تقدمت “مؤسسة طيبة” الدينية الإماراتية الممولة من قبل إمارة أبو ظبي وتحظى باهتمام من قبل ولي العهد “محمد بن زايد” بمشروع للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، يجيز للمفوضية التابعة للأمم المتحدة جمع الأموال الآتية من الصدقات والزكاة من الشعوب الإسلامية عن طريق الحكومات وتوزيعها على اللاجئين في مخيمات اللجوء.
وحسب مؤسسة طيبة نفسها فقد عبرت أن مشروعها الذي تقدمت به لمفوّضية اللاجئين أتى بعد قيام الأخيرة باستشارت علماء مسلمين بشأن استخدام الزكاة كمصدر من مصادر الإغاثة، فأكّد عدد من المتخصصين في الفقه الإسلامي أن الزكاة مصدر يمكن تطبيقه على اللاجئين، شريطة أن تستوفي المفوضية شروطًا معيّنة.
حجج واهية
ساقت مؤسسة طيبة مبررات واهية لمشروعها، ارتكزت فيها على التشريع الديني، فبعد استفتاء عدد من كبار الفقهاء والمؤسسات العلمية، خلصت المؤسسة إلى أن مفوضية شؤون اللاجئين يجوز لها أن تجمع الزكاوات وتوزّعها؛ شريطة أن تستوفي الشروط الأساسية لأحد المذاهب الفقهية، وغير آبهة بأن هذا يخالف المتفق عليه بين العلماء المسلمين على أن الزكاة تكون للمسلمين فقط، وذلك من خلال إجازتها لتقديم الزكاوات لجميع اللاجئين مسلمين وغير مسلمين.
وأوصت المؤسسة لتسهيل مهمة المفوضية في جمع الزكاوات، باعتماد المذهب الحنفي؛ لأن استيفاء شروطه الأسهل في سياق أداء الزكاوات عن طريق المفوضية.
كما لفتت إلى أن المسلمين يشكلون الغالبية بين مجموع اللاجئين حول العالم اليوم إذ يبلغ عددهم نحو 15.1 مليون لاجئ منتشرين حول العالم، وأن مفوضية اللاجئين تعد الهيئة الرسمية لرعاية هؤلاء اللاجئين.
من أهداف مؤسسةطيبة تأسيس علاقات مباشرة وغير مباشرة مع الغرب، ودعم النظم الحالية وإعطائها الشرعية الدينية في مواجهة شعوبها، وشرعنة التطبيع السياسي والديني مع “إسرائيل”
وأضافت المؤسسة أنه توجد لدى مفوضية اللاجئين حاجة مزمنة إلى مصادر تمويل إضافية؛ و«”أنّ المسلمين هم الجزء الأكبر من اللاجئين في العالم، فمن المعقول التطلّع إلى المجتمع المسلم باعتباره مصدرًا ممكنًا للتمويل، إذ بلغ ما منحه المسلمون من أموال صدقة وزكاة في العام 2008 ما بين 20 – 200 مليار دولار سنويًا”.
مؤتمر غروزني برعاية مؤسسة طيبة الإماراتية
يُذكر أن أول من تقدم بهذا المشروع هي البنوك الكبرى في ماليزيا، إذ تعد أول من طبق تحصيل الزكاة عن طريق الحكومة، إلا أن متابعين رأوا أن هناك دولًا معينة في العالم العربي تسعى إلى تطبيق هذا المشروع، ومن بينها الإمارات ومصر والأردن، وهذه الدول هي التي تقف خلف “مؤسسة طيبة” الدينية والتي تضم علماء حركات وطرق صوفية في مقدمتهم اليمني الحبيب علي الجفري، واستُخدمت المؤسسة كسلاح في مواجهة تيارات الإسلام السياسي وخاصة جماعة الإخوان المسلمين، لذا وصف مراقبون المؤسسة بأنها “الذراع الديينية للأنظمة القمعية في العالم العربي”
ومن أهداف المؤسسة تأسيس علاقات مباشرة وغير مباشرة مع الغرب، ودعم النظم الحالية وإعطائها الشرعية الدينية في مواجهة شعوبها، وشرعنة التطبيع السياسي والديني مع “إسرائيل”، فيما لم تسجل المؤسسة أي مواقف ضد الحكومات التي تدعم الثورات المضادة أو الحكومات القمعية. ومن أبرز النشاطات التي قامت بها المؤسسة “مؤتمر غروزني” العام الماضي في العاصمة الشيشانية وبمشاركة مجموعة من العلماء والمشاريخ ممن عليهم انتقادات كبيرة من بينهم “علي جمعة” من مصر و”الحبيب علي الجفري” من اليمن.
خطورة المشروع
يتزامن هذا المشروع مع إعلان الإمارات والسعودية والبحرين ومصر عن قائمة بأفراد وكيانات تم وضعها على لائحة الإرهاب، حيث أعلنت كل من الدول الأربعة عن تصنيف 59 فردًا و12 كيانًا في قوائم الإرهاب المحظورة لديها. حيث جددت الدول الأربع التزامها بدورها في تعزيز الجهود كافة لمكافحة الإرهاب وإرساء دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، وتؤكد أنها لن تتهاون في ملاحقة الأفراد والجماعات، وستدعم السبل كافة في هذا الإطار على الصعيدين الإقليمي والدولي.
والقائمة المدرجة مرتبطة بقطر بشكل واضح، فهناك تحو 19شخصًا قطري تم إدراجه في القائمة بالإضافة إلى 5 مؤسسات تعمل في مجال الإغاثة والأعمال الإنسانية وهذه المؤسسات هي: مركز قطر للعمل التطوعي، وشركة دوحة أبل (شركة إنترنت ودعم تكنولوجي)، وقطر الخيرية، ومؤسسة الشيخ عيد آل ثاني الخيرية، ومؤسسة الشيخ ثاني بن عبد الله للخدمات الإنسانية.
المشروع يحمل بين طياته خطرًا في حال تم تنفيذه إذ قد يمهد في المستقبل القريب لاعتبار الحكومات، التي ترفض تسليم الزكاوات، بأنها مارقة، ويُطبق عليها عقوبات
وفق مراقبين، فإن المشروع يحمل بين طياته خطرًا في حال تم تنفيذه إذ قد يمهد في المستقبل القريب لاعتبار الحكومات، التي ترفض تسليم الزكاوات، بأنها مارقة، ويُطبق عليها عقوبات؛ بدعوى أن تلك الزكاوات قد تصبح مصدرًا لتمويل “الإرهاب” حال لم يتم الإشراف على تحصيلها. ويحذر مراقبون من تداعيات هذا المشروع لأنه قد يفتح ما وصفوه “أبواب جهنم” على حكومات عربية وإسلامية، ويصنفها في خانة “حكومات مارقة” ما لم تتعاون في تسليم الزكاوات لمفوضية اللاجئين.
لذا من الممكن أن يندرج هذا المشروع ضمن مسيرة العقوبات التي فرضتها بعض الدول على رأسها الإمارات والسعودية ضد قطر، في محاولة منها لإثبات مسار دعم قطر للإرهاب والمنظمات الإرهابية، وثني قطر في سياستها الخارجية المتمايزة عن الدول الأخرى وتثبيت التهمة عليها بدعمها للإرهاب.