لم يكن يتوقع المصريون أن يبدو رجل مصر القوي مثل حمل وديع أمام الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين في هيئة تبدو أشبه ما تكون بطفل ينتظر مكافأة ما!
الصور التي تبادلها المصريون وغيرهم على مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع والضابط الذي قاد الانقلاب على الرئيس مرسي منحنيا في بعض الأحيان، أو مرتديا معطفا روسيا ويقف باحترام أمام مضيفه، أو حتى يشكر كرم مضيفه وسماحه له بالجلوس معه، بعد أن كانت تحدثت تقارير صحفية سابقة عن رفض بوتين عرضا سعوديا سخيا بدعم الانقلاب العسكري والحضور إلى مصر لإبداء الدعم الروسي.
https://www.youtube.com/watch?v=9vxPM_kfVyM
زيارة السيسي ومرافقه وزير الخارجية نبيل فهمي لروسيا تأتي استكمالا لزيارة قام بها وزيرا الخارجية والدفاع الروسيان لمصر في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي تم خلالها التفاوض على بنود صفقة أسلحة روسية لمصر من المتوقع أن تمولها كل من السعودية والإمارات، وتشمل شراء طائرات مقاتلة من طراز ميغ 29 ومروحيات هجومية ومنظومات صواريخ.
ووسط حالة الكساد الاقتصادي الذي تمر به البلاد يبدو من المنطقي صعود تساؤلات عن قدرة المصريين على سداد الأربعة مليارات دولار خاصة في ظل عدم اتفاق سعودي إماراتي على دعم السيسي مرشحا في الانتخابات الرئاسية القادمة.
صحيفة التايمز البريطانية رأت في زيارة السيسي “رسالة قوية الى واشنطن بتغير الولاءات في الشرق الأوسط”، كما أنها ألمحت إلى أن الزيارة جاءت لعرض أوراق السيسي على بوتين، حيث أبدى بوتين دعمه لعبد الفتاح السيسي امام الكاميرات في موسكو، حين قال بوتين لضيفه “أعرف أنكم اتخذتم قرار الترشح للانتخابات الرئاسية في مصر.. أتمنى لكم باسمي واسم الشعب الروسي النجاح”، على الرغم من أن السيسي لم يعلن ترشحه رسميا للرئاسة حتى الآن.
تصريح الرئيس الروسي اعتبرته نيويورك تايمز إعلانا عن ترشح السيسي من موسكو.
ويرى البعض أن عدم رغبة السعودية والإمارات حتى الآن في ترشح السيسي هي ما دفعت السيسي لتقديم أوراق ترشحه للكريملين لضمان دعم من قوى عُظمى. المحلل السياسي الروسي والخبير في الشؤون العربية فيكتور ميخين قال في تصريحات صحفية أن “السيسي أراد في هذه الزيارة أن يجس نبض القيادة الروسية قبل اتخاذ قرار نهائي بالترشح، ليكون على بينة من وجود قاعدة دولية يمكنه الاستناد إليها إذا تعرض لضغوط غربية، فالجميع يعرف كيف وصل السيسي إلى السلطة، وهو يخشى من التعرض للعزلة، أما عربيا فهو يحظى بدعم كامل من دول الخليج ما عدا قطر، وهذا يكفي كحد أدني”.
العديد من المتابعين قارنوا بين زيارة سابقة لمرسي إلى روسيا وبين زيارة السيسي الأخيرة، وامتلأت صفحات التواصل الاجتماعي بالتهكم على موقف الضابط المصري الكبير ووزير خارجيته الذي أهان المصريين بحسب قول العديدين منهم.
مرسي طلب من روسيا قمحا وسلاحا بندية . وتضرع السيسي للقاء عابر وتعاون ضد "الإرهاب" ففاز بجاكت أحد حراس بوتين. الفارق بين المنتخب والمُغتصِب.
— Zein Tawfik (@zeintawfik) February 15, 2014
حديث السيسي مع بوتين يشير لتغير حقيقي ف السياسة الخارجية،تخيلت هننفتح على كل العالم لكن من التدقيق ف كلامه هيكتشف انه بيستبدل روسيا بأمريكا
— Mohammed Maree محمد مرعي (@mar3e) February 14, 2014
اتارى الجاكت اللى بوتين اداهولك هديه ياعرة الرجال ده بتاع الحرس بتوعه منك لله ربنا يفضحك pic.twitter.com/HeycpqJJOV
— أسماء? (@asmaaghazalll) February 14, 2014
السيسي يشكر بوتين لإتاحته الفرصة لاستقباله (فيديو) .. كم صغروك يا #مصر . عربيا وإقليميا ودوليا .. https://t.co/SvDJA8ko3o
— ياسر الزعاترة (@YZaatreh) February 14, 2014
https://www.youtube.com/watch?v=VvC13XxFZug
التهكم الذي طال السيسي دفع صحيفة الوفد القاهرية أن تنشر تقريرا بعنوان “روسيا أهانت مرسي وكرّمت السيسي”، لكن الواقع أعقد كثيرا من ذلك إذ أن الروس لا يريدون حكما يصطبغ بصبغة دينية ويفضلون حكم العسكر في مصر على حكم المدنيين بشكل واضح.
وتدعم روسيا حكم بشار الأسد في سوريا، والحكم المرفوض شعبيا في أوكرانيا للرئيس فيكتور يانوكوفيتش، كما صمتت تجاه الانقلاب العسكري في مصر رسميا وإن أدانته وسائل إعلامها، قبل أن يعلن بوتين أن مصلحة بلاده تقتضي دعم العسكر في مصر. علاوة على ذلك، روسيا عادة ما تحاول ملء الفراغ الذي تتركه الولايات المتحدة، ويظهر ذلك جليا في سوريا والعراق ومصر الآن، كما تعاني موسكو من سجل مُشين في حقوق الإنسان والتعامل مع الأقليات.
ويسود الولايات المتحدة رفض أكاديمي وشبه رسمي للتحولات التي تشهدها مصر، وإن بدأت حدة الانتقادات الأمريكية تخف قليلا. لكن أستاذ العلوم السياسية الأمريكي جوشوا ستاتشر قال في مقال في مجلة فورين آفيرز الأمريكية إن ترشح السيسي لرئاسة الجمهورية سيكون الخطوة الأخيرة فيما اسماه “الغزو العسكري لمصر” وعودة مصر إلى ما يشبه نظام مبارك.