إضافة إلى ما تتميز به تونس طيلة شهر رمضان من سهرات فنية تنسيهم تعب النهار، وأخرى إيمانية يتقربون بها إلى الله، وعادات وتقاليد ظلت راسخة على امتداد الأجيال وأطعمة ومشروبات مثّلت زينة المائدة ساعة الإفطار، يتميز هذا البلد العربي أيضًا، بحلويات لا تكتمل سهرات رمضان إلا بحضورها على موائدهم، إن ذقت بعضها فلن تنسى طعمها.
المخارق والزلابية
خلال هذا الشهر الكريم، يتفنّن التونسيون في صناعة ما لذ وطاب من حلويات، ولمن لم يحالفه الحظ في ذلك، يجد في الأسواق ما يسر العين ويسعد العائلة في السهرة، هناك في المحلات التي يأتيها التونسيون قبل ساعات من موعد الإفطار ليصطفوا في طوابير أمامها، تصنع حلويات الزلابية والمخارق التي تشتهر بها مدينة باجة شمال غرب البلاد.
تشتهر مدينة باجة بصنع المخارق
ويقول تونسيون إنّ وصفة “الزلابية والمخارق” نفلها فيلقٌ من الجنود الأتراك انشقوا عن الجيش العثماني ولجأوا لمدينة باجة، حيث اشتهر قائد هذا الفيلق بتصوفه وتدينّه وكرهه للدماء والحروب وكان يعرف باسم سيدي علي بوتفاحة ومن هناك استقر الجنود الأتراك في المدينة التونسية واندمجوا بين سكانها ونقلوا سر وصفة هذه الحلويات لأهالي المدينة.
الزلابية التونسية
ويتم صنع الزلابية، على شكل قطع مستديرة ومشبّكة ذات لون ذهبي أو مستطيلة مع الاستدارة، من عجينة سائلة يميل طعمها إلى الحموضة وتوضع في شكل حلقات صغيرة في الزيت، وحالما تنضج ترفع لتفقد شيئًا من زيتها من ثم تُحلى في الشحور (سكر ماء وليمون)، أما “المخارق” فكعكة دائرية طرية بنية اللون مصنوعة من الصميد والسمن مغطسة في العسل بنكهات مختلفة منها بمذاق الزهر وأخرى رائحة الورد.
ويقول بعض أهالي مدينة باجة: “ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان خلال حكم الإمبراطورية العثمانية في تونس، كان ينطلق من مدينة باجة أسطولٌ من العربات المجرورة بالأحصنة “كاليس”، وقد ملئت بعشرات الكيلوجرامات من حلويات الزلابية والمخارق لتقدم كهدية للبايات في العاصمة التونسية”.
الغريبة والمقروض
يحرص التونسيون، أيضًا طيلة ليالي شهر رمضان على شرب أكواب الشاي بالصنوبر والشاي الأخضر المنعنع والقهوة، تزامنًا مع أكل حلويات “الغريبة” التي تصنع بخلط الدقيق مع السكر ومسحوق الخبز والزيت والسمن والفانيليا، ومن ثم تقطّع العجينة وترص في قوالب للحصول على عجينة منقوشة ثم تخبز بالفرن وبعدها تزيّن بالفستق أو اللوز.
حلويات الغريبة
كما لا تخلو سهرات التونسيين خلال هذا الشهر الفضيل من حلويات “المقروض” التي تشتهر بها مدينة القيروان وسط البلاد، وتعود صناعة المقروض في تونس إلى عدة قرون، ولا يوجد تاريخ محدد، فالبعض يعدها صناعة عربية خالصة أي لما يزيد على 13 قرنًا لكونها تعتمد على الدقيق والتمر والزيت، وهي المواد التي كانت متوفرة لديهم.
صحن مشكل من أنواع المقروض
ويتكون المقروض من سميد رقيق يسمى باللهجة المحلية “خمسة يسي” يخلط بزيت يفضل أن يكون زيت الزيتون ويضاف إليهما السكر وشوش الورد والقرفة المسحوقة وماء العطرشية والكركم لتغيير اللون إضافة لعجين التمر، ونجد أيضًا المحشو باللوز والفستق والسمسم.
كعك الورقة ووذنين القاضي
“كعك الورقة”، نوع آخر من أنواع الحلويات التي يحرص التونسيون على وجودها بموائدهم في سهرات رمضان، وله فوائد صحيّة وغذائية كما يقول البعض، لاحتوائه على عطر النّسري.
ويتكون كعك الورقة الذي جلبه الموريسكيون (السّكان المسلمون للأندلس) معهم عند تهجيرهم منها إلى شمال إفريقيا، فحافظ التونسيون عليه، من عجين اللوز الممزوج بعطر النّسري، الذي يستخرج من زهرة النسري في مدينة زغوان (60 كم جنوب العاصمة تونس).
صحن من حلويات كعك ورقة
إلى جانب الزلابية والمخارق والغريبة وكعك الورقة، اشتهرت السهرات التونسية بحلوى وذنين القاضي (الدبلة)، وهي نوع من الحلوى الأندلسية، ادخلها الأندلسيون الذين هاجروا إلى تونس بعد قرار الطرد سنة 1609 ميلادي، وتصنع حلوى آذان القاضى أو وذنين القاضى بخلط الدقيق مع البيض والزيت، ثم تعجن وتفرد العجينة وتقسم شرائح وتشكّل كل شريحة منها بشكل أسطوانى مستدير، ثم تقلى في الزيت، وتترك قليلًا حتى يصفى منها الزيت، ثم يصب فوقها القطر.
وذنين القاضي