عند الحديث عن اللوبيات العالمية فإن اليهودية هي الأخطر والأكثر فاعلية، وليس أدل على ذلك من إجبارها الغرب على عدم المساس بنظام بشار أو محاولة إسقاطه، وهو ما سمح له بالاستمرار في القتل والإبادة والتشريد وتدمير سورية للسنة السابعة على التوالي، وبدعم إيراني روسي إماراتي جزائري مصري، خاصة بعد نجاح انقلاب السيسي الذي دعمته هذه اللوبيات وما زالت، إضافة لتعاون وتنسيق العديد من الدول العربية معه من تحت الطاولة، (بعضها محسوب على داعمي الثورة).
منذ بداية ثورات العرب ودولة الإمارات العربية تسخر إمكانياتها كافة لقيادة الثورة المضادة، وصولًا لوأد حلم الشعوب العربية في التغيير الديموقراطي السلمي لأنظمة الحكم الديكتاتورية التي جثمت على صدرها لعقود طويلة.
ليس عارًا أن تعمل الدول على حماية مصالحها وتعزيز نفوذها، لكن العار يتمثل في أمرين اثنين:
الأول: أن يتم تبييض صفحات أنظمة ديكتاتورية، أو أن يسمح لمجرم بحق الإنسانية كبشار الأسد، أن يمارس الدعارة السياسية من خلال الترويج الإعلامي بمساعدة مؤسسات إعلامية غربية بشكل لا أخلاقي ودون أي ضوابط أو مساءلة، إذ وبعد أسبوع من قيام الأسد بإبادة أكثر من 1400 من المدنيين النيام في غوطتي الشام، خرج المجرم على شبكة “بي بي إس” متحدثًا، ليس فقط بالإنجليزية، بل بلسان الخائف على الأمريكيين والمحذر لهم من ثلاثية: تجربة العراق ـ تململ الأمريكيين من الحرب ـ خطر القاعدة، التي تقلق، بل تخيف الأمريكيين، فظهر وكأنه قد تلقى جملة نصائح في العلاقات العامة وأصول مخاطبة الجمهور الغربي.
موقع “ويكي ليكس” وفي تسريباته المؤرخة في 19 من أيار/مايو 2011 نشر رسالة من شركة العلاقات العامة “براون لويد جيمس” تحتوي على نصائح للنظام السوري لتحسين صورته في الخارج، واتخاذ إجراءات لمواجهة التقارير الإعلامية في الغرب التي تنقل صورة قاتمة لتعامل القوات السورية مع المحتجين والمعارضين السوريين الذين يتعرضون للتعذيب والترهيب البدني والعقلي.
بشار الأسد، وكما والده من قبله، استخدم شركات علاقات عامة كشركة “بل باتنغر”، وشركة “براون لويد جيمس إنترناشونال” وهو ما أنتج جملة من الحملات الإعلامية، لعل أهمها ما جاء في مقال مجلة “فوج” في الشهر الثالث من العام 2011 والتي قدمت المجرم وزوجته ونظامه على أنهم حضاريون إصلاحيون
كما أن المؤسسة قد اقترحت على بشار الإكثار من ظهور وتفاعل أسماء الأسد، ورأت أن ذلك سيساعد النظام، وحثت على تنظيم رحلات لأسماء وزوجها للاستماع إلى الناس، كما اقترحت المؤسسة تنظيم اقتراع شعبي عن الإصلاحات، واستحداث مراكز لرصد انعكاسات الرأي العام السوري عن تلك الإصلاحات، على أن يتزامن كل ذلك مع حملة إعلامية تبين مدى صعوبة مهمة الرئيس السوري في تنفيذ الإصلاحات وسط بلد تعمه الفوضى، وأن يكون ذلك من خلال لقاءات صحفية ومقالات رأي.
بشار الأسد، وكما والده من قبله، استخدم شركات علاقات عامة كشركة “بل باتنغر”، وشركة “براون لويد جيمس إنترناشونال” وهو ما أنتج جملة من الحملات الإعلامية، لعل أهمها ما جاء في مقال مجلة “فوج” في الشهر الثالث من العام 2011 والتي قدمت المجرم وزوجته ونظامه على أنهم حضاريون إصلاحيون، وصور سورية كأكثر الدول أمانًا في الشرق الأوسط.
أما “بيتر أبورن” محلل الشؤون السياسية في صحيفة “ديلي تلغراف” فقد كتب مقالاً ادعى فيه تنامي شعبية بشار الأسد على الرغم من الأزمة الدائرة في بلاده منذ أكثر من 3 أعوام، مشيرًا إلى أنه سيفوز في أي انتخابات شعبية حرة ونزيهة.
مجلة “باري ماتش” بدورها حاولت تلميع صورة السفاح في أواخر العام 2012 من خلال مقابلة صحفية، ليس هذا وحسب، بل إن العديد من المحطات التليفزيونية كـ”فرانس 24″ و”بي بي سي” و”تليفزيون الجديد اللبناني” و”الميادين اللبناني” الممول إيرانيًا وسوريًا، إضافة إلى وكالات أنباء كـ”رويترز”، عملت وبخبث على تصوير نظام السفاح على أنه النظام الحضاري الحامي لحقوق الأقليات، ليس في سورية وحسب بل وفي المنطقة.
وسائل الإعلام الروسية بدورها، لم تتخلف عن الركب، حيث حشدت مجموعة من مراسليها لإجراء مقابلة مشتركة مع بشار الأسد في منتصف الشهر التاسع من العام 2014، ثم إرسال ممثلة “بورنو” صحفية في العام 2016 لإجراء حوارات متلفزة وصحفية، كل هذا في محاولة مكشوفة لتبييض صفحته وإظهاره بصورة المحارب للإرهاب، وكأنه لم يدمر سورية ويهجر أهلها ويرتكب عشرات بل مئات المجازر والجرائم الموصوفة.
داخليًا استغل نظام الأسد الدراما السورية في الترويج له وتلميع صورته كممانع، وبانٍ لوطن دمر على يديه، في حين أنه قتل أكثر من مليون سوري، وأعطب مليون ونصف المليون، وشرد 9 أكثر من ملايين سوري، حملة العلاقات العامة لنظام بشار عملت وبجد حتى على الصعيد العربي من خلال شراء ضعاف النفوس من الشخصيات والمنظمات والنقابات المهنية والمؤسسات الإعلامية والأحزاب القومية والليبرالية، التي جعلت من نفسها شريكة في الجرائم التي يمارسها هذا المجرم بحق شعبه.
دولة الإمارات التي تحكمها أبو ظبي وتهيمن على قرارها، جاءت في المرتبة الـ14 عالميًا في سجل حقوق الإنسان، وهو ما يعتبر مناقضًا للعديد من التقارير التي تتحدث عن تكميم الأفواه، والاعتقال التعسفي والتعذيب في سجون الإمارات بحق الإماراتيين
الثاني: ألا تستغل الإمكانيات المادية من أجل قضايا الأمة المصيرية، بل تصرف على وأد تطلعات الشعوب في الحرية والكرامة، وكذلك تمويل الحملات العسكرية الغربية على أكثر من دولة وجماعة، والأكثر غرابة صرفها على حملات الشيطنة والإساءة للأشقاء كما فعلت وتفعل حكومة أبو ظبي مع دولة قطر من خلال دفع أموال طائلة لمؤسسات وأشخاص، في محاولة محمومة لحرمان دولة قطر من استضافة كأس العالم 2022م وذلك بإثارة ملفات كالرشوة وحقوق الإنسان، أو محاولة وصمها بتهمة دعم الإرهاب، وفقط لأن قطر حسمت أمرها بالوقوف إلى جانب ثورات العرب، وهي حملة تزامنت مع حملة اتهامات قادتها حكومة الكيان الصهيوني ضد دولة قطر عقابًا لها على دعمها للفلسطينيين.
دولة الإمارات التي تحكمها أبو ظبي وتهيمن على قرارها، جاءت في المرتبة الـ14 عالميًا في سجل حقوق الإنسان، وهو ما يعتبر مناقضًا للعديد من التقارير التي تتحدث عن تكميم الأفواه، والاعتقال التعسفي والتعذيب في سجون الإمارات بحق الإماراتيين، وخاصة الأكاديميين منهم الذين طالبوا بإصلاحات، وليس آخرهم الدكتور ناصر بن غيث المري على خلفية تعليق له عن منح الإمارات قطعة أرض لإنشاء معبد هندوسي، حيث غرد قائلاً: “الظاهر جماعتنا فاهمين التسامح بين الأديان كلش غلط”.
الاعتقالات طالت المواطنين والأجانب على حد سواء، فضلاً عن ترحيل آلاف العرب المعارضين لأنظمة الحكم في بلادهم، ثم احتضان الساقطين من رموز الأنظمة القمعية مع أموالهم المنهوبة، ناهيكم عن تبييض أموال المافيات الروسية والعالمية.
حكومة أبو ظبي تعتمد في أمنها على شركات خاصة كشركة “بلاك ووتر” سيئة الصيت، وتوظف عناصر أجنبية في أجهزة الأمن والجيش أغلبهم من نيبال وكولومبيا.
مجموعات حقوق الإنسان المدعومة من إمارة أبو ظبي في النرويج وفرنسا، تسعى لتلميع صورة الإمارات في الوقت الذي تشوّه فيه صورة قطر، حتى إن صحيفة “نيويورك تايمز” ومجلة “إنترسيبت” قد ذكرتا أن الإمارات وهي أكبر ممولي جماعات الضغط في الولايات المتحدة عام 2013م قد دفعت أموالًا لشركة ضغط، بُغية نشر قصص إخبارية مناهضة لدولة قطر في الإعلام الأمريكي، هذه الشركة هي “كومستول جروب”، ويديرها مسؤولون سابقون في الخزانة الأمريكية مثل ماثيو إبستين، كانوا مسؤولين عن العلاقات مع دول الخليج و”إسرائيل”، ويديرون ملفات مناهضة تمويل الإرهاب.
وزير خارجية قطر وفي معرض رده على الحملة الإعلامية الممنهجة، ضد دولة قطر، على إثر قرصنة مواقع إلكترونية لوكالة الأنباء القطرية “قنا”، وبثها تصريحات مفبركة نسبت لأمير الدولة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ذكر وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن قطر تتعرض لحملة إعلامية “مسيئة”، خصوصًا في الولايات المتحدة، حيث أكد خلال مؤتمر صحفي عقده في الدوحة بتاريخ 25 من أيار/مايو، أن هناك نحو 13 مقال رأي نشر في الولايات المتحدة، في الفترة التي سبقت الحملة التي تشنها مواقع وقنوات وصحف ممولة سعوديًا وإماراتيًا على بلاده، ثم ذكر أنه: “في يوم الهجوم الإلكتروني الذي أثبته محققو “إف بي آي”، كان هناك مؤتمرًا في واشنطن يتحدث عن دولة قطر، ولم نُدعَ إليه، في حين دُعيَ إليه جميع الكتاب الذين كتبوا مقالات الرأي هذه ضد دولة قطر، فهل هذا صدفة؟ لا نعرف حتى الآن”، وزير الخارجية أكد أيضًا أن قطر ستتصدى لهذه الحملة.
قطر باتت تشكل عقبة كأداء في طريق مخطط ابن زايد للإمساك بمفاتيح اللعبة في المنطقة وتسييرها وفق الرؤى الخاصة به
يبدو أن قطر باتت تشكل عقبة كأداء في طريق مخطط ابن زايد للإمساك بمفاتيح اللعبة في المنطقة وتسييرها وفق الرؤى الخاصة به، وعلينا ألا ننسى أن دولة قطر تكاد تكون الدولة الوحيدة التي تطالب المجتمع الدولي دومًا بالتصدي لأسباب نشوء ظاهرة ما يسمى “الإرهاب” الذي هو في الأساس نتاج سياسات أنظمة ظالمة مستبدة وليس حالة عابرة.
أما قاعدة “العيديد” العسكرية الأمريكية، التي أصبحت تمثل مسمار جحا وشماعة لدى الكثيرين، فهي أيضًا كانت نتاج تأمر وتهديد دول خليجية لدولة قطر، مما دفعها لتأمين نفسها ضد الأخطار الخارجية، وهو نفس السبب الذي دفعها لتوقيع اتفاقية تعاون عسكري مشترك مع تركيا، الأمر الذي لم يرق لبعض جيرانها الخليجيين.
شركة استشارات العلاقات العامة بالمملكة المتحدة “كويلر” أدرجت وزارة الخارجية الإماراتية كواحدة من عملائها منذ تسجيلها في عام 2010م دون تقديم إيضاحات عن نوع الخدمات التي تقدمها للإمارات، فهل هذه مصادفة؟
عند الحديث عن الإمارات وتوظيف المال الفاسد، فلا بد أن نستحضر تدخلها السافر في أكثر من دولة عربية، ودورها الهدام المتمثل في قيادتها ودعمها للثورات المضادة في مصر وتونس، ودعمها للجنرال المجرم حفتر، ومحاولتها تقسيم اليمن والهيمنة على جنوبه، وفضيحة تورطها بدعم للانقلاب الفاشل في تركيا، وكذلك دعمها لنظام الأسد من خلال تزويده بدبابات وصواريخ ومعدات عسكرية مصرية، والأخطر من ذلك دعمها للحشد الشيعي في العراق بمئات العربات والدبابات والآليات.
ما الذي ترمي له حكومة أبو ظبي من كل هذا؟ ولماذا أصبحت رأس حربة في الحروب كافة التي تشن على الأمة الإسلامية؟
يقال إنه ومع افتتاح معرض إكسبو 2020، ستكون قد أنجزت بناء أضخم محفل ماسوني في العالم، وهو ما يؤهلها لتصبح عاصمة الماسونية العالمية، كما هي عاصمة للدعارة والخمور وتبييض أموال المافيات الروسية والعالمية ومأوى للساقطين من الحكام العرب وأموالهم التي نهبوها من ثروات بلدانهم وأقوات شعوبهم، من أمثال بشار وصالح وابن علي والقذافي وزعماء المليشيات العراقية الشيعية الذين نهبوا مئات المليارات من الدولارات، وغيرهم كثير.
نجحت ثورات العرب وخاصة الثورة السورية في كشف الستار عن حقيقة سياسات ومواقف الكثير من الدول والمنظمات والأحزاب، فعرتها وأظهرت زيفها، بعد أن أزالت ورقة التوت التي كانت تستر عورتها
يوجد في الإمارات أكثر من 400 بنك ومؤسسة وشركة إيرانية كبرى، إضافة لأكثر من نصف مليون إيراني، حيث تعتبر الإمارات الرئة المالية والاقتصادية التي تتنفس منها إيران خاصة إبان العقوبات الدولية التي كانت مفروضة عليها قبل إنجازها الاتفاق النووي مؤخرًا، وهذا كله يتنافى مع العداء المصطنع بين البلدين على خلفية احتلال إيران لجزر أبو موسى وطنب الكبرى والصغرى.
لقد نجحت ثورات العرب وخاصة الثورة السورية في كشف الستار عن حقيقة سياسات ومواقف الكثير من الدول والمنظمات والأحزاب، فعرتها وأظهرت زيفها، بعد أن أزالت ورقة التوت التي كانت تستر عورتها!
إيران بدورها أدركت أهمية اللوبيات السياسية والإعلامية فعملت على دعم “مؤسسة علوي” واستخدامها كذراع سياسي وإعلامي يعمل داخل أراضي ما تسميه الشيطان الأكبر، والترويج لنظام الملالي على أنه النظام القادر على حماية مصالح الغرب والأكثر حماية لليهود.
أما المالكي فقد استغل المال العراقي في تكميم الأفواه وشراء ولاءات العديد من المسؤولين الغربيين، وهو ما فضحه البرلماني ستروان ستيفنسون مؤخرًا أمام البرلمان الأوروبي شارحًا كيف حاول نظام المالكي شراء سكوته عما يحدث في العراق من جرائم بحق سنة العراق على يد المليشيات الشيعية التي تحركها إيران.
ما ذكر آنفًا هو أمثلة بسيطة، وليست سوى غيض من فيض عن طبيعة عمل هذه اللوبيات التي تمارس الرذيلة في سوق النخاسة السياسية والإعلامية، همها في ذلك المال ولا شيء سوى المال.
متى وجد المال فإن الأيديولوجيا تخرج من النافذة!
الكاتبة البريطانية ستونر سوندرز فضحت خبايا المخابرات الأمريكية في أثناء الحرب الباردة، ولعبة الإعلام الذي يدعي الحيادية في صناعة الرأي العام حسب الطلب، حيث تدار اللعبة بطريقة قذرة، تسهم في غسل الأدمغة وتمرير ما ترغب به من أجندات، حيث مجموعة واسعة من الشخصيات السياسية والمتخصصين في التاريخ والقانون الدولي والمؤسسات التي يديرها مسؤولون أمريكيون وغربيون سابقون يساعدهم إعلاميون متمرسون، باتت تشكل لوبي رأي عام ضاغط يقدم خدماته لمن يدفع أكثر، وهو ما يشكل خطرًا حقيقيًا على الحريات وحقوق الإنسان وقضايا الأمم من خلال تزييف الحقائق أو حتى اختلاقها، وقد أثبتت الأحداث أن المواطن الأمريكي خصوصًا والغربي عمومًا يتأثرون، بل يصدقون ما تقدمه لهم وسائل إعلامهم المحلية.
أسهم سوق النخاسة السياسي والإعلامي بتصوير مجرمي الحرب كبوتين ونتنياهو وبشار والسيسي والمالكي”وغيرهم من الديكتاتوريات عن العالم كشخصيات حضارية تحارب الإرهاب، في حين كان يتوجب أن يمثلوا أمام محاكم جرائم الحرب الدولية
لقد أسهم سوق النخاسة السياسي والإعلامي بتصوير مجرمي الحرب كبوتين ونتنياهو وبشار والسيسي والمالكي”وغيرهم من الديكتاتوريات عن العالم كشخصيات حضارية تحارب الإرهاب، في حين كان يتوجب أن يمثلوا أمام محاكم جرائم الحرب الدولية، فجرائمهم لا تخطئها عين، لكن المال استطاع شراء الضمائر، وغسل العقول من خلال تزييف الحقائق وبطرق أقل ما يقال عنها إنها قذرة ولا أخلاقية!