“إن قطع العلاقات العربية مع قطر يفتح الكثير من الفرص أمام “إسرائيل” للتعاون مع المحور السني في مواجهة الإرهاب” كان هذا أول تعليق رسمي للكيان الإسرائيلي على الأزمة القطرية الخليجية على لسان وزير الأمن أفيجدور ليبرمان.
مصائب قوم عند قوم فوائد، لعل هذه المقولة أفضل تجسيد لواقع الأزمة الأخيرة التي شهدتها الدوحة مع جيرانها إثر قطعهم للعلاقات الدبلوماسية معها في أعقاب تصريحات مزعومة نُسبت للأمير تميم بن حمد، ورغم تكذيبها من قبل الخارجية القطرية فإن الأمور تصاعدت بشكل هستيري.
التصعيد الأخير وحسب عيون “إسرائيلية” صب بشكل كبير في صالح تل أبيب، لا سيما فيما يتعلق بتوسعة رقعة التطبيع مع الدول العربية المجاورة، فضلًا عن تخفيف حدة الضغط على حكومة نتنياهو بسبب الملف الفلسطيني، كذلك مساعدتها في تضييق الخناق على حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وبناء تحالف مناهض لإيران أبرز خصومها في المنطقة.
ارتياح “إسرائيلي”
لم تكن “إسرائيل” بعيدة تمامًا عن مجريات الأحداث وتطورات المشهد الخليجي، إذ فرضت الأزمة القطرية الخليجية نفسها على الشارع الإسرائيلي بصورة مباشرة وغير مباشرة، وهو ما تجسد في تعاطي الصحف والمواقع الإخبارية “الإسرائيلية” مع الحدث.
أبدت معظم وسائل الإعلام “الإسرائيلية” ارتياحًا نسبيًا لما حدث، لا سيما المقاطعة الدبلوماسية لقطر من بعض الدول الخليجية والعربية خاصة السعودية ومصر، وهو ما عبرت عنه تصريحات بعض الوزراء والمحللين ممن عقبوا على قرار المقاطعة.
ليبرمان في حديث له أمام الكنيست سعى إلى توظيف الأزمة لصالح تل أبيب، إذ قال خلال كلمة له إنه “من الواضح للجميع، وكذلك في الدول العربية يدركون ذلك، أن الخطر الحقيقي ليس الصهيونية بل الإرهاب، الدول التي قطعت العلاقات مع قطر لم تفعل ذلك بسبب “إسرائيل” أو القضية الفلسطينية، بل بسبب تخوفها من الإرهاب الإسلامي”.
مكاسب تل أبيب
على عكس ما يذهب البعض فإن الاهتمام “الإسرائيلي” بالأزمة الخليجية ربما يفوق اهتمام بعض الدول أطراف الأزمة نفسها، وهو ما أشار إليه بعض المحللين والأكاديميين “الإسرائيليين” ممن يرون أن ما حدث فرصة تاريخية لتل أبيب قد لا تتكرر مرة أخرى، ومن ثم عليها استغلالها بصورة جيدة.
سبث فرانتسمان، الأكاديمي “الإسرائيلي” وأستاذ العلوم السياسية، في مقاله له نشرته صحيفة”معاريف” الإسرائيلية في 5 من يونيو، أشار إلى أن هناك عدة مكاسب تحققها “إسرائيل” من وراء قطع بعض الدول العربية علاقاتها مع قطر.
أولا: تخفيف الضغط على حكومة نتنياهو.. لا شك أن انشغال دول المنطقة بتلك الأزمة والحديث عنها ربما يقلل الضغط على الحكومة “الإسرائيلية” فيما يتعلق بتعاطيها مع القضية الفلسطينية، وهو ما أشار إليه فرانتسمان بقوله “هذه فرصة للحكومة، فقد تحدث نتنياهو منذ وقت طويل عن تكوين علاقات إقليمية تتجاوز مصر والأردن مع دول الخليج وتطرق للتهديد الإيراني منذ عقدين من الزمن، إذا انشغلت الدول العربية بإيران وقطر أكثر من الشأن الفلسطيني، فسوف يقلل ذلك الضغط على “إسرائيل” في وقت يحاول الفلسطينيون تذكير المنطقة بأنهم يعيشون تحت سيطرة “إسرائيلية” منذ 50 عامًا”.
وأضاف: “إذا ما نُظر لـ”إسرائيل” في الماضي على أنها المشكلة الرئيسية للمنطقة، فإن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني اليوم جرى تهميشه بالنظر إلى الأحداث في سوريا ومصر واليمن وليبيا، والآن الصراع مع قطر”.
هذا الرأي يذهب في زاوية أخرى إلى أن من أبرز صور تخفيف الضغط على حكومة نتنياهو تضييق الخناق على قناة “الجزيرة” والتي طالما تسببت في إزعاج القادة في تل أبيب، فمع المقاطعة والضغوط الممارسة ضد الدوحة من المرجح أن ينعكس ذلك على القناة ما يدفعها لإعادة النظر في توجهاتها الداعمة لحماس وتحركاتها العسكرية من جانب، أو القرار بغلقها وحجبها داخل فلسطين و”إسرائيل” من جانب آخر، ومن ثم تتخلص الحكومة من احد أبرز عوامل الضغط عليها إقليميًا ودوليًا.
ثانيًا: عودة النفوذ الأمريكي للمنطقة المكسب الثاني بحسب الأكاديمي “الإسرائيلي” يتمثل في عودة الولايات المتحدة مجددًا إلى المنطقة بعد غياب عدة سنوات خلال فترة باراك أوباما، مشيرًا إلى أن أبرز مظاهر تلك العودة الدور الأمريكي في دفع القاهرة وبعض العواصم الخليجية لاتخاذ قرار المقاطعة ضد الدوحة في أعقاب زيارة الرئيس دونالد ترامب للرياض الشهر الماضي.
العودة الأمريكية في ثوبها الجديد ستكسر العزلة التي عاشتها تل أبيب خلال السنوات الماضية لتفتح صفحة جديدة من العلاقات مع جيرانها بالتزامن مع دعم واشنطن لحلفائها في المنطقة بما يعزز الأمن “الإسرائيلي”.
أكاديمي “إسرائيلي” يقول إنه إذا انشغلت الدول العربية بإيران وقطر أكثر من الشأن الفلسطيني فسوف يقلل ذلك الضغط على “إسرائيل”
ترامب خلال لقائه زعماء وقادة العرب والمسلمين في الرياض
ثالثًا: عزلة حماس قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر سيلقي بظلاله القاتمة على حركة حماس والتي تمثل الصداع المزمن في رأس “دولة الاحتلال”، حيث إن الدوحة هي الداعم الأكبر للحركة خلال السنوات الماضية ماديًا وسياسيًا، حيث توفر لها الموارد المالية المطلوبة للقيام بدورها في المقاومة، كذلك تستضيف قادتها وتدعمهم دبلوماسيًا بتوفير غطاء سياسي لهم في تحركاتهم، وهو ما يزعج تل أبيب بصورة كبيرة.
ومعلوم أن حماس تعتمد في المقام الأول في إدارتها لغزة ومقاومتها للاحتلال على الدعم المقدم من الدول العربية والإسلامية التي يأتي على رأسها الدوحة، ومن ثم يرى المحلل الإسرائيلي أن أزمة قطر مع جيرانها ربما يدفعها إلى التخلي عن بعض ثوابتها حيال حماس استجابة للضغوط الممارسة عليها، وهو ما أدى إلى قيامها بترحيل بعض مسؤولي الحركة خارج الدوحة، على حد قوله.
وبحسب فرانتسمان فإن مقاطعة بعض الدول العربية ذات المحورية الإقليمية الثقيلة كمصر والسعودية لقطر بسبب دعمها لتلك التنظيمات الإرهابية – بما فيها حماس – يطلق يد “إسرائيل” في التعامل معها بأريحية، في إشارة منه إلى التصعيد ضد حماس بمباركة الرياض والدوحة الداعمين لهذه التوجهات تحت مزاعم مكافحة الإرهاب.
رغم ما يحمله هذا التحالف من بذور الطائفية فإن رغبة الرياض في التصدي لطموحات طهران في المنطقة ومحاصرتها دفعها إلى تبني المقترح حتى لو كان عبر بوابة التحالف مع الكيان الصهيوني
مناهضة إيران
لعل من أبرز المكاسب التي تسعى تل أبيب لتحقيقها من وراء هذه الأزمة تضييق الخناق على الجمهورية الإيرانية وأذرعها السياسية والعسكرية، وهو المحور الأساسي لبناء التحالف المزمع بين أمريكا وبعض الدول العربية والإسلامية فيما أطلق عليه “صفقة القرن”.
هذا التحالف الذي من المقرر أن تصبح فيه “إسرائيل” عنصرًا بارزًا يسعى في المقام الأول إلى تقليم أظافر طهران في المنطقة وتحجيم نفوذها بشكل أو بآخر من خلال تضييق الخناق على حلفائها من جانب أو فرض المزيد من العقوبات ضدها من جانب آخر.
التحالف الذي تحدث عنه الرئيس الأمريكي أكثر من مرة، والذي أشار إلى أن هدفه الأساسي محاربة الإرهاب، قوبل بترحيب واسع النطاق لا سيما من القاهرة والرياض كونهما المحورين الأساسيين في هذا التحالف الذي وصف بالسني في مواجهة التحالف الإيراني الشيعي.
ورغم ما يحمله هذا التحالف من بذور الطائفية إلى حد ما فإن رغبة الرياض في التصدي لطموحات طهران في المنطقة ومحاصرتها في كل من سوريا واليمن دفعها إلى تبني المقترح حتى لو كان عبر بوابة التحالف مع الكيان الصهيوني، وهو ما قوبل بالترحاب الشديد من قبل تل أبيب التي أعلنت استعدادها للتعاون الاستخباراتي والمعلوماتي في هذا الشأن.
لكن يبدو أن الهدف ليس إيران وحدها كما يشير المحللون الإسرائيليون، إذ إن هناك حزمة أخرى من الطموحات التي تسعى “إسرائيل” لتحقيقها من خلال هذه الصفقة وما ينجم عنها من تحالفات، لعل أبرزها فتح باب التطبيع مع الدول العربية المجاورة، وهو الملف الأبرز حضورًا لدى أولويات القادة في دولة الاحتلال منذ عام 1948 وحتى الآن.
حماس تمثل الصداع الأبرز في رأس قادة تل أبيب
زيادة رقعة التطبيع
لعل من أبرز محاور صفقة القرن التي جسدتها الأزمة القطرية الخليجية الأخيرة زيادة رقعة التطبيع في العلاقات بين “إسرائيل” والدول العربية، وهو الهدف الذى تحارب تل أبيب لتحقيقه طيلة السنوات الماضية عبر الوسائل المشروعة وغير المشروعة، في السر والعلن، مستخدمة كل ما لديها من إمكانيات ونفوذ.
الكاتب فهمي هويدي في مقال له كشف عن بعض تفاصيل تحقيق أجراه موقع “مكور ريشون” الإسرائيلي عن التطبيع، ملفتًا أن هناك توجه خليجي واسع النطاق لزيادة رقعة التطبيع مع تل أبيب من خلال عدد من النشاطات التطبيعية السرية، التي ينفذها أمراء وأميرات ورجال أعمال خليجيون في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام ١٩٤٨.
الموقع الإسرائيلي ذكر أن هؤلاء الخليجيين يصلون إلى تل أبيب عبر قبرص بحجة العلاج، بالاتفاق مع جهات إسرائيلية متخصصة، وهذه الجهات تتولى نقل الأمراء ورجال الأعمال الخليجيين من مطار بن جوريون إلى المشافى الإسرائيلية ومراكز العلاج.
قال هويدي: “قيادي فلسطيني قال لي إن الرئيس محمود عباس أعرب عن موافقته على الالتزام بمبادرة السلام مقابل التطبيع الكامل مع الدول العربي”
وجاءت زيارة الرئيس ترامب للسعودية الشهر الماضي لترسخ هذا التوجه بصورة كبيرة، فحسب الصحف الإسرائيلية فالزيارة رفعت منسوب الدفء في العلاقات بين إسرائيل وبعض الدول العربية الخليجية من ناحية ومصر والأردن من ناحية ثانية.
جدير بالذكر أن مصطلح “الدفء” ليس من بنات أفكار الصحف الإسرائيلية، إذ إن بعض القادة العرب قد استخدموه أكثر من مرة أبرزهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والذي أشار في حديث سابق له في يونيو العام الماضي إلى حرص القاهرة على وجود “سلام دافئ” مع “إسرائيل” وفتح صفحة جديدة من تطبيع العلاقات بينها ودول المنطقة.
العاهل الأردني خلال لقاءه رئيس الوزراء الإسرائيلي
وبحسب صحيفة “هآرتس” في عددها الصادر يوم 25 من مايو الماضي، فإن رؤية ترامب التي نقلها للقادة العرب في الرياض تقول إن التقريب بين “إسرائيل” والدول العربية مدخل ضروري للتوصل إلى السلام في المنطقة، وهو ما أكدته صحيفة “يسرائيل هيوم” بشأن تفاصيل اللقاء الذي جرى بين الرئيس الأمريكي ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن، حيث أبلغه ترامب أن جوهر مبادرته وضع خطة إقليمية شاملة تقوم على التفاعل بين “إسرائيل” وجيرانها العرب في إطار مبادرة السلام العربية أولًا، بما يفتح الطريق إلى التسوية المرجوة للقضية الفلسطينية.
أما عن رد فعل أبو مازن حيال العرض الأمريكي، قال هويدي: “قيادي فلسطيني قال لي إن الرئيس محمود عباس أعرب عن موافقته على الالتزام بمبادرة السلام التي تدعو إلى البدء بالانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة، مقابل التطبيع الكامل مع الدول العربية، وقال إنه يوافق على المبادرة من الألف إلى الياء، لكن نتنياهو يريد أن يقلب الآية بحيث يبدأ بالياء أي التطبيع أولا ليصل إلى الألف في زمن لا يعلمه إلا الله!”.
مضيفًا أن “المبادرة قد فرغت من مضمونها، وتحولت إلى مجرد غطاء لتسويغ التطبيع والتنازل عن أهم الاستحقاقات الفلسطينية، بالتالى فإن البند الوحيد الذي سيتم تفعيله فيها وأخذه على محمل الجد هو استعداد الدول العربية للتطبيع الكامل مع “إسرائيل”، وهذه الفكرة أصبحت من مسلمات الحوار الدائر الآن عن التسوية”.
جدير بالذكر أن التسارع الخليجي نحو التطبيع يسير بخطوات ثابتة خاصة من قبل السعوديين، فحسب الوثائق التي كشفها موقع “ويكيليكس” عام 2015 فإن عمق العلاقات بين الرياض وتل أبيب يزداد يومًا تلو الآخر، لا سيما بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.
بعض الأصوات داخل “إسرائيل” تخشى من ردة الفعل السلبية حال تضييق الخناق على حماس، إذ إن المقاطعة الخليجية والعربية لقطر ربما تأتي بنتائج عكسية تهدد أمن واستقرار تل أبيب
الوثائق كشفت حينها بعض مظاهر الحضور السعودي داخل “إسرائيل” والعكس، منها مبادرة السلام التي أعلنت عنها الرياض وتبنتها القمة العربية في 2002، ورغم التشكيك في تلك الوثائق، العديد من الدلائل ترجحها ما بين الحين والآخر، كما حدث عند زيارة رجل المخابرات السعودى اللواء أنور عشقى لـ”إسرائيل” العام الماضي، وقد بررت الرياض حينها هذه الزيارة بأنه لا يمثل المملكة.
كما أن لقاءت عدة جمعت بين قادة عرب وإسرائيليين جاءت في إطار تفعيل خطوات التطبيع، منها اللقاء الذي عُقد في العقبة منذ عام تقريبًا والذي جمع بين الرئيس المصري ونظيره الأردني ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بالإضافة إلى ما أشارت إليه صحيفة “هآرتس” بشأن لقاءً سريًا جمع بين بنيامين نتنياهو ورئيس المعارضة إسحق هرتسوغ مع عبد الفتاح السيسي في قصره في القاهرة في أبريل 2016.
الأزمة مع قطر.. البداية
التصعيد الهستيري المفاجئ للأزمة القطرية الخليجية وردود الفعل التي صاحبتها وعزف ترامب ما بين الحين والآخر على المضي قدمًا نحو اتهام الدوحة برعاية الإرهاب وضرورة مكافحتها ودعمه المتواصل لخطوات المقاطعة وتضييق الخناق على القطريين يدفع إلى التساؤل: هل تصبح هذه الأزمة الخطوة الأولى نحو التمهيد لصفقة القرن؟
معروف أن قطر بتوجهاتها السياسية والإعلامية المؤيدة لثورات الربيع العربي والداعمة للمقاومة الفلسطينية تقف حجر عثرة أمام إتمام تلك الصفقة التي تتطلب إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط وفق أهواء ترامب وحلفاءه بما يدعم مصلحة “دولة الاحتلال”.
ومن ثم فإن تقليم أظافر قطر وتحجيم دورها السياسي وتضييق الخناق على أذرعها الإعلامية في الداخل والخارج بات هدفًا محوريًا من أجل البدء فورًا في إقامة البنود الأولى من هذه الصفقة والتي تتمحور في القضاء على حماس وتفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها وتفعيل خطوات التطبيع بين العرب و”إسرائيل”.
هذا المخطط ستتولى الإمارات والسعودية دور الراعي الأكبر له سواء بمزيد من الضغط على الكيانات التي قد تحول بقصد أو دون قصد تنفيذ الصفقة وعلى رأسها قطر، أو عبر محمد دحلان، القيادي الفتحاوي المفصول، والذي يعد الورقة الأكثر أهمية في أيدي أبناء زايد وسلمان في ظل ما يمتلكه من شبكة علاقات واسعة مع بعض المسئولين الأمنيين في أمريكا وداخل صفوف “إسرائيل”.
من المخاوف التي تسيطر على عقلية بعض المحللين الإسرائيليين جراء الأزمة الخليجية دفع حماس إلى شن هجمات ضد أهداف إسرائيلية خلال فصل الصيف
ولكن..
بعض الأصوات داخل “إسرائيل” تخشى من ردة الفعل السلبية حال تضييق الخناق على حماس، إذ إن المقاطعة الخليجية والعربية لقطر ربما تأتي بنتائج عكسية تهدد أمن واستقرار تل أبيب.
تخوفات هذا الفريق تتمحور في نقاط ثلاثة، الأولى: ارتماء الحركة في حضن إيران مرة أخرى، فبعد تجفيف منابع التمويل والدعم عبر البوابة القطرية فسيتعرض قطاع غزة لمزيد من الإفلاس والأزمات الاقتصادية الطاحنة، وأمام هذا اليأس ربما لن تجد حماس أمامها سوى طهران لإنقاذها من هذا المأزق، وهو ما سوف ترحب به إيران على الفور.
الثانية: وقف الصفقات التبادلية بين حماس و”إسرائيل” وعلى رأسها صفقة إعادة رفات بعض المجندين والمواطنين الإسرائيليين، إذ إن قطر الوسيط الأساسي في هذه الصفقة بين الجانبين، وفي ظل استمرار المقاطعة فسوف تتوقف هذه الصفقة.
الثالثة: حرب الصيف، من المخاوف التي تسيطر على عقلية بعض المحللين الإسرائيليين جراء الأزمة الخليجية دفع حماس إلى شن هجمات ضد أهداف إسرائيلية خلال فصل الصيف، إذ إن تضييق الخناق على الحركة بوقف مصادر الدعم والتمويل قد يضعها في موقف حرج ما قد يدفعها إلى القيام ببعض أعمال المقاومة الانتقامية ضد تل أبيب.
ومن ثم فإن “إسرائيل” وإن كانت بعيدة جغرافيًا عن نطاق الأزمة الخليجية إلا أنها أحد أبرز الأطراف الفاعلة فيها من خلال ما يمكن أن تحصده من مكاسب دفعتها لأن تضع هذا الخلاف تحت مجهر العناية والدراسة، كونه فرصة تاريخية يجب استغلالها لتحقيق طموحات وأحلام الإسرائيليين في توسيع رقعة التطبيع مع جيرانهم من جانب والتخلص من خصومهم من جانب آخر.