ترجمة وتحرير: نون بوست
هذه الدعوى القضائية تتهم ترامب باستغلال منصبه لمنح امتيازات لبعض شركاته، مثل سلسلة الفنادق التي يملكها، عبر إبعاد الزبائن عن بقية الشركات المنافسة في ولايات مثل ميريلاند ومقاطعة كولومبيا، وهو ما يكبد هؤلاء المنافسين خسائر فادحة في هذه المنافسة غير المتكافئة.
في تحد قضائي جديد للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تقدمت ولاية ميريلاند ومقاطعة كولومبيا بدعوى قضائية، تتهمان فيها ترامب بتقاطع علاقاته مع مصالحه الشخصية واستغلاله للثقة الممنوحة له، وخرقه لنصوص الدستور التي تمنعه من استغلال منصبه.
هذه الدعوى التي تم تقديمها في إحدى المحاكم الفيدرالية في ولاية ميريلاند، تضمنت نفس الحجج والاتهامات التي أشارت إليها دعوى أخرى تم تقديمها في بداية هذه السنة من قبل منظمة مدنية للرقابة المالية، أمام المحكمة الفيدرالية في مدينة نيويورك. إلا أن بعض الخبراء الفيدراليين أشاروا إلى أن الدعوى الجديدة تبدو أكثر متانة ومستندة إلى حجج قوية، باعتبار أن المدعين هذه المرة هم موظفون حكوميون، ما يعني أن موقفهم سيكون قويا في مواجهة الرئيس.
بما أن دونالد ترامب تمسك بملكية إمبراطوريته المالية وواصل إدارتها بنفسه وجني الأرباح، فإن هذه الدعوى القضائية تقوم على أساس أنه من غير الواضح ما إذا كان ترامب بصدد اتخاذ القرارات بما يتماشى مع مصلحة البلاد أو بما يخدم مصالح شركاته الربحية، التي تقوم بأنشطة تجارية في داخل الولايات المتحدة وخارجها
وتعد هذه الشكوى خطوة غير مسبوقة في القضاء الأمريكي، حيث أنه لم يسبق أن قامت أي ولاية باتهام الرئيس بخرق نصوص الدستور التي تنص على الفصل بين منصبه ومصالحه الشخصية. وتمنع إحدى فصول الدستور الأمريكي كل الموظفين الفيدراليين من قبول هدايا من حكومات أجنبية، فيما يمنع فصل آخر الرئيس من قبول الحصول على فوائد مالية من مؤسسات فيدرالية أو ولايات، دونا عن المرتب الشهري الذي يتقاضاه.
ولكن بما أن دونالد ترامب تمسك بملكية إمبراطوريته المالية وواصل إدارتها بنفسه وجني الأرباح، فإن هذه الدعوى القضائية تقوم على أساس أنه من غير الواضح ما إذا كان ترامب بصدد اتخاذ القرارات بما يتماشى مع مصلحة البلاد أو بما يخدم مصالح شركاته الربحية، التي تقوم بأنشطة تجارية في داخل الولايات المتحدة وخارجها.
وتشير الدعوى القضائية إلى أن بعض الشركات المملوكة لدونالد ترامب قامت بإبعاد بعض الزبائن عن شركات أخرى منافسة في كولومبيا وميريلاند، وهو ما يعني غياب المنافسة النزيهة وإلحاق ضرر مالي بتلك الولايات عبر حرمانها من عائدات التراخيص والضرائب.
وعلى سبيل المثال، تشير بعض الوثائق إلى أن فندق ترامب الدولي في واشنطن يخوض منافسة مع بعض الفنادق المملوكة أو المدارة من قبل سلطات المقاطعة، من بينها مركز مؤتمر والتر في واشنطن، ومكتبة كارنجي. كما ينافس الفندق المملوك لترامب مركز المؤتمرات بتيسدا، المملوك لحكومة الولاية، ومنتجع سياحي قرب بلدة برنس جورج، كان يدر على خزينة الولاية عائدات ضخمة من الضرائب.
كما تشير وقائع هذه الدعوى إلى أن الرئيس أساء استخدام منصبه من أجل تعزيز موقع الفنادق والمطاعم المملوكة لأفراد عائلته، وتوجيه الدبلوماسيين الأجانب ومختلف الزبائن المحتملين لارتياد هذه الأماكن حصرا. وقد دأب ترامب وأفراد عائلته على النزول في “فندق ترامب” في واشنطن، وبالتوازي مع ذلك عمد إلى رفع أسعار الإقامة بشكل ملحوظ إثر فوزه في الانتخابات. ويؤكد المدعون أن هذه الممارسات غير القانونية كبدت ميزانية الولاية خسائر هامة، على الرغم من أن المؤسسات التابعة لترامب أيضا تدفع الضرائب.
في تقرير صدر يوم الجمعة في 70 صفحة عن وزارة العدل الأمريكية، ادعت هذه الأخيرة أنه حتى لو كان تضارب المصالح التجارية لشركات دونالد ترامب يعد خرقا للدستور، فإن البت في هذا الأمر واقتراح ما يجب فعله هي أشياء من صلاحيات الكونغرس وليست المحكمة الفيدرالية
وفي القضية السابقة المشابهة التي تم التقدم بها في مدينة نيويورك، كانت وزارة العدل الأمريكية قد طلبت من القاضي الفيدرالي إصدار حكم بعدم سماع الدعوى، مؤكدة أن فصول الدستور التي تمنع استغلال المنصب لأغراض تجارية لا تنص صراحة على منع الرئيس من امتلاك شركات. وكانت تلك الدعوى قد انطلقت بجهد من مجموعة من المواطنين ضمن جمعية “مواطنون من أجل المسؤولية والأخلاقيات في واشنطن”.
وفي تقرير صدر يوم الجمعة في 70 صفحة عن وزارة العدل الأمريكية، ادعت هذه الأخيرة أنه حتى لو كان تضارب المصالح التجارية لشركات دونالد ترامب يعد خرقا للدستور، فإن البت في هذا الأمر واقتراح ما يجب فعله هي أشياء من صلاحيات الكونغرس وليست المحكمة الفيدرالية. كما ادعت الوزارة أن المدعين في هذه القضية، الذي يوجد من ضمنهم مالك فندق ومطعم، لم يثبتوا تكبدهم لخسائر مالية كنتيجة مباشرة للأنشطة التي يقوم بها دونالد ترامب.
وتقول وزارة العدل الأمريكية أن بنود الدستور التي تمنع استغلال المنصب تنص فقط على منع الرئيس من قبول الهدايا والدفوعات المالية بصفته الرسمية. وهي لا تغطي الحالات الأخرى مثل المعاملات التجارية العادية على غرار دفع ثمن الإقامة في الفندق، وهي الحالة التي استفادت منها شركات ترامب المملوكة لعائلته والتي يديرها الآن أحد أبنائه البالغين.
يأمل المدعون في هذه القضية أن يجبروا دونالد ترامب على الكشف عن إقراره الضريبي، في حال نجح أي من الطرفين المدعيين في إقناع المحكمة بإصدار أمر ملزم له بكشف معطياته الشخصية. إلا أن الخبراء السياسيين يعتقدون أن وزارة العدل لن تقف مكتوفة الأيدي، حيث أنها ستخوض هذا النزاع القضائي حتى النهاية
ويرى عديد الخبراء القانونيون أن قضية ميريلاند هذه تعتبر خطوة غير مسبوقة في هذا الإطار، لأن حكومتي ولاية ميريلاند ومقاطعة كولومبيا تعتبران من المؤسسات السيادية تماما مثل مؤسسة الرئاسة، وهو ما يجعلهما من أقوى الخصوم المحتملين الذين يمكنهم الوقوف ضد ترامب في هذا الخلاف بشأن خرق الدستور.
وقد ذكر نورمن آيسن، عضو مجلس إدارة مؤسسة “مواطنون من أجل المسؤولية والأخلاقيات في واشنطن”، أن هذه الدعوى تمثل جبهة جديدة فتحت في الحرب ضد استغلال المناصب والنفوذ لتحقيق أغراض شخصية.
ويشير نص الدعوى إلى أنه في سنة 1776، كانت ولاية ميريلاند قد صوتت على قانون خاص بها يمنع استغلال المناصب، كما أن تبني قانون لمكافحة الفساد منصوص عليه في الدستور الأمريكي كان من ضمن الشروط الأساسية التي وضعتها ولاية ميريلاند حتى تنضم للولايات المتحدة.
ويأمل المدعون في هذه القضية أن يجبروا دونالد ترامب على الكشف عن إقراره الضريبي، في حال نجح أي من الطرفين المدعيين في إقناع المحكمة بإصدار أمر ملزم له بكشف معطياته الشخصية. إلا أن الخبراء السياسيين يعتقدون أن وزارة العدل لن تقف مكتوفة الأيدي، حيث أنها ستخوض هذا النزاع القضائي حتى النهاية وقد تضطر لرفع الأمر للمحكمة العليا.
المصدر: نيويورك تايمز