حملت الدراما السورية في رمضان هذا العالم باقة من المسلسلات المتنوعة بين الكوميديا والفانتازيا التاريخية وتقاليد أهل الشام وأخرى تروي قصص حب وغيرها، الملفت للانتباه أن الدراما السورية شهدت منذ اندلاع الثورة السورية نزوح المخرج والممثل والمنتج والكاتب خارج سوريا إلى دول عربية عديدة أبرزها مصر ليؤدوا أدورًا في البيئة التي حلوا عليها، ولا يمكن نكران أن الدراما السورية مرت خلال السنوات الستة الماضية بحالة ركود بسبب انعكاس الوضع السياسي عليها، حتى إن كثيرًا من الممثلين من بينهم نجوم غابوا عن الشاشة.
داخل سوريا أو خارجها لم تتوقف الدراما السورية طول الأعوام الست الماضية من عمر الثورة عن العمل، بعض شركات الإنتاج تجاهلت الأحداث وآثرت عدم التصادم مع النظام السوري، وأخرى قدمت أعمالاً فنية تجسد الألم الذي وقعت فيه سوريا والحالة المزرية التي وصلت لها البلاد من خلال أحداث درامية جاء بعضها على شكل كوميدي وآخر يروي قصصًا اجتماعية لأشخاص عايشوا الثورة.
لم تهتم المعارضة السورية بصناعة الدراما منذ البداية في واقع تخلت فيه عن هذا السلاح واستثماره بما يفيد قضية الثورة
وفي هذا السياق يُذكر هنا مسلسل “قلم حمرة” لمخرجه حاتم علي وكتابة يم مشهدي والذي تم إنتاجه في العام 2014 ووصف بأنه شكل درامي إبداعي مختلف بالأدوات والأساليب، ووصف بأنه تصوير نسبي للواقع السوري من خلال ما يرويه من قصص لشابات دخلن السجن ويصور حياتهن بداخله، والوضع المعيشي المتأزم للشباب من عدم توفر فرص عمل.
إلا أن الدراما السورية وطول تلك الفترة تواجه انتقادات حادة في نفس الوقت، فهناك مسلسلات تم تسييسها لصالح النظام السوري بحيث تبث دعاية النظام ومقولاته عن الإرهاب، بما يخدم أهدافه وأجندته ضد الثورة، فضلاً أنه لا يوجد عمل درامي إلى الآن يمثل الحالة الثورية في سوريا كما يرى الناقدون.
رمضان 2017
رمضان هذا العام شهد تحسنًا ملحوظًا عن الأعوام الماضية بسبب عودة العديد من النجوم والمخرجين والكتاب الذين غابوا عن الساحة الدرامية في السنوات الأخيرة، ومن أبرز المسلسلات السورية لهذا العام والتي تعرض في مختلف الفضائيات، باب الحارة بجزئه التاسع، بقعة ضوء 13، أوركيديا، قناديل العشاق، الهيبة، أزمة عائلية، شوق، فوضى، سايكو.
باب الحارة (الجزء التاسع)
لا يزال مسلسل باب الحارة مستمرًا بجزء جديد هو التاسع له على التوالي، يحمل الكثير من التطورات والأحداث، وعلى الرغم من اعتذار العديد من الممثلين عن الاستمرار في التمثيل، فالمسلسل لا يزال مستمرًا على شاشة mbc، وكان المسلسل قد واجه انتقادات كثيرة بسبب المبالغة في أجزائه حتى مل المشاهد منه وهو ما يفسر قلة الإقبال عليه عام بعد آخر، وربما يكون أطول مسلسل سوري استمر لهذه المدة.
من جانب آخر يرى معارضون للنظام أن باب الحارة مسيس لصالح النظام لإرسال رسائل مبطنة تخدمه عبر أن الوضع في سوريا لا يزال كما كان قبل الثورة.
مؤسسات المعارضة والداعمون للثورة لم يتمكنوا من تأسيس شركات إنتاج دارمية تجذب الكوادر السورية لتميل لصالحها
ورسالة أخرى مضمونها أن النضال الحقيقي ليس ضد النظام بل ضد المستعمر الفرنسي، وضد تركيا التي سيطرت على لواء الإسكندرون كما يصوره المسلسل في أحد المشاهد عندما قال “أبو عصام” إن لواء الإسكندرون سوري وليس تركيًا، وهو ما يعكس الأزمة بين النظام السوري وتركيا وعداء النظام بعد دخول تركيا بعملية درع الفرات في شمال سوريا.
قناديل العشاق: إخراج سيف الدين سبيعي وبمشاركة الفنانة المصرية سيرين عبد النور
بقعة ضوء 13
مسلسل آخر مشهور هو بقعة ضوء مستمر للجزء الثالث عشر في هذا العام، يشارك فيه مجموعة من الممثلين السوريين من خلال إسكتشات منوعة تعالج قضايا المجتمع وتنتقده بطريقة ساخرة، والجزء الجديد من إخراج فادي سليم وإنتاج سما الفن الدولية للإنتاج الفني.
أوركيديا
المخرج السوري المشهور حاتم علي يظهر في أحد الأعمال الكبيرة الذي يشارك فيه كوكبة من النجوم السوريين مثل جمال سليمان وسلوم حداد وسامر المصري وباسل الخياط وسلافة معمار ومي سكاف وآخرون غيرهم، أوركيديا عُد من أكثر المسلسلات السورية المرتقبة في رمضان.
العمل هو ملحمة تاريخية فانتازية يعالج موضوعات معاصرة من خلال حكايات تتم في زمان ومكان متخيلين، ينتميان للعصور الوسطى، يتطرق المسلسل لفكرة الصراع بين الممالك والسلطة والنفوذ بين الملوك، على غرار مسلسل Game of Thrones الأمريكي الشهير، تم تصوير مشاهد المسلسل في مدينة بوخارست الرومانية، قبل أن ينتقل ليستكمل باقي مشاهده في تونس.
الدراما السورية بعد الثورة
لم تهتم المعارضة السورية بالدراما منذ البداية في واقع تخلت فيه عن سلاح صناعة الدراما واستثمارها بما يفيد قضية الثورة واللاجئين والتجمعات الإرهابية التي لا تعبر عن فكر الثورة ولا ثقافة السوريين، فيما استمر النظام السوري من خلال مديرية الإنتاج بالتليفزيون الحكومي أو عبر شركات خاصة في سوريا، بإنتاج نحو 20 عملًا دراميًا سوريًا، مما يحافظ على عائد مالي وإعلاني كبير.
سايكو: كوميديا اجتماعية مستوحاة من الواقع المعاش في سوريا
مؤسسات المعارضة لم تتمكن من تأسيس شركات إنتاج دارمية تجذب الكوادر السورية لتميل لصالحها، حيث خسر الكثير من الكتاب والفنانيين موردهم المالي بسبب موقفهم إلى جانب الثورة السورية.
حاتم علي يخرج مسلسل أوركيديا وهو ملحمة تاريخية فانتازية تعالج موضوعات معاصرة من خلال حكايات تتم في زمان ومكان متخيلين، ينتميان للعصور الوسطى
وبحسب نقاد فإن شركات إنتاج الدراما غابت عن أعمال الثورة لأسباب أهمها أن رجال الأعمال والداعمين للثورة لا يرون بالدراما سلاحًا ينشر مواقف السوريين أو يحقق النصر، كما أن معظمهم يسعى لأعمال إغاثية ومساعدات يظهر اسمه خلالها، في الوقت الذي لا تظهر فيه الشهرة بالدراما سوى للمخرج والممثلين.
وهناك أسباب أخرى لإحجام المؤسسات الثورية والداعمين لإنتاج أعمال دارمية تدعم مبادئ الثورة، منها أنهم يرون بالدراما عملاً محرمًا، ولعل السبب الآخر أن معظم الفضائيات تحجم عن شراء أعمال درامية عن الثورة السورية، إلى ذلك يرى البعض أن أعمال الدراما السورية لا تعبر عن أنها صنيعة النظام السوري بل من نتاج الكوادر السورية التي استطاعت خلال السنوات الماضية تقديم أعمال كبيرة جذبت المشاهد العربي أينما كان.