فقد حزب المحافظين في بريطانيا أغلبيته في مجلس العموم، حسبما أظهرته النتائج الأولية للانتخابات المبكرة التي أجريت أمس الخميس، ما أفرز برلمانا معلقا وزاد من الضغوطات التي تواجهها رئيسة الوزراء تيريزا ماي في ظل مطالبتها بالاستقالة من قبل منافسيها.
خسارة الأغلبية
انتخابات أمس، أفرزت حسب النتائج الأولية التي تنشر تباعا، خسارة حزب المحافظين لأغلبيته في البرلمان، وبينت النتائج أن المحافظين فشلوا في الحصول على 326 مقعدا اللازمة للأغلبية، إذ نالوا 318 مقعدا من مجموع 650 مقعدا في المجلس، وقد فقدوا بذلك 13 مقعدا، مقارنة بالانتخابات السابقة في مايو 2015 التي أحرزوا فيها 331 مقعدا ومكنتهم من الأغلبية.
إضافة إلى فشل مرشحي الحزب في الحصول على أغلبية المقاعد، فشل عدد من أعضاء الحكومة أيضا في الحفاظ على مقاعدهم بمجلس العموم، حيث فقد ست وزراء مقاعدهم من ذلك وزيرة الصحة نيكولا بلاكوود.
يبلغ معدل الناخبين في كل دائرة انتخابية نحو 70 ألف ناخب، إلا أن الأعداد قد تتفاوت بشكل كبير بين دائرة وأخرى
في مقابل ذلك، حلّ حزب العمال المعارض بقيادة جيريمي كوربين في المرتبة الثانية بعد أن نال 261 مقعدا بزيادة 29 مقعدا عن الانتخابات السابقة التي حصل فيها على 232 مقعدا، وحلّ الحزب القومي الأسكتلندي بزعامة نيكولا ستارجن في المرتبة الثالثة بـ 35 مقعدا مقابل 56 مقعدا حصل عليها في الانتخابات السابقة، فيما حصل حزب الديمقراطيين الأحرار على 13 مقعدا بزيادة 5 مقاعد، واحتل بذلك المرتبة الرابعة.
تحديات كبرى تواجه الحكومة القادمة
وتشكل الانتخابات التشريعية في بريطانيا التي تجري كل خمس سنوات، حدثا سياسيا كبيرا يختار فيه الناخب البريطاني ممثليه في مجلس العموم، الذي يناقش قضاياه ويشرّع القوانين ويراقب عمل الحكومة. ويتكون المجلس المذكور من 650 دائرة انتخابية، 533 منها مخصصة لإنجلترا، و59 دائرة في إسكتلندا، و40 في ويلز، و18 في إيرلندا الشمالية. ويبلغ معدل الناخبين في كل دائرة انتخابية نحو 70 ألف ناخب، إلا أن الأعداد قد تتفاوت بشكل كبير بين دائرة وأخرى، وبموجب هذا النظام فإن لكل مواطن بريطاني صوتاً واحداً ليدلي به في دائرته الانتخابية لمرشح واحد لشغر مقعد واحد، ويكون الفوز للمرشح الحاصل على أعلى عدد من الأصوات في الدائرة.
برلمان معلق
هذه النتائج الأولية، أفضت إلى ما يسمى في بريطانيا البرلمان المعلق، حيث لم يحصل أي حزب على أغلبية النصف زائد واحد التي تمكنه من تشكيل الحكومة منفردا. وسيضطر المحافظون إما لتشكيل حكومة أقلية هشة بمفردهم، أو تشكيل تحالف مع حزب أو عدد من الأحزاب، وفي الحالتين فإن المفاوضات ستستمر أسابيع عدة، وهو ما قد يوجه ضربة قاسية لموعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ينتظر البريطانيون إجراءات أمنية صارمة بعد هجمات لندن ومانشستر، والتي خلفت قتلى وجرحى بالعشرات
وأجريت هذه الانتخابات المبكرة بعد أن دعت إليها تيريزا ماي رئيسة الوزراء التي كانت تأمل في نيل ما بين خمسين ومئة مقعد إضافي، سعيا منها إلى نيل تفويض أكبر من الناخبين لإدارة محادثات الخروج من الاتحاد الأوروبي، إلا أن النتائج جاءت عكس ذلك وأفقدتها الأغلبية، وتتنظر الحكومة البريطانية القادمة تحديات داخلية وخارجية كبرى، إذ ينتظر البريطانيون إجراءات أمنية صارمة بعد هجمات لندن ومانشستر، والتي خلفت قتلى وجرحى بالعشرات. أما خارجيا سيتعين على رئيس الوزراء المقبل الخوض في تفاصيل مفاوضات الخروج من عضوية الاتحاد الاوروبي والتي تشكل أكبر هموم القيادة البريطانية.
ما أفرزته هذه الانتخابات، كان شبيها بانتخابات 2010 الماضية، حيث لم يتمكن أي حزب سياسي من الحصول على غالبية مقاعد مجلس العموم، فحصل الحزب المحافظ بقيادة ديفيد كاميرون، أنذاك، على أكثر عدد مقاعد بلغ 306، فيما حصل حزب العمال بقيادة رئيس الوزراء السابق غوردون براون، على المركز الثاني بـ 258 مقعداً، وأتى الليبراليون الديموقراطيون بزعامة نيك كليغ بالمركز الثالث بـ 57 مقعداً.
نتائج هذه الانتخابات شبيهة لما حصل في انتخابات 2010
وفي 2010، وبعد أيام من المفاوضات اتفق حزبي المحافظون وحزب الليبراليون الديموقراطيون على العمل معاً وتشكيل حكومة بغالبية أصوات مجلس العموم التي يملكها الحزبين، فتم تشكيل حكومة ائتلاف أنهت حكم حزب العمال الذي استمر 13 عاماً منذ صعود توني بلير للسلطة في 1997، وهو ما يمكن أن يرفضه حزب الليبراليون الديموقراطيون هذه المرّة، إذ قال المتحدث باسم حزب الديمقراطيين الأحرار إنه من الصعب جدا الدخول في ائتلاف حكومي مرة أخرى بعد الضرر الذي لحق بالحزب عندما شكل حكومة ائتلافية مع المحافظين عقب انتخابات 2010.