أدى تأزم العلاقات بين روسيا والغرب إلى عودة مسألة حرب السفن إلى الواجهة. فبعد أكثر من عقد من دعم الحروب البرية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، تستثمر البحرية الأمريكية في المهمة الأساسية بالنسبة لها ألا وهي إغراق السفن. وتعمل البحرية الأمريكية على توسيع هذه القدرة، ولكنها تقوم في الوقت نفسه بإدخال فئة جديدة من السفن، وهي مدمرة الصواريخ الموجهة “زوموالت”، التي صممت في المقام الأول لدعم الحروب البرية.
وفي الأثناء، لا تزال موسكو تحاول تطوير طراد كيروف، السفينة العملاقة البالغ عمرها ما يقارب 30 سنة والتي على الرغم من قدمها إلا أنها لا تزال قادرة على التسليح وتنفيذ مهمتها الأساسية المتمثلة في مهاجمة سفن العدو الضخمة وخاصة ناقلات الطائرات.
وفي هذا الصدد لسائل أن يسأل؛ ماذا لو تواجهت السفينتان؟
إن فئة زوموالت هي أحدث فئة من مدمرة الصواريخ الموجهة في البحرية الأمريكية. عموما، تعد السفن الثلاث؛ الأدميرال إلمو زوموالت، ومايكل مونصور، وليندون ب. جونسون أقرب ما يكون إلى “دعم إطلاق النار البحرية”. وهذه السفن هي أولى السفن “الشبح” في البحرية الأمريكية، وهي مسطحة مصممة بطريقة تقلل قدر الإمكان من إمكانية رصدها من قبل الرادار.
على الرغم من أن زوموالت قد لا تكون قادرة على توفير الدفاع الجوي للمنطقة (سيتم تجهيزها بصواريخ أس أم 2)، إلا أنها تستطيع الدفاع عن نفسها. وقد أعطت البحرية الأمريكية أمرا بتزويدها بحوالي 18 صاروخ من طراز ” SM-2AUR“
من جانب آخر، يبلغ حجم زوموالت حوالي 14 ألف طن، مما يجعلها من أكبر المدمرات البحرية الأمريكية. ويكمن السبب وراء السعي لإخفائها إلى حد كبير لحجمها الضخم ووزنها المهول، لذلك تم تزويدها بتقنيات التخفي. ويُزعم أن زوموالت، التي يبلغ طولها 610 قدم، يتم رصدها من قبل الرادار على أنها سفينة صيد صغيرة وبسرعة قصوى تبلغ ثلاثين عقدة.
علاوة على ذلك، يتمثل العامل الثاني الذي يقف وراء وزنها الضخم في مجموعة الأسلحة وأجهزة الاستشعار المجهزة بها، حيث يوفر الرادار متعدد الوظائف أن / سبي-3 (AN/SPY-3) أداء بحث متوسط أو عال. علاوة على ذلك، يمكن لزوموالت توجيه صواريخ من طراز أس أم -2 أرض – جو. وتضم زومولت 80 منصة إطلاق عمودية لصواريخ أس أم 2 سي سبارو، وصواريخ توماهوك المجنحة، وصواريخ أسروك المضادة للغواصات.
والجدير بالذكر أنه على الرغم من أن زوموالت قد لا تكون قادرة على توفير الدفاع الجوي للمنطقة (سيتم تجهيزها بصواريخ أس أم 2)، إلا أنها تستطيع الدفاع عن نفسها. وقد أعطت البحرية الأمريكية أمرا بتزويدها بحوالي 18 صاروخ من طراز ” SM-2AUR“، ومن المرجح أن تكون أول سفينة من هذا النوع يتم تزويدها بمثل هذه الصواريخ. بالإضافة إلى ذلك، بإمكان السفينة أن تتناسب مع صواريخ سي سبارو المتطورة.
وبالنظر إلى تراجع قدرات البحرية الأمريكية في استهداف سفن العدو وفي الحروب البرية في مطلع القرن الحادي والعشرين، فإنه ليس من المستغرب تراجع قدرة زوموالت على خوض البعثات المضادة للسفن. في الواقع، لا توجد صواريخ هاربون على المدمرات الشبح، لأنها لا تتناسب مع منصات إطلاق الصواريخ ،ونظرا لأنها يجب أن تتماشى مع قاذفات الصواريخ التي تأخذ شكل أنبوب، والتي تقع على سطح السفينة الرئيسي.
وفيما يخص قدرات المدمرة الحربية، فإن سمك نظامي المدفعيّتين المتقدمتين يبلغ 155 ملم، بمدى يصل إلى 83 ميلا وبمعدل إطلاق يبلغ حوالي عشر جولات في الدقيقة الواحدة. كما أن لديها القدرة على شن حروب ضد الغواصات وإلحاق أضرار جسيمة بالسفن المسطحة والمدرعات الخفيفة.
في المقابل، ليست طراد كيروف، خصم زوموالت، سوى سفينة من بقايا حقبة قديمة، والتي شيدت في أواخر ثمانينات القرن الماضي لتحييد حاملات الطائرات الأمريكية ومن ثم تم تطويرها لتضطلع بمهمة هجومية، إذ أن لديها قدرة عالية على الدفاع الجوي.
تحتوي طراد كيروف على 20 صاروخ بي-700 جرانيت ويبلغ طول كل جرانيت حوالي 33 قدما، ويزن أكثر من 15 ألف رطل، مما يجعله عمليا بمثابة طائرات من دون طيار
عموما، كانت كيروف تعد أكبر السفن البحرية التي صممت من قبل أي قوات بحرية بعد الحرب، إذ يبلغ طولها 826 قدما، أي ما يقارب طول بوارج الحرب العالمية الثانية؛ بسمارك وأيوا، بيد أن وزنها يبلغ حوالي 24 ألف طن فقط. ويوعز ذلك إلى استخدامها للطاقة النووية للدفع بدلا من الغلايات والتوربينات، مما يعطي كيروف وأخواتها سرعة قصوى تصل إلى اثنين وثلاثين عقدة.
أما السبب الثاني الذي يفسر وزنها يكمن في أن كيروف كانت تسوق البنادق الثقيلة للصواريخ (والجدير بالذكر أن بنادق السفينة الحربية أيوا تزن 1.075 طن وذلك دون احتساب أبراج الهجوم، والدروع والذخيرة). أما بالنسبة للتسلح الهجومي، تحتوي طراد كيروف على 20 صاروخ بي-700 جرانيت ويبلغ طول كل جرانيت حوالي 33 قدما، ويزن أكثر من 15 ألف رطل، مما يجعله عمليا بمثابة طائرات من دون طيار.
وتجدر الإشارة إلى أن الجرانيت تبلغ سرعته 300 ميل، أي أنه خارق للصوت ويبلغ وزن الرأس الحربي 1.653 رطلا. ويمكن توفير معلومات الاستهداف الأولية من قبل منصة أخرى، شبيهة بالكيروف، وطائرة هليكوبتر كيروف وقاذفة القنابل الإستراتيجية على غرار توبوليف تو-95. علاوة على ذلك، يمكن تجهيز كيروف بنظام الرادار ليجندا، الذي أنشِئ خصيصا لنقل البيانات المستهدفة لمجموعة كيروف وجرانيت.
من جانب آخر، تم تصميم كيروف مع الأخذ بعين الاعتبار خاصية الدفاع الجوي، وذلك من خلال تزويدها بترسانة ضخمة من الصواريخ الدفاعية لحماية نفسها، على الأقل حتى يتم تطوير الجرانيت. ويتضمن الدفاع الجوي الخارجي 69 صاروخ من طراز أس – 300، و192 نظام صاروخي تور، و40 صاروخ قصير المدى أرض جو طراز 4 كاي 33. علاوة على ذلك، زودت السفينة بستة أنظمة دفاعية طراز إيه كي-630 مجهزة ببنادق جاتلينج بطول ثلاثين مليمترا.
وللسائل أن يسأل؛ إذا نشبت معركة بين السفينتين، فمن سيفوز؟ دعونا نفترض أن السفينتين المتموقعتين في أعالي البحار في أقصى مدى للأسلحة المضادة لكلا الطرفين؛ أي 300 ميل، ومحملة بمجموعة من صواريخ جرانيت كيروف.
وعلى عكس السيناريوهات السابقة، لن نفترض أن كل سفينة تعرف مكان الأخرى، ولكن في النهاية، سوف تجد كل سفينة عدوتها. في الواقع، إن كيروف مزودة بنظام أقمار صناعية “ليجندا”، بيد أن هذا الأخير ليس إلا رادار أقمار صناعية، أما زوموالت فهي مدمرة تم بناؤها باستخدام تقنيات التخفي وبالتالي يرصدها الرادار على أنها قارب صيد صغير.
عموما، تبحث كلتا السفينتين عن الأخرى بشراسة، كما شرعت طائرات الهليكوبتر في مسح المحيط إلى ما وراء الأفق. وفي هذه الحالة، تحظى المدمرة الشبح بميزة واضحة على السفينة الضخمة؛ فمروحيات زوموالت بمقدورها اكتشاف كيروف أولا، ثم إرسال البيانات الموضعية إلى السفينة الأم. في المقابل، بإمكان كيروف كشف طائرات الهليكوبتر لكنها لا تستطيع أن تحدد موقع السفينة زوموالت.
حتى وإن تمكن الجرانيت من تحديد مكان زومولت، فإن هذا الأخير لديه الدفاعات الجوية اللازمة للتعامل معه. حيث أن زوموالت مجهزة على الأقل بثمانية عشر صاروخا من طراز دي سى – 2 متوسطة المدى للدفاع الجوي، وعشرات صواريخ الدفاع الجوى قصيرة المدى المتطورة من طراز سبارو
في الواقع، إذا كان بالإمكان الإمساك بالشبح فذلك يعني أن زوموالت نظريا ستكون على مقربة من مدار إطلاق النار التابع لكيروف. في المقابل، إذا أرادت السفينة الروسية أن تهاجم أو تضرب زوموالت فسيكون ذلك من مسافة بعيدة. ولسوء الحظ بالنسبة للجانب الروسي، كل شيء عن أنظمة كيروف، من استهداف الأقمار الصناعية إلى أنظمة التوجيه من صواريخ جرانيت موجهة بالرادار. ومما لا شك فيه يمكن لكيروف أن تطلق صواريخها في الاتجاه الذي تشك في أن زوموالت متواجدة فيه، ولكن لايزال يتعين على رادار الجرانيت أن يكون قادرا على رصد مكان المدمرة الأمريكية أولا.
من جانب آخر، حتى وإن تمكن الجرانيت من تحديد مكان زومولت، فإن هذا الأخير لديه الدفاعات الجوية اللازمة للتعامل معه. حيث أن زوموالت مجهزة على الأقل بثمانية عشر صاروخا من طراز دي سى – 2 متوسطة المدى للدفاع الجوي، وعشرات صواريخ الدفاع الجوى قصيرة المدى المتطورة من طراز سبارو، وبالتالي، يمكن لزوموالت أن تضرب معظم سفن الجرانيت.
وفي هذه الحالة، إذا نشبت حرب بين السفينتين، هل يمكن لزوموالت أن تشارك فيها بجميع ترسانتها؟ في الواقع الأمر مرتبط بالعديد من المسائل. عموما، في أقصى مدى 83 ميلا ستأخذ القذيفة الموجهة للمدفعية، التي أطلقت من قبل نظام متطور، 161.89 ثانية للوصول إلى الهدف. وبالتالي، حتى وإن كان زوموالت على دراية بموقع كيروف، فإن بلوغ القذائف الهدف المحدد سيكون صعبا نظرا لبطئها واستمرار تحرك الهدف.
وفقا للمعطيات المذكورة آنفا، فإن النتيجة النهائية لهذا السيناريو هي أنه لا يمكن لكلتا السفينتين استهداف الأخرى بدقة
من جانب آخر، لن يفي نظام رصد المواقع لقذائف أغس-17 بالغرض، إلا إذا كانت زوموالت قادرة على مراقبة كيروف وهي تتحرك بسرعة ثابتة والقيام بالتعديلات اللازمة على نظام إطلاق الصواريخ. وقد يكون ذلك ناجعا في الضربة الأولى بيد أنه بمجرد تحرك كيروف سيصعب على زوموالت مواصلة استهدافها.
وفقا للمعطيات المذكورة آنفا، فإن النتيجة النهائية لهذا السيناريو هي أنه لا يمكن لكلتا السفينتين استهداف الأخرى بدقة. في المستقبل، يمكن أن يكون اعتماد أسلحة جديدة على غرار الصواريخ المضادة للسفن طويلة المدى في صالح زوموالت. أما سفينة كيروف، سيكون من المفيد لها الحصول على قذيفة من عيار 155 ملم قادرة على تلقي توجيهات من مركبة جوية من دون طيار. ومن هذا المنطلق، فإن زوموالت، غير قادر على الاقتراب بما فيه الكفاية لاستهداف كيروف. أما كيروف فهي غير قادرة على استخدام الأسلحة الموجهة بالرادار، لذلك من المستبعد دخول السفينتين في مواجهة في الوقت الراهن.
المصدر: ناشيونال إنترست