“ستة شباب مظاليم مُثبَت عليهم حكم الإعدام، يقبعون الآن في زنازينهم الانفرادية في رُبع الإعدام ينتظرون التنفيذ، لم يرتكبوا جُرمًا ولم تُثبت عليهم تهمة، ولكن كان للقضاء رأيٌ آخر، ساعد الشباب وانضم لحملة التوقيع لوقف عقوبة الإعدام ضد شباب بريء”، كشفت هذه العبارة التي دشنها ناشطون مصريون في إطار حملة لجمع توقيعات لوقف تنفيذ حكم الإعدام بحق 6 من شباب محافظة المنصورة “دلتا مصر”، بعد اتهامهم من قبل الداخلية بقتل رقيب شرطة، النقاب عن حلقة جديدة من مسلسل الإبادة الجماعية الذي يتعرض له الشباب المصري.
حفلات الإعدام الجماعي التي تشهدها مصر منذ انقلاب الثالث من يوليو يبدو أنها لن تتوقف قريبًا رغم المناشدات الحقوقية الإقليمية والدولية والتي لم يعرها القابعون على منصات القضاء أي اهتمام في ظل مناخ من الإقصاء يخيم على الأجواء المصرية منذ أربع سنوات يشرعن تقليم أظافر كل من يغرد خارج السرب حتى ولو كان عبر المشانق وارتداء البدلة الحمراء.
البداية
أحداث القضية تعود إلى فبراير 2014 حين تعرض الرقيب شرطة عبد الله متولي في أثناء استقلاله درجاته البخارية أعلى كوبري سندوب في محافظة الدقهلية “دلتا مصر” إلى إطلاق نار من قبل مجهولين كانا يستقلان دراجتهم البخارية، مما تسبب في قتله في الحال.
الداخلية المصرية حينها وجهت الاتهام لـ24 شابًا في القضية التي حملت رقم 16850 لسنة 2014 جنايات المنصورة، المقيدة برقم 232 لسنة 2014 حصر أمن الدولة العليا، المقيدة برقم 26 لسنة 2014 جنايات أمن الدولة العليا، والتي يحاكم فيها 24 بالانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون، بالإضافة إلى حيازة أسلحة وذخيرة وارتكاب أعمال عنف ضد قوات الجيش والشرطة، فضلًا عن قتل رقيب الشرطة.
وفي 7 من سبتمبر 2015 أصدرت محكمة جنايات المنصورة حكمًا بمعاقبة 9 متهمين بالإعدام شنقًا، و14 آخرين بالسجن المؤبد، ومعاقبة متهم بالسجن 10 سنوات، بينهم 3 متهمين صدر الحكم ضدهم غيابيًا.
وبعد عام ونصف العام من الحكم السابق أصدرت محكمة النقض الأربعاء الماضي 7 من يونيو 2017 برئاسة المستشار مجدي أبو العلا، حكمًا بتأييد إعدام 6 متهمين هم خالد رفعت جاد عسكر وإبراهيم يحيى عبدالفتاح عزب وأحمد الوليد السيد الشاب وعبد الرحمن محمد عبده عطية وباسم محسن خريبي ومحمود ممدوح وهبه، واستبدال عقوبة الإعدام بالسجن المؤبد بحق أحمد حسين دبور ومحمد علي العدوي، والبراءة لكل من محمد فوزي كشك ومصطفى جلال محروس وعلي عاشور وأحمد محسن عبد الحميد.
وبقرار محكمة النقض الأربعاء الماضي أصبح حكم الإعدام بحق الشباب الست حكمًا باتًا ونهائيًا ولا يجوز الطعن عليه بعد استنفاده مراحل التقاضي كافة، ومن ثم فالمتهمون المحكوم عليهم داخل زنازينهم الانفرادية في انتظار موعد تنفيذ الحكم.
من المحكوم عليهم بالإعدام؟
من المثير للدهشة أن الستة المحكوم عليهم بالإعدام والتي تتراوح أعمارهم بين 23 – 30 عامًا ليس بينهم بلطجة ولا أصحاب سوابق ولم توجه أي تهمة لأي منهم قبل ذلك، فهم طبيب وصيدلي ومهندس ودراسات عليا في كلية العلوم وطالب طب وطالب هندسة.
المتهم الأول: إبراهيم يحيى عبد الفتاح محمد عزب (27 عامًا)، تخرج في كلية الصيدلة بجامعة المنصورة، اعتقلته أجهزة الأمن في 6 من مارس/آذار 2014، من أحد شوارع المنصورة، وانقطعت أخباره عن أسرته فلم يعرفوا مكان احتجازه، وبعد يومين من اعتقاله فوجئت أسرته بوزارة الداخلية.
المتهم الثاني: أحمد الوليد السيد السيد الشال (28 عامًا)، طبيب الامتياز بكلية الطب جامعة المنصورة، اعتقله الأمن في 6 مارس/آذار 2014 من أحد شوارع المنصورة.
المتهم الثالث: خالد رفعت جاد عسكر (27 عامًا)، خريج كلية العلوم وطالب الدراسات العُليا بجامعة المنصورة.
المتهم الرابع: محمود ممدوح وهبة عطية أبوزيد (23 عامًا)، طالب بالفرقة الثانية بكلية هندسة المنصورة وأحد أوائل دفعته.
المتهم الخامس: باسم محسن حسن الخريبي (30 عامًا)، كان يعمل مهندسًا لدى شركة تابعة لهيئة السكك الحديد.
المتهم السادس: عبد الرحمن محمد عبده عطية، طالب الفرقة الرابعة بكلية الطب جامعة الأزهر والأول على دفعته بطب الأزهر لمدة 3 سنوات، اعتقلته السلطات الأمنية في 8 مارس/آذار 2014، في أثناء استقلاله مترو الأنفاق بالقاهرة.
اعترافات تحت التعذيب
حيثيات الحكم الصادر من محكمة النقض ومن قبلها محكمة جنايات المنصورة تشير إلى اعتراف المتهمين على أنفسهم بالتورط في جريمة قتل رقيب الشرطة، وهو ما أخذت به منصة القضاء دون الاستماع إلى المذكرات المقدمة والشهادات الواردة بحق هذه الاعترافات والتي جاءت تحت التعذيب والتهديد.
وبحسب شهادات المتهمين أنفسهم فإن الاعترافات الواردة بالمقطع المصور الذي نقل عنهم والذي تضمن اعترافهم بتكوين خلية إرهابية بالمنصورة تقوم بأعمال تخريبية في البلاد جاءت تحت ضغط ضباط الداخلية، وهو ما أثبتته آثار التعذيب التي ظهرت في الفيديو المصور.
أحمد الشال، أحد المتهمين الستة أقر في جلسة بتاريخ 8 من سبتمبر/أيلول 2014 بتعرضه للتعذيب بعد اعتقاله، كما تعرّض للتهديد باغتصاب والدته، لإجباره على تصوير فيديو يعترف فيه بارتكاب جريمة القتل نشرته الداخلية في 12 من مارس/آذار من نفس العام.
خالد عسكر، ذكر أمام القاضي ما حدث له من تعذيب من قبل ضباط الأمن بالضرب والصعق بالكهرباء والتعليق وحرق السجائر بجسده، لإجباره على الاعتراف بالتهم المنسوبة إليه، وخلع أمام القاضي قميصه ليريه آثار التعذيب الباقية على جسده حتى بعد مرور أكثر من عام وخمسة أشهر على اعتقاله وقتها.
محمود أبوزيد، أبلغ النيابة في أثناء التحقيقات بإجبار ضباط أمن الدولة له على الاعتراف بالتهم الملفقة ضده تحت وطأة التعذيب، وتهديده بوالدته، ورغم تعرف وهبة على الضابط الذي عذبه وذكر اسمه، فإن النيابة لم تلتفت إلى ذلك جملة ولم تحقق به، ولم تبطل الاعترافات الناتجة عن التعذيب.
باسم الخريبي، أقر في أولى جلسات التحقيق معه في 3و9 من يونيو/حزيران 2014 بإصابته جراء التعذيب وحبسه بسجن العزولي، وتعرضه للإخفاء القسري، وطلب محاميه عرضه على الطب الشرعي، ولم تلب النيابة طلبه ولم تحقق في ادعاءاته، ولم تبطل أقواله الناتجة عن التعذيب، بحسب دفاعه.
عبد الرحمن عطية، اعترف خلال محاكمته بتعرضه للتعذيب بالسحل والتعليق والصعق بالكهرباء والتهديد بالأهل كي يعترف بالتهم المنسوبة ضده.
أحمد الشال، أحد المتهمين الست أقر في جلسة بتاريخ 8 من سبتمبر/أيلول 2014 بتعرضه للتعذيب بعد اعتقاله، كما تعرّض للتهديد باغتصاب والدته، لإجباره على تصوير فيديو يعترف فيه بارتكاب جريمة القتل
عوار قانوني
بجانب بطلان الاعترافات الواردة للمتهمين والتي جاءت تحت التعذيب، فقد شهدت هذه القضية عوارًا قانونيًا واضحًا في إجراءتها التنفيذية بحسب بعض المنظمات والكيانات الحقوقية التي أدانتها بشكل كامل.
المنظمة السويسرية لحماية حقوق الإنسان، قالت في بيان لها: “تابعت ببالغ القلق والريبة، تعامل السلطة القضائية مع القضايا المعروف عنها أنها قضايا سياسية، ومنها حكم محكمة النقض بالقاهرة، الصادر 07 من يونيو 2017، بتأييد حكم الإعدام، على ستة من شباب محافظة الدقهلية”.
المنظمة استندت وفق ما توصلت إليه بحسب بيانها إلى بعض الدلالات التي تكشف ما شاب القضية من عوار قانوني وبطلان في الإجراءات التي تفقد المحاكمة العدالة والنزاهة المطلوبة، أهمها:
– بطلان إجراءات الضبط والتفتيش، لوقوعهما قبل صدور إذن النيابة.
– بطلان التحقيقات، التي لم يحضر فيها محام عن المتهمين.
– بطلان اعترافات المتهمين، لأنها وليدة إكراه، وهو ما أثبته المتهمون أمام النيابة في أثناء التحقيقات، بوقوع التعذيب عليهم، وإكراههم على الإدلاء بما اعترفوا به من أقوال.
– الإخلال بحق الدفاع في أثناء المحاكمات.
أما الائتلاف العالمي للحريات والحقوق فقد وثق عددًا من النقاط التي تكشف بطلان الحكم ومن بينها:
– أحراز القضية في المحضر الرسمي تحتوي على “ماسورة صرف صحي وبندقية قديمة لم تُستخدم من قبل”، ولا يوجد لها أي أعيرة نارية، وشريط المراقبة المستخدم في المحكمة اختفى بعد إلحاح شديد من المحامى وإصراره على رؤيته.
– ثلاثة من الشباب في القضية والمسجونين في سجن العقرب، نُقلوا إلى عنبر الإعدام قبل إصدار الحكم عليهم.
المنظمة السويسرية لحقوق الإنسان توصلت بحسب بيانها إلى بعض الدلالات التي تكشف ما شاب القضية من عوار قانوني وبطلان في الإجراءات التي تفقد المحاكمة العدالة والنزاهة المطلوبة
أما هيئة الدفاع عن المتهمين فقد أوردت مجموعة من الأدلة التي تثبت بطلان إجراءات التقاضي ومنها:
أولا: الأحراز.. فيديو الاعتراف يشير إلى وجود كم كبير من الأسلحة والذخيرة بينما في المحضر الرسمي فإن الأحراز تحتوي على “ماسورة صرف صحي وبندقية قديمة لم تُستخدم من قبل”، ولا يوجد لها أي أعيرة نارية.
ثانيًا: مكان القبض عليهم.. الداخلية أعلنت أنها ألقت القبض على المتهمين داخل شقة بالمنصورة، بينما شهادة الشهود وأسر المعتقلين أشارت إلى أن المتهمين قد ألقي القبض عليهم في أماكن متفرقة وبصورة عشوائية.
ثالثًا: السلاح المستخدم.. تقرير الطب الشرعي أكد أن “الطبنجة” التي اُدعي ضبطها عيار 9 مم حلوان، بينما الفارغ الذي عُثر عليه بجوار المجني عليه تبين إطلاقه من سلاح ناري عيار 9 مم طويل صناعة أجنبية.
رابعًا: تقرير الطب الشرعي.. التقرير ذكر أن رقيب الشرطة قتل في وضع قائم مما يعني أن القاتل كان يسير على قدميه في أثناء إطلاق النار، بينما في فيديو الاعتراف قال إنه كان مستقلاً دراجة بخارية.
فضل المولي
لم تكن أحكام الإعدام النهائية بحق شباب المنصورة هي الوحيدة بحق معارضين للنظام الحالي، ففي الإسكندرية رفضت محكمة النقض الإثنين 24من أبريل 2017 الطعن المقدم من الداعية الشيخ فضل المولى، على حكم إعدام كان قد صدر بحقه مايو الماضي، بعد اعتقاله من محل عمله منذ 3 أعوام.
التهمة الموجهة للداعية السكندري هي قتل سائق قبطي في الخامس عشر من أغسطس 2013 خلال إحدى مظاهرات رفض الانقلاب عقب مجزرتي رابعة والنهضة بمدينة الإسكندرية، حين خرج الشيخ برفقة عدة آلاف متظاهر للتنديد بما حدث في رابعة والنهضة.
شهادة المقربين من الشيخ تشير إلى أنه في هذا اليوم تدخل لفض اشتباك بين أحد الشباب المتظاهرين وسائق تاكسي مسيحي حاول التعدي على امرأة بالمسيرة، إلا أن التقارير الأمنية الواردة مساء هذا اليوم 15/8/2013 اتهمته بقتل السائق المسيحي، ومن ثم ألقي القبض عليه من محل عمله بنادي المهندسين.
ورغم الحملات المناهضة للحكم، من خلال تنظيم مسيرات وفعاليات، ودعم مراكز حقوقية داخلية وخارجية في ظل بطلان إجراءات التقاضي، فمحكمة النقض أصرت على موقفها وأيدت حكم الإعدام، ليضاف إلى سجلات التصفية السياسية للمعارضين.
تصفية حسابات
دلالات عدة تشير إليها هذه القضية لعل أبرزها أن المتهمين فيها أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين، ومن ثم فإن هذا الحكم – الإعدام – يعد الأول من نوعه الذي يصدر بحق أعضاء الجماعة، وهو ما يقود إلى التساؤل عن نية النظام الحالي في التصعيد ضد الإخوان خلال المرحلة المقبلة خاصة في ظل ما يعانيه من فشل على الأصعدة كافة، وهل تعكس تلك الأحكام رغبة السلطات في تصفية حساباتها السياسية مع الجماعة من خلال حفلات الإعدام الجماعي، خاصة أنه لم يتبق للسلطة الحالية سوى ورقة “مكافحة الإرهاب” للعب بها بعد حرق كل الأوراق الأخرى؟
منظمة “هيومان رايتس مونيتور” في تقرير لها لفتت إلى أن مصر تحتل المرتبة الأولى في إصدار الأحكام الجزافية التي تقضي بالإعدام بحق مُناهضي السلطات الحالية بعد أن بات القضاء سلاح ووسيلة انتقام وتصفية لخصومه السياسيين دون اعتبار لأدنى معايير نزاهة الأحكام القضائية أو عدالتها.
التقرير أشار إلى أن القضاء بشقيه المدني والعسكري قد عمد “النزول إلى معترك السياسة وتجاهل قواعد العدالة القانونية والقضائية والجنائية في مقابل الامتيازات التي تقدمها السلطات الحالية التي غضت الطرف عن جميع الخروقات القانونية وسير القضايا والأحكام”.
محكمة النقض التي من المفترض أنها شديدة التعسف في إخراج أي حكم بالإعدام، “استهترت هذه المرة أيضًا مع هذه القضية، وأصدرت حكمًا باتًا غير قابل للطعن في قضية الشاهد الوحيد فيها ضابط بجهاز الأمن الوطني سيئ السمعة
وبحسب المنظمة فإن تلك الأحكام التي وصفتها بأنها “ظاهرة” تهدر كل القيم الإنسانية والحقوقية التي لم تحدث في تاريخ المحاكم المصرية من قبل، وعليه فإن ذلك الأمر يشكل إهدارًا لحق الحياة لهؤلاء المحكوم عليهم من قبل السلطات المصرية بمباركة من المحاكم التي أعطت الأمر شكلًا قانونيًا ومررت تلك المحاكمات التي تفتقد لأدنى معايير العدالة الدولية بل وخالفت القانون والدستور المصري في هذه المعايير أيضًا.
التقرير لفت إلى أن هناك ما يقرب من 2000 حكم بالإعدام صدروا بحق خصوم سياسيين للنظام الحالي، منذ أحداث الثلاثين من يوليو/تموز 2013، ورغم تنفيذ 8 أحكام فقط حتى الآن فإن الرقم بات مثار شك حيال منظومة العدالة في مصر والتي تسعى إلى تصفية خصوم النظام السياسيين مفتقدة لأدنى معايير المحاكمات العادلة التي أقرتها المواثيق الدولية.
وهو ما ذهب إليه أيضًا الكاتب الصحفي أسامه الصياد الذي أشار في مقال له إلى أن هناك حالة من “سعار الانتقام” تنتاب النظام المصري في التعامل مع خصومه السياسيين، موضحًا أنه في أكثر المواقف الصدامية بين الطرفين، النظام والإخوان، كان القضاء يوازن أحيانًا داخل هذه المعادلة، حتى وإن جار في أحكام السجن التي في النهاية لا تزهق أرواحًا وبها مجال نسبي للتراجع حسب الظرف السياسي، إلا أنه “هذه المرة وللمرة الثالثة في التاريخ الأسود لهذا النظام، أمام 6 أرواح تنتظر القتل بلا منظومة عدالة، ولا أي معايير رقابة ومراجعة لتسييس القضايا”.
الصياد عزز رأيه بأن محكمة النقض التي من المفترض أنها شديدة التعسف في إخراج أي حكم بالإعدام، “استهترت هذه المرة أيضًا مع هذه القضية، وأصدرت حكمًا باتًا غير قابل للطعن في قضية الشاهد الوحيد فيها ضابط بجهاز الأمن الوطني سيئ السمعة حسب أسر الشباب المتهمين”.
مجدي أبو العلاء.. علامة استفهام
بعض التساؤلات فرضت نفسها عن كنية المستشار مجدي أبو العلا، القاضي الذي أيد حكم الإعدام بحق شباب المنصورة، خاصة أنه المرشح الأوفر حظًا بين الأسماء الثلاثة المقدمة لرئاسة المجلس الأعلى للقضاء، وهو ما يدفع للتساؤل: هل قرر أبو العلا تقديم أوراق اعتماده للسيسي على جثث 6 معارضين؟
سجل حافل للمستشار أبو العلا من الممكن أن يؤهله لتقلد المنصب الجديد في ظل ما صدق عليه من أحكام جاءت في معظمها متماشية مع هوى النظام الحاكم، لعل أبرزها: رفض الطعن المقدم من مرشد الإخوان محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر، و16 من قيادات الجماعة على قرار النيابة العامة بإدراجهم على قوائم الإرهابيين وفقا لقانون الكيانات الإرهابية، وذلك في 2 من سبتمبر 2015.
كذلك قبول الطعن المقدم من رئيس الوزراء الأسبق الدكتور أحمد نظيف، على حكم حبسه 5 سنوات في قضية الكسب غير المشروع، وتحديد جلسة 3 من فبراير المقبل، لنظر موضوع القضية عام 2015، هذا بالإضافة إلى حكم السابع من يونيو الحالي.
أسلوب مثير للسخرية
“هذا الأسلوب المنتهج من قبل القضاء المصري مضحك ومثير للسخرية” هكذا علق كينيث روث، المدير التنفيذي لمنظمة “هيومان رايتس ووتش” على أحكام الإعدام الصادرة بحق المعارضين في مصر، ملفتًا أنه حال تنفيذ أي منها فإن هذا “سيضر بالسمعة المصرية”، منوهًا إلى أن أغلب هذه الجرائم “مفبركة”.
روث في لقاء له على “الجزيرة” أشار إلى أن صدور “أحكام الإعدام بالجملة هو انعكاس مؤسف لما وصل إليه النظام القضائي المصري في عهد السيسي”، مؤكدًا أن القضاء المصري أصابته “انتكاسة في عهد الرئيس الحالي”.
كما وصف تلك الاتهامات التي تواجه المعارضين في مصر بـ”الفاضحة” معربًا عن استغرابه من عدم وجود أدلة واعتماد الأحكام على “تحريات بعض الضباط”.
القاضي الذي أيد حكم الإعدام بحق شباب المنصورة، هو المرشح الأوفر حظًا بين الأسماء الثلاثة المقدمة لرئاسة المجلس الأعلى للقضاء
أما المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا فأشارت إلى أن تلك الأحكام “ملفقة” في المقام الأول وذلك في ظل ثبوت أدلة بطلانها حسب روايات الشهود وهيئة الدفاع.
المنظمة في تقرير لها تعليقًا على أحكام الإعدام بحق شباب المنصورة أكدت أن “منظومة القضاء تعاني من انهيار تام، وأصبحت أداة بيد النظام يستخدمها بالقدر الذي يراه لإرهاب وقمع معارضيه، وقد طال هذا الانهيار أعلى محكمة مصرية مما يعني قطع كل السبل على المتهمين للتمتع بمحاكمة عادلة”.
كما حذرت من إقدام النظام المصري على تنفيذ هذه الأحكام، كونها “جريمة قتل عمدي مع سبق الإصرار يشارك فيها القضاء المصري بمحاولته شرعنة تلك الجريمة عبر تمريرها من أروقة المحاكم”.
جدير بالذكر أن أحكام الإعدام الأخيرة ليست الأولى من نوعها فقد سبقها ثلاثة أحكام أخرى بحق ثمانية مواطنين، ففي الخامس من فبراير 2015 أيدت محكمة جنايات الإسكندرية الحكم بالإعدام الصادر بحق محمود حسن رمضان المتهم بإلقاء الأطفال من أعلى عقار في مدينة الإسكندرية.
وفي مارس 2015 أصدرت المحكمة العسكرية العليا حكمًا بالإعدام بحق 6 متهمين في القضية المعروفة إعلاميا بـ”عرب شركس”، وفي ديسمبر 2016 أيدت محكمة النقض حكم الإعدام الصادر بحق عادل حبارة المتهم في القضية المعروفة إعلاميًا بـ”مذبحة رفح الثانية”.
وبرغم افتقاد الأحكام الأخيرة للأدلة والبراهين حسب هيئة الدفاع والشهود وأسر المتهمين، فذلك لم يحل دون تأييد أحكام الإعدام ليقبع سبعة من المعارضين للنظام داخل زنازينهم في انتظار إما معجزة من السماء للعفو عنهم أو لحظة تنفيذ الحكم