري، بدأت تظهر في الصحافة الإسرائيلية والعربية تقارير تفيد بأن الرياض تدفع قطر إلى إنهاء علاقتها مع حماس بشكل قوي. حيث بات السعوديون يدركون جيدا أنه إذا قطعت قطر حماس، فإن حماس ربما لن تنجو هذه المرة وسيتم القضاء عليها.
وهنا، كان رفض قطر القيام بذلك على الفور، لتفتح السعودية والإمارات بعد ذلك موجة حادة من الهجوم غير المسبوق على قطر تزامن مع مغادرة زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرياض.
وبالتالي، فإن قرار السعودية بالضغط على قطر لدعمها حركة حماس بعد زيارة ترامب مباشرة لا يبدو وكأنه مصادفة. حماس لديها عدو حقيقي واحد، وهو “إسرائيل”. لذا فإن الجهود السعودية لوقف تمويل “الإرهاب القطري” الدعم لحركة حماس، لن يكون مستفيدًا منها بشكل حقيقي إلا جهة واحدة وهي “إسرائيل”.