قبل الثورة عاشت تونس مواجهات عدة مع الإرهاب كان أبرزها “أحداث سليمان” التي دارت في نهاية سنة 2006 ومطلع سنة 2007، وأما بعد 14 يناير 2011 فقد أدى انشغال الدولة والشعب باستحقاقات الثورة إلى تمركز عدد من المجموعات المسلحة في مناطق مختلفة من تونس، مستغلة حالة “الفوضى” لتهريب كميات ضخمة من الأسلحة إلى داخل الجمهورية.
وكالة الأناضول للأنباء، رصدت أهم الخلايا المسلّحة التي أعلنت عنها السلطات التونسية خلال السنة الأخيرة واتهمتها بالمساهمة في تنامي نشاط الأعمال الإرهابية في البلاد وباستهداف السياسيين والمؤسسات الأمنية، بالإضافة إلى الترابط التنظيمي لهذه الخلايا وعلاقتها بباقي التنظيمات المسلّحة الإقليمية، وفيما يلي نبذة عن تلك الخلايا المسلحة:
كتائب عقبة بن نافع:
كشف عنها رسميا ولأوّل مرّة وزير الداخلية التونسي السابق علي العريض، يوم الجمعة 21 ديسمبر/ كانون الأوّل 2012، عندما أعلن في ندوة صحفية عن اكتشاف الأجهزة الأمنية لخليّة إرهابية كانت تستعد لتركيز معسكر بالمنطقة الغربية للبلاد على الحدود الجزائرية.
وحسب الرواية الرسمية فقد تم اكتشاف الخليّة بعد أن قام عناصرها بقتل أحد الأمنيين بمنطقة فريانة من محافظة القصرين غرب تونس، حيث قال علي لعريض حينها أن “الخليّة كانت تريد تأسيس فرع لتنظيم القاعدة في تونس”، موضحا أنها كانت خاضعة لإشراف 3 جزائريين ولها علاقة بأمير تنظيم القاعدة بالمغرب العربي والمدعو عبد المصعب عبد الودود.
وأقرّ لعريض في أوّل ندوة صحفية تؤكّد فيها وزارة الداخلية وجود خلايا إرهابية في تونس أن “كتائب عقبة بن نافع التي تشكّلت من بضع عشرات من الإرهابيين تركّزت بالمناطق الجبلية على الحدود مع الجزائر وكانت تستعد لـ “تركيز تنظيم للقيام بأعمال تخريبية تحت عنوان”إحياء الجهاد وفرض الشريعة الإسلامية “.
ولم تصدر الخليّة أي بيان رسمي لها تتبنّى فيه أي عملية من العمليات التي حدثت بتونس أو خارجها كما لم تصدر بيانا تأسيسيا لها، ولم تصدر أي وثيقة من جهات أخرى تثبت وجود هذه الكتيبة أو تبنّيها موقفا ما أو عملا بعينه.
الجناح العسكري لتيار أنصار الشريعة:
بدأ الحديث عنه رسميا ولأوّل مرّة يوم 28 أغسطس/ آب الماضي في ندوة صحفية لوزارة الداخلية، إذ اتّهم تيّار أنصار الشريعة في تونس بامتلاكه لجناح عسكري أشرف على اغتيال المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهي إلى جانب قتل ثمانية جنود تونسيين على الحدود الجزائرية، والتنكيل بجثثهم.
وقالت وزارة الداخلية حينها أن “جماعة أنصار الشريعة بتونس تتكوّن من أربعة أجهزة هي الجهاز الدعوي والأمني والعسكري والمالي وكلها تحت إشراف “الأمير أبو عياض” الذي يعدّ المؤسس لتيار أنصار الشريعة”. كما اتّهمت التنظيم بالسعي إلى “الانقضاض على الحكم بقوّة السلاح ” وإعلان “أوّل إمارة إسلامية في شمال إفريقيا”.
محمد العوادي (قُبض عليه) هو رئيس الجناح العسكري وهو حسب وزارة الداخلية من “القيادات البارزة في أنصار الشريعة وسبق وأن انظمّ إلى تنظيم القاعدة في العراق”، بالإضافة إلى قيادات أخرى من بينها عادل السعيدي (قُبض عليه)، وكمال القضقاضي (متهم بقتل شكري بلعيد، وقتل مؤخرا في مواجهات مع أمنيين شمال العاصمة منذ أسبوعين)، وأبو بكر الحكيم( متهم بقتل محمد البراهمي)، وأحمد المالكي (شهر الصومالي وقد قبض عليه في أحدث العمليات الأمنية).
جند أسد بن الفرات:
ظهرت لأوّل مرّة منذ عام 2006 في عملية مسلّحة كانت تستهدف نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وأعيد ذكر المجموعة المسلّحة لأوّل مرّة عقب الثورة في شهر ديسمبر/ كانون الأوّل 2012 عندما ذكر علي لعريض وزير الداخلية السابق أن بعض المعتقلين من المجموعة المسلّحة بجبل الشعانبي لهم صلة بـ”مجموعة أسد بن الفرات”.
وشارك عبد الوهاب حميّد أحد عناصر الخليّة في أوّل علمية إرهابية في تونس ما بعد الثورة في شهر مايو/ آيارعام 2011، التي قتل فيها عسكريين ومسلّحين من بينهم عبد الوهاب حميّد الذي يعتبر أحد العناصر المكوّنة لخلية أسد بن الفرات عام 2006 ومن بين أعضاء الخليّة الذين تسلّلوا إلى تونس عبر الحدود الجزائرية في أبريل / نيسان 2006.
ولم تصدر كتيبة الأسد بن الفرات بعد الثورة أيّ بيان رسمي ولم تتبنّ أي موقف لها كما لم تتبن أيّ عملّية من العمليات الإرهابية التي عرفها البلد. غير أن عدد من المنتمين إلى المجموعة المسلّحة، الذين كانوا مسجونين وتمتّعوا بالعفو التشريعي العام، انظمّوا إلى تيّار أنصار الشريعة وكانوا من أبرز أعضائه عقب الثورة التونسية، وذلك على غرار علي القلعي(قتل في عملية أمنية برواد) ووائل العمامي (موقوف).
وأقرّ محمد البختي (29 عاما ) أحد عناصر المجموعة في حوار أجراه مع إحدى الصحف التونسية بعد الثورة بالعمليّة المسلّحة ضد نظام بن علي وبحملهم السلاح. وكان البختي المنتمي إلى أنصار الشريعة مشرفا على إعتصام منوبة الشهير أمام كلّية الآداب بمنوبة من أجل السماح للمنقبات بدخول قاعات الدرس، وتوفي يوم 17 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2012 إثر إضراب عن الطعام نفّذه عقب اعتقاله بتهمة المشاركة في أحداث اقتحام مقر السفارة الأمريكية بتونس في سبتمبر/ أيلول 2012.
المتبايعون على الموت:
أول خليّة تستخدم الأحزمة الناسفة في تاريخ تونس، والثانية التي تستخدم أسلوب العمليات الانتحارية في تونس، بعد التفجير الإنتحاري الذي استهدف كنيس يهودي بجربة جنوب تونس عام 2002، كما تقول وزارة الداخلية أن هذه الخلية استهدفت أحد أهم الأقطاب السياحية بتونس وقبر الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة.
وتمكّنت هذه الخليّة من إدخال أشدّ أساليب تنظيم القاعدة فتكا إلى تونس، من خلال تجنيد شابين للقيام بعمليات انتحارية نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الثاني من العام الماضي.
ويترأس هذه الخليّة بحسب وزارة الداخلية أحمد الرويسي المصنّف في نفس الوقت من أخطر قيادات تيٌار أنصار الشريعة المحظور وأحد المسؤولين عن جناحه الأمني، مع العلم بأن المعلومات المتوفرة والمؤكدة عن أحمد الرويسي تفيد بأنه كان يعمل عرافا قبل الثورة وله علاقات قوية مع زوجة زين العابدين بن علي، وكان مسجونا بتهمة تجارة المخدرات.
وتشير المعلومات الأمنية إلى أن أحمد الروسي قد فرّ إلى ليبيا حيث يشرف على أحد ” المعسكرات ” لتدريب المقاتلين وإرسالهم إلى سوريا، وهو ما أقر به الشاب الذي كان ينوي تفجير نفسه في مدينة المنستير، أيمن السعدي (18 سنة)، حسب محاضر التحقيق، حيث قال أّنه قد وقع تجنيده، في ليبيا عندما كان ينوي التوجّه إلى القتال في سوريا، من قبل أحمد الرويسي المشرف على “المتبايعون على الموت”.
وكان المتحدّث الرسمي لوزارة الداخلية في تصريح إعلامي على فضائية ” التونسية ” يوم الجمعة 20 ديسمبر/ كانون الأوّل 2013 قد أفاد انّ ” كتيبة المتبايعون على الموت” خططت للقيام بسبع عمليات ارهابية كبرى، من بينها تفجير مقر الاتحاد العام التونسي للشغل وسط العاصمة.